الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع

الحزاز

طبق من اللّبن يأبى أن يفسد .. باحثة شابة قوية الملاحظة عالم كيمياء حيوية مصمم على الكتمان .. صحفى متحمس زوجة ثرثارة .. مادة ( أنتچيرون ) المستخلصة من الحزّاز ..هزيمة الشيخوخة والموت .. هذه هى مفاتيح اللعبة كلها ! بقى أن نجد الشجاعة كى نلعبها
---------------
الجزء الأول
---------------
تم إخلاء القاعة ، ووضع أحدهم بعض النباتات دائمة الخضرة هنا وهناك ، وخطر لأحدهم أن بعض الزينة قد تجلب السرور فى المكان .. وفى ركن المكان تم رص الموائد جنيا إلى جنب.. وفوقها مفرش أبيض وضعت عليه أطباق الشطائر والكعك وأقداح عصير الليمون والبرتقال ومزهريات الورود . فى الواقع بدت القاعة كلوحة متحركة . كان هذا هو حفل نهاية الصف الدراسى لمدرسة (سانت ميرين) الثانوية. ووقفت مس ( بنبو) مدرسة الرياضيات تصغى لـ ( أوروراتريج) تثرثر عن ذكاء كلبها الخارق ، بينما عيناها - عينا مس (بنبو) - تجولان فى المكان بحثا عمن يجب أن تتحدث معهم خلال الأمسية .. وفى نهاية القاعة وقفت ( ديانا براكلى) وحدها.. انتهزت مس ( بنبو) لحظة توقف فى حديث مس ( تريج) الذى لا ينقطع؛ كى تعتذر لتنسحب.. وعبرت القاعة متجهة نحو ( ديانا ) وهى ترمقها كأنما لم ترها من قبل .. لم تعد ( ديانا) طالبة كالتى تعرفها لكنها صارت حسناء ناضجة . كانت ترتدى ثوبا أزرق سماويا لا يمكنك ملاحظته ما لم تدقق فيه.. ولم يكن غالى الثمن.. مس (بنبو ) متأكدة من ذلك.. لكن كان هناك نوع من الذوق فيه .. إن ( ديانا) تملك موهبة تذوق الثياب ، وهذا يجعل الثوب ذا الجنيهات الثلاثة يبدو كأنما هو بعشرين . ولشد ما احترمت مس ( بنبو) هذه الموهبة .. إن (ديانا ) ليست جميلة.. لكن الجميلات يشبهن زهور ( مايو ) .. كثيرات جدا.. وما من أحد يجرؤ على أن يسمى ( ديانا) جميلة.. إنها فى الثامنة عشرة من عمرها .. طويلة .. نحيلة.. سوداء الشعر.. لها أنف كلاسيكى جميل وفم مخضب بأحمر الشفاه.. فقط كمية أحمر الشفاه التى تناسب الموقف.. لكن أهم شىء فى وجهها هو عيناها الرماديتان .. العينان اللتان يسحرك هدوؤهما وثباتهما .. كانت مس ( بنبو ) تعامل ( ديانا) كعقل أكثر منها كوجه جميل.. وأثار هذا الجمال الطارئ دهشتها .. لكنها سرت له لأن الجمال - فى المدرسة الثانوية - هو عقبة تحول بين التلميذة والنجاح الدراسى .. وهنأت نفسها لأنها أعانت تلميذتها على النجاح .. لكن فى قرارة نفسها كانت تدرك أنها لم تعنها كثيرا .. ف ( ديانا ) - يجب الاعتراف بذلك - كانت تحتاج إلى عناية بسيطة جدا، فهى لا تعبا بالإغراءات ، كأن الإغراءات لم تخلق من أجلها قط .. كانت تنظر إلى هذه الأمور نظرة عابرة .. كمسافر مثقف يعبر بلدا مثيرا للاهتمام.. لا أكثر .. لقد كافحت ( ديانا) واستحقت النجاح.. - «مساء الخير يا مس ( بنبو ) .. » - «مساء الخير يا ( ديانا ) .. » - «أردت أن أهنئك.. إن هذا مذهل.. كنا نعرف أنك ستفعلين ذلك .. » - «شكرا.. لكن هذا لم يكن بجهدى وحدى . ولولا معونتكم لى ، وإخباركم لى بما يجب أن أفعله .. » - «لكننا مدينون لك يا ( ديانا ) .. لقد حصلت بجهدك على منحة دراسة جامعية.. وهذا يعتبر مجدا للمدرسة.. ولابد أن أبويك سعيدان جدا » قالت ( ديانا) بدرجة ما من التحفظ : - «إن أبى سعيد جدا.. فهو يحب فكرة دخولى (كامبريدج ) ، لأنه كان يتمنى ذلك لنفسه لكنه أخفق.. وما كان ليستطيع إدخالى ( كامبردج ) على نفقته الخاصة.. وكنت سأغدو - من دون تعليم جامعى - قطعة قرميد أخرى فى الجدار .. ابتسمت مس ( بنبو ) للتشبيه ، وقالت : - «بعض قطع القرميد تؤدى عملها جيدا .. » - «طبغا.. ولكن حين يتمنى المرء شينا ما ، يغدو عمل أى شىء آخر نوعا من الفشل .. سألتها مس ( بنبو ) : - «وما رأى أمك ؟ » نظرت لها ( ديانا ) بعينيها الرماديتين اللتين تريان الأفكار ذاتها .. وقالت : - «إنها فخور بنجاحى.. تحاول أن تسعد بذلك .. ولا أدرى لماذا تعتقد الأمهات أن جمال الفتاة أكثر احتراما من ذكائها ؟ » قالت مس ( بنبو) بحكمة : - «إن عالم ( الذكاء ) هو كتاب غامض بالنسية لأكثر الأمهات ، حتى إنهن يرتبن فيه .. إنهن يعتقدن أنهن حجة فى عالم ( الجمال ) .. وأنهن يفهمنه ويمكنهن إسداء العون فيه .. » . وافقت (دياتا ) .. فأردفت مس ( بنبو ) : - «إن الآباء يتوقعون من الأبناء أن يخضعوا لنمط مفهوم لهم.. وحين تختار ابنة ( ست بيت ) عادية مهنة لا تفهمها أمها .. فكأنما تنتقد أمها ضمنا .. وتقول لها : إن الحياة التى تعيشينها يا أمى لا توائمنى .. » سألتها ( ديانا ) : - «هل تعنين أن كل أم ترغب فى أن تفشل ابنتها فى وظيفتها ، لتثبت لها أنها كانت على حق ؟ » - «لا تندفعى يا ( ديانا ) .. لا أعتقد ذلك.. » ثم سألتها لتغير الجو : - «إلى أين أنت ذاهبة فى الإجازة ؟ » - «إلى (ألمانيا ) .. كنت أفضل ( فرنسا ) .. لكن ( ألمانيا ) مفيدة أكثر .. » ثرثرتا بعض الوقت ، ثم فارقتها مس ( بنبو ) متمنية لها الخير فى حياتها الجامعية القادمة ..

تحميـــــل الملــــف مـــن هنــــــا

الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع