الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع

سبعة مفاتيح لبالدبيت

تأليف : إيرل دير بيغرز
----------------------------------
ترجمة : د. أحمد خالد توفيق
----------------------------------
الملخص
----------
قصة الكاتب الذى يذهب الى حانة منعزلة مهجورة اسمها( بالدبيت)، ليمضى الليل وحيدا على ضوء الشموع، ويكتب روايته الرائعة التى ستجعل النقاد يعترفون به أخيرا. لكنه مع الوقت يكتشف أن المكان مزدحم جدا ، و أن هناك أشخاصا اكثر من اللازم يفتحون الباب بالمفتاح، ويدخلون الحانة المظلمة. هل هم لصوص أم محتالون أم أشباح؟! مع الوقت يدرك أن هناك سبعة مفاتيح لبالدبيت
----------------------------------------------
الفصل الأول : لا تبكي ثانية يا سيدتي
----------------------------------------------
كانت فتاة شابة تبكى بمرارة فى غرفة الانتظار بمحطة القطار فى أبر أسكوان بنيويورك . كان بيلى ماجى( يتوق إلى أن يعرف هل هى جميلة أم لا ، وهو يدنو من غرفة الانتظار . وقف على الباب ينظر ليرى ثيابا متسقة مع قبعة أنيقة . هل يقترب منها فى فروسية ليسألها عن سبب حزنها ؟
لكن لا .. القطار الذى جاء به من عند ناطحات السحاب لم يأت به إلى حيث يمارس الفروسية . دموع الفتاة ليست مسئوليته ، فليس هذا هو المكان المناسب لمستر ماجى كى يتدخل . وضع يده فى رفق على مزلاج غرفة الانتظار كانت باردة معتمة ولا تسمح لسيد مهذب بأن يتخلى عن امرأة حزينة ، خاصة لو كانت فاتنة . اتجه إلى شباك التذاكر وسأل الموظف بحذر : «مم تبكى ؟ التصق بقضبان النافذة وجه شاحب نحيل عليه خصلة شعر بلون الزنجبيل وقال :
- «شكرا لك .. أسئلة كهذه تغير من الملل ورتابة الجو قليلا .. آسف لعدم مساعدتك فهى امرأة ، والله وحده يعلم لماذا تبكى النساء .. » قال مستر ماجى بهمس خشن : - «أعتقد اننى سوف أسألها .. » «ما كنت لأفعل ذلك .. النساء يهدأن أسرع لو تركن لشأنهن .. » - «لكنها فى مشكلة .. » - «وعلى الأرجح ستكون أنت كذلك لو تدخلت . ابتعد عن النساء الباكيات دوما . .. » لكن بيلى كان قد تحرك نحو السيدة فعلا ، وسألها : - «هل من خدمة أقدمها لك ؟ » أبعدت المرأة المنديل عن وجهها وظهرت عين زرقاء واحدة جميلة . كانوا يقولون لماجى أن مظهره يبدو أقرب لأبطال القصص المصورة منه إلى رجل حقيقى ، ويحتفظ باحترام وإعجاب رفاقه . خيل لماجى أنه رأى القبول فى العين الزرقاء ، ثم غير رأيه عندما «نعم بوسعك عمل شء .. ابتعد عنى !.. ابتعد !.. تصلب مستر ماجى . فقالت له فى لطف أكثر :
«لا أريد أن أكون فظة ، لكنى أبكى .. والفتاة لا تستطيع أن تكون لطيفة وهى تبكى.. إن حزنى سخيف ونسانى جدا . لذا من الخير أن تفارقنى وشكرا لاهتمامك . وأرجو أن تطلب من السيد الذى يراقبنى بفضول أن يوصد نافذته .. » هز رأسه موافقا ، واستدار .. هنا اصطدم بسيدة ضخمة قوية ، لها ثغر قاس . كانت لها عينان لامعتان ثبتتهما على وجه ماجى . فشرحت الفتاة :
