الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع
الكاتبة : ساره كريفن
---------------------
الملخص
------------
هواية ماغي هي التوفيق بين من يريدون الزواج.
لكن آليس مترددة ولا تستطيع أن تقرر من هو الرجل المناسب لها. اعتقدت أنها تحب بول وكانت على الوشك القبول بالزواج منه عندما تعرفت إلى شقيقه رالف الذي قلب حساتها رأسا على عقب، فهو عنيد وقاسي القلب، لا يحب أحدا ولا يثق بالمرأة.
لكن الحب يبدد كل هذه المشاعر والمخاوف ولا أحد يستطيع الهرب منه؟
--------------
الفصل الأول
--------------
الحديقة هادئة بفعل الحرارة الثقيلة المعتادة كل عام في شهر أغسطس( آب) , الأزهار تحتفظ بعطورها المختلفة في أنتظار هطول المطر الذي يطلق أريجها في كل مكان , وفي هذا الجو الجامد , لا صوت, سوى طنين نحلة ضخمة يدوي في رتابة وضجر ما لبث أن أنتهى بعد فترة قصيرة.
توقت فلورا مينارد لحظات عن تفصيص البازلاء الموضوعة في وعاء أزرق على ركبتيها وراحت تتأمل النحلة , الهدوء شامل , سقطت في مقعدها وأزاحت بيدها خصلة من شعرها كانت متهدلة على عينيها , السلام ! لكن من يرغب به؟ وتبين لها أن حياتها دائما تتبع مسيرة واحدة هادئة , حتى ولا حدث... أرتسمت على شفتيها أبتسامة صغيرة.
يا ترى , ماذا ستكون ردة فعل أبناء رعية والدها القسيس , لو عرفوا أن الفتاة الشابة التي يعتبرونها اليد اليمنى لوالدها , الفتاة الهادئة والمتواضعة , التي أصبحت أمرأة شابة مشرقة, الخالية من العقد, تحلم أن تعيش حياة أكثر أضطرابا , وأن تستطيع الخروج عبر حدود القرية الصغيرة النائمة في منطقة ساسكس , حيث أمضت كل سنوات طفولتها ومراهقتها , وتتعرف الى العالم الواسع من حولها؟
تحركت والدتها في المقعد المجاور لها , وفتحت عينيها الناعستين في كسل ,وسألت فلورا في ريبة قلقة:
" هل عاد والدك يا حبيبتي؟".
أبتسمت فلورا, فالعاطفة العميقة التي يظهرها ولداها تؤثر فيها دائما وترسخ فيها الأطمئنان , أنهما في سن ناضجة , لكن حبهما لها أقوى مما كان عليه في أيام الصبا , وما زال الأحمرار يداهم والدتها عندما يمدحها زوجها, وبدوره كان والدها يحب الأستماع من زوجته الى كلام المديح , أنه رجل رائع وسكان غيلينغهام محظوظون بقسيسهم الطيب, وكانت فلورا تعرف أن والديها زوجان لطيفان وبريئان , لا يريان الشر في أي مكان , حتى الذين يخطئون في حقهما يلقون منهما كل مساعدة مطلوبة , ولا يجدون أي أدانة من قبلهما لما يمكن أن يفعلوه , وربما لذلك كان الأشخاص المتصلبون يخرجون من الرعية وعلى شفاههم أبتسامة بعرفان الجميل وثقة مجددة لطبيعتهم الأنسانية.
ولذلك أيضا كانت فلورا تشعر أتجاه والديها بالقلق نفسه الذي تستوحيه من جمعية الكشاف التي ترأسها.
أجابت فلورا في لهجة حانية:
" يا أمي لا داعي للقلق , صحيح أن والدي تأخر قليلا , لكن لا تنسي , أن اليوم هو موعد زيارته للمستشفى , وتعرفين جيدا تعلقه الكبير بالمرضى , وخاصة الجدد , لن يتأخر أنا متأكدة من ذلك".
نهضت فلورا وأعطت والدتها الوعاء الأزرق الممتلىء بالبازلاء , ثم تمطمطت مطولا لتزيل الخدر الذي أصاب مفاصلها من جراء جلستها الطويلة.
ثم قالت:
" أنني أشعر بتحسن الآن , البطالة لا تناسبني يا أمي!".
