الطفلة
New Year's Baby

الكاتبة : ستيلا باجويل
قلوب عبير دار النحاس
الملخص
هل أنت واثق من أني بحاجة لأتعلم القيام بذلك ؟ ادارت كاثرين رأسها عن الطفله فإذا بوجهها على مقربه حثيثه منه وعندما التقت العيون خفق قلبها خفقه خفيفه غريبه وسرعان ماتحولت هذه الخفقه الى ضربات سريعه . "لا تعرف الى متى سيستمر الثلج والجليد كل ما نعرفه هو انه يتحتم علينا ان نتصرف كوالدين لها لعدة ايام " عدة ايام؟ لم يكن يعلم إن كان سيبقى على قيد الحياة وبرفقته هذه السيدة لأيام معدودة فقد جعلته يفكر بأشياء لا يجدر به ان يفكر بها , وقال : انا لا اعرف شيئا عن الأبوة . ضحكت ساخرة : " وانا ايضا لا اعرف شيئا عن الأمومة . أظن أنه يمكننا أن نتعلم معا

تحميل الرواية مكتوبة

تحميل الرواية مصورة

الفصل الأول
عقدت كاثلين كالاغر هايز حزام روبها حول خصرها، ثم مالت برأسها نحو صوت واهن يئز على نافذة غرفة نومها .هل هو الجليد؟ انطلقت مسرعه في غرفتها بقدميها العاريتين وازاحت الستائر الثقيله كان الهواء الرطب الدافئ الذي تسرب من الحمام وهي تاخذ دشآ قد اضى غشاء على النافذه مسحت بيديها على الزجاج ثم راحت تحدق في الظلمه الداكنه وتاوهت بصوت عال لدى رؤيتها المنظر كانت شجرة الصمغ تغطي جزءا من النافذه المقابله لجهة الشمال آنذاك ، لم تمنع الاغصان الا بشكل طفيف وقف حبيبات الثلج الصغيره التي كانت ترشق بقوة على زجاج النافذه آه ، كيف يمكن ان يحصل ذلك في هذه الليله وليس في سواها من باقي الليالي إنها ليلة العيد! عائلتها واصحابها مجتمعون معا لاحياء حفلة خطوبة شقيقها نيكولاس. إنها لم تلحظ اي تكثف للغيوم قبل ان تدخل الحمام ، قد لاتزال الرؤيه واضحه على الطريق العام وربما تمكنت من الهبوط من الجبل بسلامه . من امام واجهة منزلها اسرعت كاثلين بحذر شديد نحو الرواق المتماسك ذي عرائش غطت الطرف الشمالي منه والتي كانت قد اعاقت بعض الجليد من ان يتسرب الى داخله. لكن السلم والرصيف الممتد على طول الجهه الملاصقه للمنزل كانت مغطاة بقشرة جليديه شفافه وقد استطاعت كاثلين مراقبة هذا الجليد وهو يزداد سماكة دقيقة اثر دقيقة . كانت كاثلين ترتجف عندما همت بالدخول الى منزلها وبحذر شديد وفي الوقت المناسب إذ سمعت جرس الهاتف يرن ،وراحت تتشبث بقوه بردائها الثقيل في حين اسرعت لتجيب على المكالمه. "الو " كاثلين ، من حسن الحظ انك اجبت لقد كنا خائفين من ان تكوني الان في طريقك الينا وبسيارتك ." على الفور ، استطاعت ان تميز صوت اخيها " نك "لقد خرجت لتوي من الحمام ز ورأيت الجليد ينهال هنا بشكل جنوني وقد غطى الارض !" " لقد تصورت ان يكون الوضع على ماهو عليه . انها تندف عندنا ." " تندف ؟هل هي عباره تختص بالطقس وتستعملونها في الجيش؟ " ضحك واجاب : " كلا انها عباره تعطي معنى بين المطر المتثلج والمطر المتجمد . كنت اعتقد ان الجميع يعرفها ." " اظن اني لست مطلعه عليها قدر اطلاعك انت ، يا شقيقي العزيز . ماذا عساي ان افعل ؟ اعتقد وعلى الارجح ان الطريق العام قد تغطى الان بالجليد . نك ، لا يمكنني ان افوت حفلة خطوبتكما انت واليسون . فمن دوني ماكنت خطبت ضحك مجددا وقال :امنحيني بعض الثقه ، ياشقيقتي ز مهما يكن من امر ، فأنا من وقعت اليسون في غرامه ." ابتسمت كاثلين .كان شقيقها يبدو وكانه امتلك العالم ، وهي لا يمكن انت تكون اكثر سعاده بشقيقها مما هي عليه الان . " نعم ، ولكن لا تنسى بأنني من قربتها منك ولو قليلا ، والان ليس بأستطاعتي حتى ان اكون هناك لاحتفل معكما ."تأوهت ثم تمتمت " ماكان علي ان آتي الى المنزل . وكان من الافضل لي ان ابقى في المزرعه والبس رداء رثآ للحفله ن لكنت على الاقل ، بقيت هناك ، ولست مسجونه هنا!" صرخ بها بنبرة كان يرفعها على المجندين في الثكنه اثناء تدريبه لهم :" كاثلين لا تفكري حتى بالمجيئ الى المزرعه الليله ! قد تكسرين عنقك او قد يحصل ماهو اسوأ ." تغيرت ملامح وجه كاثلين فيما غمرتها خيبة امل . وقالت :" لقد اشتريت أطرآ جديده للسياره ، وقد استطيع الوصول ‘ ان انا قدت السياره على مهل " كلا امنعك انا ووالدي من فعل ذلك ، ليس هناك طريق اخطر من طريق عام " 71" عندما تكون زلقه . وحفلة خطوبتي لا تستحق ان تنزلقي لاجلها من منحدر جبل ." كانت كاثلين تعلم انه على صواب ن ولكن ذلك لم يشعرها بالتحسن . " اعرف ... لكنني لا اريد ان افوت فرصة اللهو و المرح ... إن مناسبة خطوبتك انت واليسون قد افرحتني ، وسام واوليفيا قد وصلا لتوهم من شهر العسل . انها امسية العيد ! هناك الكثير ينتظرني لاحتفل به بدل ان ابقى عالقه هنا !" " اعرف عزيزتي ، نريدك معنا ايضا لكن ليس على حساب سلامتك ," "انه لمر سهل ان تتفوه بذلك . انت هناك انا من هي مسجونه هنا ولوحدي بدا نك منزعج تماما كشقيقته ، ثم قال :" حسنا قد نحاول انا وسام المجئ وراءك في شاحنته الصغيره . قد يمكننا اجتياز الجبل الى حيث انتي ، لكن لا اعدك بأننا قد نتمكن من الرجوع ." بدا وكأنه غير متحمس للفكره ، ورأت كاثلين بأنه ضرب من الجنون ان تشجع شقيقها على القدوم اليها . لذا قالت " كلا قد يكون عملا جنونيا بالنسبه لكم وكذلك بالنسبه لي . ان اليسون واوليفيا قد تقدمان على قتلي ان حدث مكروه لاي منكما . عدا ذلك ، بأي حال ، ان بقى الوضع على ماهو عليه ولوقت طويل ستقوم السلطات المحليه بقطع الطريق." نحن حقا اسفون ياشقيقتي ، وسنفتقدك لعدم وجودك بيننا ، ربما قد تكونين معنا على العشاء ." اضاف مفعما بالامل ‘ كان باستطاعة ان تسمع الموسيقى المنبعثه من الراديو ، وصوت والدها وهو يلاعب بنجامين لعبة " الدغدغه" كما كان يقاطع قهقة وصراخ الصبي ضحك والدها العميق ، لقد كان من السهل على كاثلين ان تتصور كيف ان عائلتها والاصدقاء مجتمعين مع بعضهم البعض في بيت المزرعه القديم يشوون اللحم على نار الموقد ، ويرقصون في الردهه ويشربون نخب خطوبة نك مع كل اصناف الاكل والشراب ، وبالرغم من انها على يقين بأنها ستفوت تلك الفرصه ، غير انها تمنت لهم الفرح والابتهاج. " نعم حسنا ’ قبل اليسون بالنيابه عني ن واخبر والدتي ووالدي باني سأراهما غدا ، اذا كانت الطريق خاليه من الجليد ، هذا كل شئ فيما عدا ذلك ، لا تقلقوا علي ، لدي الكثير من البقاله في غرفة المؤونه" " سنتصل بك لاحقا هذا المساء لنطمئن عليك." وعدها بذلك ثم اضاف " وداعا ، شقيقتي اكلمك بعد قليل ، ولا تخرجي من المنزل لاي سبب من الاسباب لا نريد ان يحصل لك اي مكروه ." وعدت كاثلين شقيقها بعدم مغادرة المنزل ، ثم اقفلت الهاتف . حسنا ، ماذا عساها ان تفعل الان ؟ سالت نفسها . اندفعت بسرعه وامسكت بجهاز تحكم التلفاز ثم ادارت التلفزيون وظهر الارصادي المحلي على الشاشه الذي كان يتابع العاصفه الجليديه بواسطة الرادار (منديات) ، وحسب معلوماته تبين ان ليله رديئه ستكون في الانتظار . كما ادركت كاثلين بأنها سوف لا تحبس في منزلها للليله واحده فقط . بل ستمر عدة ايام قبل ان يصيبح بمقدورها مغادرة الجبل بسيارتها . ومثل هذا الامر لم يكن خارجا عن المألوف في جبال بوسطن المنحدره . وبتنهيدة المنهزمه ، نهضت عن الكنبه ودخلت غرفة نومها ، كان شعرها لايزال رطبا فقررت ان تجففه وتضع زينه خفيفه على وجهها وتلبس الثوب الذي اشترته لترتديه هذه الليله . وبما ان ظاهر الاشياء كان يوحي بأنها ستقضي امسيتها بمفردها ، كان لابد لها ان تجعل من تلك الامسيه امسيه رائعه قدر الامكان . لقد اعتبر روس دوغلاس الامر اعجوبه لانه استطاع ان يقود شاحنته حتى كتف الطريق دون ان تنزلق الى اسفل الوادي الضيق ، وبما انه كان يبتعد حوالي الخمسين يارده عن الطريق المؤديه الى منزله اعتبر نفسه محظوظا بحق, كان عليه ان يقطع المسافه المتبقيه من الطريق ، ومن ثم يعود للاهتمام بسيارته لاحقا. وبعد ان وضع مفاتيحه في جيبه , اقفل سحابة معطفه الثقيل الذي كان يرتديه حتى رقبته , واعتمر قبعه وشدها على جبينه , ستكون رحله قارسه وطويله , وبينما كان ينزلق بخفه من شاحنته ليواجه الجليد والريح, اخذ يتعجب كيف انه ترك تكساس الجنوبيه الدافئه ليقصد مكانا مثل هذا !. حاول الصعود الى منزله لكن الطريق كانت زلقه بشكل لا يصدق , حاول مرات عدة , خلالها زلقت قدماه واجبر على ان يتشبث بالغصان والنباتات الجافه الناميه على حافة الطريق كي لا ينزلق ثانيه عن الجبل الملتوي والمنحدر ، لم تمر اي سياره بالقرب منه سواء صعودا او نزولا ، افترض روس ان ما من احد يمكنه ان يكون غبيا ليخرج من منزله في مثل هذا الطقس ، وهو الاتي من سانت انطونيو حيث الدفئ ، وقد فاته الاستماع الى نشرة الطقس الصباحيه ، وفي باله ان قليل من الثلج قد لا يشكل مشكله كبيره ، لكنه في المره القادمه سيستمع حتما !. استطاع الوصول الى طريق اكثر انبساطا ، فمتابعة المضي فيها كان اكثر سهوله. اخذ روس يسرع الخطى متعطشا لدخول منزله الدافئ وليحضى بطعام العشاء ، ولان انطلاقه من فورت سميث كان في ساعه مبكره من بعد الظهر ، لم يبقى ضوء الرواق منيرا ، وتمنى ان يكون ضوء الغاز الضعيف المثبت في الفناء على مقربة من المدخل الامامي للمنزل . لم يستطيع ان يرى شيئا البته لكنه كان متمكنا من خطاه ، وكان يحسب ان الرواق ايضا يغطيه الجليد . كان يبحث عن المفاتيح في جيبه عندما رأى شيئا على الارض قبالة الباب ، مشى بحذر شديد فوجد انه صندوق يحتوي على شيئا ما انه لم يترك صندوقا في الرواق ، هل يمكن ان يكون احد الجيران قد مر بالقرب من هنا؟ وترك شيئا خاصا به ؟ تبا يا روس ؟ حتى انك لم تتعرف على جيرانك بعد ، راح يذكر نفسه مشى بحذر كي لا ينزلق ن فتح الباب واضاء المكان ، ثم حمل الصندوق الى داخل المنزل ، ووضعه على طاولة المطبخ ، من الواضح ان احدهم اراد ان يقدم لي شيئا ما ن راوده هذا الظن عندما كان يخلع معطفه. وإذا هو يفرك يديه ليبعث فيهما الدفئ ، التفت نحو الصندوق التفاته حذره ، لقد كان مصنوعا من الكرتون وحواشيه العليا مقفله بترتيب . تردد في فتحه ، قد يكون احد من زملائه اراد ان يمازحه فترك هذا الصندوق الذي ما فتحه سينفجر ببالونات وبأشياء مجنونه قد تملأ الغرفه . لكن لا معنى لذلك كله ، من ذا الذي يخرج في عاصفه جليديه ، وخصوصا على طريق جبليه ليقوم بمزحه عاديه ؟ لقد قرر وضع حد لفضوليته قبل ان يحضر لنفسه طعام العشاء ‘ ففتح اطراف الصندوق ونظر الى داخله . فقطب روس جبينه وهو يتفحص قطعة قماش صوفيه زرقاء هي اشبه بمعطف ، من يمكن ان يقدم له معطفا ؟ فقد مضى على انتقاله الى اركنساس اسبوعان فقط . ولا احد في الجوار يعرفه ، بأستثناء البعض في المدرسه في فورت سميث ، هم بتناول المعطف من الصندوق ن ثم توقف فجأه حين ازيحت طيات القماش لتكشف عما يوجد تحتها . إنه طفل ! مولود حديثا ! كان المنظر مذهلا ، وغير متوقع حتى ان روس بقي لبعض ثواني يحدق في هذا المخلوق الصغير بوجهه الضعيف وشعره الاسود الخفيفز هل هو على قيد الحياة؟قذف المعطف جانبا ورفع الطفل من مكانه . كان الطفل ملتفا بمنشفه غطتها بقعا ناتجه عن الولاده ، ولكي يشعر روس بالراحه التامه اطلق الطفل صرخه قويه وتلوى بين ذراعيه كم مضى من الوقت وهو ملقى في الرواق يتعرض لدرجة حراره جليديه متدنيه ؟ نصف ساعه ؟ ساعه؟ لا يمكن ان يكون بقي لوقت طويل هناك ‘ لان الصندوق كان جافا وخاليا من الثلج. كان الطفل لا يزال بين ذراعيه ركض ناحية غرفة النوم حيث وضع الهاتف على الطاوله . آه ، ثم وضع السماعه مكانها بعنف ، قبل ان يرفعها حتى الى اذنه . لم يكن الهاتف ذا فائده وشركة الهاتف لم تقم على وصل خطه بعد قد يحصل ذلك في الاسبوع القادم فقد اخبروه بذلك . لكن الاسبوع القادم بالكاد يساعده الان! حسنا هدئ من روعك ياروس خاطب نفسه ن لا ترتبك ! فكر ماذا ستفعل؟ من الواضح ان هذا الطفل بحاجه الى عناية طبيه او على الاقل لشخص يعرف كيف يهتم بطفل ، وانت لا تعرف! عندما التفت الى وجه الطفل المتجعد ، دب فيه الخوف ن كان عليه القيام بعمل ما! لابد ان الطفله تعاني من ارتفاع في الحراره !اعمل على ان تبقى دافئه ! نعم ، ودثرها بغطاء واسرع روس الى غرفة النوم وانتشل قميص وكنزه سميكه من الخزانه ... اخذ روس يذرع الغرفه جيئه وذهابا باهتياج شديد وقد حضن الطفله بين ذراعيه وهي ملتفه بالقمصان وفيما عقله يعمل في ما كان عقله يعمل في محاوله لاعداد مايشبه خطه ، اطلقت الطفله صرخه عاليه ، وبحركه غريزيه ضم روس المولوده الجديده الى صدره لتأخذ الدفئ من حرارة جسمه اي نوع من البشر هذا الشخص الذي استطاع ان يترك هذه الطفله عند عتبة منزلي ... لكانت قضت بسهوله بسبب ماتعرضت له من البرد القارس لا تهتم ياروس ، خاطب نفسه على عجل ، لديك المزيد من الاسئله الملحهلتعالجها في هذه اللحظه ، مثل كيف ستهبط بهذه الطفله من الجبل لتسلمها الى شخص ليعتني بها بالشكل المناسب؟ لم يكن قادرا على المشي خمسة او ستة اميال تحت المطر المتجمد ، لم يكن هناك اي وسيله اخرى للهبوط من الجبل ن لم تكن هذه المنطقع مأهوله بالكثير من السكان ، لكنها لم تكن ايضا منعزله ن وعلى الرغم من ان طريق الولايه "71" لم تكن بعيده عن منزله اكثر من مئة يارده ‘ الا انها كانت شديدة الانحدار وملتويه حتى انه كان يشك ان باستطاعه سياره عاديه او شاحنه القياده في مثل هذا الطقس. يجب عدم تعريض هذه الطفله الحديثة الولاده للبرد ثانية بعد ما عانت ماعانته . اذن ، ماهو الحل؟ الجيران؟ هل بأمكانه صعود الجبل؟ لقد دفع هذا السؤال روس الى ان يسرع الى نافذة غرفة النوم . كان يدري ان ليس هناك من منازل على مقربه من منزله على الطريق المؤديه نزولا من الجبل لكن قد يوجد منزل ما على الطريق صعودا مسح بيدييه على الزجاج وحدق من خلاله في المرجه امام المنزل وفي الطريق ثم نظر عاليا نحو الغابات الكثيفه ولمعت انوار باهته من خلال الاغصان وجذوع الاشجار ، مما جعل روس يتنهد بارتياح . فالانوار كانت تعني ان احدهم كان هناك وقد يقوم بمساعدته . مدد الطفله حيث غطاها بمعطف وغطاء للرأس وقفاز ، ثم لفها بلحاف ثقيل وترك المنزل لقد حملت ريح الشمال العنيفه معها مزيجا من الثلج والجليد ، ووخز الجليد وجه روس الذي كان يعميه ، في حين كان الجليد الزلق تحت جزمته يجعل السير متعسرا ، فيما كان قاصدا شاحنته ان حالة الياس التي احس بها روس جعلت كل مافي داخله يرغب في الهروب لكنه اجبر نفسه على ان يزحف بأمان على الطريق ، كان يدرك انه اذا ما وقع وكسر ساقه سوف يموت مع الطفله من التعرض للبرد القارس اخيرا عندما وصل الى شاحنته اكتشف ان مسكة الباب متجمده ضرب عليها بقبضته عدة مرات قبل ان ينكسر الجليد عنها مما يسمح للمزلاج ان يفتح ، كان يرتجف ومحبوس الانفاس حين دخل مع الطفله الى داخل السياره ليشغل المحرك فقط كان يامل بذلك حين كان يحرك المفتاح في موضعه. دار محرك الشاحنه بقوه ، تنهد روس بارتياح وادار جهاز الحراره بكل طاقته ثم ربط حزام الامان حول الطفله قدر الامكان . شئ واحد كان روس متاكد منه وهو انه في اللحظات القليله الاتيه ستكون قيادة السياره صعبة . حاول روس بشكل من الاشكال ، ان ينزل بالشاحنه الى الطريق العام ، وبينما هو يعمل على ذلك ، بدأت تنزلق على جانب الطريق ، وكلما حاول تثبيتها لتبقى مستقيمه ، كانت اطرها تغرز على الجليد من دون جدوى. بعد عدة محاولات فاشله للصعود الى التله ، خفف من الدوس على دواسة البنزين، لكن النتيجه كانت مماثله ومأساويه ، بدات الشاحنه تنزلق الى الخلف ، وبشكل مفاجئ داس روس على الفرامل ، التي كانت عديمة الفائده بسبب الثلج والجليد ، واستمرت الشاحنه في الانزلاق بسرعه كبيره على الطريق المنحدره والملتويه . ولما رأى انهما متجهين مباشرة نحو وهد عميق ، اتخذ روس قرارا فوريا بان يقبض على المقعد ثم يحاول حشر الشاحنه في الخندق . بعد ان اصتدمت السياره ومن ثم توقفت بقى روس للحظات طويله متشبثا بالمقود , وراح يستنشق انفاسا طويله مرتجفه كان يرتجف خزفا ليس على نفسه فحسب بل على الطفله التي كانت محزمه وممدده على المقعد بجانبه . لكان اهلك نفسه واهلكها ! لم يبقى امامه الان سوى المشي ، فقد لاحظ بعد ان استعاد رشده . لقد تذكر تحذيرات بخصوص عدم ترك سياره في عاصفه جليديه . لكنه كان يدرك انه لا يمكن البقاء هنا في شاحنه متجمده ينتظر نجده قد لا تأتي . ففي حاله كهذه ، لايمكن للطفله انن تبقى على قيد الحياة ، حتى انه لم يكن واثقا من انه سينجو بنفسه. كان الجليد يضرب على وجه روس وعيينيه فيما كان يحاول جاهدا حمل الطفله الى الجبل باتجاه الانوار الباهته التي كانت تلمع من خلال الغابه الكثيفه . كان متاكدا ان وجهه قد تجمد وكذلك يداه ورجلاه . لم يشهد مثل هذا البرد في حياته ، كان خائفا ان يتصور مدى تاثير البرد على الطفله ، فقد كانت مربوطه بأمان بلحاف ثقيل لكنها سرعان ماتغطت بالثلج وفي وقت قريب تتسرب الرطوبه الى ثنايات اللحاف الداخليه ومن ثم الى الطفله ، كان عليه ان يسرع ! عليه ان لا يسمح بحصول اي شئ لهذه الطفله الصغيره التي كان يحملها بين ذراعيه . علقت كاثلين قرطين في اذنيها ، ثم توقفت امام مرآة طويله كانت ترتدي بنطلونا فضفاضا شتويا ابيض اللون وكنزه كشمير تنسجم مع البنطلون وقد تالقت احجار الراين على اعلى ثوبها وحول طرفي الكمين مانحه اللباس مظهر الاحتفال ، اما شعرها فقد جف اخيرا واسترسل بنعومه حول وجهها وكتفيها وتحت الخصل السوداء الفاحمه تارجح القرطان الغريبان بلمعان براق . انها ليست بليله سيئه في منزل العائله القديم امعنت كاثلين التفكير ثم اطلقت ضحكه ، واستدارت عن المرآه لتضيف اللمسه الاخيره _ زوجي احذيه فضيين بكعب عال ليس هناك من امر يشعرها بالاسف على نفسها الليله ، هذا ما كانت تفكر به وهي تغادر غرفة نومها . انها امسية العيد ، وغدا تبدا سنه جديده ‘ لقد ارادت كاثلين ان تكون السنه مختلفه عن سابقتها اكثر من اي شئ اخر . وقد عزمت ان تبداها بتالق وابتسامه . حان الوقت كي تستمر بحياتها سواء كانت جيده ام سيئه ن كانت كاثلين على ثقه انها اخيرا مستعده لمواجهة المستقبل مره اخرى . كانت في المطبخ ترتب وجبه خفيفه على صينيه عندما سمعت نقرا على الباب الامامي . لم تستطيع ان تتصور ان احدا قد يكون خارج منزله في ليلة كهذه . لكن قد يكزن شقيقها قد عزم على الصعود الى هنا . اذ يعرف عنه انه يقوم باعمال مجنونه . هذا ما كان يساورها وهي تسرع لتفتح الباب. وتوخيا للامان أضائت الرواق ثن نظرت من خلال ثقب الباب ، لم يكن شقيقها هو الواقف في الخارج تحت الجليد، كان رجلا يحمل بين ذراعيه رزمه تحتوي على شئ ما . فتحت الباب قدر ماسمح به قفل الباب الخاص بالمان وقالت :" هل يمكنني مساعدتك " كان وجه روس قاسيا جدا ولم يكن واثقا انه قادر على تحريم شفتيه ليتكلم:" انا روس ددوغلاس ." وتابع بعد لحظه :" اسكن على بعد منكم في قعر الجبل ." استمرت كاثلين في تفحص وجهه او ما استطاعت ان ترى منه تحت قلنسوة معطفه الرمادي ن هل يكون هو الشخص الذي اشترى مبنى مابري القديم مؤخرا ، فقد مرت بالقرب منه منذ يومين ولاحظت بشكل غير واضح احدهم يتحرك في داخله. هل تواجه اي مشكله .؟ هل تحطمت سيارتك على الجليد؟ نفذ صبر روس من اسالتها ، الم ترى انه يتجمد من البرد والطفله تتجمد ! لم هي حريصه الى هذا الحد؟ هنا ليست هيوستن او حتى نيويورك . كلا سيدتي احتاج مساعدتك ، هاتف . لدي طفله هنا ..." " طفله . !لهثت كاثلين وبسرعه فتحت الباب وهي تقول تفضل بالدخول " حثته على الدخول دافعه بالباب المعدني بقوة . خطى روس نحوها الى داخل الغرفه الدافئه . لقد قضى نصف ساعه على الاقل ليصل الى هذا المنزل ، اذ انه كان يشق طريقه على مهل صعودا من الجهه الوعره للجبل . لم يلمح اي سيارة ، وقبل ان تفتح هذه المراه الباب ، بدأ يشعر وكأنه والطفله من البشر فقط قد تركا على وجه الارض. اغلقت كاثلين الباب بقوه في وجه الريح الجليديه ، ثم دارت بأضطراب نحو الرجل الذي خطا الى وسط الغرفه وهو لا يزال حاملا تلك الرزمه بين ذراعيه . سألت بسرعه " هل اصاب الطفله اي مكروه ؟هل استدعي الاسعاف؟" اصطكت اسنانه بقوه وهو يقول :" سيدتي سيارة الاسعاف لا يمكن ان تصعد الى هنا " التفتت الي الطفله فيما كان يزيح عنها اللحاف . " عدا عن ذلك ، لا اعلم ان كانت الطفله بخير او انها تحتاج الى عنايه ! انها ولدت حديثا !" بذهول نظرت كاثلين اليه بغباوه ، هل الرجل مجنون ؟ ام ان انخفاض الحراره قد جعلت افكاره غير مترابطه ! اندفعت نحوهما ، قائله :" ماذا تعني لا تعرف ؟ اليست طفلتك؟"لفت انتباه كاثلين كثافة شعر الطفله وقلة صراخها . وثب قلبها عندما تطلعت الى الطفله الملتفه بكنزه تفوق حجمها بكثير ز التفت روس الى كاثلين ز لكنه كان شديد الاضطراب لدرجة ان الشئ الوحيد الذي علق في تفكيره وجه جميل وشعر اسود طويل . اجابها :" كلا انها ليست لي لقد تخلى عنها احدهم ولا اعرف لمن تكون ؟ فقط استدعي احدا ." دفع الارتباك الذي خيم على صوته بكاثلين ان تسرع الى الهاتف لم تكن تعرف بالضبط ماذا تفعل الى ان رفعت سماعة الهاتف ." ماذا بمن تتصل ؟ ليس لدينا هنا خدمة اسعاف!" رمى روس اللحاف الذي غطاه الثلج على الارض ثم تلفت بياس في انحاء الغرفه ليجد شيئا يستعمله كلحاف . "اتصلي بالمستشفى وبالتأكيد فان شخصا ما يمكنه ان يعلمنا ما يجب ان نفعله لها !" وجد بطانيه على مقعد الكنبه . فأنتشله بسرعه ولفه حول الطفله ثم حملها الى جانب المدفأه حيث كانت النار تتوهج ببطء. كانت يدا كاثلين ترتجفان وهي تضغط بقوة على رقم اقرب مستشفى ثم امسكت بورقه وقلم كانت تحتفظ بهما دائما بجانب الهاتف . " احتاج لمساعد" اجابت بذهول عندما خاطبها صوت انثى ، ثم توقفت عندما غمرتها فجأه موجه من الخوف. " نعم انا لم ازل هنا" تابعت محاوله ان تستجمع نفسها :" انا ،آه لدينا حالة طارئه ولادة طفل هنا و... آه..... لآ.....لا... لا توجد الام ." بدت مجنونه !" اعني ...يوجد لكن الطفله وجدت في العراء في الصقيع و ...... " توقفت وتنفست تنفسا عميقا . "نعم نعم، انت على حق لو تستيعين فقط اعطاء بعض التعليمات..... ماذا نفعل لها الى حين نؤمن لها تسهيلات طبيعيه ماذا ، نعم سأنتظر ." ضربت كاثلين بيدها على سماعة الهاتف ثم نظرت الى الرجل والطفله وقالت :" لقد حولوني الى قسم اطباء للاطفال, ارادوا ان يعرفوا شيئا عن الام ، اين هي ؟" " كيف لي ان اعلم ! هذه الطفله كانت في الرواق الامامي عندما وصلت المنزل ، وهذا كل ما استطيع ان اخبرك به !"