«كنت أبكى يا أماه فعرض السيد خدماته على .. » ماما ؟ هذا الشىء الرقيق يدين بوجوده لامرأة بدينة لا لزوم لها كهذه ؟ تكلمت المرأة وأدهشه أنه لم تبد عدوانية فى صوتها . قالت : - «ربما يقترح علينا السيد فندقا مناسبا .. » قال : «أنا نفسى غريب هنا .. سوف أسأل الرجل فى شباك التذاكر .. » اقترح الرجل حانة ( بالدبيت ) . وأضاف : - «هذا مكان مريح .. لكنه غير مفتوح الآن . إنه منتجع صيفى .. المكان المفتوح هو البيت التجارى ولا أوصى به لكائن بشرى ، خصوصا لفتاة كانت تبكى قبل أن تراه !.. »
أخبر ماجى السيدتين بما سمعه ، لكنهما قبلتا بالبيت التجارى على كل حال وجمعتا الحقائب . غادر الثلاثة المحطة إلى حيث طبقة من الثلج تغطى الإفريز . كانت هناك سيارة أجرة فى الخارج فساعد ماجى على وضع حقائب السيدتين ، وهمس فى أذن الفتاة بعد ما ركبت أمها : - «لم تخبرينى بسبب بكائك..» أشارت للشارع الممتد وقالت : «نحن أعلى شلالات أسكوان .. أليس هذا سببا كافيا ؟ » نظر إلى الشارع الضيق المتلوى الذى يتجه ليغيب فى الظلام ، وقال : «هل سوف تبقين هنا طويلا ؟» قالت الأم من الداخل : «هيا يا مارى .. ادخلى وأغلقى الباب فأنا أتجمد .. » قالت الفتاة : - «هذا يتوقف على عدة أشياء .. شكرا لكرمك معنا .. » لما عاد لموظف الشباك قال له الأخير : - «نعم .. هذا بلد كئيب لكن ليس لدرجة البكاء طبعا .. الحقيقة أنه يتعب أعصابى .. لا حل سوى أن تعمل وتعمل حتى تسقط نائما وتنتظر الغد . أحيانا أتمنى ترك هذا البلد يا سيدى .. » «قلت شينا عن حانة بالدبيت .. » «مكان لطيف فى الصيف . لكنها فى الشتاء ليست أفضل من مقبرة .. ماذا تريد هناك ؟ » «أريد رجلا اسمه إليجاه كيمبى . هل تعرفه ؟ » - «إنه يعنى بالحانة الآن .. تعال أشرح لك كيف تصل له .. » وخرجا من المحطة حيث أشار له إلى نقطة عن بعد وقال : - «هناك هضبة بالدبيت .. تطل على الشلالات وكأنها تراقبنا .. هناك ترى حانة بالدبيت .. سر مع هذا الشارع إلى ثالث تقاطع وادخل يسارا . أليجاه يعيش قرب هذا المكان .. » شكره ماجى وحمل حقيبتيه واتجه إلى الركن الأول حيث بناية مخيفة تحمل اسم ( البيت التجارى ) . توقف عند ناصية عندها متجر كتب عليه ( مستلزمات بقالة ) . قال لنفسه : - «لنر... سوف تنطفئ الأضواء وسوف أحتاج لشمع ، وربما لشىء آكله إذا كان وقت الطهو قد مر .. » دخل المتجر حيث كانت امرأة عجوز تنتظر . سألته كأن لديها كل شىء فى المخزن :
«أى نوع من الشموع ؟ »
«اعتبريها لشجرة عيد ميلاد .. أعطينى ()20 شمعة .. » غادر المتجر ومعه حمولته ومضى فى الطريق . سمع نباح كلب خافتا ثم مرت جواره عربة وسمع من يشتم الطريق الوعر . أخيرا وصل إلى بيت ألوجا .
ظهر رجل فى الستين منهمكا فى إشعال غليونه .. سمح لمستر ماجى بالدخول . هناك جوار المطبخ كانت امرأة عجوز شائبة الشعر . قدم ماجى نفسه فلم يرد الرجل .. بل راح يرمقه عبر دخان الغليون . ثم قال فى النهاية :
«أنا إليجاه كيمبى .. » «وأنا من كتب لك هال بنتلى خطابا بصدده .. وصلك الخطاب . أليس كذلك ؟ » نظر له الشيخ فى دهشة ثم قال : - «يا للسماء ! إنن أنت جنت فعلا ! حسبنا هذه دعابة .. إذن أنت تنوى أن ٠٠٠٠ » قال ماجى وهو يلقى بنفسه على مقعد هزاز : «نعم .. سأمضى بضعة أشهر فى حانة بالدبيت ..
لكن الحانة مغلقة .. مغلقة يا سيدى .. قال ماجى : - «أعرف أنها مغلقة .. لهذا سأشرفها بقدومى .. آسف لأثنى ساضطرك للخروج فى ساعة كهذه ، لكن أحتاج إلى أن تقودنى لحانة بالدبيت .. » دنا منه الشيخ فى حذر ثم تساءل : «سامحنى أيها الشاب .. لكن ماذا تهرب منه هنا ؟ » ابتسم ماجى وقال : - «لست هاربا .. ألم يشرح لك بنتلى الأمر ؟.. على كل حال سأحاول أن أشرح لك .. لا أحسبك تهتم بالحركة الأدبية اليوم .. » «لا أفهم .. » - «أعنى أنك لا تقرأ .. أنا أكتب قصصا مثيرة للناس الذين يشعرون بالملل . طلقات فى الظلام ومطاردات .. قصص غرامية .. هذه مهنة جميلة أحقق منها مالا .. » - «أحقا ؟ » - «نعم . لكن أحيانا أتمنى أن أكتب شينا يهتم به النقاد .. تذكرت نصحنى به ناقد أدبى ، أن أتوجه لبقعة بعيدة وأقيم بعض الوقت وأحاول أن
أكتب عملا حقيقيا .. هذا ما أنوى عمله فى بالدبيت . يقولون إننى كاتب تجارى سطحى .. أخشى أن يكونوا محقين . سوف أكتب قصة رائعة تجعل النقاد يضموننى لقائمة الخالدين .. - «لقد قابلت هال بنتلى فى حفل .. سألته عن أكثر الأماكن عزلة فى العالم ، فقال لى إن حانة بالدبيت منتجع صيفى لكنها فى الشتاء موحشة جدا .. كان أبوه يملك تلك الحانة ، وقد أعطانى مفتاح البوابة وكتب لك ذلك الخطاب . والآن أرى أن الوقت تأخر وعلينا الذهاب لبالدبيت حالا .. » تساءلت السيدة : - «ليس هذا كل شيء أيها الشاب .. كيف تنوى أن تتدفأ فى ذلك المكان ؟»
قال ماجى :
- «أعرف أن هناك مدفأة .. أكثر من واحدة . مستر كيمبى سوف يجلب لى الخشب من الغابة ، وسوف يكون هذا مقابل عشرين دولارا فى الأسبوع .. » «والضوء ؟» «لدى عدد من الشموع حاليا ، إلى أن تجدا لى مصباح زيت . .. »
«والأكل ؟ » - «حاليا سوف أعتمد على المعلبات والمرطبانات .. لكن فيما بعد أعتقد أنك يا سيدتى سوف ترسلين لى طهوك الرائع .. أرى هذا وأنوى أن أدفع ثمنه ، والآن فلنذهب إلى بالدبيت .. » قال مستر كيمبى :
- «أولا لست أنا بالشخص الذى يرسل ضيوفه لبالدبيت دون عشاء . انتظر قليلا وسوف نعد لك عشاء ساخنا .. » وهكذا تناول عشاء دسما حتى أقسم أنه لن يستطيع أكل شىء لمدة شهرين ، بينما سأله كيبمى :
- « إذن ستكون هناك وتكتب أشياء .. هه ؟» - «نعم .. لا أريد مخلوقا بقربى .. أريد الصمت والعزلة .. » وغادر الرجلان البيت ، وكان الظلام دامسا برغم أن المطر توقف . تساءل ماجى على الباب : - «هل هناك فتاة فى المدينة لها عينان زرقاوان وشعر خفيف ، تبدو كأنها ملكة ؟ »
- «شعر خفيف ؟.. ربما تتكلم عن سالى بيرى .. إنها مدرسة فى مدرسة الأحد الميتودية .. »
- «لا.. الفتاة التى أتكلم عنها لا تبدو كمدرسات مدارس الأحد .. »
وقف مستر كيبى للرحيل فى صمت ، ثم التمع ضوء المصباح على الجليد بالخارج ، وتسلق الرجلان هضبة بالدبيت

تحميل الرواية من هنا

الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع