الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع
الكاتبة : آن بيترز
-------------------
الملخص
------------
انتظر جيرالد حريته طويلا، ولهذا لن يقبل بالاستقرار، حتى لو كان ذلك لأجل صبي صغير حزين ذكرته عيناه البنيتان الكبيرتان بطفولته الشقية، ولكن اعادة الصبي إلى جدته لم يكن بالأمر السهل، خصوصا وفيرونيكا سايكس صاحبة البيت الجذابة تتدخل في الأمر. لم ترد منه فقط أن يكون والد بيتر، وإنما عرضت أن تكون زوجة جيرالد مؤقتا على الأقل
---------------------------
الفصل الأول : نزل روني
---------------------------
صعد جيرالد مارسدن في الطريق المتصدع غير
المستوي وهو يحجب ما يشعر به من قلق وانزعاج
بمشيته المتبخترة تلك بينما عيناه لا تبارحان ذلك النزل،
وكان هذا يبدو مريحاً بشرفته الأمامية المظللة ونوافذه
الواسعة وبابه المحاط بألواح زجاجية مزخرفة بالألوان،
كان يبدو من نوع تلك البيوت التي كانت الجدات تعيش
فيها... محترماً دافئاً.
لم يكن ذلك يعني أنه كان يعلم تماماً عن حياة الجدات
وهو الذي لم يعرف جدته قط... أما بالنسبة للاحترام، فلم
يكن تعبيره عنه أكثر من إيماءة بسيطة من رأسه لمعارفه.
وسحب جيرالد نفساً عميقاً، ثم رفع يده يضغط على
جرس الباب.
تنحنح ونصب قامته وكان على وشك ان يقرع الجرس مرة
أخرى عندما انفتح الباب ووجد نفسه يواجه امرأة متوسطة في
السن، بيضاء الشعر وممتلئة بعض الشيء، كانت تفتح الباب
حوالي العشرين إنشأ وهي تقول بصوت حذر: «نعم.»
سألها: «روني؟»
فجاءه جوابها المقتضب: «كلا.» ما أيقن معه ان المظهر
خداع عموماً، فهذه العجوز الصغيرة الحجم قد تمثل ما
يتخيله كل شخص عن الجدات، ولكنها ليست بحلاوتهن.
سألته: «هل انت الشخص الذي اتصل يطلب غرفة؟»
«نعم، يا سيدتي، إسمي مارسدن، جيرالد مارسدن.»
لكنها لم تتحرك، ولم توسع فتحة الباب كما أنها لم تقدم
نفسها مثله، وإنما بقيت تحدق إليه وقد زمت شفتيها.
أخذ يشعر بالضيق وهو يراها تتأمله بهذا الشكل، وأخذ
ينقل وقفته من قدم إلى أخرى بينما الثواني تتوالى.
وأخيراً تنحنح، ربما هي تنتظر منه أن يقول شيئاً آخر:
«هل أنت صاحبة النزل، يا سيدتي.»
«كلا.» وتراجعت خطوة لكي تتأمله وقد ضاقت عيناها،
ثم سألته: «كم عمرك؟ خمس وثلاثون؟ ست وثلاثون، انك لـم
تذكر ذلك في الهاتف.»
«حسناً، الرجال دوماً تحت الأربعين، انني لم اخبرك
لأنك لم تسأليني.»
«ها أنذا أسألك الآن.»
فهز كتفيه: «لا بأس، انا في الثلاثين.»
«هم.. م.. م...» وعادت تشمله بنظراتها، ما جعله يتساءل
ما إذا كان ثمة شيء فيه يحمل طابع ألـ...
آه، کلا ... عليه ان لا يحصر تفكيره في ذاته فقد كان مايك
الكبير قد حذره من ذلك. لقد لوحت الشمس بشرته وتأثرت
ملابسه الجديدة بحالة الجو وذلك أثناء الشهر الذي امضاه
في لودرديل وذلك قبل قدومه إلى أوريغون، لم يكن يبدو
مختلفاً عن أي شخص آخر، فلماذا لا تنفك هذه المرأة تنظر
إليه وكأنها لا تعلم ما إذا كان عليها ان تسمح له بالدخول أم
تقفل الباب في وجهه؟
وأخيراً أخذ يفكر في ما إذا كان يريد حقاً النزول في هذا
المكان مع امرأة غريبة الأطوار مثل هذه. فابتدأ بالقول:
«اسمعي، أيتها السيدة...» ويبدو انها كانت صممت على
رأي فقاطعته قائلة ببشاشة مفاجئة: «لا بأس، أدخل، ان ابنة
أخي روني ليست هنا حالياً، ولكن حيث انه يبدو ان لا ضرر
من دخولك...» وأخذت تضحك وكأن ثمة شيئاً أدخل السرور
إلى نفسها، ما جعل الحيرة تتملك جيرالد.
فقال وهو يدخل: «شكراً.» كان المنزل في الداخل كما
كان يتصور بالضبط منظر منزل الجدة... بذلك المكتب ذي
الأدراج القديم الطراز والممتد على طول الجدار المغطى
بورق مقلم، كما كان يملأ الجو رائحة قوية مزيجة من
القهوة وشيء يخبز في الفرن.
اخذ ينظر حوله متشمما تلك الرائحة الشهية فاصطدمت
نظراته بالمرأة، فمنحها ابتسامة ملتوية ردتها إليه
بابتسامة عذبة نوعاً ما، ثم قالت: «أنا لويزا أبشوت.»
«تشرفت بمعرفتك.»
«أرجو ان لا تهتم بتلك الضجة.» قالت ذلك مشيرة برأسها
إلى باب مفتوح قليلا يؤدي إلى حيث كانت ضحكات عالية
وثرثرة لا تنقطع تتسرب إلى الردهة ثم تقدمت المرأة تسير
امامه إلى الطابق العلوي وهي تلهث قليلاً لصعود السلم.
«ان السيدة هينكز، وهي الساكنة قبالة الغرفة التي
ستراها الآن، قد بلغت الخامسة والسبعين هذا النهار، فهي
معنا منذ افتتحنا هذا النزل منذ ثماني سنوات، هل تصدق
ذلك؟ على كل حال، كانت هي راعية المكتبة العامة في
المدينة، لم تنجب المسكينة أولاداً وهي الآن دون أسرة على
الاطلاق، هل لديك أسرة أيها الشاب؟»