رفعت جين مينارد عينيها نحو أبنتها الرائعة وأبتسمت لها , فقد أنعم عليها الخالق بأبنة بعد طول أنتظار وأصرار الأطباء أن لا أمل لها بالأنجاب , فقد سمياها فلورا( أي زهرة) لأنها كانت تتمتع بجمال الأزهار المتنوعة التي تنمو في هذه الحديقة الغنية , وبأعجاب أمومي , راحت جين تنظر الى أبنتها وتتأمل لون بشرتها الفاتح والخالي من أي عيوب , والناعم مثل ورق الزهر, وفمها الحساس المليء بلون الورد البري , وعينيها البنفسجيتين وشعرها الطويل الأشقر المتهدل على كتفيها النحيلتين كأمواج ثقيلة , لكن جسدها النحيل كان مليئا بالصحة والعافية , وفوق كل شيء . كان مالكوم وجين مينارد متأكدين أن فلورا فتاة جميلة أيضا في داخلها , كانت تمتلك طبيعة ناعمة وسخاء كبيرا , مما يجعل الجميع يحبونها بسرعة , لكن هذا لا يمنعها من أن تبدو أحيانا فتاة عصرية , مسؤولة ومستعدة لتحمل كل أعباء أبناء القرية وهمومهم..
رفعت فلورا حاجبها متسائلة , فأخفت والدتها الأبتسامة التي كانت على وشك أن ترتسم على شفتيها , ثم نهضت لتتوجه الى المنزل:
" سأتركك لتغيري ملابسك يا حبيبتي , سأعد طعام العشاء , وسيكون والدك قد عاد عندما يكون الطعام جاهزا".
هزت الفتاة رأسها علامة الأيجاب وشبكت ذراعها بذراع والدتها, ودخلتا معا الى المنزل.
وبعد ساعة , وصل القسيس مالكوم مينارد, فكان العشاء جاهزا وزوجته وأبنته في أنتظاره , لكن ما أن دخل المنزل حتى أدركتا أن هناك شيئا ما على غير ما يرام, كان على جبينه المالس عادة تجويف عميق, وحلت مكان لمعان عينيه المتألقتين رصانة عميقة , كان مالكوم مينارد يتمتع بقلب واسع على تحمل كل عذابات الناس الذين يحتاجون اليه, لكنه كان يعمل جاهدا وبأستمرار للمحافظة على روح التوازن بين عمله وراحته , كي لا يأتي اليوم الذي يسقط فيه تحت ثقل المسؤولية الضخمة المتراكمة عليه, ومع ذلك , هذه المرة يبدو مضطربا ... الى درجة أنه بدا عاجزا على أخفاء هذا التوتر.
سألته زوجته وهي تقترب منه:
" مالكوم , ماذا جرى , ماذا حدث؟".
تجنبت فلورا طرح أي سؤال عليه , وفي مثل هذه الظروف كانت تعرف أنها آخر أنسان يمكنه تحقيق السعادة المنشودة لعائلته أنهما يحبانها كثيرا وتعرف أنهما يتألمان لو عرفا أنهما لا يستمعان الى رأيها في مثل هذه الظروف الحرجة.
قالت جينى وهى تدخل فى صلب الموضوع كعا دتها هل تعتزمين الزواج منه ؟ لا اعرف . قالتها ليسا فيرفا كس وهى تاخذ البروش من علبته المخملية وعلى جبينها تقطية قلقة تنهدت قليلآ وقالت .هناك شيئ واحد اكيد وهو اننى سأ رد هذا البروش .قالت جينى معترضه:لست ادرى ما الذى يدعوك الى ذلك .قدم لك بول اكوامآ من الهدايا.ولم تفكرى ابدآ فى رفض اى منها .. ولكن هذا شئ مختلف انه ثمين انا واثقة من ذلك انظرى الى لون الذهب والى طريقه صنع القفل يبدو اثريآ ربما كان يغدق عليك بهدايا الزواج من مقتنيات العائلة التى توارثها وفى اى حال افضل هذا التحول عن هدايا الزهور والعطور وتلك الحلوى الفاخرة التى لا نجرؤ على تناولها بسبب النظام الغذائى الذى نسير عليه اوة وتلك القداحة الرائعة لقد نسيتها ولكننى لم انسها فهى ايضا ثمينة للغاية هذا كله كثير وبسرعة فائقة يا جينى .انا لم اتعرف عليه الا مناسابيع فقط..