الفصل الثاني
كان روس يزرع خطواته ذهابا وايابا ، امام الموقد في الوقت الذي كانت كاثلين قد انهت مكالمتها الهاتفيه . " ماذا سنفعل الان ماذا قالوا ؟؟" راح يمطرها بوابل من الاسئله في حين بدأت الطفله بالصراخ. مزقت كاثلين ورقه من دفتر الهاتف وتقدمت بسرعهمن الرجل الغريب والطفله ولوحت له بالورقه " لقد صدف ان طبيب اطفال يقوم بجولته على مرضاه" وهكذا تمكنت من التحدث اليه . قال بأنه علينا ان نعالج الامر خطوه خطوه وسيكون كل شئ على مايرام ." " حسنا ، مالذي يعرفه ؟ انه لا يعرف ان هذه الطفله كانت مرميه على الارض وتعرضت لعاصفه جليديه ". وفجأه ارتفع حاجبا كاثلين عاليا ، انها لم تهتم لتصرف هذا الرجل ، ولو لذره , نعم انه يعلم ذلكفقد اخبرته . اذن لم هي تبكي؟ كان صراخ الطفله يعلو مع كل ثانيه تمر ، وقد طغى على صوتيهما :" لا اعلم ، لم يكن لدي طفل!" تمتم بأشمئزاز لقد وجدت امرأه ولم اج اما!" لولا ان الامر يتعلق بالطفله لطردته كاثلين من منزلها على الفور . "اني لا اسمح لاناس اعرفهم بأن يصرخوا في وجهي ، ياسيد , فكيف بالاحرى لاناس لست على معرفه بهم . وليس كل راشد يكزن ابا او اما , هل انت والد؟" هز روس برأسه خجلا من انه سمح لعاطفته بأن تتغلب عليه . " كلا انا لست والدا , واعتذر عن الصراخ عاليا لكنني قد جن جنوني منذ اللحظه التي وجدتها فيها في الرواق ." قال ذلك وهو يحدق في الطفله وهي تصرخ بين ذراعيه . بسرعه اقتربت كاثلين منهما " سوف نقوم بالاهتمام بها ." قالت ذلك محاوله ما استطاعت ان تبدو مطمئنه . ساور كاثلين شعور ان الطفله اصبحت جزء منه . وكأنها و بطريقه غريبه قد اصبحت ابنته . وليست مجرد طفله وجدها في صندوق كرتون . قالت كاثلين لاهثه وهي تنقل الطفله الى الاريكه :" لم تكن تمزح ؟ اليس كذلك ؟ انها حقا طفله حديثة الولاده ." تبعها روس بوجه ذابل من القلق واجابها :" لا ادري بالتأكيد , ولكنها بدت وكأنها ولدت منذ ساعات قليله ." تابعت تخاطبه :" ادعى كاثلين غلاغر هايز , ما اسمك انت ؟ :. مد يده مصافحا :" انا روس دوغلاس " مدت هي يدها وللحظه صغيره اطبق اصابعه حول اصابعها . وقد شعرت بأصابعه وكأنها قد تجلدت , ثم تذكرت ان هذا الرجل قد قام برحلته الى الجبل وسط عاصفه ثلجيه , فقالت له : انك تتجمد ! كم من الوقت استغرقت رحلتك الى هنا ؟" هز كتفيه وفتح سحابة معطفه قائلا:" لست متأكدا بدت الرحله وكأن لا نهايه لها ." اومأت كاثلين برأسها بأتجاه الموقد قائله :" ان اردت ان توقد النار ن قد يساعدك ذلك على ان تنعم ببعض الدفئ انت والطفله ." ثم استدارت ناحية الطفله وشعرت بارتباك على الرغم من تحذير طبيب الاطفال لها بأن تلتزم الهدوء وتستجمع قواها وهي تعالج امر الطفله " وتابعت :" اوصى الطبيب بأن نتأكد من انها تتنفس من دون اي صعوبه ، كأن تصفر او تسعل ." " كيف لنا ان نعرف ذلك؟" اجابته:" قال انها في حال كانت تصرخ براحه ، يكون تنفسها مرتاحا." " حسنا انها من دون ريب على هذا النحون اذن ما هو الامر التالي؟" علينا ان نقوم بفحص حرارتها ، حسب ماقاله الطبيب، اذ يجب ان تكون حين نتحسسها دافئه لا ساخنه ، وان تكون بشرتها حمراء زهريه وليس رماديه او زرقاء ، كيف تبدو لك؟" عاد روس الى الطفله بعد ان دس حطبتين في الموقد .وقال:" حسنا انها لاتبدو زرقاء اللون لكن وجهها احمر ." وحسب ماتصورت كاثلين كان ذلك بسبب الصراخ ، وحيث انها ليست بأم ، لم تكن متأكده من هذا الامر لامست كاثلين بيدها ذراعي الطفله وساقيها ثم ذهبت تبحث عن ميزان الحراره . تركت الغرفه بسرعه تاركه روس ليراقب الطفله التي حاول تهدئتها بكلمات ملطفه ، لكنها لم تهتم لنبرة صوته واستمرت بالصراخ . ولان روس كان مضطربا فأنه لم يستطيع اسكاتها فما كان منه الا ان تناولها وحضنها بين ذراعيه ن وبدا انها عندما لامست كتفيه هدأت بعض الشئ ورويدا انقلب صراخها الى تململ خفيف. تنهد روس تنهدا عميقا وداعب بيديه شعره الرطب الذي استرسل على جبينه ، كان رجلا يعمل مع الاولاد كل يوم ، لكنهم كانوا مراهقين ، وكانوا يزنون أكثر من بضعة ارطال ، يستيطيعون هضم اي نوع من الطعام ويتواصلون بأساليبهم الغريبه الخاصه بهم ، لم يكن المراهقون مثل هذه الطفله الصغيره التي كانت بين ذراعيه . عادت كاثلين مسرعه الى الغرفه وبيدها ميزان الحراره وهي تقول :" ليس لدي ميزانا مخصصا للاطفال ن لكن الطبيب قال ان باستطاعتنا استعمال اسلوب القياس تحت الابط في هذه الحاله ." تنهد روس وكاثلين بارتياح عندما قاما بقياس حرارة الطفله، وظهر انها طبيعيه . " حسنا لقد علمنا انها لا تعاني من ارتفاع في حرارتها ، بات علينا ان ننظفها ونطعمها ." قالت كاثلين ذلك وهي تلقي نظره خاطفه على ملاحظات دونتها على عجل اثناء تحدثها الى الطبيب , سألها:" تعرفين كيف تقومين بذلك؟" استطاعت كاثلين ان تسمه نبرة الياس في صوته ، اذ انها كانت تشعر باليأس نفسه ، لكنها كانت تدرك ان الاستسلام لهذا اليأس لن يجديهما نفعا ، اذ بات عليها وعلى هذا الرجل ، الان ان يبذلا قصارى جهدهما ، ويأملان ان في ذلك كفايه . " سأعطي كل ماعندي " اجابت بثقه تفوق ما كانت تشعر به . نظر روس اليها بأمل وسالها " هل سبق وان اهتممت بالاطفال ؟ او عملت كحاضنه؟" فكرت ، ان صفا من 25 تلميذا كان يشعرها احيانا بأنها حاضنه ، اجابت :" نعم ‘ ولكن ليس لطفله كهذه". " وانا لم اكن ايضا كانوا جميعهم .. اكبر منها حجما". اعادت كاثلين النظر اليه واحست برجفه خفيفه تسري في مكان ما من قلبها ، فقد كان روس دوغلاس اسمر ، قويا ‘ ويمتلئ رجوله . لونت الفكره خديها فيما كانت تجيب ": حسنا ، اعتقد ان لدي بعض الكتب التي قد تساعدنا" "كتب" اخذ روس يهمهم بصوت لم تستطع كاثلين هايز سماعه حين كانت تغادر الغرفه . وماذا بعد هذه الكتب ، اخذ يخاطب نفسه انها امرأه ناضجه عليها ان تكون ملمه بشؤون الاطفال . من المفترض ان تمتلك النساء ذلك الحس الداخلي الذي يعمل لا شعوريا أذا ما رزقن بطفل . لكن لم يكن لكاثلين طفل شرع يذكر نفسه ، لذا ليس بأستطاعته ان يلومها ان لم تمتلك الخبره ، انه لم يشعر في حياته كلها بالعجز الذي هو فيه الان ، كان يدري انه غير منطقي في تفكيره وحاول تهدئة نفسه ، كما لم يكن من المنطق ان يفرغ غضبه على هذه المرأه . نظر الى الطفله ثم اوما برأسه وقال: " لا عليك ايتها الفتاة الصغيره ، سأبذل جهدي كي لا يحصل لكي شئ". بأضطراب شديد القت كاثلين نظره على صف من الكتب ، وحين وجدت العناوين التي تبحث عنها ، انزلت الكتب عن الرفوف واسرعت بها الى غرفة الجلوس " كان روس دوغلاس لايزال قرب الموقد والطفله بين ذراعيه ، فكرت وهي تتامله انه لم يكن لديه طفل ‘ ولكنه لم يمسك الطفل بشكل اخرق كما يفعل الرجال عندما يتعاملون مع اطفالهم لاول مره. قادت تلك الملاحظه افكارها نحو خطوه ابعد ....ما اذا كان لهذا الرجل زوجه ,يبدو انه في اواخر العشرينات . وهو لم يبد عليه مظهر الارتباط الذي عادة يملكه الرجال المتزوجون . في الوقت الحاضر ن اكان روس دوغلاس مرتبطا ن او غير مرتبط هو امر بالكاد يكون مهما ، هكذا راحت تخاطب نفسها ن وهي تنظم اليه عند الموقد ، لديهما الان طفل يحتاج لعنايتهما . " ان هذا الكتاب يتحدث عن الولاده وكيفية الاعتناء بالطفل قد يطلعنا على بضعة اشياء" قالت ذلك وهي تقلب صفحاته بسرعه . فقد اشترت الكتاب عندما كانت تخطط مع غريغ لانشاء عائله . ولسوء الحظ لم تسنح لها الفرصه بأن تستعمله بسبب مقتل غريغ . قالت " من الواضح ان الطفله بحاجه لاغتسال". بدا روس بملامح متجهمه وهو يقول " ما يشغل بالي في هذه اللحظه ، هو انني اريدها ان تأكل ". رمقته كاثلين بعين جانبيه وهي تقول" وهذا لسان حالي ياسيد دوغلاس ، ولكن لا يمكن ان نعطيها حليب بقر عادي!". " لم لا؟" اجابت كاثلين ردا على سؤاله الساذج " لان هضمه صعب ، فالاطفال لا يشربون ذلك النوع من الحليب . الطبيب اعطاني وصفة غذاء بديل عن الحليب ، استطيع مزجها لحين تنتهي العاصفه حيث يمكننا النزول الى المدينه ." بدأت الطفله تبكي من جديد ، واخذ روس يهزها بلطف ‘ محاولا تهدئتها ." حتى لو عرفت الغذاء الذي ستقدمينه لها ، بأي طريقه ستهطيها اياها؟ هل لديك زجاجة اطفال هنا؟" تجاهلت كاثلين اسألته واستمرت في القراءه ن اراد روس ان يصرخ بقوه ن فهو رجل ديناميكي وانتظاره ريثما تنتهي كاثلين من تثقيف نفسها حول امور الاطفال كان امر يثير جنونه . اخيرا التفت اليه كاثلين واجابته :" ماذا ؟ زجاجه ؟ اه نعم ، اظن ان لدي واحده ، احدى صديقاتي لديها طفله وقد تركت زجاجه هنا منذ فتره ." اومأت اليه بأن يتبعها الى خارج الغرفه . " تعال سنأخذها الى المطبخ وسأبدأ بجمع الاشياء بعضها مع بعض ." مشى روس خلفها وعيناه تشعان بينما كان ينقلهما بين كاثلين والغرف الكبيره التي يمران فيها ، فالمنزل كان يظهر عليه مظهر الترف مقارنة مع المكان الذي انتقل لتوه اليه . فقد فرش بأثاث حديث غالي الثمن ، وبسجاد سميك وستائر كانت تكشف عن النوافذ اكثر مما تغطيها ، وقد ازدانت الجدران بلوحات زيتيه ، في حين ان قطعا فنيه دقيقة الصنع ونباتات وضعت في احواض فخاريه استقرت هنا وهناك في اماكن اختيرت لها بدقه ، ومع ذلك فالمنزل بالنسبه لكاثلين غلاغر هايز لم يكن يحتوي شمعه ، هذا ما ادركه روس . في وقت مضى ، وعندما كان قد شرع بالصعود الى الجبل مع الطفله تمنى ان يجد امرأه في هذا المنزل ، حسنا ها قد وجد امرأه مناسبه اطرق مفكرا ، لكن هل كانت تلك المرأه التي تمناها كي يجدها ؟ سألها :" هل كنت تعدين نفسك للخروج من المنزل الليله ؟" بالتأكيد ، لم تكن لترتدي رداء كالذي ترتديه الان لو انها باقيه في المنزل , " نعم كنت ذاهبه الى بيت عائلتي ، فنحن نحتفل بخطوبة شقيقي الليله ، كنت اتحضر للذهاب عندما بدأ الجليد يتراكم ". ثم عادت وحدقت به من اعلى كتفها مبتسمه ، وقد بهرته بذاك التحول المفاجئ في ملامحها ثم راحت تسأله :" وماذا عنك انت؟ هل كنت تتحضر للاحتفال ايضا ؟" اوما برأسه نفيا " كلا لازلت قيد الانتقال الى المنزل الجديد ،كنت سأفرغ محتويات الصناديق ." ثم التفت الى الفتاة بين ذراعيه ، لم يزل الامر صعبا عليه ليصدق ان كل ذلك كان يحصل له . هتفت كاثلين :" شكرا لانك فعلت ذلك ! لا اتحمل مجرد التفكير بأن الطفله كانت في الصقيع ، هل لديك ادنى فكره كم من الوقت بقيت هناك؟" دخلت المطبخ واضائت الضوء القائم فوق رأسها ، وتبعها روس الى حيث توجد طاوله صغيره ، وقال :" ليس تماما ، لقد قدت سيارتي الى فورت سميث قبل الضهيره بوقت قليل لم اعد الا عندما ضربت العاصفه . من الممكن انها كانت تركت هناك في اي وقت اثناء فترة ما بعد الظهر ." ارتعشت كاثلين للفكره " حسنا ، سيكون الامر رهنا بالسلطات لتكشف الفاعل ... لكن دعنا نهتم بها اولا قبل ان نزعج انفسنا بأستدعاء عمدة البلده او اي شخص كان ، هل انت موافق؟" اومأ روس برأسه موافقا وقال :" نعم موافق! وعلاوه على ذلك فالسلطه المحليه لن تستطيع الوصول الى هنا ونحن بالتأكيد ، لا يمكننا ان نخرجها الليله على الاقل . حتى ان استطعنا ، فأنا اعتقد انه لايناسبها ان تتعرض ثانية للصقيع فالطقس في الخارج لا يلائم انسانا ولا حيوانا فكيف بالاحرى بطفله حديثة الولاده." " انت على صواب ، سنعمل كل ما في وسعنا لحين يصبح بمقدورنا ان نوصلها الى المدينه ." قال وعيناه مسمرتان على الطفله :" اعتقد ان علينا ان نقوم بدوري الام والاب لها الان " لم يكن يعرف روس دوغلاس مدى تأثير كلماته فيها’ كما لم يكن يدري كم تمنت كاثلين ان تصبح والده وكم حزنت في داخلها عندما ادركت انها غير قادره على الانجاب ، والان فجأه اصبح لديها طفله بحاجه الى رعايتها , نظرت كاثلين نظره خاطفه الى روس والطفله بينما كانت تحاول ان تفهم معنى تلك العواطف الغريبه الجياشه التي كانت تضطرب بداخلها ، قالت بصوت ابح :" حسنا اذا كنت موافقا على حملها ، سأذهب واتي بما نحتاجه لغسلها ، استدارت كاثلين وابتعدت عنه خطوه عندما قال " اعتقدت اننا سنعطمها اولا" عادت اليه وخاطبته :" سنطعمها ياسيد دوغلاس ، عليك فقط ان تهدأ وتفكر بالامر ، ستجد انها بحاجه للاستحمام قبل ان تأكل اخذ روس يراقب احجار الراين وهي تلمع في اذنيها ، لقد ادرك ان هذه المرأه هي ابعد ما يمكن عن ان تكون والده . سألها :" وكيف توصلتي الى هذا الاستنتاج ، اهذا ما اوصاك به الطبيب ؟" استنشقت نفسا طويلا وعميقا وقالت :" لم يقل ذلك فقد اعطاني تعليمات حول طريقة غسلها واطعامها ، لكن لدي مايكفي من الفطنه لاعرف انها متى اكلت فأنها حتما ستنام وستنزعج ان هي لم تستحم." انظري يا انسه هايز ، كما اخبرتك منذ دقيقه ، لا ادري كم من الوقت بقيت هذه الطفله في رواقي ‘ ومن المؤكد اني لا ادري منذ متى ولدت وقد يكون ذلك منذ ساعات وساعات ، وقد تكون هذه المخلوقه الصغيره تتضور جوعا الان." اختفى احباط كاثلين مدبرا ، اذ راحت تراقب يده الاخرى ترتفع لتحضن الطفله بحركه وقائيه كامله . كيف يمكنها الا تتأثر بحنانه الواضح ؟ اجتازت خطوات قليله كانت تفصل بينهما ، وبلطف مررت اصابعها على رأس الطفله وقالت ياسيد دوغلاس ، اني امراه بما يكفي لادراك ان حليب الوالده ليس دائما متوفر فور ولادة الطفل . احيانا يستغرق الامر عدة ساعات قبل ان يتقبل الطفل الحليب ." وبالرغم من ان وجهها كان منحنيا فوق وجه الطفل ، استطاع روس ان يرى توردا ينتشر على خديها ‘ من الواضح انها كانت منزعجه وهي تناقش اشياء اساسيه كهذه ‘ مع رجل وهو كان يشعر بالنزعاج مما توصلا اليه من نقاش ، ليس لانها قد تحدته ، لكن لانها اخبرته انه ولو كان في التاسعه والعشرين من عمره ، فهناك امور يجهلها عن المرأه خاصه ما يتعلق بالولاده . " حسنا ياروس انت لم تقل ابدا انك على درايه بكل شئ اليس ذلك؟" بقيت كاثلين منتظره منه ان يقول شئ ما ، وعندما لم يتكلم رفعت نظرها نحوه على الفور احست بشعور غريب في داخلها . كانت تعتقد ان الرمادي لون يفترض ان يكون باردا ، لكن عيني دوغلاس كانت توحيان بأي شئ بأستثناء انهما باردتان ." سيد دوغلاس ." بدأت الكلام ثم توقفت عندما هز برأسه . ثم قال " روس سيدتي ، اتصور اننا يجب ان نتفق على التسميه على اساس الاسم الاول ," فجأه بدأ ت ترتعش ، ولم تدر مالسبب لم يكن بسبب صوته او النظره الدافئه في عينيه او لانه ارادها ان تناديه بروس . كان شيئا ما في داخلها شئ اعتقدت انه مات مع موت زوجها لكن دنو هذا الرجل منها ، رائحته نظرته القاسيه كانت تحثها على العودة الى الحياة , " حسنا ياروس " قالت وهي تبتعد عنه خطوه في حين كانت تحاول ان تبتسم له ابتسامه عريضه " من الافضل ان احضر اغراض الطفل " هذه المره لم تنتظر كاثلين موافقته فأستدارت وغادرت الغرفه وكان روس يراقبها وهي تغادر الغرفه وينظر الى تمايل شعرها وهي تحرك رأسها واطرق مفكرا ، لم يستطع ان يتذكر انه رأى في حياته امرأه ذات بشره بيضاء عاجيه كبشرتها وعينين خضراوين هما اقرب الى اللون البني وشعر لونه بلون منتصف الليل ، لقد تعثر بزهره ايرلنديه في وسط عاصفه ثلجيه ....
الفصل الثالث
بعد خمس دقائق عادت كاثلين الى المطبخ تحمل ملء ذراعيها حرامات ومناشف ، صنعت منها وساده وضعتها على طاولة المطبخ ، ثم اسرعت تحضر ماء فاتره وصابونا ملطفا ، بينما كانت تتحرك بسرعه في الغرفه ، كان روس يقيس الغرفه من طرف الى اخر . كان يجهل انه مجرد ان يكون للمرء طفل ، سيجعله عاجزا ، ومهما تكن الظروف ضاغطه في الوقت الذي وجدت فيه الطفله ، قد كان يشعر بمسؤليته تجاهها في هذه اللحظه ، كما لو كانت طفلته حقيقه. " حسنا ، اظن ان كل شئ جاهز ، ضعها على الحرام ." اشارت كاثلين عليه ، ومجرد ان وضع روس الطفله على الوساده حتى بدأت بالصراخ واحمر وجهها غضبا ، وراحت تلوح بشده بذراعيها الصغيرتين على جانبيها . " هل هي دافئه بما يكفي ؟ ماذا اصابها ؟" سأل كاثلين وهو يحدق بالطفله عاجزا . بالكاد استطاعت كاثلين ان تسمع سؤاله ، إذ انها كانت تسحب البطانيه وتتفحص الطفله ، وساورها الظن ان روس دوغلاس كان على حق عندما قال انها انجبت منذ ساعات فقط . ارادت كاثلين ان تنفجر بالبكاء من الطريقه المحزنه التي استقبلت بها هذه الطفله في الحياة . لم تدرك انها كانت تبكي ، لكن ذلك حصل لان روس دوغلاس فجأه اخذ يربت على كتفها . " ما الامر؟ هل انتي تبكين ايضا؟ " وبغصه هزت رأسها بسرعه قائله :" لا يمكنني تحمل رؤية ما جرى لهذه الطفله الغاليه ، فقد رميت كأنها خرقه قديمه باليه غير مرغوب فيها ". ثم مدت يدها ومسحت الدكوع التي انهمرت على خديها ." كيف يستطيع انسان ان يقوم بأمر كهذا ؟ كيف حصل ذلك؟" كان روس يدرك تماما ما كانت تشعر به هذه المرأه ، فقد ساوره نفس الشعور عندما قام بسحب الطفله من الصندوق ، كان يضغط بيده على كتفها وهو يقول :" قد تكون تستحق والدين يحبانها حبا حقيقيا ." كان على كاثلين ان تصدق ما قاله :" نعم، انت على حق ، وهي في عهدتنا الان . وهذا ما يهم . " وبعزم متجدد ، قامت كاثلين لتغسل الطفله ، فيما كان اثر الاوساخ يختفي عنها ن كانت دموع كاثلين تختفي ايضا ، ان هذه الطفله محبوبه ، راحت تخاطب نفسها بقوه لآنها قد احبتها . انها لاتزال تبكي ، قال روس بينما بينما كانت كاثلين مستمره في غسل وشطف شعر الطفله الداكن . منذ اللحظه التي مددت فيها كاثلين الطفله على الطاوله ، كان روس قد اتخذ موضعا ليكون قريبا من كتفها الايسر . وحاولت كاثلين ان تغض الطرف عن وجوده بالقرب منها طيلة الوقت الذي استغرقه غسل الطفله ، لكن الامر صعبا لانه كان قريبا جدا منها ، حتى انها كانت تشعر بحرارة جسمه . " حسب تعليمات الطبيب ، تبدو على مايرام ، كما تبدو رئتاها معافيتان ، وهذا امر جيد " لكن ليس من الصالح لها ان تبكي على هذا النحو " قال روس بأنفعال . اوضحت له قائله " ما استطيع تذكره عن والدتي ، ان هذا الامر طبيعي ، كانت تقول ان شقيقي نك بقى يصرخ طيلة الاشهر الثلاثه الاولى من عمره بسبب مغص في معدته ، ثم عاد فتعافى ...... انه لامر مقرف ." كان يراقبها وهي على وشك ان تنتهي من غسل الطفله من رأسها وحتى اخمص قدميها ‘ ثم قامت بتجفيف جسمها بأهتمام فائق ." لقد بدا عليها انها تتدبر امر الطفله بثقه ، وهذا امر صعب بالنسبه لشخص لم يكن لديه طفل من قبل . " لا اعتقد انكي تحتفظين بحفاضات هنا ، ماذا سنستعمل ؟" ابتسمت كاثلين ابتسامه خفيفه وقالت " ستقوم بصنع بعض منها في الوقت الذي اكون فيه امزج وصفة الغذاء " حدق بها مندهشا ، واجاب : " انا ؟ لا استطيع صنع حفاض ، بالكاد اعرف كيف اضعه لطفل ، فكيف حري بي ان اصنع واحدا ! " لو لم يكن صراخ الطفله مزعجا الى حد كبير ، لكانت ضحكت لنظرة الارتباك التي ارتسمت على وجهه ، كيف يستطيع الرجال مواجهة عدوهم في المعركه بشجاعه في حين يفرون على اعقابهم عندما تواجههم مسألة الاهتمام بطفل حديث الولاده! " بالتأكيد قد لا يكون الامر صعبا الى هذا الحد " قالت مؤكده له ذلك . " عندما ذهبت لآتي بالحرامات ، وجدت شرشفا ابيض . تستطيع ان تقصه الى مربعات كبيره في حين احضر لها انا زجاجة من الحليب . " ان روس مستعدا لان يعل اي شئ ليى زجاجة حليب في فم الطفله ، وقد شعر الى حد ما بذلك الشعور عندما رآها تأكل . فقد اطمأن عليها ، انها حقا بخير احضرت كاثلين شرشفا ومقصا وقصت له نموذجا عن حفاض , بينما كان يصنع الحفاضات ، وضعت كاثلين منشفة يد كبيره حول الطفله وثبتتها بدبوس لفتره مؤقته ، ثم لفت الطفله بغطاء فضفاض . " انها تبدو جميله " قالت كاثلين بصوت ناعم ، وهي تضع زيتا خاصا بالاطفال على رؤوس اصابعها وتمسح به شعر الطفله الاسود . " اتدرين كلما فكرت بالمسأله كلها ، كلما تساءلت اي نوع من النساء تكون تلك المرأه التي تنجب ، ثم تترك طفلها مع شخص غريب " . قال روس ذلك بقلق غاضب نظرت اليه كاثلين وقالت بعد ان ارتسم على وجهها تعبير ينم عن اهتمام " ربما لم يكن شخصا غريبا ، ربما كان شخص يعرفك ." بحركه من رأسه يشوبها الشك ، لم يوافق على ما قدمته من اقتراح " لقد مضى على انتقالي الى هنا اسبوعان فقط والاشخاص الوحيدون الذين اعرفهم هنا هم من ساعمل معهم ." "في اي مكان؟" " في فورد سميث ، انا مدرب بايسبول للصفوف الثانويه واستاذ تاريخ". إذن روس دوغلاس استاذ ، اطرقت تفكر بفضوليه ، بالتأكيد يناسبه دور المدرب ، لكن من الصعب تخيل هذا الرجل يحاضر في مادة التاريخ ، امام مجموعه من الطلاب الثانويين. قالت معلقه " انه وقت غريب من السنه تحصل فيه على مهنة تعليم . " ليس بالتأكيد ، انها فترة بين فصلين ، لكن لو اني اعرف احدا يجعلني ابقى هنا ...." رفع كتفيه ثم انزلهما ، محاولا ان يخبرها انه وحيد مثلها . " لا اعرف احدا هنا او في تكساس بأمكانه القيام بعمل كهذا " سألته بأهتمام " : اذن اعتقد ان اختيارك لمنزلك كان اختيارا عشوائيا ". التفت روس الى الطفله وقد بدت وكأنها تحاول ان تنام من جديد ، لقد اراحه ان صراخها توقف اخيرا ، ومهما قالت كاثلين هايز ان صراخها امرا طبيعيا ، فأنه لم يكن يرغب ان تصرخ الطفله ، فذلك يعني ان امرا ما قد حصل لها . " لكن لماذا ؟" اخذ يتسائل بصوت عال :" لم اختار منزلي ؟" هزت كاثلين رأسها بحزن بينما كانت تستدير ناحية الخزائن وراءها وقالت :" الناس يفعلون اشياء غريبه لاسباب غريبه ، ظن ان والدة الطفله جدآ يائسه الآن ." " مالذي يدفعك على التفكير انها الوالدة ؟ قد يكون والد الطفله هو من وضعها في رواقي ." مد روس يده ، وراحت كاثلين تراقب اصابعه, وهي تربت بلطف على خد الطفله الناعم ، كان ذا يدين كبيرتين وكفين غليظتين واصابع طويله ، اما بشرته فكانت شديدة السمره مقارنه مع بشرة الطفله المحمره ، وقد تبدو اكثر سمره اذا ما قورنت ببشرة كاثلين البيضاء. تساءلت بيأس ، ان هذا الرجل غريب ! وفي هذه اللحظه بالذات ، ينبغي ان تفكر بالطفله فقط . اطرق روس مفكرا ، وقال :" اعتقد أننا سنكشف عن الحقيقه في وقت قريب ." استدارت كاثلين نحو الخزائن لتبحث عن زجاجة الحليب ، وروس واقف وراءها ، لاحظ انه لا يزال في معطفه ، خلع عنه لباسه ووضعه فوق الكرسي " لقد وجدتها ." قالت كاثلين ذلك بعد مضي دقيقه ، حيث تناولت زجاجة الحليب البلاستيكيه عن الرف السفلي ورفعتها كي يراها روس . " اعتقد اننا كنا وقعنا في مشكله اسوأ لو لم نجدها . " انضم اليها روس قرب الخزانه ، وقال لها :" ربما استطعنا ان نستعمل قفازا مطاطيا كما تشاهدين في جميع الافلام القديمه ، يبدو انه يساعد" ابتسمت كاثلين لاقتراحه وفي اعتقادها انهما قادران ايضا على ايجاد ما استطاعا من دعابه في الموقف . اقل ما يمكن ، ان ذلك سيكون افضل من ان يعيشا على المأساة التي لكانت حصلت لو لم يجد روس دوغلاس الطفله في الوقت المناسب . قالت :" " حسنا في الحقيقه كنت افكر منذ لحظه بفلم قديم ، حيث تجبر الظروف ثلاث رعيان بقر على الاهتمام بمولود يتيم ."" ""انه العرابون الثلاثه ، لجون واين."" قال ذلك بأبتسامه عريضه . وقد تسببت تلك الابتسامه الكسوله بخطوط وتجاعيد في خديه وومضت عيناه الرماديتين بشكل ماكر . شعرت كاثلين بعينيها تنجذبان الى وجهه ، وكأن لم يكن في الغرفه شئ لتنظر اليه سواه . ثم قالت :"" هل شاهدت الفلم ؟"" "" نعم "" اجاب بضحكه خافته كانت كاثلين مسروره لترى ان هذا الرجل كان قادرا على المزاح على الرغم من الظروف المحيطه بهما ، كما كانت مسروره ايضا لانها كانت تشاركه الضحك ، ثم انها ارادت ان تظهر لنفسها ان كونها وجدت ذلك الرجل جذابا ، لم يكن في الحقيقه امر يقلق . راح روس يراقبها وهي تثقب علبه تحتوي على الحليب المكثف . ثم سألها :"" هل هذا ما اوصى الطبيب بأن تقدميه ؟"" اشارت كاثلين الى ملاحظاتملقاة على المنضده . "" انظر بنفسك"" القى بنظره فاحصه على قطعه الورق ، وقال :""" لدينا شئ تأكله ‘ هل تتوفر عندك كميه من هذا الطعام ؟"" سألها وهو يشير الى العلبه . اجابت الكثير منه ، اني اطهو واخبز بأستمرار ، واحب ان اكون مجهزه بكل المواد الضروريه .""" ولم تستع لجم نفسها من النظر اليه والابتسام ز رد روس على ابتسامتها بأبتسامه منه ، و قد لف ذراعيه على بعضهما ‘ فوق صدره . سألته ضاحكه ثم امتعضت :"" هل انت غير واثثق من طعام الطفله هذا "" ارتسم تعبير وديع على وجهه , وهو يراقبها وهي تضع كميه موزونه من الماء فوق الحليب الدسم ، اجابها :"" ليس الامر على هذا الشكل ، فقط ... اريد ان تكون الطفله بخير .""" وبطرف عينيها ، رأته كاثلين يحدق على الطاوله حيث تستلقي الطفله ‘ وهي نائمه على الحرامات المطويه . شئ ما بداخلها تحرك عندما رأت تلك النظره ، الحنونه ترتسم على وجهه ترتسم على وجهه. "" وانا اريدها ان تكون بخير ان كان هذا مايشعرك بأنك افضل حالا ، فأنا لست بغبيه ، في الواقع ، انا معلمه مثلك بالرغم من اني لا درس في الوقت الحاضر ."" فوجئ روس بأعترافها ، اذ انه قد حكم على انها امرأه ثريه ، ليس عليها ان تقوم بأي عمل . "" لم لا ؟ اعني لم انت لا تدرسين الان ؟"" بقيت عينا كاثلين مسمرتين على الحليب الذي تمزجه ، وهي تجيب :"" لقد قتل زوجي منذ سنه ، وبقيت فتره حتى تمكنت من ان استجمع قواي ... اردت العوده الى العمل ، لكن في الوقت الذي عدت فيه كان الامر متأخرا لاجد مركزا شاغرا في التعليم في الصف الثانوي ما قبل الاخير ، ربما في بداية السنه الدراسيه المقبله ، قد يتوفر لي عمل ."" شعر وكأنه وضيع ، لكن كيف كان عليه ان يعلم انها كانت متزوجه ، او بالاحرى ان زوجها متوف. ""إني اسف ، فقد كانت تلك فضوليه مني ."" اخذت كاثلين تذكره ، بأن غدا يصادف بداية السنه الجديده ، وبأنها لن تسمح لذكرى غريغ بأن تنال منها ابدا . "" لا تعتذر ، فأنت لم تكن تعرف زوجي السابق ، علاوه على ذلك فأن اصحابي يسألونني نفس السؤال ، لم لا تعودين الى التدريس؟"" "" وهل تزعجك اسألتهم؟"" ابتسمت كاثلين ابتسامه باهته ، وهي تنظر اليه . "" لم تعد تزعجني ، اني اتطلع للرجوع الى صف المدرسه."" سألها :""هل غالبا تحدث العاصفه الجليديه هنا ؟"" " لا تحدث تكرارا ، لكن عادة نحصل على نصيبنا منها في كل شتاء "" "" هل تمازحينني؟"" ابتسمت كاثلين للشعور المشمئز الذي علا وجهه ، وقالت:"" كلا ، انه لامر عادي ان تبقى مقيدا هنا في الجبل بسبب الثلج والجليد ، او المطر المتجمد ، خاصه في شهر يناير ."" "" اني قادم من جنوب سان انطونيو ، وليس عندنا طقس كهذا في الحقيقه بينما كنت اتزحلق على حافة الجبل تساءلت ما الذي اتى بي الى هنا ."" سألته مستفهمه "" لم اتيت ؟"" صبت قسما من الحليب المحضر في الزجاجه ‘ ووضعت المتبقي منه في الثلاجه . عاد روس الى الطفله ، وعلى الرغم من انها كانت تبدو معافاة وطبيعيه ، كان هناك ما يحثه على ان يستمر في تفحصها ، اجابها :"" منذ وقت طويل طلب مني صديقي ان احصل على هذه المهنه كخدمه اؤديها له ، وبمااني كنت ابحث عن مدرسه ، في مطلق الاحوال ن قررت ان اقبل هذا المركز. حرصت كاثلين على ان تتأكد من انها اغلقت بأحكام غطاء الزجاجه قبل ان تسأله "": هل ان تقوم بالعمل الذي كان يقوم به ؟"" "" كلا صديقي هو المدير ، والمدرب الذي سأحل مكانه في العمل قد تعرض لحادث سياره سئ وكسرت رجله ، وسيكون في نقاهه حتى فصل الصيف ,"" وضعت الزجاجه في الماء الساخن لتدفئتها ، وبعد ذلك استدارت لتبقى مقابل روس وهي تنتظر الزجاجه كي تسخن ، ثم سألته :"" اذن عملك هو مركز مؤقت ‘ الى ان يستطيع المدرب المشي على قدميه؟"" اوما روس برأسه ، وقال :"" كلا ، فهذه السنه هي اخر سنه متبقيه له في العمل ، سيتقاعد ، لذا انا اشتريت المنزل ، لا اريد ان ابدأ حياتي الجديده مستأجرا ."" اطرقت مفكره ‘ اذن انه يخطط للبقاء في المنطقه ن فقد سرت بالخبر بالرغم من عدم معرفتها السبب ، وقد خالجها الشك بأن اماكن تواجدهما كجيران سوف يتزايد ، حالما تحل مشكلة الطفله وتتوقف العاصفه . "" لابد انه كان صعبا عليك ان تنتقل الى هنا في مدة اشعار صغيره "" "ط ليس بالتأكيد ، كان علي الانتقال بمفردي ، وبما اني لم اكن ادرس في الفصل السابق في سان انطونيو ، فما كان علي ان اقلق حول انذار او ما شابهه."" تساءلت كاثلين ... لو لم يكن يعمل في مجال التدريس ، ما عساه كان فاعلا ؟ لكنها احتفظت بهذا السؤال لنفسها . فقد بدا انها تظهر اهتمام كبير بهذا الرجل . امسكت الزجاجة وتحسست حرارة الحليب على الجزء الداخلي من ذراعها "" هل تريد ان تطعمها انت؟" سألته ذلك وهي تقدم له زجاجة الحليب . رد عليها بسماجه :"" اعتقد انه يتوجب علي الانتظار لارى ان كانت تستطيع الامسال بها ."" رمقته كاثلين بنظره طويله حاده "" لو اني ارغب في ان اكون خبيثه لذكرتك كيف كنت تصرخ بأستمرار بأن علينا اطعامها . ولكن كوني لست منذ ذلك الصنف ، فسوف اسكت"" منذ ساعه ونصف لم يكن روس قد التقى بهذه المرأه ... لما بدا يشعر الان وكأنه يعرفها من قبل؟ كما كان يعلم انها تتعمد ازعاجه عن قصد اكثر من ان تسخر منه ؟ لم يجد مبررا لهذه الاسئله لكنه عرف امرا هو ان ذلك الومض العابث في عينيها كان مثيرا للغايه . اجابها على مهل :"" يسرني انك لا تنتمين الى ذلك الصنف من الناس "". في تلك اللحظه كانت تنظر اليه مفتونه الى غمازه على خده النحيل ، وبلمعه في اسنانه القويمه وفي النور المضحك في عينيه الضيقتين . خطت نحو الطفله ، ثم جلست على احدى كراسي المطبخ ومن بعدها حضنت الطفله بين ذراعيها واعطتها زجاجة الحليب . بعد عدة محاولات فاشله استطاعت ان تتدبر امر وضع الزجاجه في فمها ، لكن سرعان ما رفضت الطفله وعلا صراخها . التفتت كاثلين الى روس وسألته بخوف :"" ماذا سنفعل لو انها لاتريد ان تأكل؟ ماذا سنفعل؟"" ان امتناع الطفله عن اخذ الحليب اقلق روس بقدر ما اقلق كاثلين ، لكنه حاول ان لايظهر لها ذلك . "" لا ترتبكي ، ستأكل فقط امنحيها دقيقه او دقيقتين من الوقت."" قامت كاثلين بالمحاوله مره اخرى ، لكن الطفله لفظت الحليب وشرعت بالبكاء مره ثانيه وبشكل جدي . ارادت كاثلين ان تنفجر بالبكاء وتضم صراخها الى صراخ الطفله . قالت بحزن :"" انها ترفض اية محاوله ." "" هي تعرف انك قلقه وغاضبه ‘ هل انت ترغبين في ان تأخذي طعامك مع شخص وهو يلوي يديك ."" حدقت كاثلين به ، واجابت :"" انني لا افعل ذلك انني قلقه ، وما من مره بحياتي قمت بارضاع طفله! خذ اطعمها انت ! . " ثم وقفت وسلمت الطفله الى روس الذي فورا صعق بتبادل الادوار بينهما . واخذ يصرخ بها :"" لم تريدين مني ان احاول؟ لا اعرف ماذا افعل! " وضعت كاثلين يدها على كتفيه ثم دفعت به على الكرسي ."" وانا لا اعرف يمكنك ان تحاول . به بهذه الكلمات خاطبته ، ثم ناولته الزجاجه . حضن روس الطفله بحذربين ذراعيه ، واخذ يدندن لها برقه ، بصوته العميق كلمات مشجعه . إندهشت كاثلين كيف ان الطفله بدأت تهدأ ، فأغتنم روس الفرصه في تلك اللحظه وقدم لها الزجاجه مجددا ، وهذه المره راحت الطفله تتذوق الحليب وتلتهمه . تنهد الاثنان تنهيدة ارتياح لان الطفله كانت تبتلع الحليب الدافئ بنهم شديد . اعلنت كاثلين "" اظن انها قد احبته"" ام عبيده ادرك روس انها اتخذت مكانا على مقربه من كتفه وكانت تحدق بالطفله بين ذراعيه . اجابها :"" اخبرتك انها كانت جائعه "" كانت تطغي على صوته الابح نغمه لبقه ومرحه ، مما جعل كاثلين تميل برأسها لتنظر اليه ثم ابتسم لها ابتسامه جعلتها تشعر بالفرح والدفء. "" ها قد استطعت ان تطعمها ياروس ، لابد انها تحبك اكثر مني ، او انك تمتلك تلك اللمسه الخاصه ."" قالت ذلك وهي ترد له الابتسامه كانت كلماتها وابتسامتها تبعث فيه السرور بشكل واضح قال لها :"" ليس لي علم بذلك . اظن انها ستكون بخير ، ما رأيك ؟"" نظرت كاثلين الى الطفله وتساءلت اذا ما كان الاحساس بالابوه او الامومه على هذا الشكل ، انها لن تعرف جوابا لهذا السؤال ، لكنها تعرف ان هناك صله مع هذا الرجل تربطهما بالمخلوقه الصغيره الجديده . فكلاهما ارادا ان تكون في امان وان يكون هناك من يحميها ويهتم بها ، وحتى الان فقد قاما بالعمل سوية ليمنحاها الكثير من هذه الاشياء قدر المستطاع وفي تلك الظروف . " نعم ، اعتقد انها بخير ، فهي تلتهم الحليب بقوه ، ويبدو انها تتنفس تنفسا طبيعيا ، ولا تظهر عليها علامات حراره او احتقان ، وكل ما استطيع قوله انك وصلت الى هذا البيت في الوقت المناسب ."" لم يكن روس قادرا على التعبير عن نفسه ، فقد كان يعتبر انه شاب طيب ، وعلى الاقل طيبا الى حد ما ‘ فهو يحب المسنين والاطفال ، ويدفع فواتيره ، ولا يطيق شخصا لا يرأف بالحيوان . التقت عيناها بعينيه ، وشعر روس بحركه غير مألوفه في مكان ما بداخله ... ادارت كاثلين نظرها بسرعه عن عينيه الدافئتين ، وتطلعت نحو الطفله التي مازالت بين ذراعيه كم مضى من وقت لم تنظر خلاله الى رجل وتحس بأنها امرأه؟ راحت تسأل نفسها . سنوات؟ إذن ، لم يذكرها هذا الرجل ، بأن اجيالا مضت ولم يلامس قلبها رجل . كانت تشعر بمراقبة روس لها وهي تبتعد بخطواتها عنه وعن الطفله بأتجاه النوافذ التي كانت تؤلف حائطا واحدا من جدران الغرفه . ان تعرف ان عينيه مسمرتان عليها امر جعلها تحس بالدفئ ، وبشئ غريب في داخلها ، فقد كانت تحاول جاهده تجاهل ذلك الشعور ، عندما سمعت صوته يكلمها من الخلف. "" كيف يبدو الطقس في الخارج الان ؟"" ازاحت كاثلين الستاره عن النافذه ، ونظرت الى العتمه الداكنه ، وهي تجيب :""" يبدو لي وكأن هناك مطر متجمد ، في الحقيقه ، الظلمه خانقه في هذا الجزء من المنزل ."" اجاب :"" ياللهول ، لن نستطيع الخروج من هنا حتى الربيع ."" دفعت مبالغته الشديده الى ان تلتفت اليه من فوق كتفها وتقول :"" انتم اهل تكساس تظنون انكم تتجهون شمالا ما اجتزتم النهر الاحمر "" لقد تمكن ان يرى تلك الومضه تعود الى عينيها . وعرف انها تتعمد مضايقته من جديد ، مما جعل روس يتسأل ما اذا كان في شخصه ما يدفعها على القيام بذلك , ام هل انها تقوم بمضايقة كل الرجال بكلماتها وعينيها ؟ كلا ، كلا ، لم يكن راغبا في التفكير على هذا النحو ، لكنه توهم انه كان الشخص الوحيد الذي رأى تلك الابتسامه الغامضه على وجهها . ثم عادت وقالت ثانية :"" اظن ان الطقس يبدو سيئا في هذه اللحظه ، لكن ربما غدا قد يتمكن جرافو الطرق من جرف كل هذا الجليد ، وان لم نستطع النزول غدا في السياره فبالتأكيد اننا سنتمكن من ذلك في اليوم التالي ."" كان يفكر روس برزمة اللحم التي وضعها على رف في ثلاجته ، اذ كان ينوي شراء المزيد من البقول ، لكنه كان قد انشغل بنقل الاثاث وصناديق الكرتون المملوءه بالثياب وبقطع اخرى من الخرده التي جمعها على مر السنين ، اما مهمة شراء البقاله فكانت قد تأجلت . كان يراقب الطفله فيما كان قياس الحليب يتلاشى ببطء في الزجاجه . "" حسنا ، اعتقد اني استطيع ان احيا على قلة الطعام ليومين ."" قال ذلك ، وترافق قوله بهزه وديه من احدى كتفيه وتابع :"" وبأي حال ، فأنا لا اجيد الطبخ "" تعلقت عينا كاثلين بالرجل ، ولاحظت طول ساقيه ، كان ينتعل جزمه كجزمة رعاة البقر ، بنية اللون وذات كعب عالي كالتي ينتعلها شقيقها سام ، وفي وقت سابق لاحظت انه كان يتنقل بها بخفه ، وبالكاد يسمع وقع اقدامه على ارض المطبخ وهو يتمشى حاضنا الطفله بين ذراعيه . سألته :"" لست ذاهبا الى بيتك؟."" الفصـــــل الرابــــــــــع اخذ روس يحدق بها وعلا على وجهه تعبير انبهار ، وسألها مستفهما "" عفوا؟"" واذ هي ادركت كم بدت متلبدة الذهن ، غمر محياها العاجي لون قاتم . "" كنت اعني ان قشرة قاسيه من الجليد تغطي الارض في الخارج ، وستقوم بضرب من الجنون ان حاولت الرجوع الى منزلك ، على الاقل ،الليله وفي اي حال ، فأنت تقصد ترك الطفله معي ، اليس كذلك ؟"" اجابها : "" لم يكن لدي الوقت لافكر بذلك ."" وتساءل كيف سيكون شعورها حياله لو امضى الليله عندها . قد تقضي خوفا وهي وجها لوجه مع رجل غريب في منزلها . لقد اثار حذره فيها غضبا ، انه امر غير منصف ، ساورها الظن ‘ لكنها لم تحتمل هذا الوضع ، كانت على وشك التفكير بأنه رجل يهتم حقا بالناس الاخرين ، ولم ترغب ان تفكر من جديد ان حكمها كان خطأ. قالت بحذر : "" اعتقد انك مهتم لامر هذه الطفله ، وبدا عليك انك مهتم للغايه عندما وقفت على عتبة بابي ."" صدر منه صوت محبط ، وهو يأخذ نفسا ليقول: ""اني اهتم لامرها ! كيف تشكين بذلك ؟"" لاحظ روس ان الطفله اوقفت عن الرضاعه فأنتزع زجاجة الحليب الفارغه من فمها واومأ لكاثلين بأن تقترب . قال لها : "" انها بحاجه لان تتجشأ ، انا لا اعرف كيف افعل ذلك ، هل تعرفين؟ "" عادت كاثلين ادراجها وقالت : "" اظن ذلك "" ردت قائله وهي تتناول منه الكرسي . بحذر سلمها روس الطفله، فوضعتها كاثلين على كتفها وبدأت تربت على ظهرها . مضت دقائق معدوده لم تتفوه بشئ وظن روس انها كانت حانقه عليه ، لكن ذلك لم يعجبه ، ومهما يكن رأي كاثلين هايز به ، فلم يكن يرغب بان يبدو عديم الاحساس . "" انظري ،يا كاثلين ، اريد ان ابقى الليله هنا لاتأكد انك انت والطفله بخير ، انني فقط لم اعرف إذا ما كنتي تريدينني ان افعل ."" نظرت اليه محدقه ، و كأنه مجنون او ما شابه . "" او تعتقد بأني ارغب في ان اترك لوحدي هنا مع مولوده جديده ، ومن دون اي وسيله للتنقل ؟ انت اقرب جار لي ، حتى وان وضعت رأسي خارج الباب وصرخت بأعلى صوتي ستكزن بعيدا جدا لتسمعني ."" توقفت عن الكلام هنيهه تكفيها لتتابع :"" حتى اننا لم نبلغ بعد السلطات المختصه بكل ما حصل."" كان روس مدركا لكل ذلك ، لكنه في الحقيقه ، كان يعي انه رجل وهي امرأه ، وهي لا تعرفه كفايه لتشاطره منزلها . نظر اليها وقال : "" هذا بيتك ، لم اكن اريد ان اخيفك بألحاحي عليك بالبقاء هنا.فأنت لا تعرفينني ، ومن الواضح انك هنا بمفردك ."" وفجأه استنتجت كاثلين ان روس كان قلقا من ان تكون لديها مخاوف ان بقيت لوحدها معه في المنزل ن لكن الامر الذي لم يكن متوقعا هو ان خوف كاثلين الوحيد هو ان لا يبقى معها . قالت مؤكده له :"" اظن انك ستوافق على اننا نمر في ظرف غير عادي ، فلا تقلق حيال الامر ، اني اثق بك . "" بدا على وجهه الارتياح "" اني شاكر لك ، اؤكد لك اني رجل نبيل اصيل من تكساس ، وليس لديك داع بأن تقلقي ."" حينئذ اطلقت الصغيره صرخه قويه . "" ان التجشؤ لا يليق بسيده مثلك . "" قالت كاثلين ذلك وهي تبتسم للطفله ثم خاطبت روس : "" لا اريدك ان تكون رجلا نبيلا ، اريدك ان تكون صديقا لي ، صديق استطيع ان اعتمد عليه عندما تستيقظ هذه الطفله الصغيره في الليل باكيه ."" "" هل ستستيقظ باكيه ؟ اعتقدت انها ستنام الان من جديد ؟"" "" اتوقع انها ستستيقظ ، ولو لفتره قصيره ، ولكن اعرف جيدا ان الاطفال يستيقظون من وقت لاخر ليرضعوا . "" وعادت كاثلين لتسأله :"" الم يكن في بيتكم طفل من قبل ؟ "" هز روس رأسه مجيبا :"" انا الولد الوحيد ، سورتا "" مسحت كاثلين الحليب عن زاويتي فم الطفله بمنشفه ثم حضنتها بين ذراعيها وسألته : "" ماذا تعني بسورتا ؟"" كانت تنظر الى الطفله ولم تر الضحكه الخافته المرتسمه على وجه روس "" لدي اخوه ليسوا باشقاء واخوات غير شقيقات ن دزينتان منهم بالحقيقه . "" بفضوليه التفت اليه وسألته " دزينتان ؟"" "" نعم ، فقد انفصل والداي عندما كنت بالعاشره من عمري ، وكلاهما تزوجا وكان عندهما اولاد . "" "" اه ، فهمت "" اخذ روس يحرك كتفيه ، بينما كان يتسائل ما اذا كانت حقا قد فهمت ، اذ كان يشك فعلا في الامر ، فأمرأه مثلها لم تكن لتعرف ما معنى ان ينتقل طفل من بيت الى اخر ، فقد كبر وهو لا يعرف الى اي بيت هو ينتمي . والان فهو يتجنب الاحتكاك بالعائلتين على السواء ‘ فكل من والده ووالدته يعيش مع شخص اخر ، وكل واحد منهما لديه اولاده . روس كان الولد الغريب المنبوذ ، كان حيا ليذكر والديه بالخطأ الذي تسبب به زواجهما . "" لدي شك يا كاثلين ، وهناك شئ يحدثني بأنك ترعرت في منزل واحد مع والديك الحقيقين "" كانت كاثلين قد تفاجأت بتخمينه ، مندهشه من انها قد اثارت انتباهه الى هذا الحد بالدرجه الاولى ، ومتفاجئه حيث انه قام بأستنتاج صائب , "" نعم ، الامر كذلك ترعرت في مزرعه تقع على بعد اكثر من ميلين من هنا ، وانا سعيده بالقول ان والداي لا يزالان معا وبعافيه ‘ وما زال يجمعهما الحب ."" اجابها : "" انت محظوظه "" لم تستطيع كاثلين التحديد بالضبط ما اذا كانت تسمع رنة حزن او سخريه في صوته ‘ قد يكون القليل من الاثنين معا ، فقالت :"" نعم ، اظن اني محظوظه "" ثم نظرت الى الوجه الطفولي الحلو الذي كان يضغط على صدرها ، وتابعت : "" اتمنى ان نستطيع قول الشئ نفسه لهذه الطفله البريئه ، ماذا سيمكنها القول عن طفولتها عندما تصبح في مثل عمري وتعود بذاكرتها الى الخلف ! "" بسرعه تحولت تعابير وجهه واصبحت متجهمه ، حين قال : "" لا يسعنا التنبوء على اي حال ، كيف سيكون مستقبلها ، لكنني اعرف شيئا واحدا ، هو اني سأعمل على ان اتأكد ان الاشخاص الذين رموا بها على عتبة منزلي سوف لن يحصلوا ابدا عليها ."" تفاجأت كاثلين بالعنف الذي ابداه روس ، بالرغم من انه كان عليها ان تتوقع ذلك . وبعد تفكير منها رأت ان روس دوغلاس,,على مايبدو ,رجل يملك افكار متطرفه عن الحق والباطل ، تماما مثل شقيقها . "" اني موافقه ، فمن الواضح ان اهلها لم يرغبوا في الاحتفاظ بها ، وهي تستحق من يحبها تماما كأي طفل في هذا العالم يستحق ان يكون محبوبا . "" احست كاثلين بألم خفي في صدرها ، اجبرها على ان تنحني وتقبل خد الطفله الطري . وهي تنظر الى اعلى ، لاحظت كاثلين روس وهو يراقبها ، وقد امتلأت عينيه بشئ ذكرها ان كلاهما رجل وامرأه ، ولا يوجد احد سواهما . تنفست تنفس طويلا ، ثم اخذت تخرج الهواء من فمها على مهل قبل ان تتكلم "" تبدو الطفله تغط في نوم عميق الان ، سأنقلها الى غرفة الجلوس ، فقد تكون النار المشتعله في الموقد قد اضفت على الغرفه جوا لطيفا ودافئا الان ، وعلينا ان نرى كيف سنتصل بالشريف."" بسرعه نهض روس واقفا على قدميه وهو يقول :"" هل تريدينني ان انقلها ، ام تستطيعين انتي القيام بذلك ؟ ."" ابتسمت تقديرا لخدمته ز واجابت : "" يمكنني تدبر امرها إذا ماحملت لي تلك البطانيات . "" قالت ذلك وهي تومئ برأسها نحو كدسه مكومه على الطاوله . تلمس روس البطانيات وهو يظن انه لم يتبق له من شئ ليفعله سوى ان يقضي ليلته في المنزل . ابتسم ابتسامة المراوغ وهو يتبع كاثلين الى خارج المطبخ ، حسنا ، ياروس راح يسائل نفسه ، كم هو سئ ان تمضي ليلة العيد مع امرأه جميله ومولوده جديده ؟. "" ياله من شعور مدهش "" قال روس ذلك عندما دخل الثلاثه الى غرفة الجلوس ، تابع : "" اثناء صعودي الى منزلك لم اكن اتصور انني سأنعم بالدفئ ثانيه ."" اما الدار حيث يطيب الجلوس فيه اما الموقد ‘ فقد تألف من اريكه مخططه وعلى جانبيها كرسيان محشوتان بحشوة زائده ، وها هي النار الان تشتعل في الموقد ، وتملا الغرفه حراره بهيجه ، وضعت كاثلين الطفله على طرف الاريكه وغطتها ببطانيه خفيفه . وفيما هي تبتعد عن الطاوله رأت روس واقفا امام الموقد ، معرضا ضهره للنار وكان يداعب باصابعه خصلات شعره المتموجه وكأنه يطرد التعب . الان وقد حصلت الطفله على مايلزمها من عنايه اصبح لدى كاثلين متسع من الوقت التفكير . كانت تشرع في تصور ماعناه روس دوغلاس اثناء هذه الامسيه ، وكان عليها الاعتراف بانها اعجبت بالرجل للجهود التي بذلها ، لا شك ان ايجاد الطفله كان بمثابة صدمه له ، واطرقت تفكر نكونه كان عليه ان يحملها وهو يتسلق جبلا منزلقا ، وتحت الامطار المتجمده ، لم يكن الامر بالنسبه اليه بمثابة رحله ممتعه قام بها , "" لابد انك مرهق ، لم لا تجلس وتستريح في حين اقوم انا بطلب دائرة الشرطه ! "" هذا ما اقترحته عليه وهي تتقدم نحو الهاتف . جلس على الكنبه . وقال :"" انت على حق ، اني متعب ، في الخارج يبدو الجبل مغطى بقشرة من الجليد . مقابل كل قدم خطوته صعودا ، كنت انزلق الى الخلف قدمين ,"" سألته : "" لست قادره ان اتخيل كيف صعدت الجبل والطفله بين ذراعيك . "" "" حسنا ، ان ذلك لم يكن اكثر سؤا من محاولتي اجتياز الطريق العام بشاحنتي ."" كانت كاثلين على وشك الامساك بالهاتف ، لكن ملاحظاته جعلت يدها تتوقف عن الحركه ، وسألته : "" انك لم تحاول ، هل قمت بذلك ؟"" وبعبوس هز رأسه ايجابا وقال : "" الانوقد هدأت كفايه حيث يمكنني ان افكر ، ارى اني كنت مجنونا اذ حاولت قيادة الشاحنه في مثل هذا الطقس ، فقد كنت على وشك الانزلاق عن حافة الجبل . "" ان فكرة تدهوره مع الطفله الى الوهد المعتم البارد جعلتها ترتعد خوفا . "" حسنا ن من حسن الحظ انك لم تنزلق "" لقد شعر انه احمق على الرغم من انه يملك سببا حقيقيا لذلك ثم قال : "" كان علي ان احشر سيارتي في الخندق ، امل فقط ان تبقى هناك حتى يوم غد ، او الى حين استطيع اخراجها من الخندق . "" "" في حال تمكن عمال الطرق من الوصول الى المكان الليله فقد يدفعون بها الى الخارج ، لو كنت مكانك لما قلقت بشأنها . "" قالت ذلك وهي ترفع السماعه الى اذنها ز ثم تابعت "" ان مسألة السيارات التي يتركها اصحابها شئ عادي جدا هنا في فصل الشتاء . "" مدت كاثلين يدها لتضغط على رقم الطوارئ في دائرة الشرطه ، ثم توقفت اذ لاحظت ان خط الهاتف معطل . ثم سألت بصوت عال : "" ما بال هذا الهاتف ؟"" وهي تضضع السماعه ثم ترفعها . "" حاولي الاتصال بموظفة الهاتف ‘ لكندون جدوى فتأوهت قائله : "" اه ، ماذا نفعل الان ؟ لا نستطيع ابلاغ السلطات المختصه عما حصل من دون هاتف ! . "" اشار روس لها بيده محاولا تهدئتها . "" لا تغضبي ، قد يعود الخط ليعمل من جديد في وقت قصير . "" "" وفي حال انه لم يعمل ؟ ماذا سيحصل لو ان الشريف ظن اننا قد خطفناها او سرقناها ؟ ماذا لو ظنوا اننا تهربنا من الاتصال بهم ، قد يوجهون الينا تهمة بعدم الابلاغ عن الجريمه ! أه ...يا روس "" ولدى رؤيته كاثلين ترتعد من الوضع الذي وصلا اليه ، مضى روس اليها وقال : "" ان نخلط بين الاشياء ، امر لن يفيدنا بشئ . "" امسك يدها بيده ، فوجد اصابعها بارده وقد تجمدت ، راح يفرك اصابعها بأصابعه الدافئه ، وهو يقول "" لن يتهمنا احد بشئ هيا ... تناسي الامر ... سنحاول مجددا بعد قليل . "" تنهدت كاثلين بحزن وهو يقودها الى الكنبه ، ويقول : "" اعرف انك قد تكونين على صواب ، اظن ... لا اعلم الان ، لقد ولى امر الاهتمام الطارئ بالطفله ، والان بدأت اشعر بالصدمه التي تسببها كل ذلك . "" جلس روس بجانبها على الكنبه الطويله ، وتابع : "" صدقيني ، اعرف ماتقولينه ‘ كان ينتابني نفس الشعور عندما ادخلتني انا ومعي الطفله الى منزلك . ""ابتسم لها ابتسامة اعتذار : "" اعرف اني بدوت قويا بعض الشئ ، لكنني عادة لست كذلك ."" لمرتين متتاليتين كانت كاثلين ترغب في صفع روس على وجهه . لكن الان وقد مرت الكارثه الاساسيه ، علمت انه كان يتصرف دون اكتراث بالطفله ، ثم ردت عليه قائله : "" وانا لست عادة قويه . ""ثم لاحظت انه لا يزال يمسك بيدها ، فما كان منها الا ان دفعت يده بلطف وتابعت : "" اذن انت قد صدر السماح عنك .. وهل صدر عني ؟ "" تمنى لو انها لم تسحب يدها ، فقد احب ملمسها ... وبشرتها الناعمه واصابعها الطويله الطريه التي كانت تطبق على اصابعه . ثم قال مؤكدا لها "" ليس هناك من شيئ لنسامح من اجله . "" "" حسنا ‘ والان بما ان الطفله قد شربت حليبها ، يجب ان نأكل نحن . قبل مجيئك كنت احضر وجبه خفيفه ، هل تناولت شئا من الطعام هذا المساء ؟ "" عندما سألته ، نظر بارتياح ، مما جعلها غير قادره على لجم نفسها من الضحك . وقال معترفا : "" لكي اكون صادقا معك ، اني اتضور جوعا ن لم اتذوق الطعام منذ صباح هذ اليوم . "" وبخته قائله : "" كان عليك قول شئ من هذا النوع في وقت سابق . "" وكانت ابتسامه على وجهها قد خففت من حدة صوتها . هز كتفيه ، وكأن راحته الجسديه لم تكن بالنسبه اليه ذات اهميه كبيره ، وقال : "" حتى اني لم الحظ اني جائعحتى الان كانت الطفله كل ما افكر به . "" "" وانا ايضا ، لكنها نائمه الان بسلام ، اذن لم لا تتمدد على الكتبه بجانبها ، وسأذهب لتحضير اي شئ نأكله نحن الاثنان . "" كان روس يراقب كاثلين وهي تغادر الغرفه ، وبدا كأن تلك المرأه قد خدرته بجاذبيه خاصه ، ففعل ما اوصته به وتمدد على الكنبه ، لكنه كان حذرا فأبعد جزمته عن الوسائد . راح روس يخاطب نفسه بأنه لم يكن مخدرا ، وهو يغير وضع رجليه ليحس براحه اكبر ، لقد كان متعبا فحسب ، واحداث الساعتين الماضيتين تركته مضطربا . علاوه على ذلك فهو لم يطن حدثا طبيعيا ، ان يجد طفله على عتبة بابه . كما انه لم يكن امرا عاديا بالنسبه لامرأه ، ان يندفع الى بيتها رجل وعلى ذراعيه مولوده جديده لذا لم يكن امرا عجيبا ان يكون كل منهما مضطربا . حملته افكاره الى النظر الى طرف الكنبه حيث ترقد الطفله فوجد وجهها محمرا ومنتفخا ، وانفها افطس وفمها قد تغضن وبدا كوقس صغير ، ولما تطلع روس فيها تخيلها كتلميذه محببه في الصف الرابع الابتدائي ن منمشه الوجه ن وشابه جميله في لباس لحفله راقصه . واطرق يفكر ، انه لامر غريب ، اذ لم يشعر بصلة تربطه بأشقائه وشقيقاته كأرتباطه بهذه الطفله التي رآها فقط منذ ساعات . ربما عليه ان يشعر بعقدة الذنب حيال ذلك الامر ، لكن هذا الشعور لم يخالجه ، فهذه الطفله من دون والدين او مأوى . اما شقيقاته واشقائه ، فمثل هذا الشئ متوفر لهم . وهو متكئ برأسه على الكنبه اغمض عينيه ، واخذ نفسا عميقا ، كاثلين غالاغر هايز ، وفجأه مر هذا الاسم في مخيلته ، حاملا معه صورا عاصفه عن تلك المرأه التي لم يكن يتوقع ان يراها على الشكل الذي بدت عليه عندما استقبلته مع الطفله عند الباب الامامي لمنزلها . توقع روس ان يرى ( منتدى )امرأه بارده ، لائقه على الارجح ، اكثر من عاجزه ، وحتى الان ، فقد اثبتت (ام عبيده ) انها ليست على هذا النحو ، وعليه ان يعترف نها قد اسرت لبه ، ومن هم مثل روس ، عادة ن لا يمكن لاامرأه ان تأسرهم ، فقد كان يحب صحبة النساء ، لكنه لم يكن من نوع الرجال الذين يديرون رأسهم مرتين لامرأه . فهو يعتبر ان الحب والزواج من نصيب شبان اخرين ولا يحبذ اولئك الرجال الذين يرغبون بمنزل يستقرون فيه مع عائله كبيره ، لم يكن ذلك النمط من العيش يروق لروس دوغلاس . فقد شاهد ما كان يجري في ذلك البيت العائلي ، اما فيما يتعلق به ، فقد يمكنه العيش خارج هذا الاطار . الفصل الخامس
"" اما الا تمانع في ان اقدم بعض بقايا مما لدي من طعام "" فتح روس عينيه فوجد كاثلين قد عادت، وكانت تضع صينية الطعام امامه ، على طاولة القهوه الصغيره ، انذاك ، لم يدرك ما الذي يعذبه اكثر ، رائحه خفيفه لعطر الياسمين منبعث منها ، ام رائحة يخنة العجل الساخنه . خاطبها وهو ينهض : "" اني مستعد لاتناول اي شئ شبيه بالطعام ."" ناولته فوطه ومعلقه . وسألته : "" هل تأخذ القهوه ام انك تفضل شرابا اخر ؟ شراب خفيف ؟ "" لاحظ روس انها ارادات ان يتناول طعامه حيث كان يجلس ، تطلع بريبه الى الاريكه التي تلونت بلوني البيج والابيض والسجاده تحت جزمته التي كانت من اللون نفسه . وقال : "" لا بأس بالقهوه ، لكن ان اتناول الطعام على هذه الاريكه ، امر قد لايكون مناسبا ."" شرعت كاثلين تسكب كوبين من القهوه من ابريق ، وهي تومئ برأسها ايماءة عنيده ، تنبئه تماما بمدى اهتمامها بأثاث المنزل ثم اوضحت له : "" انه مكان لنسكن فيه لا لننظر اليه ."" تقدمت نحوه وجلست الى جانبه . والان بما ان الطفله لم تعد تصرف انتباهه عنها فقد وجد ان تلك المرأه قد ذوبت احاسيسه ، وفي الحقيقه جعلته يشعر انه شاب احمق وانفعالي . خاطبته كاثلين قائله : "" اخبرني ، اذن ، كيف تمضي عادة ليلة العيد ؟ "" ضحك في قرارة نفسه ضحكة ساخره ، وهو يغمس ملعقته في الطعام واجاب : "" حسنا ، عادة امضيها في البحث عن اطفال تخلى عنهم ابائهم ."" تناولت كاثلين لقمة من الطعام ، ثم راحت تمضغها وهي مطرقه في التفكير قبل ان تقول : "" قبل مجيئك كنت في الحقيقه اشعر بأسى على نفسي ، فالليله تقيم عائلتي حفله خاصه ، خطوبة شقيقي نيكولاس ، وشقيقي سام وصل الى منزله من شهر العسل هذا الصباح . "" " اذن فقد كانوا يتوقعون قدومك ، هل تعتقدين انهم قلقون عليك لانك لم تذهبي ؟ "" هزت كاثلين رأسها نفيا ، واجابت : "" تحدثت مع نك قبل قدومك بوقت قصير ، فأمرني بالا احاول النزول من الجبل في سيارتي ، وعندما يفرض نك اوامره ، اعني انه يفرضها ... فهو رقيب مدرب ، هل فهمت ، لكنه وعدني بأن يعيد الاتصال . "" اجابها قائلا : "" هل سيتصل والهاتف معطل ، لايبدو انه سيتصل بك الان . "" هزت كاثلين كتفيها بشكل ودود ، وقالت : "" على اي حال فقد يكون نسي كل شئ عن الموضوع ، فهو الان مغرم وعاطفي الى اقصى حد . هل فهمت ما اعنيه ؟ "" كلا لم يكن يفهم ماتعنيه ، لانه لم يقع في الحب ابدا ، كان يحس بالافتتان من وقت لاخر ، لكنه لم يغرم . اجابها : "" الحب قد عم عائلتك . "" ابتسمت كاثلين ابتسامه ودوده ، وردت قائله : "" اخي سام يكبرني بقليل وهو متزوج ، ونك يصغرني بسنتين ، لكني لم اكن اتصور انه سيستقر في حياته ابدا ، "" لم يكن يعطي روس يوم العيد اهتماما كبيرا ‘ فقد امضى النهار لوحده يراقب لعبة كرة القدم على شاشة التلفاز . كما مر ايضا من دون ان يحمل اي حدث يذكر ، اذ معظم اصدقائه كانوا انذاك في تكساس ، وكان يرفض زيارة كل من عائلتيه ، فلكل هاتين العائلتين اولادها وبوتقه من الاصحاب تحتفل معها في فرص الاعياد . كان روس يفضل ان يبقى وحيدا على ان يختلط بهم , ويشعر بأنه غريب . اجاب روس : "" علي ان اعترف ان هذا الحدث يأتي في قمة الاهميه بالنسبه لما حصل لي خلال السنه . "" "" ظننت انني سأقضي ليلة هادئه بمفردي ، سوف لن تصدق عائلتي هذا الامر !. "" كانت توجد انواع من الجبنه والبسكويت المملح على الصينيه امامه ، انحنى روس واختار قطعه سميكه . "" هل يمضي اهلك ليلة العيد ، كما تمضيها انت ؟ "" وعندما لم تجب على الفور التفت روس اليها فوجد ضحكتها الناعمه تتلاشى ليحل مكانها ظل من الحزن . فوجئ روس لرؤيتها حزينه وتساءل ما اذا كانت لا تزال حزينه لوفاة زوجها . "" لكي اصدقك القول لقد مرت ليلة العيد السنه الماضيه ، وكنت خلالها مشوشة الافكار .... حسنا ، مضى وقت طويل قبل قبل ان استطيع المجازفه بالخروج من المنزل . "" وحاولت ان تتجنب النظر اليه وهي تغمس ملعقتها في الطعام . وتابعت : "" لكن خلال السنوات الماضيه كنت اقضي بعض الاعياد مع اهلي ، وبعضها الاخر في حفلات كان يقيمها زملاء زوجي في العمل . "" "" وما كان نوع عمله . "" ما ان انتهى من طرح سؤاله ، ادرك انه كان عليه ان لا يطرح مثل هذا السؤال ، ولم يكن يعرف مالذي دفعه الى ذلك ، بأستثناء انه كان يرغب في ان يتعرف على هذه المرأه وطرح الاسئله كان اسهل طريقه للمعرفه . ثم قال على عجل : "" اسف يا كاثلين ، ليس عليكي ان تجيبي ، اني اتدخل في اشياء لا تعنيني الليله . "" قالت كاثلين وهي تتناول فنجان قهوتها : "" لا تعتذر فأنا سألتك بدوري اسأله شخصيه . "" اطرق يفكر ... كان لديها اسبابها لتسأل ، فهي امرأه وحيده وتسكن في منطقه معزوله ، ومن الطبيعي انها ارادت معرفة شئ ما عن الرجل الذي اذنت له بالدخول الى منزلها ، اما فيما يتعلق به استطاع ان يفسر اهتمامه بها على انه انانيه بحته . تساءلت كاثلين وهي تحدق به ان كان لديه فكره عن تلك العواطف التي حركها بداخلها ، واحد دواعي تشوقها لهذه الليله هو انها كانت ستقضيها مع عائلتها ، وهذا امر يحصل لاول مره منذ وقت طويل ، وليس مع زملاء غريغ في العمل ، لم تعد مضطره ان تتحمل تيههم وتباهيهم ، ولكن يكون هناك بعد الان غرفة ملأى برائحة التبغ ، ولا موسيقى صاخبه وضحك اجش ، كلا لن يفهم هذا الرجل ايا من تلك الاشياء . "" كان غريغ يعمل في مجال التنقيب عن الغاز والنفط "" "" منقب عن النفط ؟"" اومأت برأسها واجابت : "" كلا ، في الحقيقه كان جيولوجيا ، لكن انتهى به الامر ليكون مدير في مهنته اكثر من مكتشف في مجال عمله . "" لاح على وجهه تعبير شارد ، اخذ روس رشفه من قهوته ، ثم قال : "" لابد انه كان شابا ذكيا . "" "" نعم ، كان غريغ مثقفا جدا وكان ملما بكل شئ يتعلق بالجيوكيمياء . "" شئ ما في صوتها ، ترك انطباعا لدى روس بأن كان ماتقول به شئ ، وما تشعر به شئ اخر ، وخطر بباله انها قد لاتكون راغبه بالتحدث عن زوجها السابق . في اي من الحالتين ، فقد حسم روس امره واكتفى بما سألها من اسأله في الوقت الحاضر ، ثم عاد وصب اهتمامه على القهوه . "" انا نفسي ما كنت لابرع كعالم ، لكن اعطني كتاب تاريخ وستجدسن ان الامر سيثيرني . "" رمق روس كاثلين بنظره موبخه وتابع : "" لا تقولي لي انك واحده من اولئك الاشخاص الذين يظنون ان امور الماضي لا علاقه لها بالمستقبل ، لا تخيبي املي يا كاثلين . "" ابتسمت له ابتسامه مراوغه واجابته : "" كلا لست من اولئك الناس ، في الحقيقه انا احب التاريخ ، وبالاخص تاريخ امريكا القديم ، لكنلا يمكنني رؤية رجل مثلك يستمتع به .""" تساءل روس عما تريده ان يستمتع به فسألها : "" مالذي برأيك يسعدني . "" تورد وجه كاثلين خجلا لسؤاله واجابته : "" لاشئ طبعا كنت اعني فقط انك تبدو كرجل يستهويه البقاء في الخارج . "" اتكأ روس على الكنبه ، ليأخذ قسطا من الراحه وكان دفئ منبعث من المدفأه يلفح جسمه ، فتسترخي عضلاته وتذبل عيناه ، ثم خاطبها قائلا : "" انا رجل احب البريه والهواء الطلق ، فأنا اقوم بتدريب البيسبول . "" رمقته بعينيها رمقه خاطفه احاطت بشعره الاسود ورموشه الكثيفه الداكنة اللون التي تغطي جزءا من عينيه الرماديتين ، وظل خفيفا للحيه بدأت تظهر على بشرته السمراء . "" هل كنت دائما تحب لعبة البيسبول؟ "" اجابها بعد ان اخذ شفه من القهوه : "" منذ ان اصبحت يافعا قادرا على وضع القفاز بيدي . "" "" هل حاولت اللعب من باب الاحتراف ؟ "" كان يضحك ببطئ وهو يحدق فيها ، اجابها : "" قصدت جامعة اوستن ، بمنحة خصصت لهذه اللعبه ، ثم استمريت باللعب لصالح فريق اتحاد ثانوي . "" لاحظت ان روس دوغلاس كان يكن لهذه اللعبه اكثر من حب ، وكان ناجحا جدا بممارستها ، بقيت عيناها تتفحصان وجهه ، وهي تسأله : "" ماذا حدث ؟ توقفت عن اللعب ؟ "" لاحظت كاثلين ابتسامته بدأت تفتر ، حين اجاب : "" انه الشئ الذي يحدث لكثير من اللاعبين ن لقد تعرضت لاصابة في ركبتي . حتى بعد ان اجريت عمليه لها وبعد كل انواع العلاج فانها لم تتحمل الجهد الذي تتطلبه اللعبه ، مما اجبرني على الاستقاله . "" انحنى الى الامام ليضع فنجان القهوه على المنضده وتابع : "" كل هذا قد اصبح من الماضي الان . "" "" لابد ان ذلك كان بمثابة صدمه لك ، فأنت مازلت شابا ، كان بأمكانك اللعب لسنوات اكثر بكثير ، ولتمكنت من ان تصبح نولان ريان اخر . "" انطلقت من حنجرته ضحكه خافته حملت كاثلين على العبوس بغضب . وسألته : "" ما المضحك في ذلك ؟ "" "" المضحك انك تقارينني بأحد اعظم لاعبي البيسبول على الاطلاق "" قالت وهي ترفع ذقنها : "" حسنا في كل واحد منا يوجد شئ من العظمه . وكونك استاذ عليك ان تدرك ذلك الامر وتغرسه في نفوس تلاميذك . "" ضحك روس ضحكه عاليه ، وقال : "" كنت اضحك يا كاثلين ، لانني خلال لعبي كنت انا من يلتقط الطابه . "" ضحكت بدورها وقالت : "" اذن هو من يرمي الطابه وانت تلتقطها ، كنت ببساطه احاول ان اقول لك انك كنت اصبحت شهيرا لو انك استمريت في اللعب . "" "" ربما احب ان افكر على هذا النحو ."" "" هل كان امرا صعبا عليك ان تعتزل اللعب ؟ "" سألته وهي تراقبه عن كثب . "ط قد اكون كاذبا لو قولت اني لم اكون تائها بعض الشئ في البدايه ، لكنني لطالما خططت ان اكون مدرسا في يوم من الايام ، وهكذا عدت الى الجامعه لانهي دراستي واحوز على درجة جامعيه في التعليم ن ويمكنني القول بصدق بأني فخور بها قدر ماكنت فخور بمهنة البيسبول . "" "" كان والدي دائما يقول ن ان يكون المرء ناجحا امر ليس فيه من المتعه شئ ن مالم يختبر بعض الفشل وهو في طريقه الى ذلك النجاح . "" "" يبدو والدك كفيلسوف . "" كانت ابتسامة كاثلين مفعمه بالعاطفه ن وهي تتكلم عن والدها : "" في شخص والي القليل من كل شئ . "" انها معجبه بوالدها استطاع روس ان يلاحظ ذلك على وجهها ، وتمنى لو ان بأمكانه التحدث عن والده ، وان يظهر نفس تعبير الحب والاعجاب على وجهه . لكن ذلك الامر لم يكن ممكنا ، وكان يعلم ذلك ، في بعض الاحيان كان روس يشعر بعقدة الذنب حيال هذا الموضوع . "" حسنا ، اما في ما يتعلق بلعبة البيسبول ، فأنا ادرب شبانا في ريعان عمرهم ، كي يصبحوا متمرسين باللعبه لشئ يسرني . "" خاطبته : "" انا اسفه لانك اعتزلت مهنتك ، لكني مسروره لانك تهوى التعلم ، انه لشئ مهم تقوم به . "" "" شكرا على ذلك يا كاثلين ، ولانك قلت لي باني لكنت اصبحت عظيما . "" راحت كاثلين تخاطب نفسها ، لقد كان شكره لي عاديا ، ولكن لم احست كأنه مد يده ولمسها ؟ ولم شعرت كأن حجم الغرفه يصغر ، وروس دوغلاس على قيد انمله منها ؟ وبشعور منها بالاسى ، لانها ستضطر ان تقطع حبل افكارها ، هبت من مكانها وبدأت تجمع الصحون القذره ، وهي تقول : "" سأعيد هذه الصحون الى المطبخ . "" كان روس يراقبها بتمعن وهي تغادر الغرفه ، كان يتصور ذلك ام ان شعورها برد فجأه تجاهه ؟ لم يستطع التفكير بما قاله لها لتنزعج . فقد كانا يتحدثان عن لعبة البيسبول ، ام ماذا ؟ تامل شعرها الطويل الاسود وبشرتها البيضاء العاجية اللون . لم يكن بالامر العجيب انه استطاع تذكر جزء بسيط فقط ، من الحديث الذي دار بينهما . بأزدراء وسخط نهض روس من مكانه وتقدم ليقف امام الموقد ، في الوقت نفسه لاحظ هاتفا وضع على طاوله زجاجيه بالقرب من كرسي واحس بان الخط مقطوع قبل ان يهم بوضع السماعه على اذنه ، وهو امر لم يفاجئه ن لم يكن يتصور ان احدهم كان قادرا على اصلاح خط الهاتف في طقس ردئ مثل هذا . بعد ان وضع السماعه في مكانها ، راح يتمشى في الغرفه الى ان اجتذبه منظر الطفله التي تمددت على الكنبه ن فأنحنى ينظر اليها عن قرب . كان لايزال الامر صعبا على روس ليصدق انه وجد الطفله مرميه في رواق منزله ن وبأن شخص ما قد قصد وضعها هناك ليعثر هو عليها . لم يستطع تصديق ذلك الامر ن ومن المؤكد ان من ترك الطفله هناك ، لم يكن يعرف روس والا لكان عرفانه لا يملك مقومات الوالد ، او حتى مقومات والد مؤقت . كأن الطفله علمت بما يجول في فكره ، فأخذت تتلوى وتقطب جبينها على الفور مد روس يده واخذ يربت على رأسها ، وبعد هنيهه بدأت تحرك شفتيها وكأنها جائعه ابتسم عندما تذكر كيف انها كانت تلتهم الحليب المكثف ، فمشاهدة الطفله منحته شعورا بالراحه والسرور ، وهو شعور قد فاجأه للغايه ، فهو لم يكن يحب ان يرى طفل يتعذب ، لكنه لاحظ ان هذه الطفله قد تسللت الى قلبه بالفعل . وبالعوده الى المطبخ فقد تأكدت كاثلين من انها استطاعت ضبط نفسها . وبينما هي تغسل الصحون المتسخه ، كانت تحاول اقناع نفسها بان روس دوغلاس رجلا يختلف عن غيره من الرجال فتنه ووسامه ، لكن ذلك لم يكن يعني لها شئ ، وعلاوه عن ذلك ، فأي رجل عادي قد يبدي اهتمامه بطفله عاجزه ، فهو لم يكن بطلا او مميزا ، كان رجلا فحسب ن يقوم بما يقوم به اي رجل في ظروف كهذه ن لم يكن هناك سببا على الاطلاق لتشعر بأنها منجذبه اليه . لاشت تلك الفكرة من رأس كاثلين في اللحظه التي دخلت فيها الى غرفة الجلوس حيث كان روس جالسا الى جانب الطفلة يسرح شعرها بلطف انامله . ومهما يكن من امر المحاضرة التي القتها على نفسها ، فقد رق قلبها عندما شاهدت نظرة الخوف والحنان على وجهه . قالت بمرح وهي تدخل الغرفة : "" امل انك تحب كعكة الحلوى بالشوكولا وعلى الطريقة الالمانية . "" لدى سماعه صوتها التفت روس ليرى انها قد عادت وفي هذه المرة كانت تحمل صينية عليها كعكة الحلوى وصحنين . قال معترفا لها : "" احب الحلوى بشكل غير معقول ، وبالاخص الشوكولا بأنواعه . "" قال ذلك وهو يراقبها وهي تجلس على الارض الى جانب طاولة القهوة . احست كاثلين ان عينيه تراقبانها ، فأرتعشت يداها وبح صوتها وهي تتكلم . "" هل تبدو الطفلة على ما يرام ؟ "" رد قائلا : "" على حد علمي نعم . "" وهو يبتعد عن الاريكة ليعود الى الموقد , فقد كان يحس بأضطراب ، وهي حالة لم يألفها روس ، فهو شخص يتأقلم عادة مع اي ظرف ، لكن كان هناك امر غريب حول السكون الذي يألف هذا البيت ، وحول المرأه التي كانت جالسة على بعد خطوات منه وتثير اعصابه على مهل . ثم خاطبها : "" لقد جربت الهاتف ، فهو لا يزال معطلا . "" نظرت اليه ، وهي تومئ برأسها موافقة : "" اعرف فقد جربت هاتف المطبخ ، وهذا ماكنت اريد ان اخبرك به . "" قال : "" علينا ان نقوم بالامر ، دون هاتف . "" واستدارت كاثلين لتملأ فنجان روس وفنجانها بالقهوة من جديد. قالت له : "" لو لم يكن الامر متعلق بالطفلة ، لما كان همني كثيرآ ، ان عمل الهاتف او لم يعمل . "" "" حسنا اني لا احاول ان ابدو واثقا من نفسي اكثر مما ينبغي ، حاولت فقط ان اطمئنك . "" في تلك اللحظه لم تكن كاثلين واثقه تماما على من هي بحاجة لتطمئن على الطفله ام على روس دوغلاس . لو كانت الطفلة بحاجة الى عناية تفوق العناية التي يوفرانها لها ، لكان الهاتف قد قد ساعد كثيرا . وفي الحقيقة لو كان الهاتف يعمل ، لتمكنت من الاهتمام بالطفلة او بنفسها من دون ان تلجأ الى روس دوغلاس . ولو انها كانت في بيت روس الخاص ، لما شعرت بتوتر مزعج ، في كل مرة كان ينظر فيها اليها . وبسرعه راحت تذكر نفسها ، بان الهاتف معطل ، وبانها بحاجه الى روس كي يبقى من اجل الطفلة ، وهل حقا كانت تريده ان يرحل لو ان الهاتف كان يعمل ؟ . كان عليها الاعتراف بأنها اصبحت تحبه وتحب رفقته . خاطبته متنهدة وهي تحمل صحن الحلوى : "" اتمنى فقط لو اني استطيع ان اشعر بالهدوء مثلك حيال هذا الموضوع . "" اطرق روس مفكرا ، تعتقد كاثلين انه هادئ ، لابد انه ممثل لانها كانت ترى انها كل مرة تكون فيها على بعد خمسة اقدام منه ، كانت احاسيسه تتوتر بشكل واضح . تناول صحن الحلوى من يدها وسألها : "" هل انت خبزت هذه الحلوى . "" "" اجل خبزته هذا الصباح خصيصا لحفلة الليلة . "" "" شقيقاك على الارجح ، سيفوتان هذه الحلوى . "" ضحكت كاثلين بلطف وهي تعود لتجلس على الارض ، وتقول : "" لو انت تعرفت بوالدتي ، لكنت وجدت المكان مليئآ بالطعام الليلة . "" "" قلت ان نك نقيب مدرب ، ماذا يفعل شقيقك الاخر ؟ "" "" انه مزارع ، في الحقيقه وقد تقاعد والدي ، استلم سام امر مزرعة غلاغر . "" "" على ما يظهر ان شقيقيك رجلان ذكيان وطموحان . "" "" ووسيمان ايضا ، كي اكون صادقة معك ، لا اعلم كيف ان كليهما بقيا عازبين لمدة طويلة . "" لم يكن روس يعرف كم يبلغ شقيقاها من العمر ، وكم من الوقت بقيا عازبين ، ولكن حتى الان فقد وجد ان من السهل عليه ان يبقى بعيدا عن التدخل فيما لا يعينيه . سألها : "" كيف كانا يتدبران امرهما ؟ "" ارجعت كاثلين شعرها الطويل الى الخلف وهي تفكر بالسؤال ، ثم قالت : "" في الحقيقة بقيت حبيبة سام اربع سنوات في افريقيا ، لقد كانت عاملة اجتماعية في اثيوبيا ، وهذه قصة كاملة بحد ذاتها . وعندما عادت الى موطنها هذه السنة . عملت مع سام على تسوية خلافاتهما، وادركا انهما يحبان بعضا حبا جنونيا . "" وابتسمت للذكرى ، ثم التفتت لترى ان روس كان يتقصد مراقبتها . وشعرت ان وجهها قد تورد خجلا مثل مراهقة ساذجة . "" اما بالنسبة لنك "" تابعت قولها ، وهي تحاول جهدها الا تبدو متأثرة بهذا الرجل وبعينيه الرمادتين الباردتين . "" لا يزال الامر صعبا بالنسبة لي كي اصدق انه تقدم للخطبة ، فلطالما احب النساء مثل ما يحب القاء الاوامر لكن ...."" وهزت بكتفيها وهي تبتسم ابتسامة مراوغة ، غيرت ملامح وجهها "" يبدو ان اليسون قد غيرت كل ذلك . لم اره مطلقا مفتونا بأمرأه ، طبعا قد تفتن بها انت ايضا إذا ما صادفتها . "" "" هل هي جميلة ؟ "" "" فاتنة ، شعرها اشقر يتدلى على ضهرها ، وبشرتها ناعمه وخصرها نحيف ، لو ارادت غالبية النساء الحصول على خصر مثلة لتوجب عليهن القيام بتمارين قاسية ، لكن ليست اليسون ، لان خصرها طبيعي ، كنا افضل صديقتين في الجامعه ودائما كنت اشعر اني لست بأناقتها . "" ابتسم روس بصمت وهو يراقبها تأخذ قطعه من الحلوى . كان عليه ان يخبر كاثلين غلاغر هايز بأن ليس لديها ما تقلق عليه من حيث مضهرها ‘ فهو لم يكن يتصور اية فتاة كانت ستبدو اجمل منها ، وهي جالسة على الارض ن فقد بدت له صورتها في اوج تألقها . "" اذن انت تحبين الفتاتين ؟ "" "" آه احبهما ، فهما بالنسبة لي مثل شقيقتين طبعا لاني اعرف اوليفيا منذ سنوات ، في حين لم استغرق وقتا طويلا لكي اتقرب من اليسون . في الواقع كنا صديقتين من قبل ان تتعرف على نك ن انها شابة قوية . قد لا تجد الكثيرات ممن يهرفن كيف يتدبرن لوحدهن امر القيام بتربية طفل دون مساعدة من الغير ، كما حصل مع اليسون . "" كان روس يفكر بما تقوله كاثلين ، عندما استدارت لتواجهه . "" انها ام ارملة . "" شعرت كاثلين انها مجبرة على القول . "" وكما ترى فإعجابي بها بقدر محبتي لها . "" "" ماذا حصل للوالد ؟"" "" اطبقت شفتيها بحزن ، ثم قالت "" لقد توفي في حادث سيارة على السريع الطريق . "" قال روس : "" يبدو ان نساء شقيقيك قد تعرضتا لصدمات قاسية "" اومأت كاثلين برأسها موافقة ثم اشرق وجهها بأبتسامة "" حسنا استطيع القول ان لاصدمات بعد الان، فنك يعشقها واليسون تحبه ايضا على مايظهر ، استطيع ان اتنبأ لهما بحياة رائعه في المستقبل القريب . "" كان واضحا لروس ان كاثلين رومنطقية النظرة ، ويبدو انها فقدانها لزوجها لم يغير اعتقادها في الحب والزواج مساويان دوما للسعادة . "" إذن متى تزوج سام ؟ "" "" من الواضح ان ذلك حصل من حوالي الشهر . "" تابعت بمرح : "" كان لدينا عرس في المزرعة ، نك واليسون التقيا قبل اسبوعين في العرس !"" هز رأسه ساخرا ، وقال "" لابد انه كان حب عنيف فوري . "" "" فوري "" وافقته القول ، ثم تابعت : "" لقد اتما خطوبتهما قبل عودة سام واوليفيا من شهر العسل ، فعندما تحب بعنف لا تعود تفكر بالذي حولك . "" لم تكن تدرك كاثلين ان ضحكتها قد اصابت روس بأرتعاش فقد تنفس بعمق ، مجبرا نفسه على عدم الالتفات الى كاثلين ، لكن عينيه رفضتا الانصياع وبقيتا تحدقان في وجهها .
الفصل السادس
كان قد عاد ذلك الدلال المزعج الى صوتها لكن تلك الابتسامة الصغيرة على شفتيها كانت بالتاكيد لغز من الالغاز جعلت منه غير قادر على تقييم سؤالها , أكان تحديا ، او دعوة له . لكنة في قرارة نفسة فضل الاختيار الاخير . لكن التفكير بتلك الطريقة كان قد زج روس سابقآ في متاعب لاكثر من مرة في حياته . كان قد أشاح بنظره عنها ، لكن ليس قبل ان تلحظ كاثلين تلك الابتسامة العريضة تملأ وجهه ، لم يكن يدرك في تلك اللحظة كم كان بألاعيبه الصبيانية محبب اليها . ثم قال "(( أظن انه لامر فيه من الصواب ، ان الانسان قادر على تعلم شيء ما في كل يوم )) " كانت كاثلين تحاول جاهدة منع نفسها من الضحك بصوت عالٍ ، وتسائلت من كان روس يمازح ؟؟ رجل مثله لابد انه عرف نساء في ماضيه . وعلى الارجح العديد منهن . وراحت تؤنب نفسها بصمت ، حتى لو كان هذا الرجل عرف نساء في ماضيه ، فذلك لا يعني بالضرورة انه وقع في حب احداهن ن وغريغ كان قد اثبت لها ذلك الامر بوضوح ومرارة ، كان يحب المرأه لكنه لم يكن ليقع في حبها . قالت بصوت اختفت فجأه منه العاطفة : "" ( اذن اظن انك تحسب نفسك محظوظآ ) " كان روس يحسب نفسه محظوظآ لانة تجنب حالة الوقوع في الحب ، اذن لم عليه ان يزعج نفسه بالاعتراف به لهذه السيدة ؟. "( هل تحاولين ان تسأليني ان كنت قمت بشهر عسل ") ان تبلد احساسهقد بعث لونآ زهريآ في خديها ، لكنها على الرغم من ذلك ابقت عينيها مسمرتين في عينيه ، وقالت : "( كلا ليس عليٌ ان اسأل ،اذ يبدو عليك مظهر الشاب الذي لا يرتبط . ") نظر روس الى نفسه ، وكأن شيئآ في مظهره قد فاته ان يراه ""( اي شيء يجعلني أبدو كذلك ؟ ) لم تكن كاثلين تطمح ان تغوص في حديثها معه ، وبما ان الامر قد حصل فقد عزمت ان تتناول الموضوع بسلاسة ، وبعد ان ابتسمت له ، قالت :- " ( كل مافيك يدل على ذلك ) " مجرد ان انتبه انها تنظر اليه عن قرب نظرة لا تشوبها ي عاطفة ،فقد اثار هذا الامر فيه افكارا غريبة ، "( حسنآ اني لم اتزوج على الرغم من اني ذات مرة كنت على وشك ان افعل ، او اقلها اني اعتقدت بأن العلاقة تتطور الى الزواج ، لكن هذا الامر لم يحصل . "( ثم قال وهو يفكر بتلك المرأه التي خذلته عندما عرفت انه تخلى عن مهنته كلاعب بايسبول . " تلك التجربة قد فتحت عيني ، ومنذ ذلك الحين لم اعد ارغب في ان ارتبط بأية امرأه ، اكان بالزواج او بأي طريقة اخرى الى حد ما ) إذن لقد خاض تجربة علاقة فاشلة ايضآ ، فكرت متأملة بصمت ، لم يكن امرآ غريبآ ، انه اراد ان يهجر تكساس ويبدآ حياة جديدة في مكان جديد ، اجابته بتأكيد لا تردد فيه : ( انا ايضا لا ارغب في الارتباط بزواج . ) نهضت وتقدمت نحو الطفلة ، وكان روس يراقبها وهي تنحني فوق رأسها وتمرر اصابعها فوق حاجبيها ، قال لها : ( انا لا افهم لكن يبدو انك متحمسة لزواج شقيقيك . ) منتدى بعد ان شعرت بأرتياح كون الطفله كانت نائمة نوما طبيعيا هادئا ، وتتنفس بصورة منتظمة وقفت كاثلين ثم رمقت روس دوغلاس بنظرة جانبية . "( اني متحمسة جدا لزواجهما ن واوليفيا تلك المرأه العزيزة على قلبي تستحق كل ذرة سعادة يمنحها شقيقي اياها . ) "( هم ، اظن ان هناك شيئآ قد فاتني ، او اني لا استوعب الامر فأنتمتحمسة لزواج شقيقك ، وفي اعتقادك انهما سيسعدان . لكنك لا تفضلين الزواج لنفسك . ) " ( هذا صحيح ، اترى ما من شيء قد فاتك . ) ثم تمشت في الغرفة بأتجاه النافذة واشاحت عنها الستائر . بقى روس محدقا اليها ن ولم يزل غير واثق انه سمعها جيدآ ، على الرغم انه لم يعرف لما قد صعقته بأجابتها على هذا النحو . لانها على مايبدو رومانسية التفكير فكانت كلما تكلمت عن زواج شقيقيها ، لمع بريق في عينيها لا شاهد له . بقيت كاثلين تنظر الى خارج النافذة ، فقد استحال الجليد ثلجا وتغطت الارض بسجادة سميكة بيضاء . وراحت كاثلين تسأل نفسها ، لو لم يكن الطقس على ماهو عليه الان لكانت احتفلت مع عائلتها الليلة ، ومن المرجح انها ماكانت التقت بروس دوغلاس ، ولكانت قد قرأت نبأ وجود الطفلة في رواقه في جريدة الصباح . فهل كان الحظ يلعب لعبته معها ؟ وهل ارسل الجليد والثلج فقط لتكون في منزلها الليلة ؟ نظرت من حولها فوجدته يراقبها ، وقد بدا على وجهه تعبير هادئ متأمل ، ثم خاطبته : ( لقد تزوجت مرة ولا اظن اني سأجد السعادة في زواج ثاني . ) لاحظ روس ان ثمة اشياء كثيرة استطاع ان يقرأها في عينيها ، لكنه حاول بسرعه تجاهلها فحياة كاثلين هايز ليست من شأنه ، في الحقيقة هي مثيرة للمتاعب . لقد احس بذلك بسهوله كأحساسه بالدفىء المنبعث من الموقد . لكن هناك الطفلة التي يجب التفكير بشأنها ، لم يكن يرغب بترك كاثلين لوحدها مع الطفلة . وخاطبها بالقول : ( احسب ان فقدان زوج قد يخيب امل الطرف الاخر . ) لن يستطيع ادراك مد خيبة املي ، قالت في نفسها ، لان روس دوغلاس لا يعلم بأنها قد فقدت زوجها من وقت طويل سبق حدوث الحادث الذي اودى بحياته . وجدت نفسها تخاطبه : ( كان قد قتل في طقس كهذا ، في طائرة كانت تحلق فوق جبال بوسطن ، كان غريغ طيارا ماهرآ ، لكن على مايظهر ، تعطلت احدى المحركات ، والثلج كان يهطل بغزارة مما ادى الى احتجاب الرؤيه ) ابعد روس عينيه عن وجهها المتألم ، وقال : ( لم يسبق ان فقدت شخصا مقربآ اليٌ حتى انه لا يوجد الكثير من الاشخاص الذين يرغبون بأن تربطهم صلة قرابه بي ) وفيما هي تفرك ذراعيها لتزيح عنها قشعريرة البرد التي المت بها ، تنحت كاثلين عن النافذة وتقدمت لتقف على بعض خطوات منه : ( اني اشك في ذلك . عندما يكون لديك عائلتان فأنت تحضى بالعديد من الاقرباء .) لوى روس شفتيه وقال "( لنقل ان لدي ٌ اقارب . لكن الجزء الحميمي من القرابة ... لآمر قابل للتساؤل .) منتدى انحنى الى الامام ووضع الصحون الفارغة على طاولة القهوة . "( حين كنت في المطبخ كنت افكر بامر الطفلة ") " ماذا بشأنها ؟" " ( تحتاج لان نطلق عليها اسمآ ما ، ام اننا سنبقى نطلق عليها اسم الطفلة ؟ " قابلت كاثلين نظرته الجانبية لها بنظرة متسائله ، وسألته : " لا نملك الحق بتسميتها ، اليس كذلك ؟؟ " " من لديه حق افضل ؟ نحن والداها في الوقت الحاضر الى جانب ذلك ، فأنا لا اتحدث عن اسم شرعي ، يمكننا ان نعتبر ان من حقنا ان نسميها ، في الوقت الحاضر . " تحول نظر كاثلين عن وجهه الى وجه الطفلة التي بدأت تتلوى وتستيقظ ، واجابت : " حسنآ ، احسب ان الامر لا يؤذي ، وان هي وقعت في ايدي السلطات المختصة فسنلقبها بالطفلة دي يو ، او اسمآ سيئى مماثلآ . " " انت على حق اذن ماذا سنسميها ؟ " ابتسمت كاثلين ورقت ملامح وجهها ، وهي تحاول الجلوس بجانب الطفلة ، وتقول : " لا ادري ن ان تسمية طفلة امر لم افعله من قبل ." نظر روس الى الاثنتين معا ، ثم اجابها " وانا ايضا ........ " " اليس من عادة الناس ان يسموا اطفالهم بأسماء اقربائهم ، البعض منهم يفعل، اما انا فقد اطلقوا علي اسم خالتي لامي ، وماذا عنك ؟" " لقد سموني بأسم جدي لأبي ، وكان جنديا خلال الحرب العالمية الاولى كما كان مولعآ بالنساء . "" استطاعت كاثلين ان تسمع نغمة حنو في صوتة ، ثم التفتت اليه وقالت : "اظن انك كنت مقربآ اليه ." هز روس رأسه موافقآ واجابها : " نعم ، عاش حتى التسعين ، كان يشرب كوبآ من الماء الفاتر صباح كل يوم ويقرأ في الكتاب المقدس كل مساء بعد العشاء . "" " اه طبعآ "" " انه لشئ اكيد ان فتاتنا الصغيرة لا اقرباء لها لتسمى باسمائهم ، حسب معرفتنا . "" اخذت كاثلين تتفحص وجهه المتجهم ، وهي تقول : "" احسب انك لست رجلآ متسامحآ "" اتسعت حدقتا عينيه عندما لاحظ انها تتوقع منه ان يكون متسامحآ ، فأجابها : "" ارى من الصعب جدآ تصور احدهم وهو يلقي بطفلة في العراء في مثل هذا الصقيع ."" "" افهم تمامآ كيف تشعر ، يساورني نفس احساسك بالرغم من محاولتي التغلب على هذا الشعور . "" *** قال " لم تحاولين التغلب على ذلك الشعور " حاولت كاثلين ان تجد سبباً يبرر اقدام احدهم على ترك طفلة على عتبة بين , فردت " ليس بأمر مصيب ان نحكم على الآخرين , خاصة ان كنا نجهل ظروفهم" اختفى ذلك التعبير الساخر عن وجهه عندما اقتنع بقول كاثلين " من الواضح انك امرأة طيبة القلب , لكنك على حق يما يتعلق بالحكم على الآخرين" " لا اريد ان ادري من تخلى عن الطفلة , لكن اريد ان اعرف لم قد تخلى عنها " تقدم روس من الكنبة وجثم بجانب كاثلين والطفلة . سمحت كاثلين لنفسها بأن تتفحصه للحظة من قريب . وهو ينحني برأسه نحو الطفلة , استطاعت رؤية شعره الأسود وقد قص قصيراً, فيما عدا الجزء الأمامي منه الذي انسدل على جهة واحدة من جبهته بتموجات غير منتظمة , اما بشرته فكانت ناعمة لكنها خشنة البنية , وقد ظنت بأنه سيفقد من سمرته التي لوحتها الشمس لاسيما وانه انتقل الى الشمال. قالت محاولة ان تبتعد عن افكارها الشاردة " فلنعد إذن الى الطفلة , هل فكرت في إسم لها ؟" صوب نظرة الى وجه الطفلة , وقال " في الحقيقة لا , في كل مرة انظر فيها اليها , ابقى افكر عن مدى الصدمة التي شعرت بها , حين وجدتها في الصندوق. انها اتت بالتأكيد, في ظروف غير عادية , وغني عن الذكر , في أسوأ عاصفة جليدية , على ما اذكر " ------------------------------------- اقترحت كاثلين " هممم... ناهيك عن الجليد والثلج , فهذه الفتاة الصغيرة قد خلقت عاصفة بحد ذاتها , انها لا تعلم با لأمر , إذن يمكننا ان نسميها ستورمي" نظر روس الى كاثلين وغطت وجهه ابتسامة عريضة . " نعم ... احب هذا الاسم " ثم نظر الى الطفلة وتابع " ما رأيك , ايتها الصغيرة ؟" وما ان سمعت الطفلة نبرة صوته " حتى تغير لون وجهها, فغدا اكثر احمراراً , وفي غضون ثوان , كانت تصرخ بعنف. " لابد انها تكره الاسم " قال روس ذلك بابتسامة خافتة . ازاحت كاثلين البطانية عنها , وبسرعة اكتشفت بأن ستورمي الصغيرة بحاجة لتغير حفاضها. " انها لا تفهم شيئاً مما تقوله , الآن بالذات , لا يهمها بأي اسم ستناديها, فهي تحاول ان تطلب منك ان تغير حفاضها " " انا ؟" سأل روس متعجباً"وماذا عنك انت ؟ فأنت الأم هنا " ضحكت في داخلها من هذه المزحة وتابعت كلامها بمرح " وانت الأب , في ايامنا هذه الآباء يقومون بتغيير الحفاض" قال وهو يرفع كتفيه عالياً " لا يمكنك ان تتوقعي مني ان اكون والداً في هذه اللحظة , وان ألم بمثل هذه الاشياء " " لم لا ؟" سألته كاثلين , وقد وجدت ان احجامه بذلك الشكل كان مسلياً اكثر من اي شيء آخر. " حسناً , نعم لكن ذلك مختلف , فأنت امرأة ومثل هذه الاشياء تأتي معكن بالفطرة " ظهرت غمازتان على جانبي فمها وهي تحاول ان تخفي ابتسامتها , وتقول " احرص على حمايتها , في حين اذهب لأحضر حفاضاً من المطبخ " بسرعة نهض روس واقفاً على قدميه , وعلى الأثر احدثت ركبتاه صوت طقطقة. " انهما ركبتا القاذف " قال وهو يشرح لها وقد رآها تلتفت اليه وتابع " انهما تتشنجان باستمرار .. آه , دعيني احضر لك الحفاض" غادر الغرفة بخطوة سريعة , ضحكت كاثلين بنعومة , ثم خاطبت الطفلة " سوف لن يهرب منك الرجال , يا ستورمي , فعندما تكبرين وتصبحين جميلة جداً سيلاحقونك , وانا لي والدين وشقيقين يحمياني " ومجرد ان تذكرت عائلتها , اختفت الابتسامة عن شفتيها , لطالما حلمت بأن تمنح والديها حفيداً, خلال تلك السنوات القليلة الماضية , كان عليها ان تواجه حقيقة ان تلك الاحلام لن تحقق ابداً , لقد ظنت انها قد تأقلمت مع واقع عدم انجاب طفل, والآن وهي تحمل هذه المولودة بين ذراعيها وفي منزلها , عاد اليها حنينها القديم .ريحانة "ها هي هنا ... احضرتها .. كلها " نظرت كاثلين حولها لترى روس وقد عاد بالحفاضات . ولدى ملاحظتها ان غشاوة تغطي عينيها , غمزت بهما وعملت وسعها لترسم ابتسامة على شفتيها . قالت وهي تتناول حفاضاً " اشكرك " " هل سيرك الى المطبخ اراح ركبتيك ؟" " ركبتاي ؟" ----------------------------------- " انت تعرف , مشكلة ركبتيك " حاولت ان تذكره , ثم تابعت " آمل انك لم تؤذ ركبتك المجروحة , عندما كنت تتسلق الجبل" جلس في كرسي قريب كانت موضوعة على بعد زواية منها ومن الطفلة , قال متأثراً باهتمامها به " لا , ركبتي بخير , حين كنت في الثامنة من عمري , كنت اقضي كل صيف جالساً القرفصاء احياناً, تتوقف ركبتاي عن الحركة, عندما ارغب في مدهما " نشرت قطعة القماش امامها وطوقها بشكل مستطيل صغير , ثم قالت " لطالما تساءلت ما الذي يبقى اخي نك يحرك ساقيه باستمرار . فهو يقوم بالكثير من السير والركض مع فرقته " وبطرف عينيها استطاعت كاثلين ان ترى روس وهو يضع رجلاً فوق اخرى , ويريح رأسه على مؤخرة الكرسي . عندما انتهت تقدم روس وجلس القرفصاء بجانب كاثلين و الطفلة . ادارت كاثلين رأسها فوجدت وجهه قريباً جداً من وجهها . وعندما تلاقت العينان خفق قلبها خفقة صغيرة سرعان ما تحولت الى خفقان سريع . " نحن آه ... لا نعلم كم سيدوم الثلج و الجليد , وجل ما نعلمه ان علينا ان نكون بمثابة والديها لعدة ايام" " عدة ايام ؟" لم يكن روس قادراً ان يعرف ان كان سيبقى على قيد الحياة لعدة ايام , وهذه المرأة الى جانبه . لقد اثارت فيه ظنوناً الم يكن حرياً به ان يفكر بها , وان يقدم بـأفعال غير راض عنها . " لا اعرف اي شيء عما يتطلبه الرجل كي يكون والداً" قال ذلك وعيناه تتفحصان ملامحها الباهتة . كانت رموشها سوداء كثيفة , وطويلة بما يكفي لتبدو كأنها مستعارة , لكن روس تيقن انها ليست بمستعارة , فكل مافي هذه المرأة اصيل وجميل. اجابته وهي تبتسم " وانا لا اعرف كيف اكون اماً" " اظن اننا نستطيع ان نتعلم معاً.. فنأمل اننا نقوم بالأمر على الوجه الصحيح " قال ذلك وعيناه تستقران على شفتيها , وفجأة استدارت كاثلين ناحية الطفلة , وهي منقطعة الأنفاس. قال بسخرية " لابد انك ذات شأن في غرفة صفك , اراهن ان تلاميذك قد تعلموا الكثير , حتى من لا يرغب منهم في التعلم " " احب ان افكر انهم قد تعلموا شيئاً ما " من طرف عينه , استطاع ان يرى كاثلين تبتسم , من الواضح انها شعرت بالسرور لمحاولاته مساعدتها في الاهتمام بالطفلة , وقد منحه ذلك شعوراً بالرضى .ريحانة اي رجل لا يرغب في اسعاد امرأة جميلة مثل كاثلين ؟ كانت كاثلين قريبة جداً منه حتى ان عطرها ملأ انفه , ولمسة من يدها الناعمة على يده , جعلته يتخيل نعومة ملمس وجهها . لاحظت كاثلين ان اصابعها كانت مازالت مشبوكة باصابعه. بم كانت تفكر ؟ لم كانت تشعر بتلك الاشياء ؟ اصابتها هذه الاسئلة بخوف شديد , شيء لم يكن له علاقة بالعاصفة الجليدية او بالطفل. وبسرعة هبت من مكانها وقالت " اظن ... آه .. انت راقب الطفلة , وانا اذهب لأدير التلفاز , لنرى ان كنا نستطيع التقاط نشرة الطقس " بعبوس حائر , اخذ روس يراقبها وهي تتقدم في الغرفة ومن ثم تدير تلفازاً كبيراً, وقد شعر بأنها كانت على وشك ان تقول شيئاً آخر. انسى الأمر , فكر بالعاصفة وبالطفلة او بأي شيء سوى كاثلين هايز .
الفصل السابع
وعلى الشاشة التلفاز اذاع مذيع نشرة الطقس بأن الثلج سيتساقط خلال الساعات المتبقة من الليل , مع انجلاء بعض الغيوم خلال الفترة الصباحية , وارتفاع في معدل درجات الحرارة لليوم المقبل بمعدل 20 درجة. وعندما توقف الارسال لبث اعلان , نظر روس الى كاثلين وقد كانت تجلس على الأرض بالقرب من الموقد. سأل " ماذا سيحل بنا؟ ان اثلجت طوال الليل , قد لا اتمكن من الوصول الى الطريق العام , او بالأحرى الى المدينة " حولت كاثلين نظرها عن شاشة التلفاز , الى حيث كان روس يجلس وهو يراقب الطفلة , وبالرغم من ان ستورمي كانت نائمة , فكان واضحاً , انه اراد ان يبقى قريباً منها , وكأن بقاءهم معاً والثلج يتساقط قد زاد من تعلقه بها. اجابته " لا اعلم , لكن لدينا قسم مختص بالطرقات العامة ويقوم بمهامه على مدار الساعة , وإذا ما عزل الثلج الناس فأن الأمر قد لا يستمر لمدة طويلة " نهضت كاثلين وتوجهت ناحية الهاتف , رفعت السماعة الى أذنها ووجدت الخط مازال مقطوعاً, وتساءلت عما ستقوله عائلتها, عندما يصبح بإمكانها اعلامهم بنبأ ستورمي الصغيرة, فأقلها ستكون صدمة بالنسبة لهم. ------------------------------ " لا يزال الخط معطلاً " خاطبت روس وهي ترى على وجهة نظرة من يتوقع ذلك. وهو يئن مرر يده المتعبة فوق وجهه وسألها " على اي حال , ما الوقت الآن ؟" رفعت كاثلين كم كنزتها عالياً لتنظر في ساعة يدها " إنها الثانية عشرة تقريباً , وعلى وشك ان تحل السنة الجديدة!" في الطرف الآخر من الغرفة كان يوجد مقعد طويل , وضع امام التلفاز , اومأت كاثلين اليه, فلنذهب اليه قد تكون احدى المحطات تقوم بعد عكسي حتى منتصف الليل. وبدأت كاثلين تقلب محطات التلفاز. " آه نظر هذه المحطة تعرض مشهداً في نيويورك!" " لم اكن اتوقع ان اجلس مع امرأة جميلة الليلة" خاطبها بذلك وعيناه الرماديتان الدافئتان مسمرتان على وجهها المبتسم. لمعت عيناها الخضراوان وهي تنظر اليه " آه , لا تقل لي انك مجامل تماماً مثلما انت منقذ" لاحت مسحة من لون على وجهه الأسمر , لم يستطع ان يعرف لم قد سمح لتلك العبارة الصغيرة في نهاية حديثه بأن يزل بها لسانه, لكن في اللحظة ذاتها لم يعط الأمر اهتماماً, كاثلين كانت امرأة جميلة وابتسامتها له لم تكن تماثل ابتسامة اي امرأة اخرى , اجابها " إني بالكاد اكون منقذاً, فأنا مجرد رجل وجد طفلة" هزت كاثلين رأسها , وقالت " انك متواضع جداً, وحسب توقعي للأشياء , ماتوقعت رؤية رجل غريب وطفلة هذه الليلة وفي منزلي!" كما انه لم يتوقع ان يجد امرأة مثلها في هذا المنزل , او اي مكان آخر , لكنه احتفظ بفكرته لنفسه. تابعت كلامها بعد قليل " لما استطاعت ستورمي ان تبدأ حياتها في هذه السنة الجديدة " وهي تهمس كلماتها , فجأة ترقرقت عيناها بالدموع.ريحانة كانت عيناه مسمرتان على وجهها الآسر, فيما كان يسري في داخله احساس من الكبرياء والفرح والرغبة . لم يشعر في حياته قط بما شعر به في هذه اللحظة, وقبل ان يدري ما يفعله , مد يده ودفعها نحوه . لم تدر كاثلين اياً من الشيئين قد صعقها قبل غيره , تقبيله لها او احساسها بذلك الشعور الجميل. في هذه الاثناء كانت افكار كل منهما قد تلاشت في غياهب النسيان. همست كاثلين بنفس منقطع " سنة حلوة يا روس دوغلاس " قال " اظن انه منتصف الليلة" حدقت في التلفاز حيث رأت الناس يصرخون بأعلى اصواتهم ويهنئون بعضهم البعض ويغنون اغنية. " نعم ولت سنة قديمة , والآن تبدأ سنة جديدة " لم تكن تعلم ماكان يحصل لها , واطرقت تفكر , وهي تغرق في مقعدها بوهن , فهي لم تختبر مطلقاً في حياتها مثل هذا المزيج الغريب من الاحساسيس . فقد كانت سعيدة , مرتعشة, وزيادة على ذلك, شعرت بانجذاب نحو روس, ولم تلحظ اعجابها برجل مطلقاً سوى الليلة , وراحت تفكر كان كل شيء يحدث بسرعة وكانت عواطفها تجيش في داخلها مثل قوس قزح. ----------------------- احس انها تحاول الابتعاد عنه , قد تكون قد ندمت على تلك القبلة , حسناً, وهو كان نادماً , لأن روس كان يعلم ان قبلة واحدة قد يكون من الصعب جداً نسيانها . قال لها مقترحاً" لقد اصبح الوقت متأخراً, ولابد انك متعبة , سأبقى مع الطفلة , اعتقد اني اصبحت اعرف ما يتوجب علي ان اقوم به الآن " اومأت كاثلين برأسها بسرعة , واجابت " لا يمكنني ان اتركك معها , انت اذهب الى الفراش , توجد اربع غرف, اختر غرفة لك, باستثناء آخر غرفة الى اليمين فتلك هي غرفتي" طأطأ روس رأسه وقال " لا استطيع , لكن افعلي ما يناسبك" بالرغم من ان كاثلين كانت متعبة , إلا انها كانت تدرك انها ان اوت الى الفراش , فلن يغمض لها جفن , وبالتأكيد مع كل ما كان يجول في خاطرها.ريحانة كانت ستورمي لا تزال نائمة, وقبضة يدها الصغيرة قد رفعت الى فمها. وباندفاع تلقائي , سوت كاثلين البطانية على الطفلة , ثم همست " ليلة سعيدة يا صغيرتي , سنبقى انا وروس هنا لنحرسك" لم تكن كاثلين تعلم اي الاثنين ايقظها قبل الآخر, صراخ الطفلة ام رنين جرس الهاتف , وفي الوقت الذي كانت تحاول فيه ان تفتح عينيها وترغم نفسها على الجلوس , رفع روس ستورمي وحملها الى المطبخ , ثم خاطبها من فوق كتفه" انت اجيبي على الهاتف, وانا سأسخن لها زجاجة الحليب" هرعت كاثلين الى الهاتف, وهي شبه خائفة من ان يقطع المتصل الخط , فتفقد اتصالها بالعالم الخارجي. " آلو " " صباح الخير , كاثلين , كيف تسير الأمور في الجبل؟" " سام , آه , يا سام , سرني سماع صوتك , لن تصدق ما حصل !" وبدأت تقص عليه القصة بكاملها , وانهتها اخيراً, بأن روس قد اخذ الطفلة لتوه الى المطبخ ليحضر الحليب . " روس؟ تعنين ان الرجل معك الآن؟ تسميحن لرجل غريب لا تعرفينه اين قد وجد الطفلة! قد يكون اختطفها" كم بدا قول شقيقها غريباً عن انها لم تكن على معرفة بروس , لقد بدا بالنسبة اليها وكأنها تعرفه منذ زمن طويل. لكن سام لن يفهم ذلك, فقد كان لسام اسلوبه الخاص في فهمه للأمور, واجابت بذبول " بالطبع يا سام , على الأرجح انه فعل كي يأتي بها الى هنا" تنهد شقيقها تنهد المستسلم, وقال " اظن انك على حق , يا كاثلين , من حسن الحظ إننا لم نعلم بالأمر ليلة البارحة , و إلا لكنت قلقت عليك " "طبعا, انا على حق, وبالاضافة الى ذلك فروس جاري وقد انتقل الى حي مابري الذي يقع في آخر الطريق من هنا" " نعم , اذكر ذلك, إذن ماذا ستفعلين الآن ؟" " حسناً , لقد حاولنا الاتصال بالسلطة المختصة, لابلاغهم عن كل شيء , لكن هاتفي كان معطلاً , اظن ان بامكاننا الاتصال مجدداً الآن , وسنرى كيف سيكون ردهم" --------------------------- " نعم افعلي ذلك, على الفور يا كاثلين , وقد يكون من الافضل ان تتصلي بباركر مونتغمري , قد تحتاجين الى نصيحة قانونية فأنت لست على معرفة بمثل هذه الأمور" " انت على حق" اجابت كاثلين وهي ترفع شعرها عن جبينها الى خلف , وتابعت " سأقوم بالاتصال به اول الأمر, ومتى تمكنت من الاتصال بالسلطة المختصة وسويت الأمور , سأعيد الاتصال به واعلمك بما يحصل " " حسناً , لا تدعيننا ننتظر طويلاً, لأني حالما انهي مكالمتي , واعلمهم بهذه القصة , سيثور المنزل بكامله " واستطاعت كاثلين تخيل المشهد كما هو. " سأقوم بالاتصال متى استطعت " وعدته بذلك ثم اقفلت الخط واسرعت الى المطبخ. وجدت روس وهو لا يزال يطعم الطفلة , كانت قد بانت على وجهه خطوط ناتجة عن الإرهاق . لكنه بدا اكثر ارتياحاً مما كان عليه في الساعات التي اعقبت منتصف ليل الليلة الماضية , عندما غط نائماً على الأرض قرب الموقد. بدل ان توقظه , غطته كاثلين ببطانية , ثم استلقت على الكنبة بجانب الطفلة . كان ذاك آخر شيء تذكرته قبل استيقاقظها هذا الصباح. " من ذا الذي يتصل في مثل هذه الساعة ؟ انها لم تزل الساعة الخامسة فقط" توجهت كاثلين الى ماكينة القهوة , وملأتها بالماء البارد ثم اجابت " انه اخي سام , اخبرتك انه مزراع , والخامسة صباحاً يبدو وقتاً متأخراً بالنسبة اليه" اخذ روس يتفحصها بعينيه من أعلى رأسها حتى اخمص قدميها , وإذ لاحظ قدميها , بدأ يبتسم ويقول " ارى انك قد نزعت الكعب العالي اخيراً" نظرت الى قدميها المكسوين بجوربين , ثم التفتت اليه , لعلها كانت تبدو مخيفة , فشعرها اشعث ووجهها لا زينة عليه , اجابته " اعتقد ان الاحتفال قد انتهى , هل ترغب بتناول الفطور؟بعد ان حصلت ستورمي على حصتها؟" " بالتأكيد, كانت جائعة , وانا كذلك, لكن من الأفضل ان نتصل بالشرطة قبل القيام بأي شيء آخر" أومأت برأسها وهي على وشك ان تنتهي من مزج مواد القهوة مع بعضها البعض, ووافقته قائلة " سنجري الاتصال في حين ننتظر سائل القهوة ليتقطر" قام روس بسرد الحادثة التي حصلت معه الى الشرطة في الدقائق المتعاقبة . ثم تناولت كاثلين الهاتف وسردت قصتها , وعندما طلب اليهم اخيراً ان يقطعوا الاتصال , قالت كاثلين " لم يفاجئهم مثلما توقعت " " انهم ضباط في الشرطة , وهم معتادون على سماع و رؤية اشياء مفاجئة" " اظن انك على حق , لكن اتمنى ألا نضطر للذهاب الى المركز , فنحن قد بلغناهم بكل ما نعرف " هز روس كتفه وهو يجلس الى طاولة المطبخ . " انهم بحاجة لرؤية الطفلة , كي يعرفوا اننا لم نقم بتركيب هذه الرواية , وانا واثق من انهم يريدوننا ان نسلمهم الطفلة" ---------------------------------- حدقت كاثلين به بذعر , وقالت " هل جننت ؟ لن اسلمهم ستورمي!" نظر روس اليها عبر الطاولة ودهش عندما رآها ترتعد . سألها " ماذا تعنين؟ انها تعتبر الآن يتيمة , وموضوعة تحت وصاية المحكمة " هزت كاثلين رأسها بعنف" لا! لا اريدها ان تكون تحت وصاية المحكمة , فسيرسلونها الى ميتم مكتظ بالاطفال , او سيضعونها تحت وصاية والدين غريبين عنها! انها حديثة الولادة , ساروس , ولا تعرف سوانا . من الأفضل الاحتفاظ بها , على الأقل لأيام قليلة , ألا تظن ذلك ؟" اذا امكننا الاحتفاظ بها, لم يسع روس سوى ملاحظة كيف انها شملته بحديثها , وكأنه سيستمر كطرف في هذه القصة بمجملها , ليلة البارحة وقبل ان يخلد الى النوم راح يحدث نفسه بأن افضل ما قد يقوم به هو ان يسلم الطفلة الى اصحاب الشأن , ومن ثم يعود ليتابع عمله الخاص , وينسى امر ستورمي وكاثلين. ولكن مع بزوغ الفجر , وهو محتضن ذلك المخلوق الصغير بين ذراعيه , كان يخالجه شعور داخلي بانه اصبح متحمساً اكثر من كاثلين لفكرة عدم تسليم الطفلة. روس , انت تفكر الآن بعاطفتك , ومثل هذا لتفكير سيورطك في متاعب , وانت تدري ذلك! قال لها " لا اعرف يا كاثلين في حالة طفل, لا اظن ان باستطاعتك تطبيق قانون من يجد شيئاً يحظى بما وجده" وفجأة , طقطقت اصابعها ووقفت قائلة " لم اتصل بعد بباركر , بإمكانه اصلاح الأمور , فهو يعرف تماماً ما عليه ان يفعل " " من يكون باركر ؟" " باركر مونتغمري انه صديق لي , وشاءت الظروف ان يكون ايضاً محام , فقد تولى كل شؤوني القانونية عندما قتل غريغ " اخبرته بذلك وهي تتوجه الى الهاتف الموضوع على طاولة الفطور , وبسرعة بدأت تبحث عن رقمه , وهي تتابع " وله اصدقاء في مناصب مرموقة" عند الظهيرة كانت الشمس مشرقة تبهر بأشعتها , وكان طاقم موظفي الطرق , قد عمل على إزالة الجليد عن الطريق العام, ليصبح سالكاً امام المارة , وكان روس قد سحب سيارته من الخندق وتوقف امام منزله , ثم دخل ليأخذ دوشاً , ويستبدل ثيابه بأخرى نظيفة , ولدى عودته الى منزل كاثلين , كانت تنتظر جاهزة مع الطفلة ليقصدوا فورت سميث حيث مركز الشرطة . كانت قد ارتدت تنورة مخملية وقميصاً يتناسب مع التنورة , وقد اظهر هذا اللباس خصرها الضامر , كما انعكس اللون الاحمر على سواد شعرها , ولاحظ روس انها كانت تضع احمر الشفاه ايضاً, ووجد صعوبة في حجب عينيه عنها, خاصة عن شفتيها اللتين كانتا تبتسمان له. " اني مسرورة ان اراك وقد عدت في وقت قصير " وسألته عما اذا كانت الطريق قد انجلى عنها الجليد , ويمكن اجتيازها بسلامة, وخاطبها بالقول " هناك رقع كبيرة من الثلج في بعض الأماكن , لكن العمال قد فرشوها بالرمال , اضافة الى وجود حركة سير الآن, فلابد ان تكون الطريق سالكة" قدمت كاثلين اقتراحاً لروس" علينا ان ننزل بسيارتي, فالاطاران الأماميان فيها يدفعان بقوة , وبالتأكيد لا يهمني ان توليت انت القيادة . فأنا لا اجيد القيادة على الجليد" -------------------------------- ابتسم لها ابتسامة عريضة ساخرة , وقال " هل تظنين اني اجيد القيادة على الجليد؟ لو كنت قد رأيتني ليلة البارحة , لما طلبت مني ان اجلس وراء مقود سيارتك " اخرجت المفاتيح من محفظتها وقدمتهم له , وهي تقول " اني اثق بك, سأخرج ستورمي ساعة يدور محرك السيارة " حين غادروا المنزل بعد مرور دقائق قليلة , لم يكن روس متحمساً للقيادة , فزلة خاطئة منه ويتسبب بأذى لكاثلين والطفلة , وسببت تلك الفكرة تشنجاً في معدة روس وهو يقود السيارة نزولاً وببطء على تلك الطريق الملتوية , ومن ناحية اخرى , بدت كاثلين مرتاحة تماماً , ومأخوذة بجمال الثلج والطفلة بين ذراعيها.ريحانة خاطبت روس" ياليت كان عندي ثياب تناسب ستورمي فالشيء الوحيد الذي وجدته كان قميصاً منكمشاً لي, كان كبيراً بالنسبة لحجمها , لكني اظن انه يحل فستان طويل " " سنشتري لها بعض الأغراض فور انتهائنا من التحقيق مع الشرطة" بذلك اجابها وهو يقود السيارة بحذر فوق الرقع الكبيرة من الثلج و الجليد. " اعلم انه لا ينبغي ان احملها في حضني تضرب باصبعها على ذقنها وهي غارقة في التفكير " وعلي ان احظى ببعض زجاجات و الحفاضات" التفتت الى روس , وقالت " لم اتصور ابداً كم من الاشياء يحتاج المولود الجديد!" ادرك روس ان عليه تذكيرها بأن الطفلة ستبقى معها لفترة قصيرة من الوقت , لكنه لم يستطع قول ذلك, اذ انه رأى كيف كانت تضم الطفلة الى صدرها , والحنان باد على وجهها في كل مرة تنظر اليها , لم تكن ترغب في التخلي عنها, وروس كان يعتريه شك بالنسبة للموضوع. قابلهم محمامي كاثلين في مركز الشرطة , كان في حوالي الأربعين من العمر , حسب تصور روس , وهو ذو شعر اشقر وعينين بنيتين كانتا ترقبان روس وتتفحصانه حيناً, وحيناً آخر كان يبتسم لكاثلين. لم يكن بمقدور روس التكهن ما إذا كان قد احب الرجل ام لا, لكن بدت ثقة كاثلين فيه مطلقة , لذا تصور ان ذلك كان الأهم . وحين انتهت مقابلتهم مع الشرطة , تمشي معهم المحامي حتى الموقف . وقال لكاثلين " ليس عليك ان تقلقي بصدد اي شيء , فقد تكلمت مع القاضي لوتون , ووافق على السماح لك بحق الوصاية على الطفلة لحين يجدون لها عائلة تقوم برعايتها " انكشمت كاثلين في داخلها, وسألته " كم سيستغرق الأمر من وقت ؟" هز المحامي رأسه " هذا سيكون رهناً بالدائرة المنوطة برعاية الأطفال , وكم يلزمهم من الوقت ليجدوا لها البيت المناسب , على اية حال , قريباً يتصل بك احدهم , فلا تقلقي" ------------------------------- طأطأت رأسها لتعلمه انها فهمت قوله وشكرته لأنه اعطاها من وقته كي يساعدها في يوم العيد. بعد ان ودعاه ودخلا الى السيارة , التفتت كاثلين الى روس وقالت " لا ارغب في ان تذهب ستورمي الى زوجين لديهما عائلة كبيرة من الاطفال! اريدها ان تحظى بالعناية والاهتمام التي تحتاجهما" " كان عليك توضيح هذه النقطة للسيد مونتغمري " اجابها بذلك وهو يدير محرك السيارة. هزت كاثلين كتفها, وعبست قائلة " اعرف , لكني لا اعتقد انه يفهم شعوري تجهاهها , مثلما تفهمه انت" " انا افهم شعورك ؟" جحظته بنظرة جانبية وهي ترتب البطانية حول وجه الطفلة وتقول" نعم, انت تفهمني , تعرف اني احبها واريدها ان تبقى في بيت محب, وانت تملك نفس الشعور" اجاب بتعبير كئيب " نعم, لدي نفس الشعور" خرج بالسيارة من الموقف الى الشارع , لاحظ كاثلين وهي تضغط بخدها على خد الطفلة , وكانت الدموع تلمع في عينيها, وقد مزق هذا المنظر قلبه. " آه يا روس , حين كانت الشرطة تحقق معنا, ويلحون على معرفة الأم الحقيقية , اردت فقط ان اصرخ في وجوههم , ان لا وجود لأم اخرى لها, وبأني انا أمها! هل من الجنون ان يساورني مثل هذا الشعور ؟" كان صوتها يرتعش , وادرك ان الساعة التي انقضت قد هزتها اكثر من لو افشت سراً , فقال " كلا ليس هذا بجنون , لكن ..." نظر اليها نظرة خاطفة , ومن ثم تمنى لو انه لم ينظر , لأن عينيها الخضرواين الدامعتين كانتا تحدقان به, وتترجاه بأن بمنحها بعض الاطمئنان.ريحانة تنفس روس بعمق , ثم قال " انظري يا كاثلين , اظن انك ستتأذين ان سمحت لعواطفك بأن تتعلق بالطفلة , وقريباً جداً ستقولين لي انك ترغبين في الاحتفاظ بالطفلة لنفسك" كانت قد راودتها هذه الفكرة اكثر من مرة في الليلة الماضية , فطالما كانت ترغب بطفل منذ وقت طويل. والآن وكأن الحظ قد تعمد وضع طفلة في حضنها , وهذه الطفلة بحاجة لمأوى, وقد تكون هذه الطفلة من نصيب كاثلين وفرحتها الوحيدة في الحصول على طفل. " لا اعتقد انني اخبرتك بذلك, لكنني منذ وقت وانا ارغب بطفل" مررت اصابعها فوق شعر الطفلة الأسود وتابعت" لم لا احتفظ بها؟" " لا ادري يا كاثلين, لكنني اتصور كونك عزباء سيكون الأمر صعباً عليك برعايتها بشكل مستمر , اضافة الى انه قد يكون لديها اقرباء آخرون يرغبون في الاحتفاظ بها" ضمت كاثلين الطفلة الى صدرها" آه, يا ريس , تظن انهم سيأخذونها اليس كذلك؟" " كاثلين , اريدك ان تفكري في كل الاحتمالات, ولا اريد ان يخيب ظنك" اخرجت كاثلين منديلاً من حقيبتها ومسحت عينيها بحذر , ثم قالت " اعرف يا روس , وآسفة لأنني انفعلت. احسب ان الأربع وعشرين ساعة الماضية كانت بمثابة ضغط على اكثر مما كنت اظن" " لم لا تنسى كل هذا الآن, فلديك حق الوصاية في الوقت الحاضر" واقترح عليها بأن يأخذاها الى طبيب كي يجري لها فحصاً عاماً ويشتريا لها بعض الحاجيات. " انت محق , اليوم تبدأ السنة الجديدة, فلنستمتع بهذا اليوم" " جيد قد ادعوك الى عشاء في الخارج لاحقاً, لأوفيك حقك عن الافطار الذي حضرته لي"ارتفعت معنوياتها , وبدت ابتسامة سخرية على شفتيها ...
الفصل الثامن
بلغ وزن ستورمي ستة باوندات ونصف الباوند, واكد لهما الطبيب على انها بصحة جيدة, واشار على كاثلين بوصفة غذائية للطفلة , كما قدم لها عدة كتيبات صغيرة تتضمن معلومات قد تساعدها . ترك روس و كاثلين العيادة الطبية وهما سعيدان ومرتاحان لحالة الطفلة الصحية. وجدا مخزناً مخفض الأسعار , كان قد فتح ابوابه للزبائن في ذلك اليوم على الرغم من انه كان يوم عطلة , وبدأ الاثنان يملآن عربة التسوق بوجبات غذائية للآطفال , وبالحفاظات وزوجاجات للحليب وعربة اطفال. وعندما وصلا الى قسم الملبوسات , بدأت كاثلين تضع في العربة انواعاً مختلفة من الألبسة, لكن روس لم يتفوه بكلمة كي لا يحزنها , فقد شاهدها لمرة ذلك اليوم وهي تبكي , وان كانت ستجد سعادتها في شراء ملابس للطفلة فانه لن يفسد عليها ذلك. وتم الاختيار على ان يتناولا طعامهما في مطعم قريب متخصص في وجبات من صنع منزلي , وبما انه كان ذلك اليوم يوم عيد, فقد قدمت فيه اطباق من الفاصوليا ولحم و خبز الذرة , بالاضافة الى اطباق رئيسية . قالت كاثلين لروس بإلحاح" فلنأكل الفاصوليا , ليكون حظنا هذا العام سعيداً ألا تؤمن بذلك بذلك ؟" " ان كنت تؤمنين بذلك, يا كاثلين , فسآكل الفاصوليا" ------------------------ اعاد قائمة الطعام الى النادلة وتابع " انا اطلب طبقي مع قطعة من السمك المقلي" وقر رأي كاثلين على الطبق نفسه . وسألت النادلة ان باستطاعتها تحضير زجاجة حليب لستورمي , وافقت المرأة بلطف , وفي الوقت الذي كانا ينتظران فيه وجبتهما , ارضعت كاثلين الطفلة زجاجة الحليب. وهي جالسة في مقعدها قبالة روس , والطفلة بين ذراعيها , اخذت تتساءل ان كان الشعور بعائلة حقيقية هو على هذا الشكل , العائلة التي طالما رغبت بها , فالطفلة لم تكن طفلتها , ولا طفلة روس , لكن الليلة فقط ارادت ان تتظاهر انها امرأة محبوبة من هذا الرجل الوسيم الذي يجلس قبالتها, ومقابل ذلك الحب , منحته ابنة جميلة . حيث ان ستورمي انهت زجاجتها , قامت كاثلين ووضعتها في عربتها الجديدة, وعلى الرغم من انها لم تكن تزن شيئاً , فقد بدأ التعب يظهر في ذراعي ماثلين , وادركت ان من الأفضل ان تسند جيداً رقبة و ظهر الطفلة.ريحانة وصلت وجبة الطعام في الوقت الذي كان قد سوى فيه امر الطفلة , واثناء تناولهما الطعام راحت كاثلين تحث روس على اخبارها المزيد عن نفسه , وقالت له " اشعر وكأنك تعرف كل شيء يتعلق بي وبعائلتي , إذن اخبرني انت شيئاً عنك , هل ترعرعت في سان انطونيو؟" " بل في ضاحية المدينة , هل سبق ان ذهبت الى هناك ؟" اومأت كاثلين برأسها , وقالت " كلا , فقد زرت تكساس الشرقية حيث سيتقاعد فيها والدي في الربيع المقبل" " آه , حسناً" قال وهو يقطع قطعة السمك الى شرائح "إذن عليك ان تزوريها يوماً ما , انها مكان جميل , ينبغي على كل انسان ان ينزل الى ريفر ووك ليشاهد آلامو " نظرت الى وجهه , ثم انخفضت نظرتها الى كتفيه العريضين , كان يلبس قميصاً بنى اللون, تتخلله خطوط سوداء رفيعة , ولو ان اي رجل آخر ارتداه , لكان بدا عليه بسيطاً , لكنه على روس فقد كان مثيراً بكل مافي الكلمة من معنى . اجابته" ربما قد اتمكن من زيارتها يوماً ما " اراد روس ان يقو لها ان بامكانه اخذها الى تكساس , لكنه فضل الصمت, فقد سبق ان سمح لنفسه بالتورط مع هذه المرأة اكثر مما كان يقصد. سألته " إذن ما حدا بك حقيقة للانتقال الى هنا؟ عدا عن الفرصة التي توفرت لك لتحل محل رفيقك كمدرب!" "منذ ان تخرجت في الخريف الماضي , كان من الصعب عليّ هذه الوظيفة , قررت ان هذه الوظيفة هي ما كنت ابحث عنه " " وعم كنت تبحث؟" اشتبكت عيناه الرماديتان بعينيها عبر الطاولة , وعلى الرغم من انها كانت برفقته طوال النهار , فقد شعرت بارتباك من نظرته , كما حصل , صباحاً على مائدة الافطار.ريحانة " كنت ابحث عن مدرسة , حيث الأكاديميون فيها على قدر من الأهمية مثل الرياضيين , مدرسة تأخذ بجدية قدراتي التعليمية مثلما تقدر قدراتي كلاعب بايسبول , فالرياضة جزء كبير من العلم, لكن المعرفة امر حيوي من اجل النجاح" -------------------------------- " وعليك ان تعلم بأنك قد احطت بكل شيء " وغرقت في التفكير , انه رجل شغوف بعمله , وراسخ الايمان بما يفعل , تماماً مثل والدها وشقيقها , وليس مثل غريغ الذي كان سهل الانقياد قابلاً لتغيير مايؤمن به, خاصة إيمانه بأن المال تنتقل ملكيته من شخص الى آخر. " كثيرون من الناس يظنون اني مجنوناً لأنني اخترت التعليم بدل ان اختار مهنة تؤمن لي راتباً اكبر بكثير" قالت له " المال ليس كل شيء فزوجي السابق قد جنى الكثير من المال لم اتعود على امتلاك مثلها من قبل, لكنه لم يكن سعيداً على الأقل معي" كانت قد صعقته بكلماتها , إذ انه لم يتوقع منها ان تحدثه عن امر خاص بها, والآن وبما انها قد فعلت ذلك , فجل ما كان يفكر به كم انه سعيد بأن ينظر اليها ويكون برفقتها. " انا آسفة " همست بارتباك, ثم حدقت في الصحن امامها وتابعت " ماكان عليّ ان اخبرك بذلك, لا ادري لم فعلت" مد روس يده من فوق الطاولة , امسك يدها وقال " يا كاثلين انظري إليّ" نظرت اليه وقلبها يجيش بمشاعر حارة وحلوة حتى ان الدموع احرقت عينيها. وتابع " تستطيعين قول اي شيء ترغبين به, مهما يكن, نحن الآن اصدقاء , اليس كذلك ؟" حتى اللحظة لم تكن كاثلين قد لاحظت كم كانت هذه الكلمة مميزة بالنسبة لها . " اجل , نحن اصدقاء , و إني سعيدة " كان الظلام قد خيم في الوقت الذي تركا فيه المطعم , وفي طريق عودتهما الى الجبل, قرر روس ان يقضي الليلة في منزله الخاص , فقد ادرك انه لم يعد بإمكانه الوثوق بعواطفه تجاه كاثلين , وببقائه لوحده معها. عندما وصلا الى منزل كاثلين , واخبرها بأنه عائد الى منزله , حدقت فيه باندهاش, واجابته " آه , ياروس, هل انت متأكد من ذلك؟ غايتي ان تبقى الليلة معي ومع ستورمي" شعر روس بأنه يتمزق إرباً لخيبة الأمل التي بدت على وجهها , لكنه أصر على قراره" اعلم انك كنت تنوين إبقائي هنا , لكن الآن وقد عرضت ستورمي على الطبيب , ولديك كل ما تحتاجين اليه , ستكونين بخير " لم تكن كاثلين من قبل ضعيفة او متشبثة بفكرة , وبالتأكيد لم تكن ترغب الآن في ان يأخذ روس عنها فكرة مماثلة.ريحانة " طبعاً , سأكون بخير , لما لا . هناك آلاف الأمهات في الخارج , استطيع ان انجح. وعلى اي حال فقد كان من اختياري الاحتفاظ بالطفلة , فهي مسؤولة مني وليس منك" كان يجب ان يكون روس مرتاحاً لتصرفها المستقل , لكنه لم يكن كذلك. شعر وكأنه وضيع , واكثر من ذلك انه مهمل ومنفصل عن عائلة آنية كان جزءاً منها خلال يوم كامل. لكن الأمور كانت دائماً على هذه الحال بالنسبة لروس , فوالدته كانت تدفع به الى والده ليتولى امره, وعندما تزوج من امرأة اخرى وانجبت اولاداً ارسله والده الى والدته , ومن ثم تزوجت والدته ثانية , ولم يعد جزءاً من حياتها الجديدة , او في عداد اولادها الجدد. ويوم تخرج من الثانوية العامة, ترك المنزل , وهو يقسم انه لن يبقى في منزل ليس بحاجة اليه, او غير مقبول فيه. ------------------------------------ " نعم , حسناً ان احتجت الي تعرفين اين اكون , الى اللقاء يا كاثلين" اجابته " الى اللقاء" ثم اخذت تراقبه بتعابير حائرة على وجهها , وهو يخرج بسرعة من الباب , فقد انقلب فجأة , في الدقائق القليلة الاخيرة من صديق دافئ يهتم بالآخر الى غريب بعيد. ما عساها تكون قد قالت او فعلت ؟ او هل كان يحاول القول لها بسهولة بأنه قد قام بما يتوجب عليه... قد انقذ حياة الطفلة , وتورطه قد انتهى ؟ لقد بعثت فيها الفكرة احساساً بالوحدة , وبالرغم من ان لديها الطفلة لتهتم بها , فلم تستطع إزاحة الشعور الحزين عنها , او ان تكف عن التفكير بروس دوغلاس. *** سألت إيلا غالاغر ابنتها " كاثلين , هل انت واثقة مما تقولين ؟ فرعاية طفل مسؤولية بالنسبة لزوجين , وعليهما اخذها بعين الاعتبار, وانت ليس الى جانبك زوج يساعدك في تنشئة الطفلة. صدقيني يا حبيبتي هذا امر عليك التفكير به ملياً" نقلت كاثلين سماعة الهاتف الى اذنها الأخرى , ثم قالت " لقد فكرت في المسألة يا أمي , فقد فكرت في الأمر منذو ان حملتها لأول مرة بين ذراعي, آه يا امي كم هي غالية وجميلة " تنهدت إيلا وقالت " نعم, اعلم يا كاثلين , جميع الأطفال اعزاء وعلى قدر من الجمال, ثم يكبرون فيصبحون مرتهقين مبكري النضج. صدقيني ان تربية طفل حتى يصبح راشداً , امر ليس بالسهل" عبست كاثلين وهي تسمح الزبدة على قطعة خبز, وقد ثبتت الهاتف بين كتفها وأذنها " إذن انت تحاولين ان تحبطي عزيمتي , وتعتقدين اني سأرتكب خطأ يا امي , فأنت تعلمين كم كنت ارغب بطفل في الماضي" " اعلم يا كاثلين , انها رغبة والدك ايضاً, ونرغب في ان يكون لديك طفل بقدر رغبتك انت, اردنا فقط ان يكون لديك طفل وإلى جانبك زوج" " حسناً, وانا اردت المسألة ان تكون على هذا الشكل ايضاً, لكن هذا الشيء لم يتحقق" وتوقفت للحظة ثم اخذت نفساً عميقاً " انظري يا امي , وسأخبرك ايضاً بأن اول شيء قمت به هذا الصباح هو ان اتصلت بباركر مونتغمري واخبرته عن تصميمي برعاية ستورمي " " وماذا قال ؟" " اولاً, يجب الاهتمام بالظروف المحيطة بوالدي الطفلة الحقيقيين . ان تمكنت السلطة من العثور عليهما , ومسألة كوني ارملة ايضاً لن تساعد في حل الأمور .. لكنه قال ايضاً بأن فرصتي برعاية الطفلة واردة للبحث " صمتت إيلا لوقت طويل, مما دفع كاثلين الى التساؤل ان كان قد اغمي عليها" امي! هل مازلت هنا؟" " نعم, نعم , انا لا ازال هنا, كنت فقط افكر" " بماذا تفكرين ؟" سألتها بسرعة , كل ماتحتاجه كاثلين الآن , هو دعم عائلتها لها , وكانت ترجو لتحظى به. -------------------------- " ان كان هذا ما تريدينه حقاً, فأنت تعرفين بأني انا ووالدك سنعمل ما بوسعنا لمساعدتك" ترقرقت الدموع في عيني كاثلين وقالت " احبك يا أمي" " ان كنت تحبينني حقاً , تعالي الليلة , لتناول العشاء معنا, واجلبي الطفلة معك, فنحن متشوقون جداً لرؤيتها , واصطحبي ايضاً ذلك الشاب الذي وجدها , نود ان نتعرف اليه" " كيف عرفت انه شاب ؟ فأنا لم اخبرك عنه" ضحكت إيلا واجابت " عرفت , يجب ان يكون شاباً, لأن رجلاً كبيراً في السن, لا يستطيع حمل طفل والصعود به الى الجبل وسط عاصفة جليدية , باستثناء والدك على الأرجح" قالت ذلك بنتباه, ثم ضحكت ضحكة ساخرة . لطالما اذهلتها استنتاجات والدتها , ضحكت كاثلين واجابت " انت محقة , فهو شاب ووسيم , وسأحاول ان آتي به و بالطفلة قبل ان تبدأوا بالعشاء " قالت إيلا " سنبقى بانتظارك" وبعد وداع سريع , اقفلت الهاتف.ريحانة كانت الساعة الثالثة من بعد الظهر, ولم تكن كاثلين تعلم بعد ما ستفعل بخصوص دعوة روس الى العشاء في بيت المزرعة. كانت متأكدة انه سيعود في ذلك اليوم ليطمئن عليها وعلى الطفلة , لكنه لم يظهر حتى الآن , وبما انه كان يوم سبت, فقد ادركت كاثلين انه قد لا يكون في المدرسة , وحيث انه جديد في المنطقة , فكانت تشك في انه يقوم بزيارة احد الاصدقاء. حسناً, ان لم يظهر قريباً, ستذهب بسيارتها الى منزله , قد لا يكون يريد رؤيتها , لكنها هي ارادت ان تراه . وبما ان كاثلين ليست من النوع الخجول , فلن تهتم ان قالت له ذلك, او ان تدعوه لتناول العشاء معها ومع عائلتها . كان روس واقفاً بالقرب من نافذة غرفته الأمامية, ثم رفع فنجان قهوته الى شفتيه وهو شارد الذهن , يحدق في التلة المغاطاة بالأشجار والتي تؤدي الى منزل كاثلين . كان قد شغل نفسه طوال النهار , وهو يفرغ صناديقه من محتوياتها , الى ان انتهى من آخر غرض لديه. وخلال فترة عمله لم ينفك ابداً عن التفكير بكاثلين و الطفلة , فقد اشتاق اليهما, وكلما حاول اقناع نفسه بأنه لا حاجة به لهما , كلما زادت رغبته في رؤيتهما. بات روس يحاور نفسه قائلاً" انك الآن في التاسعة والعشرين من عمرك , وقد مرت بك هذه السنوات ولم تختر لنفسك امرأة تهواها , ولمجرد ان كاثلين تبدو امامك بنعومتها وجمالها . لا يعني هذا انها قد تكون مهمة في حياتك, لكنه كان يحتاجها , ومن ودونها كان يحس بالوحدة . إذن لِمَ كان يقاوم ؟ لِمَ لم يذهب بسيارته لرؤيتها؟ لأن احساساً جنونياً كان يتملكه , ففي اللحظة التي سيراها فيها ثانية لن يستطيع لجم نفسه عن الوقوع في غرامها , ان لم يكن فعلاً قد وقع في حبها. ارتدت كاثلين تنورة مزينة بمربعات باللونين البني و الخمري الغامق , وبلوزة بيضاء وانتعلت جزمة جلدية, وما ان سمعت جرس الباب حتى رمت بفرشاة شعرها جانباً, وهرعت لتجيب. ------------------------- في اللحظة التي فتحت فيها الباب ورأت روس واقفاً على العتبة وابتسامة عريضة قد ارتسمت على وجهه , خفق قلبها من الفرح. " روس! كنت ابحث عنك طيلة اليوم , كما كنت على وشك ان اعتقد بأنك قد نسيتني ونسيت ستورمي " كان روس يفكر , بأنه كاد ان يفعل .. امسكت كاثلين بيده وقادته الى داخل المنزل. " كلا! لم انس , كنت اعمل.. كنت افرغ اغراضي " لم يرغب في الاعتر اف انه الآن فقط قد عزم على المجيء ليراها , ثم فكر لعله كان مخطئاً في القرار الذي اتخذه , لكن تفكيره لم يكن على هذا النحو , والآن وهو موجود هنا , وقد شاهدالابتسامة على وجهها , شعر بارتياح داخلي , وغمرته سعادة لا توصف كما لم يشعر ابداً بمثلها في حياته. " كيف حال الطفلة ؟ هل ايقظتك كثيراً ليلة البارحة ؟" تقدمت كاثلين نحو الكنبة حيث كانت ستورمي راقدة. واجابت " انها بخير, كلا استيقظت مرة واحدة ليلة البارحة " لم تكن كاثلين ترغب في الاعتراف لروس بأنها قضت ليلة امس مستيقظة بسببه وليس بسبب الطفلة , لقد مضى على وجودها في هذا البيت اكثر من سنة , لكنها لم تتذكر مرة ان المنزل كان هادئاً وفارغاً كما هو الآن , حتى ان وجود الطفلة لم يعوض عنها غياب روس , لكنها لم تقدر على البوح له بذلك , فقد يبدو عليها وكأنها مغرمة به, وهي ليست مغرمة به؟ اليس كذلك؟ جلس روس الى جانب الطفلة , ولم يقو على منع نفسه من لمس شعرها وخدها الصغير الناعم , كانت كاثلين قد البستها فستاناً ابيض , وقد رسم على صدره قلوب و اقواس حمراء صغيرة . الآن وهي في لباسها هذا لا تبدو ذلك المخلوق الصغير الذي وحده في صندوق الكرتون. تبسمت كاثلين لكل منهما, الآن , وقد اصبح روس بينهما, احست ان لا شيء ينقصها قالت " سآخذها لتتعرف عليها عائلتي , اي سنأخذها الى هناك , فأنت مدعو ايضاً" سألها مندهشاً" أنا؟ آه... لا ... لا ... لا يمكن ان اكون مدعواً , فعائلتك لا تعرفني!" ضحكت كاثلين للتعبير الذي بدا على وجهه على اثر الصدمة , واجابت " بالطبع , لا يعرفونك , لذا يريدون التعرف اليك. فقد اصبحت بطلاً , اتعرف هذا" هز روس رأسه بامتعاض وقال " انا لست بطلاً, ولا اي شيء قريب من ذلك" عاد فنظر الى الطفلة وتساءل , عندما تصبح هذه الفتاة الصغيرة شابة , هل سيعني لها شيئاً ؟ وهل قد تصبح جزءاً من حياته؟ لقد دفعت له هذه الاسئلة الى ملاحظة ماهية الخسارة التي سيشعر بها إن ألا اكون في حياته اطفال . واكثر من ذلك فالخسارة ألا اكون جزءاً من حياة اطفال. واكثر من ذلك فالخسارة ألا اكون جزءاً من حياة هذه الطفلة . " هل انت متأكدة من ان عائلتك حقاً دعتني ؟ وانت لا تفرضينني عليهم؟" ------------------------------- ضحكت كاثلين "لا يمكنك ان تفرض احداً على عائلة غالاغر , صدقني" " حسناً لست في لباس لائق لعشاء عائلي" حدقت بثيابه وقالت " انك لا تبدو عارياً تحت هذه السترة ! اليس كذلك؟" سألته بسخرية ؟ وبابتسامة ساخرة على شفتيه, ازاح جانباً من سترته ليريهما قميصاً اسود كان يرتديه . " إذن سآتي بعربة ستورمي , وبحقيبة الحفاضات وننطلق الى هناك" لم يسبق ان دعي روس من قبل امرأة للقاء والديها او عائلتها, ولم يكن متأكداً تماماً من انه يرغب في الذهاب , وبما ان كاثلين كانت برفقته وقد اصبحوا في منتصف الطريق المؤدية الى المزرعة , فلن يستطيع الالتفات الى الوراء او الهروب. " اخي سام هو اكثر هدوءاً ورصانة , ونك هو المازح المزعج الذي تعود على مضايقتي بمزاحه منذ اصبح يافعاً وعالماً بذلك" اخبرته كاثلين بذلك و السيارة تنحرف بهما الى مفرق يؤدي الى بيت المزرعة. " وشقيقك الجاد سام كان دائماً يأتي اليك ليواجهك " ضحكت " كيف عرفت ؟" استطاع روس ان يسمع في صوتها نبرة حنان وهي تتحدث عن شقيقيها , واخذ يتساءل كيف يبدو ذلك المكان الذي تكن له كاثلين حباً في قلبها . كانت امرأة متميزة , والرجل الذي ستحبه سيكون مميزاً, وليس شخصاً على غراره. واجاب " انها مجرد احجية" حدقت كاثلين به , واستقر نظرها بتقدير على شكله الجانبي الجريء وقالت " آه , على الارجح ان لديك اخاً او اختاً . اليس كذلك؟" علت محياه عبسة خفيفة " ليس لدي اخوة او اخوات" نظرت اليه وكان الارتباك واضحاً عليها " لكنك قلت ان لديك دزينتين من الأشقاء و الشقيقات" طأطأ رأسه , وبدا على محياه تعبير رزين , واجاب " نعم, لدي شقيقان , وثلاث شقيقات لكني لا اعتبرهم اخوة واخوات حقيقيين , كانوا صغاراً حين ترعرعرت بينهم , وقد بقيت مع بعضهم فترة اطول من تلك التي امضيتها مع بعضهم الآخر" وفكرت كاثلين , انه لأمر محزن جداً, لا يمكنها ان تتصور حياتها من دون نك او سام , او الحب و الرفقة التي يتشاطرونها .ريحانة احست بجرح شعورها إذا علمت ان روس لم يتعرف ابداً على مثل هذا الحب والحميمة, عندما دخلت كاثلين الى المنزل ومعها روس و الطفلة , وجدت العائلة تنتظر في غرفة المطالعة , حتى ان كلبي سام الضخمين , جايك وليو , كانا ممددين امام لموقد. " هاهم قد وصلوا" اندفع والدها يقول بصوت مدوي , لدى رؤيته ابنته تدخل من عتبة الباب. أثار اعلان والدها عن وصولهم اهتياجاً, ووجد روس نفسه مع كاثلين و الطفلة مطوقين , وتطلع الى هذا الجمع بانبهار وقد انطبعت في ذاكرته صورة لثلاثة اشخاص طوال متيني البنية , وثلاث نساء جذابات جداً. -------------------------------- قالت كاثلين حيث كان الجميع يتكلمون معاً" اعرفكم على روس دوغلاس " نظرت الى روس الذي كان لايزال على مقربة منها, وقالت باعتزاز"روس , اقدم لك أمي و ابي" طأطأ برأسه محيياً الزوجين الكبيرين في السن , اللذين لا يزالان يحتفظان بمسحة من الجمال وقال " سعيد بلقياك يا سيد غالاغر" اجابه الوالد " ونحن مسرورون بلقائك , نحن هنا عادة لا نتقيد بالشكليات" تابعت كاتلين تعرف باقر افراد العائلة على روس " وهذا الرجل المتحجر الوجه الذي يلبس قميص فانيلا هو اخي سام, والجميلة المتعلقة به هي زوجته الجديدة اوليفيا" " مرحباً, سام واوليفيا "حيا كلا منهما , ثم اومأت كاثلين بيدها الى شابين , و قالت " وهذا الجميل الشكل يكون اخي نك, العسكري , وطبعا تلك خطيبته الحلوة اليسون , وبالقرب من جايك وليو هناك بن ابن اليسون" احاط روس بنظره الجمع كله, وقال " اني سعيد بلقاء عائلة كاثلين , وآمل ألا اكون دخيلاً عليكم" اجابه الوالد " هراء, يا بني! نحن نحب دائماً ان نرى وجهاً جديداً هنا" قال نك" حسناً, فنرى اذن الطفلة, فأنت قد خبأتها تحت كل هذه البطانيات , هل تحاولين خنقها يا اختي ؟" نظرت كاثلين الى اخيها , واجابت " ليس كثيراً, فالطقس بارد في الخارج, ام انك لا تدرك ذلك لأنك واقع في الحب؟" بضحكة خبيثة منه , التفت نك الى اليسون " هل كنت تعلمين ان الطقس بارد في الخارج ؟" سألها ثم حول نظره الى شقيقته , وكان قد بدا على وجهه تعبير ساذج مبالغ فيه, وتابع " لم نعلم يا اختي " قالت إيلا " اعطني تلك الطفلة , لن ابقى واقفة انتظر, في حين انتما تتشاجران " واخذت ستورمي من كاثلين وحضنتها , تبعها الجميع وفيما كانت إيلا تنتزع البطانيات عن الطفلة , تجمعوا حولها ليلقوا نظرة عليها. " انظر اليها يا سام" قالت اوليفيا بصوت خافت " اليست رائعة؟" وقالت اليسون متعجبة " انظروا الى ذلك الشعر الأسود" وهم نك بمضايقة كاثلين فقال " يمكننا التخلص من هذا الشعر في الحال" فماكان من كاثلين إلا ان همهمت . قامت كاثلين توبخه " انها ليست واحدة من جنودك يا نك!" قالت ذلك بصوت غاضب" لا اصدق ان احداً قد تركها في العاصفة" وافق الوالد بالقول " و لا انا يمكنني تصديق ذلك , واي يكن الفاعل , فانه يستحق ان يعلق من قدميه ويشنق في الشمس الحارة حتى يجف" إيلا التي لم تتفوه بكلمة حتى الآن , التفتت الى زوجها , وعيناها تلمعان بالدموع , وقالت " انها شبه كاثلين عندما ولدت " ------------------------------- ربت على كتف زوجته , واجاب"عزيزتي تعرفين ان ذلك غير ممكن" " لا تجادلني لقد عانيت من الألم و العذاب خلال الاثني عشرة ساعة التي سبقت ولادة كاثلين , وكان علي ان اعرف كيف كانت تبدو عندما اخيراً ابصرت النور. وكانت تماماً مثل هذه كتلة من الشعر الأسود , وهاتان العينان , ستنقلبان خضراوين قبل ان تبلغ السنة . اني متأكدة من ذلك" ضحك الوالد من كلام زوجته , وقال " ويمكنني ان ارى انك قد اعتبرتها ايضاً كفرد من عائلة غالاغر" " حسناً, ستكون من آل غالاغر, ان استطاعت كاثلين ربح دعوى حضانتها " استقام روس في وقفته من الصدمة , هل كانت كاثلين تحاول الحصول على حضانة ستورمي؟
الفصل التاسع
نظر روس الى كاثلين فرأى وجهها يتوهج فرحاً وهي ترقب عائلتها التي بدأت اهتماماً غير عادي بـ ستورمي. " كاثلين؟" عندما استدارت لتجيب , امسكها بذراعها وقادها الى مكان في الغرفة بعيد عن الآخرين . " ماذا بشأن حضانتك لستورمي ؟ انت لم تخبريني شيئاً يتعلق بهذا الأمر ؟" وفجأة , احست كاثلين بالذنب تجاهه , لقد ارادت ان تخبره بما صممت عليه. في الواقع كانت تريد اخباره قبل اي شيء آخر , لكنها كانت شبه خائفة من ان يمانع فيما قررته , قالت له " اعرف, كنت اريد ان اخبرك لاحقاً" لم شعر فجأة وكأنه غير مرغوب فيه؟ من الواضح ان عائلتها قد علمت بقرار حضانتها للطفلة , لكنه هو لم يعلم , وراح يوبخ نفسه, انها تحب عائلتها , فلا تتوقع ان تعاملك بالمثل, اليس كذلك , وسألها " إذن لقد عزمت على قرارك؟" خامرها في تلك اللحظة شعور بأن لمسة منه قد تشعرها بالاطمئنان فمدت يدها الى يده, وشبكت اصابعها باصابعه, ثم قالت " ادرك اني ارملة وقد اواجه متاعب للحصول عليها, لكني سأحاول يا روس, فقد احببتها لا يمكنني التخلي عنها " --------------------------------63 كان روس قد وقع في غرام كاثلين , لم يعرف متى حصل ذلك وكيف , لكنه قد حصل , و الآن وهو ينظر اليها محاطاً بهذه العائلة الكبيرة المحبة, كان يتساءل ان كان كفؤاً لينضم الى هذه العائلة. كان العشاء عبارة عن وجبة كبيرة من الطعام المنزلي الصنع البسيط و كانت الأحاديث صاخبة , اذ قام الجميع بسرد جميع انواع القصص على روس التي تدرجت من احداث حصلت معهم في المزرعة الى اخبار مازحة عن ايام الطفولة. اما بالنسبة لأليسون فقد قصت عليه كيف انها قبلت خاتم الخطوبة من نك, فقط لأنها خافت ان يرمي بها في زريبة الحيوانات ان رفضت. وفوق ذلك كان روس مستمتعاً اكثر بوجوده بين عائلة كاثلين , فقد كانوا مجموعة منفتحة , يقولون ما يفكرون به, وإذا ما ارادوا الاستطلاع عن اي شيء حوله , كانوا يوجهون اليه اسئلة مباشرة دون اللجوء الى التلميح باسئلة خبيثة. بعد العشاء اخذ الرجال قهوتهم الى غرفة الجلوس , في حين الحت اوليفيا واليسون على كاثلين للصعود معهما الى الطابق العلوي , كي يلقين نظرة على فستان في مجلة للعرائس. احتجت كاثلين " ماذا عن ستورمي ؟" لكن الامرأتين استمرتا في حثها على الصعود. طمأنتها اوليفيا بأن إيلا هناك, وهي تستبدل لها الحفاض , ستكون بخير. عندما دخلن غرفة نوم كاثلين القديمة واغلقن الباب , القت كاثلين نظرة عابرة في الغرفة , ثم سألت " حسناً, اين المجلة ؟ هل الفستان قصير ام طويل؟" لم تبدو اليسون مرتاحة, في حين ان اوليفيا قهقهت " لا توجد مجلة, اعني ان اليسون ما زالت تبحث عن فستان . اولاً اردنا ان نصعد بك الى هنا لأسباب اخرى " نظرت كاثلين الى السيدتين" اي اسباب اخرى ؟" ابتسمت اليسون " لقد سمعنا كل شيء حول الطفلة" " حسنا...." وانهت اوليفيا الحديث عنها " ونريد ان نعرف عن روس" تقوس حاجبا كاثلين الى اعلى, وقالت " لقد سبق ان طرحتم عليه اسئلة حول كل شيء , واني مندهشة كيف ان سام لم يسأله بعد عن رقم ضمانه الاجتماعي !" انفجرت اوليفيا و اليسون بالضحك , لكن كاثلين كانت تحدق بهما بذهول " ما المضحك في ذلك ؟ اتصور ان روس قد دخل في تجربة تحت الميكروسكوب بدل ان يدخل الى منزل المزرعة " اضافت اليسون " آه, اني واثقة من انه لايشعر كذلك مطلقاً, بدا وكأنه مستمتع , خاصة عندما كان ينظر اليك يا كاثلين " استطاعت كاثلين ان تلاحظ على الفور , ما كان يجول في خاطر المرأتين , فرفعت يديها عالياً بسرعة لتضع حداً لحديثهما " انتما تتخيلان ذلك, وعلاوة على ذلك لم يمض على معرفتي به اكثر من ثلاثة ايام!" ----------------------------- التفتت اليسون الى اوليفيا , وقالت " هل تتذكرين كنت اقول الشيء نفسه عن نك!" اومأت اوليفيا برأسها ايجابياً" اتذكرها وكأنها اليوم, فقد حدث ذلك يوم ذكرى زواجي, واليوم انتما سعيدان بخطوبتكما وستتزوجان قريباً" " حسناً, حسناً, إذن كنت ازعجكما في حديثي عن حياتكما الغرامية مع شقيقاي , لكن ذلك مختلف , روس...