قالت جينى وهى تدخل فى صلب يقول البعض انها مدة كافية حسنا ولكننى لا اقول ذلك .اريد ان اعرف الشخص معرفة تامة قبل ان اقضى معه بقية عمرى اننى لااحب التسرع فى الأمور. قالت جينى وهىتتنهد بعمق . شاب فرنسى لم تر عينى مثل جاذبيته صغير وثرى نعم يا ليسا انه كذلك لا يمكن لاحد ان يكون فى مثل تلك الملابس او هذه السيارة مالم يكن متخمآ بالنقود وهو يرغب فى الزواج منك وبدلا من ان تلقى بنفسك بين ذراعيه تقولين ..............سوف افكر فى الأمر . ابتسمت ليسا لرفيقة سكنها بود .لقد ظلتا رفيقتين منذ وصولها الى لندن .تشتركان فى الشقة الصغيرة فى اعلى المبنى المكونة من غرفة استقبال وغرفة نوم تكفى بالكاد سريرهما وخزانة الثياب والمطبخ الصغير ثم ذلك الحمام الدقيق . اعنى اننى سافكر فى الأمر مليا انك على سبيل المثال كنت تعرفين روجر منذ وقت طويل حتى قبل ان تفكرى فى الارتباط به وهكذا ترين انه لا يمكن لى ان اكتفى بمجرد تلك المعرفة السطحية ثم اترك الامور ان تسير وفق هواها هل اعرف انا شيئا عنه عن عائلته او الظروف التى تحيط به . الم يذكر لك اى شى عن اى فرد من افراد عائلته ؟ تحدث فقط عن والدته مرات قليلة كما القى بعض الاشارات عن اخ له وهذا يعطى انطباعآ بان هذه المنطقة من حياته فيها شى ما بالطبع لم يقل هو ذلك بنفسه . هكذا يقول حدسك الانثوى بصراحة يا عزيزتى انه فرصة العمر وها هو على استعداد لان يلقى بنفسه بين يديك كما انك لايمكن ان تنكرى انكما تتوافقان بصورة جيدة . اجل بالطبع انه شخص تحسن صحبته تماما فهو جذاب ولطيف ومسل فيه كل ما يتمناه اى انسان ولكن . ياالهى ولكن ماذا ؟ ولكننى لااتصوره متزوجا ومستقر فى حياة روتينية خذى على سبيل المثال تلك الوظيفة التى يشغلها فى السفارة انه لا يأبه لها على الاطلاق . حسنا طالما انه على مثل هذا الثراء الذى يبدو عليه فلا حاجة به الى ان يشغل باله . كلا طالما كنت تشغلين عملا فعليك ان تؤديه لاان تتلهى به والان انظرى الى البروش هذا لو اننى اعلم من اين اتى به . قالت جينى فى ذعر .بالتاكيد لاتعتقدين انه سرقه ؟ ضحكت ليسا وقالت .بالطبع لا ولكن كل ما فى الامر ان هذا البروش لايتفق وشخصية بول فهو شخص يتسم بالعصرية اما البروش فهو بالتاكيد ينتمى الى عصور مضت . اعرضيه على ماغى .فما فائدة ان تكونى سكرتيرة لروائية تاريخية مالم تستفيدى من خبرتها فى بعض الاحيان ؟ قد تكون على دراية بمثل هذه الامور ولكننى مازلت اعتقد ان من الافضل ان اعيدة الى بول عندما اراه الليلة . هل تعتقدين انه سيطلب منك الليلة ردا محددا . اشك فى ذلك فنحن ذاهبان الى حفل رسمى من حفلات السفارة على ما اعتقد فى اى حال فان هذه فرصة لان ارتدى ثوبى الشيفون الجديد . كما انها فرصة ايضا لان تضعى البروش . هزت ليسا رأسها نفيا فى اصرار وقالت . كلا ساعيده اليه وابين له انه لايمكن قبول مثل هذه الهدايا الثمينة فى الوقت الذى لم اتعرف عليه الا منذ تلك الفترة القصيرة . هكذا حتى وان كان يرغب فى الزواج منك ؟ من اجل هذا السبب بالذات تعلمين ما يقال عن الزواج المتسرع فكرى انت كم عاما مضى عليك و انت تعرفين روجر كنت صديقته لمدة عام على الاقل قبل ان يعرض عليك الخطبة . ضحكت جينى وقالت . ولكن روجر باركه الله ليس هو ذلك الشاب الفرنسى الانيق الذى ارغب في ان يحملنى ويطير . لااظن اننى اود ان يحملنى ويطير الواقع اننى لااعلم ما الذى ارغب فيه لم يحدث لى من قبل مثل هذا التردد. التقطت جينى البروش لتفحصه بدقه وقالت .اعتقد ان الاحجار الكريمة به ليست حقيقية . لايمكن ان تكون هذه الاحجار من الماس اليس كذلك اننى اتساءل هل من العادات الغريبة للفرنسيين ان يقدموا مشابك للصدر بدلا من خاتم الخطوبة . مازلت اعتقد ان هذه الاحجار ليست حقيقية اعنى انه لاتوجد الان احجار ماسية بهذا الحجم الكبير كما ان طريقة قطعها مختلفة ايضا ولكن لاجدال فى انه عمل اثرى . لاشك فى ذلك ولكن المشكلة حاليا هى كيف اعيده اليه بصورة مهذبة . ان مشكلتك الرئيسية فى اللحظة الحالية هى ان تستعدي لهذه الليلة