حسناً انه مميز وانا احبه كثيراً لكن ليس كحبكما لسام ونك, فروس لا يفكر بي بتلك الطريقة, لأنه اخبرني اكثر من مرة انه يرغب في ان يبقى بعيداً عن الحب و الزواج" " هم... وهذا ما قاله لي نك تماماً" قالت اليسون ذلك وهي تتبادل مع اوليفيا ابتسامة من يفهم بكنه الأمور. سألتها اوليفيا " وانت هل تنظرين اليه نظرة مماثلة ؟" زمت كاثلين شفتيها , واجابت " اوليفيا , انت تعلمين ما قاسيته مع غريغ ! زواجنا كان مريعاً , لقد خدعني وانا ... حسناً , وانا اليوم استجمع قواي من جديد, لِمَ عليّ التورط مع رجل آخر؟" " ان بعض النساء قد لا يحتملن ذلك" قالت اليسون ذلك بدماثة , ثم حدقت ثانية بأوليفيا. " حسناً, استخلص مما اخبرتني به, ان روس لا يشبه غريغ بشيء " تمشت اوليفيا في الغرفة ثم جلست على حافة السرير , وعادت فالتفتت الى كاثلين " في الواقع اظن ان العائلة كلها قد احبته" اجابت كاثلين " إني سعيدة , وكما قلت انا ايضاً احبه" اضافت اليسون " تعلمين كنت قد التقطت باقة زهر العرس الخاصة باوليفيا , اظن ان ذلك يعني شيئاًما" ضحكت كاثلين غير مصدقة ما يقال"ما الذي يجعلك تعتقدين ذلك ؟ حسناً , رجل اسمر طويل قد دخل الى حياتك, اضافة الى طفلة قد لا يسعني بأن افكر بشيء افضل" قالت اوليفيا بدعابة " يذكرني روس بجميس دين المعروف بتلك الجاذبية المميزة , واظن انه عندما يبتسم وتظهر تلك الغمازة على خده ..." " حسناً, قد يقال عنه اي شيء, إلا انه بشع , يا كاثلين" " عار عليك! سأخبر سام بأن لديك عينين تجولان حولك" ضحكت اوليفيا ضحكة امرأة واثقة من زوجها و زواجها وقالت " سام يعرف اني لا احب سواه , وسيبقى الأمر دائماً على هذا الحال" نظرت كاثلين الى زوجة اخيها , واحست بما يشبه الغيرة , فلهاتين الامراتين رجلان يحبانهما , واكثر من ذلك سترزق كل منهما قريباً بطفل. وقد لا تحظى كاثلين بأي من هذين الشيئين. " كاثلين, لم لا تعودين غداً انت و روس لتناول عشاء يوم الاحد معنا" نطقت إيلا بذلك في وقت متأخر تلك الليلة, فيما كان روس و كاثلين يتحضران للمغادرة. ----------------------------------- ثم اضاف نك" فكرة حسنة, عودوا يا روس , فقط خطر على بال سام ان نقطع حطب الموقد غداً, سيوكل اليك عملاً ما" *** عندما اوقف روس شاحنته امام منزلها سألته كاثلين " الا تر يد الذهاب الى المزرعة غداً " " لم تقولين ذلك؟" حدقت كاثلين به , لقد كان هادئاً جداً ومنطوياً على ذاته, طوال الوقت في طريق العودة الى المنزل, وتصورت كاثلين انه كان نادماً على قضاء امسيته معها ومع عائلتها , اجابته " لا ادري , انه مجرد شعور" تنفس تنفساً منقبضاً وطوال الوقت , واناء عودته الى البيت كان يشعر بها الى جانبه , كان يرغب اكثر من اي وقت مضى في ان يلمسها, ويقبلها من جديد, وكان يتساءل كيف ستكون ردة فعلها , لو انه فعل ذلك . " لقد احبت عائلتك ستورمي حباً جنونياً" ابتسمت كاثلين للطفلة التي كانت مقيدة في مقعدها و قالت " نعم, لقد احبوها" ثم حدقت به " واحبوك انت ايضاً" لم يصدق روس ما قالته " آه ... صحيح ؟ كيف عرفت؟" " عرفت, هل تعلم ما قالته اوليفيا عنك ؟" نظر اليها نظرة جانبية حذرة " لا , ماذا؟" قالت " انك قد ذكرتها بجميس دين الأسود الشعر" ارجع روس رأسه الى خلف وضحك قائلاً" اظن ان ذلك كان إطراءً منها" " كانت تعني ماتقول " قالت كاثلين ذلك وهي تمد يدها لتفك رباط عربة الطفلة .ريحانة " دعيني احمل ستورمي الى المنزل , لا اريد ان يتأذى اي منكما من الجليد" سلمته كاثلين الطفلة , وبسرعة جمعت حقيبتها وحقيبة الحفاضات من ارض الشاحنة , وعندما دخلوا الى البيت او عزت اليه كاثلين بحمل الطفلة الى غرفة نومها. "بما ان السرير من الحجم الكبير, دعها تنام معي " قالت له ذلك وهما يجتازان القاعة الكبيرة " هكذا استطيع ان اسمع بكاءها" كان هناك بصيص نور يتسرب من القاعة الكبرى الى الغرفة , مضيئاً طريق روس وهو متجه الى السرير . مشت كاثلين خلفه , ثم اضاءت مصباح طاولة صغير , فيما كان روس يضع الطفلة على السرير. كانت ستورمي ترتدي بيجاما تغطي اسفل قدميها , فغطتها كاثلين بحذر ببطانيات, ثم وضعت على جانبيها وسادتين , وقالت " اعرف انها لن لن تتمكن من التقلب قبل فترة طويلة, لكنني اشعر بأمان لوجود هاتين الوسادتين على جانبيها" بعد ان فرغت من مهمتها و استقامت في وقفتها , التفتت اليه وابتسمت قائلة " ربما علي ان افكر في شراء سرير خاص للأطفال" " كاثلين..." لاحظت نوعاً من الارتياب يسود وجهه , وادركت ما سيقوله " اعلم ياروس ستقول لي ان عليّ ألا اتفاءل كثيراً" ----------------------------66 كانت على بعد خطوة منه , اقترب روس منها ووضع يده على كتفها " سيؤذيك ان تتخلي عنها, وانا لا اريد ان يحصل بك ذلك" كانت عينا كاثلين تتفحصان وجهه , وهي على هذا الحال, بدأ قلبها يخفق بسرعة في صدرها , اما تلك النظرة التي بانت في عينيه الرماديتين لم تكن نظرة اهتمام و قلق فحسب , لكنها كانت نظرة تنم عن عاطفة .ريحانة " آمل ان تدعو لي بالتوفيق" قالت ذلك دون ان تعي ان صوتها قد خفت الى مادون الهمس. في تلك اللحظة , وهو يحدق بها ادرك روس انه مستعد لأن يفعل اي شيء ليسعد هذه المرأة "سأفعل" ارتاحت يده الدافئة على كتف كاثلين, وكانت الرائحة الذكية المنبعثة من العطر الذي يضعه تنعشها. تمتم روس " بالنسبة للعودة الى المزرعة معك غداً قد احب ذلك, لو اردتني ان اذهب" لقد اسعدها بكلماته اكثر بكثير مما ارادت الاعتراف به , وقبل ان تلاحظ ما كانت تفعله , وقفت على رؤوس اصابعها وقبلت وجنته وهي تقول " اريدك حقا ان تذهب" في اللحظة التي لمست شفتاها وجهه كاد روس ان يفقد صوابه, وتشابكت يداه بشعرها الكثيف , ثم هوى بحدة على خدها. " آه يا كاثلين انت اجمل امرأة رأيتها في حياتي" همس بحرارة ثم تنقلت اصابعه الى وجهها , حيث تلامس عينيها و أنفها وخديها واخيراً شفتيها " هل تعلمين كم انا ارغب في ضمك بذراعي!" كانت كلماته وانامله التي تتحرك فوق وجهها تحاكي مشاعر كاثلين , ولم تقو على مقاومته , كما كانت على وشك ان تلفظ اسمه إلا انه ضمها بسرعة بين ذراعيه وغطى فمها بيده. لم تنس كاثلين بعد تلك القبلة التي تبادلاها عشية العيد, احست بعاطفة مماثلة لما كانت قد احست به تلك الليلة . لم يشعر روس في حياته كلها , انه فقد صوابه , كما يشعر الآن , فقد نسي كل شيء بحيث ان احاسيسه قد ذابت بهوى المرأة التي بين ذراعيه , وكانت تفوح منها رائحة كرائحة الورود الحمراء تحت حرارة الشمس الدافئة. " كاثلين!" احست بدوار في رأسها , ما ان لفظ اسمها وهو يزرع القبل على خدها . " آه .. يا روس هذا جنون لا اظن ..." جعلها تئن في داخلها , لقد ارادت ما يدور بينهما ان يكون تعبيراً عن حب, وقد يكون هذا الحب من طرفها وحسب . وقد ايقنت ذلك الآن . لقد احبت حقاً ذلك الرجل الأسود الشعر , وبابتسامته الساحرة , وعينيه الرماديتين الهادئتين , وهي تريده ان يبادلها الحب , ليس فقط بجسده , ولكن بعاطفته. همست بوهن " يا روس , لا اقدر , انا ... لقد استعجلنا الامور" وتشابكت اصابع كاثلين بخصلات شعوره السود اء المتموجة. --------------------------- " هل تعرفين كم انا بحاجة اليك الآن" نعم , كانت تعرف, لأنها هي ايضاً , كانت بحاجة اليه الى حد كبير.ريحانة* همست " ارجوك , لا تغضب مني" قال بصوت معذب" لا تعتذري يا كاثلين " ادراه ظهره لها وقال " اظن بعد ماحصل ... حسناً ان اردت إلغاء موعد الغد , سأتفهم الأمر" جحظته بعينين واسعتين " الغي الموعد ؟ لا اريد ان الغي اي موعد !" مدت يديها الى يديه , وشبكت اصابعها باصابعه وتابعت " ياروس , اريد ان نبقى اصدقاء , اعني نستطيع نسيان ماحصل, ونبقى معاً , ألا يمكننا ذلك ؟" " لا ادري , يا كاثلين .. انا ..." وبعد ان سمعته وهو يخاطبها بصوت متردد قالت له " انظر يا روس , سبق وقلت لي انك لا تود ان تتورط في زواج, وانا بالتأكيد يمكنني تفهم الوضع , لذا اظن ... حسناً , اظن اني تقليدية التفكير , لأنني ادرك ان ليس باستطاعتي اظهار عواطفي مع شخص دون ان ارتبط به, ولن اطلب اليك ذلك, على اي حال كنت قد اقنعت نفسي للمرة الألف , بأني لن اقدم على الزواج ثانية" كان يسمع باحترام كل ما تخبره به, لكن حقيقة, لم يعد يشعر كما كان يشعر سابقاً, كان يود اخبار كاثلين بأنه يرغب في الارتباط بها, , وان وافقت فقلبه سيكون ملكها. لكنها كانت قد صدته عدة مرات فيما مضى , حتى اصبح يخاف ان يبوح لها بمشاعره الحقيقية , وقد تفوهت الآن بأشياء لم تكن تعلم مدى شعوره نحوها, فهي لا تريد ان ترتبط به او بأي رجل آخر , وقال متذمراً" عليّ الذهاب الآن , اراك غداً" كانت كاثلين تراقبه وهو يغادر الغرفة , مجروح الخاطر دون ان تجد تفسيراً لذلك, وبعد لحظات سمعت صوت إقفال الباب , فعرفت انه غادر منزلها, ربما الى الأبد. همست بحدة : لم قد حدث ما حدث؟ لِمَ لم يضعا مسافة بينهما , سألت نفسها و الدموع تترقرق في عينيها , الآن تغير كل شيء , كل شيء! وكانت جد مرتعبة مما قد يتسبب به هذا التغير لقلبها المجروح. صباح اليوم التالي وبينما كانت كاثلين تستعد للذهاب الى المزرعة للمشاركة في عشاء الأحد , اخذت تتساءل كيف ستقدر على مواجهة روس, وتتصرف بشكل طبيعي . كل شيء بدا غير طبيعي الى حد كبير , في الواقع كانت تشعر انها محطمة , وكان ذلك بادياً عليها , إذ انها لم تغف إلا لساعات قليلة , ليس لأن ستورمي ايقظتها مرتين في الليل , كلا, فالأمر بدا اكثر تعقيداً من ذلك, لم يكن بمقدورها ان تمحي صورة روس من مخيلتها , ففي كل مرة كانت تحاول ان تغمض عينيها , كانت تظهر صورته امامها , لتزعجها بشتى الأفكار. لم تدر كيف سمحت لنفسها بأن تقع في حبه , فمنذ زواجها المأساوي من غريغ , كانت تظن انها لن تقدر على الحب من جديد , لكن عشية العيد دخل روس الى منزلها , و إلى قلبها معا. --------------------------- احياناً , لا تستطيع ان نقاوم انفسنا , تذكرت كاثلين كلمات اليسون حول الوقوع في الغرام . والآن , باتت تدرك انها ان احببت شخصاً ليس بأمر تستطيع تحقيقه او منعه سواء كان صالحاً او سيئاً, فقد يحصل وحسب.ريحانة لاحقاً, وبعد دقائق معدودة وصل روس فشعرت بخفقان في قلبها , رغماً عنها , لقد عاد. " صباح الخير" قالت وهي تغلق الباب وراءه. " صباح الخير " قال وعيناه الرماديتان تتأملان وجهها, فقد بدت متعبة هذا الصباح , وتساءل ما إذا كانت الطفلة قد ايقظتها , فسألها " كيف سارت الأمور مع الطفلة ليلة البارحة ؟" وبابتسامة خاطفة , أومأت اليه كي يجلس , ثم اجابته " لقد سارت الأمور على نحو جيد" وكان ما قالته صحيحاً, لكن الامور على نحو جيد" وكان ما قالته صحيحاً , لكن الأمور ساءت لتغيبه عنها, فقد افتقدته , وكل دقيقة امضتها يقظة من دونه , كانت تحس باشتياق اليه , كان ذلك جنوناً , كانت تعلم ان بقاءه بقربها قد يتسبب لها بألم مريع , لكن الأمر قد يبدو مريعاً عندما يغادر. سار روس نحو الموقد , ثم قال " ألم تستيقظ ؟" " مرتين فقط" وخطر ببال روس , كان حرياً به ان يكون هنا كي يساعدها بالاهتمام بالطفلة , ليس بمقدور امرأة الاهتمام بطفلة دون مساعدة من رجل . على الرغم من ان ستورمي لم تكن ابنة اي منهما, فقد احس وكأن كاثلين والدتها وهو والدها , ويتوجب على الأهل العيش معاً تحت سقف واحد. وعليهما ان يتشاركا في طاولة الطعام ونفس البيت , كان روس يفهم ذلك اكثر من سواه. وقال معترفاً " استيقظت ليلة البارحة ظناً مني اني سمعت صراخها . ولم استطع ان اغفوا فيما بعد " كان هناك ما يشبه الجرح المؤلم في صدر كاثلين , كانت تدرك انه قد تعلق بالطفلة , ويصعب عليه مفارقتها, فهو ليس قادراً على ان يحملها او ان يرى بنفسه ان كانت بخير , وإذا مرت هذه الفكرة في رأس كاثلين , تهيأ لها , انها و روس كانا تقريباً كزوجين منفصلين , والصلة بينهما هي هذه الطفلة . لم يكن امراً عجيباً , ان روس لم يكن يرغب بعائلة , اطرقت مفكرة , فقد كان يفهم بالدرجة الأولى , اي نوع من الألم قد تتسبب به الزيجات المحطمة . وقالت بصوت اجش" ماكان عليك ان تقلق, انت تعلم اني هنا, لأهتم بها " كان ينظر اليها وعيناه تطوقان شعرها الأسود الطويل , وشفتيها الحمراوين , كانت صارخة الجمال , ورأى روس ان من الأفضل لهما ان يمضيا وقتهما مع عائلة كاثلين. اشاح روس نظره عنها , وهو يأخذ نفساً عميقاً و يقول " نعم كنت اعلم انك موجودة هنا لتعتني بها , لكنني كنت قلقاً مثلك" اجتازت كاثلين الغرفة وتقدمت منه ثم وضعت يدها على ذراعه , تطمئنه " لا اريدك يا روس ان تقلق بشأن ستورمي , يمكنك ان تأتي للاطمئنان عنها في اي وقت , حتى في منتصف الليل " ------------------------------- نقل نظره من ذراعه الذي كانت كاثلين ممسكة به الى وجهها, واجاب" لا اظنها فكرة حسنة يا كاثلين " و إذ تأثرت بكلماته الجارحة , ابعدت يدها بسرعة ووضعتها خلف ظهرها , ظناً منها ان خبأتها فسوف تمنع نفسها عن لمسه. ثم تمتمت " ربما انت على حق " لم تكن تعي كم بدت حزينة , لم تدر لما شعرت انها مجروحة الخاطر و منبوذة , ماذا عليها ان تفعل؟ فقد شعرت انها تتمزق من الداخل. مرت لحظات قليلة وعصبية , وروس لم يتفوه بكلمة فأطلقت كاثلين نفساً طويلاً وقالت " إذن ان كنت جاهزاً يمكننا الانطلاق الى المزرعة , عادة والدتي تقوم بشواء الدجاج يوم الاحد, وعلينا ألا نتأخر" بعد الغداء ادار والدها التلفزيون على لعبة فوتبول , واخذت النسوة الطفلة الى الطابق العلوي, ودعا نك وسام روس لمساعدتهما في تقطيع الخشب. " نحن عادة لا نحث ضيوفنا على العمل " بذلك خاطبه نك , فيما كان الرجال الثلاثة يجتازون المرعى الشرقي في شاحنة سام, لكنك اليوم قد رقيت من ضيف الى صديق للعائلة , وذلك يعني ان عليك ان تعمل" قال سام محذراً روس " راقب نك جيداً وإلا امضى الوقت جالساً على طرف السيارة , ونحن نقوم بالعمل بأكمله " قال روس مستمتعاً برفقة شقيقي كاثلين " قد يتوجب علي تحذيركما بأني لم اقم سابقاً بقطع الحطب, لأننا لسنا بحاجة الى الكثير من الحرارة في المكان الذي اتيت منه" ضحك نك وربت بقوة على كتفه " يا بني , لقد اتيت الى المكان المناسب كي تتعلم كيف تستعمل المنشار, يعتقد سام ان الرجل لا يعتبر حياً إلا متى امسك منشاراً بين يديه " قال سام بذبول " انه شيء لا يؤذي الذي تحمله و اكثر نفعاً ايضاً" " حقاً؟ حسناً , من الذي ذهب الى المستشفى في الشتاء الماضي لتغرس في رجله 12 قطبة ؟" " لم اكن انا " اجاب نك وهو يشارك روس غمزة. بعد مضي ساعة من الوقت كان الرجال الثلاثة ينضحون عرقاً على الرغم من حرارة الطقس الباردة, وقد ملأوا الشاحنة حتى نصفها بالخشب المقطع , ثم قرروا بعدها ان ياخذوا استراحة قصيرة , كان سام قد جلب معه إبريقاً من القهوة , فناول نك و روس فنجانين من القهوة , وكانا يتشاطران مقعداً على طرف السيارة. وقال " هل تعلم يا روس , انا و نك سعيدان ان نراك مع كاثلين , فقد مرت باوقات حرجة في السنة الماضية " اخذ روس يحدق في السائل البني في فنجانه, وهو يقول " اخبرتني ان زوجها كان قد قتل , اظن كان صعباً عليها ان تتغلب على حزنها" هز نك رأسه " صعب؟ كنت قد بدأت افكر بأنها ستحزن الى الأبد" قطب سام حاجبيه و اجاب" لا اعتقد انها قد حزنت , اظن ان غريغ قد جعلها كئيبة " ----------------------------- اومأ نك برأسه موافقاً" انت محق فيما تقول .. لقد اتعس حياتها , هل تعلم عندما وقع نظري على هذا الرجل لأول مرة , علمت اني لن احبه , كان انانياً" ثم حدق في روس وتابع " حسناً , اصبح لديك فكرة الآن ؟ اليس كذلك" طأطأ روس رأسه , اصبحت الفكرة واضحة بالنسبة له , وشعر بكآبة حين علم ان كاثلين قد تأذت من قبل رجل , او اي أمر آخر , مهما كان السبب. اجاب سام " على اي حال , نحن سعيدان انها اعتادت عليك , لم يتبادر الى ظننا انها ستنظر ثانية الى رجل آخر , فأنت بالضبط من تحتاج اليه" هل ظن شقيقا كاثلين انها قد اخذته على هذا المحمل؟ وبأنها كانت تهتم لأمره ؟ وقال لهما " قد تخطئان ان حسبتما ان كاثلين قد اعتادت علي, ليس الأمر على هذا الغرار مطلقاً" تبادل نك وسام نظرات استفهام ثم قال نك " احسب اننا على خطأ , لقد تبادر الى اذهاننا من طريقة نظرتها اليك بأنكما حميمان" " قد تكون علاقتنا حميمة, لكن كاثلين تعتقد بأن هذه العلاقة يجب ان تصبح اكثر نضجاً, فكاثلين منشغلة بالطفلة , ولا تفكر بي" عاد سام وتبادل نظرة اخرى مع اخيه , ثم قال لروس " كانت ترغب في طفل منذ وقت طويل, لكن ما سأقوله يبقى سراً بيننا نحن الثلاثة, انا لا اعتقد بأنها ستتوفق بحضانة ستورمي" " اوافقك الرأي " اجاب نك بقنوط " لا ارى ان قاضًيا قد يسلمها الطفلة في حين ان هناك العديد من الأزواج الذين يتوسلون كي يحضنوا طفلاً" حول روس نظره من نك الى سام , وعاد فنظر الى نك , ثم قال " انها ستقضي حزناً ان لم تستطع الاحتفاظ بالطفلة" اجاب سام " نعرف, لذلك نحن سعداء بأن لديها شخصاً مثلك , ستحتاج اليك كي يساعدها لتتغلب على خيبة املها"
الفصل العاشر
سكنت كلمات سام هذه فكر روس لباقي ساعات النهار , وتلك الليلة وهو عائد من مزرعة عائلة غالاغر , كان قد حزم امره. " هل تمانعين في ان ادخل , يا كاثلين؟" سألها ذلك وهو يوقف محرك سيارته " هناك أمر اريد ان احدثك بشأنه " كان قد امضى معظم ساعات النهار , بعيداً عن كاثلين وقد فاجأها بسؤاله .ريحانة " ما الأمر ؟" سألته بعدما جمعت اغراض ستورمي ودخلا المنزل. اومأ باتجاه الطفلة , ثم قال "لنضعها في السرير اولاً" " حسناً " وافقته الرأي متعجبة من نبرة صوته الصارمة. " ماذا هناك ؟" هل سيقول لها انه من الأفضل لهما ان يكف عن رؤيتها ورؤية الطفلة ؟ لقد هزتها هذه الفكرة. بعد ان وضعت كاثلين ستورمي في السرير , خلعت حذاءها وتوجهت الى المطبخ, لتحضر إبريقا من القهوة الطازجة, وتبعها روس متسائلاً كيف سيتدبر امر التحدث اليها لخمس دقائق دون ان يتمكن من لمسها. بدأت كلامها قائلة " آمل ألا تكون عائلتي قد جرحت شعورك بطريقة او بأخرى احياناً تتكلم والدتي وشقيقي نك بصراحة متناهية , اتمنى ألا يكون احدهما قد أثار غضبك" اشار بيده معترضاً على كلامها , ثم انحنى فوق الطاولة , وهو على بعد خطوة او خطوتين منها , وقال " لا شيء من هذا القبيل , عائلتك رائعة , لقد عملوا ما بوسعهم ليغمروني بلطفهم " قال روس ذلك ثم صمم على ان يبقى على مسافة منها , فجلس على كرسي الطاولة في وسط الغرفة وتابع " لكن ما يشغلني ليس عائلتك , كنت قد امضيت اليومين الماضيين منشغلاً في التفكير ..." قطعت كاثلين التيار الكهربائي عن ماكينة القهوة , ثم استدارت وجلست الى الطاولة " ما الأمر ؟" سألته وهي تأمل ألا تبدو مشدودة كما كانت تشعر .ريحانة " الأمر يتعلق بي وبك وبستورمي" بدأ قلب كاثلين يخفق بسرعة , ثم شعرت بدوار في رأسها , سألته " ماذا بشأننا ؟" لم يستطع روس ان يبقى بعيداً عنها, فنهض ثم وقف امامها , لم يستطع التفوه بكلمة فيما وقف يحدق بها , ثم قال " اظن ان علينا ان نتزوج" صعقت كاثلين بالخبر , واحست انها عاجزة عن الوقوف " نتزوج! ماذا تقول يا روس؟" اراد روس ان يبدي عدم تأثره ولا مبالاته , لكنه لم يستطع جمح تلك العواطف التي كانت تسيطر على صوته , لم يسبق ان احب امرأة , ولم يكن قبل ذلك مالكاً الجرأة ما يكفي ليفصح عن مشاعره , لكن قلبه لم يخطئ هذه المرة, ولم يكن قد شعر بالخوف فيما مضى مثلما يشعر الآن. " اردت ان اقول ان كنت حقاً ترغبين بحضانة ستورمي فعلينا الزواج . وطبعاً , سيكون الأمر شكلياً دون تدخل من المحكمة" -----------------------72 حدقت كاثلين به و قد اصابها دوار , واستفسرت قائلة "تعني انك ستقدم على هذه الخطوة من اجلي ؟ ومن اجلها ؟" لاحظت كاثلين انها لو لم تكن تستند الى الطاولة , لسقطت على الأرض , كان روس مستعداً للزواج منها , رأفة بها وبالطفلة , إنها لفتة إنسانية لم تسمع كاثلين بمثلها من قبل , لكن من ناحية اخرى شعرت بأنها مجروحة الخاطر, لأنه لم يتقدم لطلبها , حباً لها.ريحانة قاطعتها وهي تتأمل وجهه " هل انت حقاً جاد؟" ضم ذراعيها بيديه واجاب " إني جاد للغاية , اريدك ان تحصلي على ستورمي " اراد لها ذلك بقدر ما ارادها ان تكون زوجته , وقد يقوم بفعل اي شيء ليرى هذاين الأمرين يتحققان . " آسفة يا روس لا يمكنني ارتبط بك في ظل هذه الظروف , او اية ظروف اخرى " ودون ان تنظر في وجهه انصرفت عنه وغادرت الغرفة, تبعها روس الى الردهة ومن ثم الى غرفة الجلوس , و سألها " لم لا تستطيعين ؟ ما المزعج في الأمر ؟ قد تحصلين على الطفلة التي طالما حلمت بها , وحينها يرتاح بالي بأنها في مكان امين, ثم فيما بعد ان اردت يمكننا الانفصال " انفصال! كم من مرة , اطلق غريغ هذه الكلمة في وجهها؟ وتساءلت بهيستيرية , لم تكن قادرة ان تمنحه الطفل الذي يرغب به , كما لم تكن قادرة على إسعاده, فقد طلب الانفصال عنها, كي يجد امرأة , تمنحه هذين الأمرين , والآن مجرد ان لفظ روس نفس الكلمة , شعرت كاثلين وكأنها قد طعنت بسكين " لا اريد الزواج ! ألا تفهم ذلك يا روس ؟" ومشت بتوتر الى النافذة التي تطل على مرجة امام منزلها, وتبعها روس ثم وقف خلفها تماماً , وقال "اني افهم انك قد خضت تجربة زواج سيئة, وقد علمت من شقيقيك كم كان غريغ سيئاً , لكن يجب ألا تؤثر تلك التجرلة عليك وعلي , فأنت لن تتزوجيني حباً بي" شعرت كاثلين وكأنها طعنت بخنجر , ان ارادت فعلاً الزواج من روس , فسيكون ذلك حباً به, لذا لا يمكنها الزواج منه, فستعرض نفسها لشتى انواع الأذية , لقد ارادت ستورمي بشدة , لكنها لن تخاطر بتورط من هذا النوع , فقط لتمنح فرصة الاحتفاظ بالطفلة.ريحانة واطلقت ضحكة هشة" كان لدي ما هو أسوأ من زواج سيء يا روس , والمذهل في الأمر اني لم الاحظ حتى مدى قباحته الا عندما توفي غريغ , اظن اني في السنوات الثلاث التي مرت على زواجنا , كنت مغمضة العينين , حاولت ان اقنع نفسي بأن كل شيء كان على ما يرام , لكن عندما قضي... كان عليّ ان اواجه اخيراً بالحقيقة" وقبل ان يتفوه بكلمة استدارت كاثلين لتواجهه وتتابع " ما الذي اخبراك شقيقاي به؟ هل اخبراك بأنه عندما هوت الطائرة بزوجي كانت صديقته معه؟" شعر روس بكآبة , لتلك الصورة السوداء التي رسمتها له كاثلين " تعنين ... ماتت معه؟" بعد ان تجمدت ملامحها , أومأت برأسها قائلة " نعم تلك المسكينة , احياناً احس وكأن الحظ انصفها وقضي على حياتها بدل ان يمنحها الحياة لتبقى مغرمة بغريغ هايز. لو بقيت حية, لما كانت حصدت منه إلا الأذية " ------------------------------- " آه , يا كاثلين , كيف تمكنت من العيش معه! هل كنت تعرفين بأمرها قبل وقوع الحادث؟" سخرت من نفسها بصوت خافت" كانت لدي ظنوني لكني تغاضيت عنهما ... وكنت دائماً اواصل التفكير..." ابعدت نظرها عن وجه روس , وهي غير قادرة ان تتابع حديثها معه, وكلها امل بأن تحمل منه وتمنحه ولداً, حينئذ قد يتحسن زواجهما , ويصبح لديها عائلة كانت ترغب بها, لم تحتمل فكرة اخباره انها كانت عاقراً, وليست كسواها من النساء .ريحانة تابعت كلامها " لا يهم ما كنت افكر به, لا استطيع الزواج منك, ولا من اي شخص آخر!" هز روس رأسه باستياء , و اوضح لها " لكن زواجنا سيكون مختلفاً يا كاثلين , لن يكون زواجاً حقيقياً تغمره العواطف والحب , سيكون وسيلة شرعية , هذا كل مافي الأمر " وسيلة شرعية! كيف يتحدث عن شيء مقدس كالزواج بمثل هذه الطريقة؟ كانت تظنه مختلفاً عن سواه من الرجال, ويتحلى بشهامة اخلاقية . لكن على ما يظهر نظرته الى الزواج كنظرة غريغ له , انها الوسيلة فقط يستعملونها ليبرروا غايتهم. " كيف يمكنك ان تخاطبني على هذا النحو ؟" همست بحدة وانهمرت الدموع من مقلتيها " انك شبيه بغريغ , فالزواج لا يعني لك شيئاً ! تنه وسيلة للحصول على ما تسعى اليه , ساعة , تحتاجه , وان لم ينجح .. حسناً" تابعت بضحكة اليمة " هناك دائماً الحل... الطلاق, انت لا تفهم انه يفترض في الزواج ان يكون مقدساً , وان يستمر مدة الحياة!" انصرفت عنه وهي تلهث باكية , ثم غطت وجهها بيديها الاثنتين قائلة " لا اريد التحدث حول هذا الموضوع ثانية ياروس" لم يشعر روس في حياته بالارتباك كما شعر الآن , وهو يراقب كتفيها وهما يرتجفان وهي تنتحب بصمت. لم يكن يتوقع ان تكون ردة فعلها على هذا الشكل , وقبل ان يطلب يدها للزواج كان يداري وضعها كي لا ترفض , لأنه كان يتوقع ذلك, لكن لم يتوقع ردة فعلها العاطفية هذه, ولم يتفهم الوضع تماماً , فهو لم يطلب منها ان تحبه , على الرغم من انه كان يحتاج الى حبها , كان يحاول مساعدتها , لِمَ لم تلاحظ ذلك ؟ تجرأ روس على الاقتراب منها , ثم لمس ذراعها بيد " اني لم اطلب الزواج منك كوسيلة لايذائك يا كاثلين " نالها بلطف , آملاً ان يزيدها طمأنينة.ريحانة وهي تدير ظهرها اليه هزت رأسها وقالت " ارجوك اتركني لوحدي يا روس " قالت ذلك بصوت متقطع وقد غمرت عينيها الدموع " لم اعد قادرة على الاحتمال الآن ارجوك" كان روس يعلم جيداً ما معنى ان يكون منبوذاً من قبل شخص , فهو امر خاض تجربته طيلة حياته , لكن ان نتبذه كاثلين , فالأمر مختلف كلياً, غادر المكان وهو يشعر بألم في صدره لم يعهد مثله من قبل. ------------------------------- صباح اليوم التالي استيقظت كاثلين وهي تشعر وكأنها ميتة جسدياً وعاطفياً , بعد ان ترك روس منزلها , جلست تبكي حتى جفت دموعها , ثم استلقت في سريرها , مستيقظة في العتمة , تفكر بكل كلمة قالها روس , وتتألم نادمة على كل كلمة قالتها له. لم يكن يستحق روس ذلك الانفجار العاطفي الذي ظهر منها , كان يحاول مساعدتها لتحصل على ستورمي . لم يقدر ان يتكهن ان كاثلين كانت مغرمة به, و الليلة الماضية عندما طلب الزواج منها تشابك ذلك الحب بكل ما كان يقوله وبكل ما كانت تشعر به.ريحانة لابد انه افتكرها مثال المرأة الهيسترية المحطمة , هذا ما كانت تفكر به وهي تئن مستزئة من نفسها , لكنه حين تحدث عن زواج شكلي احست كاثلين وكأن قلبها انشطر الى اثنين , لم تكن موافقة على الفكرة التي تقدم بها . إذ كانت تطمح الى اكثر من ذلك , لكن عليها الآن ان تنسى امر الزواج بشكل كلي. لن تستطيع ان تتزوج من روس , فالعيش معه تحت سقف واحد سيحول دون اخائفها لحقيقة مشاعرها , وفي حال اكتشف ان كاثلين كانت تحبه فسيشعر بالغبن وسيجبر على البقاء مرتبطاً بها , لا , لايمكنهما ان توافق على زواج كهذا, سيبدو وكأنها تعيش كابوس زواجها من غريغ من جديد. فروس لا يحبها , وعاجلاً ام آجلاً , سيلتقي بامرأة يحبها , وينجب اطفالاً منها, وحينئذ ستضطر لأن تدعه يرحل. كانت كاثلين قد انتهت من استحمام ستورمي , والبستها بيجامة النوم, عندما رن جرس الهاتف . وهي مسرعة لتجيب تمنت ان يكون الصوت الذي تسمعه على الطرف الآخر من الخط صوت روس. لقد فاجأها ضابط الشرطة بصوته , وهو من كانت قد تحدثت اليه روس حول موضوع ستورمي. وسألته على عجل" كيف يمكنني ان اخدمك هذا الصباح حضرة الرقيب؟" " اني اتصل بك لأعلمك بأننا قد وجدنا الشخص الذي ترك الطفلة في رواق السيد دوغلاس" لم تستطع كاثلين ان تخفي دهشتها " من هو؟ هل هو سخص من المنطقة؟" اخذ قلبها يخفق جزعاً " وماذا عن الأم؟" " اظن يا سيدة هايز انه من الافضل لك ان تنزلي الى الدائرة هذا الصباح متى تمكنت من ذلك, عندها نجيب على اسئلتك كلها . اتفقنا ؟" على الفور اخذت كاثلين ترتعش جزعاً , هل سيأخذون الطفلة منها الآن ؟ كانت تحتاج لأن يكون روس معها وقالت " نعم حسناً سأكون هناك في وقت قريب" بعد انقضاء اسبوع على وجوده في المنطقة , بدا روس متشوقاً للرجوع الى صفه في المدرسة . وهذا الصباح كان اول يوم عمل له , لكنه كان منزعجاً بشكل خاص, ليس بسبب تلاميذة فظين ومشاكين , بل لأنه كان غير قادر على التركيز , وحيث ان نصف افكاره تركزت على كاثلين , لم يكن قادراً ان يحاضر حول موضوع التاريخ الاميريكي امام صف من الشباب. كان خائفاً ان يكون عرضه للزواج من كاثلين , قد غرس وتدا بينها وبينه, لن يتمكن من نزعه مطلقاً, لكن الآن لن يتسنى له ان يشغل تفكيره بالموضوع إذا لديه صف آخر بعد نصف ساعة, فقد اعد محاضرة ليلقيها امام طلابه حول مونرو دوكترين, وكان قد بذل جهدا كي لا يخرج طلابه من الصف وهم يتثائبون. ----------------------------- جذب انتباهه صوت طقطقة كعب عال على ارض البلاط , ادار رأسه باتجاه عتبة الباب, متوقعاً ان يكون القادم زميلة له في التعليم, اتت لتهنئته بقدومه الى المنطقة , وبدلاً من ذلك, فقد تفاجأ بكاثلين تدخل القاعة , قالت له " آمل اني لم اقاطعك قال لي المدير بأني قد اجدك هنا" هز رأسه بإعجاب , وهو يفكر كم كانت رائعة الجمال , لقد ارتدت فستاناً اسود طويلاً مزرر بأزرار ذهبية كبيرة حتى ركبتيها , وقد وضعت وشاحاً مزيناً برسوم ذهبية وسوداء, ربطته حول رأسها لترفع شعرها الأسود عن وجهها.ريحانة لاحظ روس انه كان منبهراً بجمالها , بقدر وجودها معه, ثم لاحظ شيئاً آخر , اذ لم تكن الطفلة معها , سألها بسرعة " اين ستورمي ؟ انهم لم يأخذوها منك , اليس كذلك؟" رفعت يدها لتطرد مخاوفه " كلا . انها مع امي في المزرعة" ثم تقدمت رويداً في الغرفة , فهب روس من مكانه , متفاجئاً , لأنها كانت تبدو بحالة مضطربة . " ما الخطب يا كاثلين ؟" " لا ادري , اعني , نعم ... انه ..." انتظر كي تتابع حديثها وعندما لم تنطق دار حول مكتبه ثم امسك يدها قائلاً " يا كاثلين , انت ممتقعة اللون وترتجفين مثل ورقة , هل حدث امر ما؟" إنه لأمر مضحك فمجرد ان سمعت صوت روس تحسن حالها, نظرت اليه وحاولت ان تبتسم قدر ما استطاعت . ثم قالت " اولاً, اود ان اقدم لك اعتذراي عن ليلة البارحة , فقد تفوهت باشياء مزرية امامك , اشياء اعرف انها ليست صحيحة , انت لست مثل غريغ , واعتذر لأنني قارنتك به " مد يده ولمس خدها , مجيباً " لست بحاجة لتعتذري لي يا كاثلين " " نعم, عليّ ذلك لأني لا اريدك ان تتأذي كما لا اريدك ان تغضب مني" فكر بصمت, ان آخر شيء يفكر به هو ان يغضب من كاثلين " ان كنت قد قطعت كل تلك المسافة الى هنا لتطلبي مني ألا اكون غاضباً منك فأنا لست كذلك الآن " رق صوته وهو يلفظ آخر عباراته . " اني سعيدة لذلك" قالت ثم تنهدت متابعة " لقد عدت لتوي من مركز الشرطة , فقد وجدوا الشخص الذي ترك ستورمي في رواقك" شد روس على كتفيها بقوة وسألها " من هو؟ هل سجنوه او سجنوها خلف القضبان السجن؟" طأطأت كاثلين رأسها , واجابت " نعم, لكني لا ارى ان السجن وراء القضبان سيجدي اي نفع الآن" " من هو الفاعل , هل هو الوالد؟" " كلا لم يكن والد الطفلة. بالرغم من اني اظن انه كان على علم بالأمر, وبما انه لم يكن يريد الطفلة, فلم يهتم لما كانوا سيفعلون بها" في تلك اللحظة بالذات , شعرت بارتخاء في ركبتيها , فمدت يدها الى ذراعه " اني آسفة يا روس , يجب ان اجلس" -------------------------- قادها روس الى مقعد خشبي طويل مقابلاً لنافذة زجاجية , وانعكست اشعة الشمس على الاثنين ثم غمرت وجه كاثلين الممتقع بالدفء الساحر. انتظر روس بصبر فيما هي اخذت تلتقط انفاساً عديدة و طويلة , محاولة ان تستجمع قواها. ثم قالت له " في الحقيقة ان الجد هو من ترك الطفلة امام منزلك , وعلى ما يظهر فالعائلة بأجمعها فقيرة الحال معدمة وغير مثقفة , وقد حملت الابنة بطريقة غير شرعية , وبما انها صغيرة السن ولا تستطيع الاحتفاظ بالطفلة , فقد قرروا التخلي عنها" اخذ روس يومئ برأسه وكأنه لم يصدق ما كان قد سمعه" لكن لماذا ؟ و لِمَ يعطونها لي؟" " ذلك الجزء.. اظن انه الجزء الأغرب و الأكثر حزناً , لم يكن اي واحد منهم يريد الطفلة , فقد اعتبروها عبئاً ثقيلاً عليهم . لكن الأم ارادتني ان آخذ الطفلة" اصيب روس بذهول " انت! لابد انه شخص يعرفك؟" هزت كاثلين كتفيها , وكأنها مثله لا تدري مايدور حولها , واجابت" بالكاد اذكر الفتاة يا روس , مما اتذكره , انها كانت تلميذة في صفي , وانها كانت تأتي الى المدرسة , ربما يومين في الاسبوع , حاولت اعطاءها اهتماماً خاصاً , اظن انها تذكرت ذلك بلا ريب , لا ادري في كل الاحوال , اخبرت الشرطة ان والدها كان ينوي اخذ الطفلة الى منزلي , لكنه على مايبدو ضاع بين المنزلين , وانتهت الطفلة في رواق منزلك " " هذا غير معقول!" طأطأت كاثلين رأسها" اعلم انه امر لا يصدق ومحزن ايضاً" كان يحدق اليها , وفي الوقت نفسه تلمع في رأسه افكاراً جيدة. " إذن! ما معنى هذا كله؟ ماذا سيحل بستورمي؟" " لقد تنازلت الفتاة واهلها للسلطة خطياً عن حقهم في الفتاة وسيدون اسمها على لائحة الحضانة" سألها بلطف " وهذا يخيفك , اليس كذلك؟" طأطأت رأسها موافقة , وعيناها تملأها الدموع , ثم همست " لا تتصور كم انا خائفة " انحدرت دمعة على خدها , قام روس بمسحها بباطن اصبعه , كان يريد مساعدتها , قد يفعل اي شيء كي تكون سعيدة, ان سمحت له بذلك فقال لها " لذا علينا ان نتزوج يا كاثلين , ان وجدتنا المحكمة متزوجين , فان فرصتنا بالحصول عليها ستكون اكثر بكثير , هل تعلمين ذلك ؟" كانت تعلم اشياء كثيرة , وعلى رأس هذه الاشياء , انها لا تستطيع الزواج من هذا الرجل, حتى ولو على حساب خسارتها لستورمي , قالت وهي تهم بالنهوض" اعرف يا روس لكني لم ابدل رأيي" فكر بإحباط وشبك اصابعه بشعرها .. ماذا عليه ان يفعل ؟ ماذا عليه ان يقول لها اتفكر بمنطق؟ كانت مجموعة من الشباب تتحرك بفوضى في القاعة الكبرى خارج الصف, وحين رأتهم كاثلين تصورت ان فرصة الغداء قد قاربت على الانتهاء , وعلى وشك ان يقرع الجرس فقالت " عليّ ان اذهب" ------------------------------- " كاثلين , يجب ان نتحدث حول هذا الموضوع " اجابها بذلك وكان يشد على ذراعها بقوة , وهي تحاول الانصراف , وعيناها تناشدان عينيه بأن يسامحها , اومأت برأسها " هذا خطأ كل ما نقوم به , خطأ يا روس " لم يكن هناك ما يمنعه من ان يحبها ويرغب في الزواج منها, لكن كيف له ان يخبرها بذلك, وهي تتعلق بماضيها ؟ فقد رفضت حبه, ولم ترض ان تكون زوجته , فكل ما كانت تريده هو الطفلة , انه أمر كان يعلمه منذ البداية لكنه لم يعد يؤثر فيه الآن. فجأة قرع الجرس , وبدأ الطلاب يتدفقون الى الغرفة , فأجبر روس على ان يرخي يده عن ذراع كاثلين. وفي الدقيقة التي رفع يده عنها اندفعت من الباب , دون ان تفسح له فرصة ليقول لها اي شيء آخر. اطرق يفكر بكآبة , وهو يعود الى مكتبه , ليجمع ملاحظاته الخاصة , لمادة التاريخ. الآن بالضبط لا يدري ما قاله او فعله حتى يدب خلاف في الرأي بينه وبينها, لعله لن يستطيع ان يجد جواباً على سؤاله هذا.
الفصل الحادي عشر
عادت كاثلين الى المزرعة لتأخذ ستورمي الى منزلها وحين روت على مسامع عائلتها ما علمته من دائرة الشرطة , ارتسمت علامات التعجب على وجوههم, فقد شغلهم اهتمام كاثلين المتزايد بالطفلة, وتخوفوا ان يحصل لها شيء ما في حال فقدت الطفلة. وكان سام اكثرهم قلقاً عليها, فقد لحق بها الى السيارة حيث كانت تتأهب لمغادرة المكان. واقترح عليها بأن تمضي الليلة معهم , وهو يسلمها الطفلة. ابتسمت بكآبة , وهي تستلم ستورمي منه وتضعها في السيارة ومن ثم تربط لها حزام الأمان , لطالما كان سام يخاف عليها, ففي كل مرة كانت تتعرض فيها لمشكلة او تحتاج لمساعدة , كانت ترجع اليه, فيعمل ما بوسعه لمساعدتها لكن هذه المرة كانت مخاوفها كبيرة من ألا يتمكن احد من فعل شيء حيال هذا الأمر . لقد اخطأت في الوقوع بحب شخص لا تستطيع ان تحظى به, وطفلة لا تستطيع الاحتفاظ بها, فكيف حري بأحد ان يساعدها ؟ نظرت الى شقيقها , وقالت " لا اظن يا سام , عليّ العودة الى البيت لعل لجنة حقوق الطفل تحاول ان تتصل بي الليلة " "هل تعتقدين ان الأمر سيتم في وقت قريب؟" سألها وهو يغلق باب السيارة , ثم اسند برأسه على النافذة المفتوحة . ادرات رأسها بكآبة " اظن ذلك, لقد صرح باركر مونتغمري بأن الوصاية الآتية تستمر فقط لعدة ايام على الأكثر , او ليحين ان يجدوا الزوجين المناسبين , إني متأكدة من اني سأضطر لتسليمها لهم في الايام القليلة القادمة" ----------------------- ربت على كتفها وقال " كاثلين لا احتمل رؤيتك تتمزقين هكذا" شدت كاثلين بيديها على عينيها الموجعتين و اجابت " قد تكون هذه فرصتي الوحيدة كي احصل على الطفلة آه , يا سام اني متخوفة من ان اخسرها " ثم رفعت يديها وعاودت النظر في وجه اخيها القلق " لقد طلب مني روس ان اتزوج منه, قال ان الزواج قد يمنحني فرصاً اكبر في حضانة الطفلة " صمت روس للحظة دون ان يتفوه بكلمة , وكانت كاثلين تراقب ردة الفعل على وجهه , لطالما كان الأمر دائماً صعباً مع شقيقها ... كي يتمكن الانسان ان يتهكن بما كان يجول في خاطره , والشيء الوحيد الذي تغير في قسماته , كان تقوس لأحد حاجبيه السوداوين. " قد يساعدك , على الأرجح ..." قال بعد ان انقضت عدة لحظات " وبماذا اجبته ؟" اجابت كاثلين على سؤاله بغصة مسموعة " ماذا تعني , بماذا كان عليّ ان اجيبه ؟ بالطبع يا سام كان عليّ ان ارفض" " لماذا؟ بسبب ما اصابك من غريغ ؟" بالفعل كان زواجها من غريغ قد ترك في نفسها اثر جرح لا يمحى, لكن كاثلين كانت مدركة ان السبب الرئيسي لتمنعها عن الاقتران به كان حبها له, لكن لم تكن قادرة على البوح بذلك لأخيها , فعاطفتها تجاه روس كانت حديثة العهد, وشأناً يخصها وحدها , وشيء عزيز على قلبها لا يسعها ان تشارك به احداً. واجابت " ألا يكفي ذلك السبب؟" تجهم وجهه " ماذا ستفعلين , ستطلقين العنان لذاكرتك بأن تخرب عليك حياتك " همت كاثلين تريد ان تدير محرك السيارة لتنهي الحديث بينهما " الأمر ليس بتلك البساطة صدقني " امسك سام خصلة من شعرها وشدها برفق وهو يقول " فقط تذكري يا اختي , اني اعلم مدى المعاناة التي يعيشها الانسان, فقد عشت حياة جحيم الى ان عادت اوليفيا من افريقيا . نحن بحاجة دائماً لأن يحبنا احد, وانت لا تشدين عن القاعدة" نعم, في الحقيقة كانت بحاجة لمن يحبها , وبقيت كاثلين تفكر بهذا الأمر طوال الوقت اثناء عودتها الى منزلها , لكنها لم تترك المجال لروس كي يحبها , خارج إطار الزواج الشرعي. بعد عودة روس من المدرسة الى منزله قرر ان ينزل بسيارته مباشرة الى منزل كاثلين , فلم يجدها هناك. عاد خائباً الى منزله , محاولاً تهدئة نفسه, , حتى لو كانت في المنزل , فقد كان يساوره الشك في انه سيستطيع محاورتها بمنطق , بطريقة افضل تختلف عما قام به في وقت سابق من هذا اليوم . حتى الآن , لم يستطع طرد ذلك الشعور اليائس و العاجز الذي كان يخيم عليه , وكأن متفجرة قد ربطت اليه , وان لم يقو على عمل شيء لوقفها من الانفجار , فهو خاسر كاثلين لا محالة , سيخسران الطفلة , والعائلة التي كان يريدها بقوة , ستضيع منه الى الأبد. ------------------------------- بقى روس لساعة يتمشى امام منزل كاثلين ويراقب الطريق كي يلمح سيارتها . واخيراً عندما وقع نظره عليها وضع جاكته عليه واسرع الى شاحنته . كانت كاثلين قد دخلت لتوها الى المنزل , وهي تضع ستورمي على الكنبة حين سمعت هدير سيارة روس , واتجهت لتفتح الباب , خفق قلبها على الرغم من الهواجس التي تملكتها حول بقائها وحيدة معه , وسألها " هل تسمحين لي بالدخول ؟" كيف عليها ان تصده , في حين كانت تتشوق في داخلها لتكون برفقته؟ دفعت الباب على مصراعيه , وابتعدت لتأذن له بالدخول.ريحانة قالت له " لقد عدت لتوي الى المنزل" قال " اعرف كنت اترقب مجيئك" عندما دخل الى الغرفة رأى ستورمي مستلقية على الكنبة, فقد ارتاح لرؤيتها من جديد... انتشلها من عربتها وحملها على مقربة من صدره. لم تتفوه كاثلين بكلمة, إذ كانت منشغلة ترقبه وهو يحمل الطفلة. لقد كان واضحاً انه يحب الطفلة, راحت كاثلين تتساءل عن السبب الرئيسي الذي يدفعه للاقتران بها . فهل يريد ان يمنح نفسه فرصة لأن يكون والداً لستورمي؟ وكررت عليه السؤال " كنت تترقب قدومي, لماذا؟ هل هناك سبب يحتم عليك ان تراني؟ هل اتصلت بك الشرطة بخصوص أمر ما؟" كان يحضن رأس الطفلة بيده بحذر , ثم رفعها لتصبح بمستوى كتفه, وشد بخده على خدها . كانت تفوح منها رائحة بودرة ناعمة وحلوة وبرئية.لم يكن يعرف ان الاطفال لهم مثل هذه الرائحة. لم يكن يعلم انه مسؤول عن حماية مخلوق صغير كهذه , ولم يحلم ابداً بأنه سيشعر بالأبوة . لكنه يريد فعلاً ان يكون والداً, بقدر ما يريد ان تكون كاثلين زوجته. اجابها " كلا, على الأرجح انهم الآن قد انهوا القضية" " إذن لم اردت رؤيتي ؟" اعاد الطفلة الى الكنبة , لكنها سرعان ما بدأت بالصراخ فحملها ثانية . " اتصور انها جائعة" قالت كاثلين ذلك وهي في طريقها الى حقيبة الطفلة لتأتي بزجاجة حليب" سأذهب لأسخن زجاجة الحليب واعود" بعد دقيقتين, عادت كاثلين بزجاجة حليب ساخنة, اخذها روس وجلس ومعه ستورمي على إحدى الكنبتين . في الوقت الذي كان روس يطعم الطفلة ذهبت كاثلين الى المطبخ لتحضر إبريقاً من القهوة الطازجة , وصينية وضعت عليها بعض السندويشات . لم تكن هي جائعة , انما تصورت ان روس قد يكون كذلك, كانت في الوقت نفسه تحاول ان تشغل نفسها كي تبقى بعيدة عنه قدر الامكان. " لست مضطرة ان تقومي بذلك من اجلي " قال ذلك وهو يومئ برأسه الى حيث وضعت السندويشات . --------------------------- نظرت كاثلين من حولها , فوجدت ان روس قد اصبح في المطبخ وبعصبية التقطت فوطة ومسحت بها يديها . " حسبت انك لم تأكل شيئاً هذا المساء , هل فعلت؟" هز رأسه , كان متشنجاً ولم يستطع ان يتناول اي طعام . " لم آت الى هنا كي تحضري لي شيئاً آكله" حملت صينية الطعام لتضعها على طاولة المطبخ , ثم اخذت تحدق اليه وهو جالس الى الطاولة قبالتها , ثم سألته " اين ستورمي؟؟" " نائمة , وضعتها على سريرك , غطيتها ووضعت وسادتين على جانبيها " اضاف جملته بسرعة قبل ان يعطيها فرصة لتجيب . " لقد تذكرت " قالت بهدوء وغدت عيناها رقيقتين , وهي تنظر في وجهه. قال بصوت خافت" اني اتذكر الاشياء اكثر مما تتصورين" وكاثلين كانت تذكر ايضاً فقد تذكرت كل لحظة قضتها بين ذراعيه , كما تذكرت كل تنهيدة وقبلة وكلمة قالها لها . كان كل ذلك يشتعل في مخيلتها, وكأن روس كان قد طبعها به من دون ان يتملكها ... سببت هذه الافكار تورداً في وجنتي كاثلين , مما اجبرها على ان ترد نظرها عنه.ريحانة قدمت له فنجاناً كبيراً من القهورة, وهي تقول " اخبرت اهلي بما اعلمتني به الشرطة, كما تحدثت بالموضوع مع باركر مونتغمري " تناول روس قضمة من سندويشه , لكنه شعر وكأنه يقرط قطعاً من حطب , فما حري به ان يقول ؟ بقيت للحظة لا تستطيع ان تنظر في عينيه , ثم هزت كتفيها , انه غير قادر على ان يشعرني بشيء من الاطمئنان , على الرغم من ان وصايتي الآتية قد تنتهي بين يوم و آخر. بدا عليها وكأنها قد استسلمت للأمر الواقع , فما كان من روس الا ان مد يده وهزها قليلاً وقال " لا يسعنا التباطؤ في الموضوع اكثر مما حصل . كاثلين علينا بالزواج , الآن او غداً بأسرع ما يمكن" لم تجبه كاثلين , بل اخذت تحدق شاردة الأفكار, بالطرف الآخر من الغرفة , وتساءل نفسها كيف ستبدو حياتها , لو ان روس و الطفلة تخليا عنها . " كاثلين هل سمعت ما قلته؟" التفتت لتنظر اليه وقد صممت على مواجهته بقلب جريء " روس, لما تحاول إزعاجي بهذا الموضوع , فقد اجبتك بكلا وكنت اعنيها , لن اتزوجك الآن او في اي وقت من الأوقات" وضع السندويش على الصينية , واخذ يفرك وجهه بكلتا يديه المتعبتين " إذن كل ما استطيع قوله هو انك لا تريدين ستورمي الى حد كبير" ارادت كاثلين ان تصوب اليه لكمة من قبضتيها, لكن كل ما امكنها فعله هو انها حدقت به بقوة, فيما احست بألم فاتر يتسلل الى جسمها.ريحانة " كيف تجرؤ على التفوه بمثل هذا القول امامي ! انت لا تعرف كم تساوي هذه لطفلة بالنسبة لي" تابعت بصوت خافت " انت لا تعرف كم انا اريدها!" كل تلك الشكوك والظنون التي كانت قد شعرت بها خلال الايام القليلة الماضية تجمعت فجأة في جنجرتها , وتكاد تخنقها جزعاً, وبغصة خائقة , نهضت عن مقعدها وخرجت مسرعة من الغرفة قبل ان تمنحه الفرصة بأن يوقفها. ---------------------------------- بعد لحظات قليلة وجدها روس في احدى غرف النوم الاضافية , كانت جالسة على حافة السرير , وقد بدا كتفاها مترهلين ورأسها منحنياً الى الامام . جلس الى جانبها ورفع وجهها مقابل وجهه . فوجد دموعاً تبلل خديها.ريحانة احس انه طعن في الصميم , لدى رؤيته تلك الدموع , وفي تلك اللحظة كان كل مراده ان يضمها بين ذراعيه , ويمسح بقبلاته تلك الدموع عن خديها" آسف يا كاثلين ! ربما كنت مخطئاً!" "كنت مخطئاً؟!" رفع يديه الاثنتين عالياً, ثم انزلهما بعجز حتى ركبتيه , " اني لا افهمك يا كاثلين " كانت ترتجف كحيوان وقع في فخ وغير قادر على التحكم بمصيره " كلا, انت لا تفهم يا روس , لأنك لا تعرف وان علمت هل ستتمكن من معرفة سبب تعلقي بستورمي الى حد كبير " مد يده ولمس بها احدى وجنتيها وقال "إذن اخبريني يا كاثلين , انني اكاد اتمزق من الداخل وارغب في مساعدتك , لكن اجهل يأية وسيلة" شيء ما في صوته دفع بها على الفور لتنظر اليه, وادركت انها لم تعد تطيق التفكير بنفسها فقط , وبمشاعرها ورغباتها , كان عليها ان تفكر الآن بروس وبما يتسبب له فقالت " السبب هو انا ..." هزت رأسها وتوقفت عن الكلام ثم حدقت به من جديد " الحقيقة يا روس اني لا استطيع الانجاب" شعر روس وكأنه طعن في صدره , ثم تغير مزاجه , كاثلين حلوته , لا يمكنها ان تنجب , لم يكن يصدق ما يسمعه! ولم يرغب في ان يصدق ذلك! " كاثلين ... انا .. لِمَ لم تخبريني؟" تعجبت إذ سألها مستفسراً , وراحت تتفحص وجهه بعينيها , وهي تجيب" لأني لم استطع! ولم اكن اريد ان تعلم بالأمر! هل تظن انه أمر تفتخر امرأة بأن تعلن عنه للرجل الذي..." وتوقفت فجأة عن الكلام , مرتعبة مما ستتفوه به, الرجل الذي تحبه ! وبعجز التقطت نفساً , ثم التفتت بعيداً , واخذت تحدق في غرفة النوم التي بدت مظلمة بعد ان غربت الشمس.ريحانة " كاثلين انظري اليّ" رفع ذقنها نحوه وتابع "ألم اوضح لك الأمر اكثر من مرة ان عليك ان تعلميني بكل شيء يحصل معك! حسناً , كنت اعني ان تخبريني بأي شيء وبكل شيء " ارخى يده عن ذقنها وابقى اصبعه يمرره برقة فوق خدها , ثم قال برقة" كان علي ان اتفهم ذلك , وقد فهمت الآن " لقد اثارت لمسته ورقته احساس حنين مر حلو في قلب كاثلين " اني سعيدة لأنك تتفهم وضعي ياروس, والآن اصبح واضحاً لديك لِمَ كنت ارفض الزواج منك " هز رأسه بذهول وقال " كلا, لم يتضح لي الأمر بعد, فكونك لا تنجبين امر ليس من شأنه ان يقف عائقاً دون زواجك مني. يجب ان يكون حافزاً لك لتزداد رغبتك بالزواج مني... خاصة ان ستورمي هي الطفل الوحيد لديك" ------------------------- بدت مرهقة , ثم نهضت واخذت تتمشى في الغرفة , وفوق الطاولة عن يمينها , كانت قد وضعت إطاراً في داخله صورة مشتركة لها ولسام ونك , فأمسكت بها وامعنت النظر فيها, لدقائق طويلة قبل ان تقول " انت لم تفكر بهذه يا روس " تقدم في الغرفة ثم وقف على مقربة من كتفها وقال " وانت تفكرين كثيراً" ادرات رأسها لتنظر اليه وتقول " احياناً , يتوجب على الواحد منا ان يفكر , لقد سبق ان عانيت مرة من هذا الأمر يا روس . فغريغ كان يريد عائلة , ولم اكن اعرف لماذا .. فهو لم يكن من نمط الرجال الذين يحترمون العائلة, ربما كان ذلك بسبب انانيته, لا اعرف و الأهم هو انني لم استطع ان انجب له طفلاً, لم يكن سعيداً بزواجنا, وكان يشعر بالغين كما لم يكن راضياً عن زواجنا" شعرت به على مقربة حثيثة منها , وصدره قد لامس كتفيها, ويداه تعبثان بشعرها , كانت ستنفجر بالبكاء لهفة عليه.ريحانة " ارى انك ترغب في زواج شكلي فحسب, وماذا لو انك وقعت في حب امرأة واردت ان تنجب اطفالاً منها ؟ فهل تعلم اني حينها سأشعر بعقدة ذنب حيال الأمر؟" كيف عليه ان يقنعها بأن مخاوفها لا اساس لها ؟ كيف عليه ان يخبرها بأنه لن يقع في حب امرأة اخرى مطلقاً لأنه واقع في غرامها؟ وسيغرم بها لمدى الحياة؟ شعر انه لن يتمكن من اقناعها . من المحتمل انها ستفكر بأنه يقوم بذلك ليطرد عنها مخاوفها , وان صدقته , فلا ريب انها ستبتعد عنه قدر ماتستطيع. قال وهو يتمتم حيال هذا الوضع الميؤوس منه " انك تستعجلين الامور , بالاضافة الى انه في حال حصول ذلك, يمكننا الانفصال , كما اوحيت اليك سابقاً" اندفعت نحوه بوجه تجمد غضباً وصرخت " إنه لشيء رائع, اليس كذلك , تريد ان نمنح ستورمي والدين وندعها تعتاد على أم و أب , ثم تنفصل بعد ذلك وتشتت العائلة , كيف سأتمكن من شرح الأمر لها! وان اقول لها بأنها لم تكن تعني لنا شيئاً , وان والدها اراد ان يرحل عنا ليكوّن عائلة جديدة؟" اراد روس ان يطلق شتيمة بكل جوارحه , لكنه بدل ان يستعجل الأمور, التقط نفساً عميقاً ليهدئ من روعه, ويقول " لن يكون الأمر على هذه الصورة يا كاثلين" كانت تزرع خطواتها حوله , وهي ترتعش من أعلى رأسها حتى اخمص قدميها " روس! لن اناقش هذا الموضوع بعد الآن , في الحقيقة , افضل ألا أراك بعد اليوم!" كان روس يتفرس بها وهو يتراجع بخطواته عنها الى الوراء , واحس بألم ينتابه , وكأنها غرزت في صدره خنجراً. " وماذا بشأن ستورمي ؟ هل ستمنعيني عن رؤيتها؟" من على عتبة غرفة النوم , استدارت والتفتت اليه , فبدا لها وقد ارتسم الألم على وجهه , وادركت انها كانت تسبب الأذى لهذا الرجل. وحقيقة كانت تكره ان ترى ذلك . لكنها كانت تتصرف على على هذا الشكل, لأنها كانت مغرمة به, كان عليها ان تذكر نفسها بذلك طوال الوقت, و إلا لكانت ذابت ألماً. -------------------------- " لا , لن امنعك من رؤيتها , تراها ساعة تشاء , لكن ما بيننا قد انتهى , ولا تعد تذكر كلمة زواج امامي بعد اليوم!" *** " حسناً, ايها التلاميذ, غداً سنناقش بنود القانون, من منكم يستطيع ان يسمي لي البنود العشرة الأوائل التي يتألف منها القانون؟" واستدار روس عن اللوح فرأى اياد مرفوعة في الهواء, فأشار الى فتاة شقراء تجلس في المقعد الأخير , فأجابت " قانون حقوق الانسان يا سيد دوغلاس" " صحيح يا سينثيا" ثم استدار الى اللوح, وبدأ بالكتابة " إذن واجبكم المنزلي للغد سيتلخص بأن تدونوا وصفاً مختصراً لكل بند يتألف منه قانون حقوق الانسان" قرع الجرس وملأ الضجيج الغرفة, فيما كان التلامذه يتنادون ويندفعون باتجاه الباب. وبينما كان روس يجمع كومة من الأوراق ليأخذها معه الى المنزل, لاحظ ان احد التلامذة قد عاد الى غرفة الصف . التفت الى أعلى , فكان احد تلامذة صف التاريخ. " هل نسيت شيئاً يا ماثيو ؟" فأجاب " كلا, يا سيد دوغلاس" ثم تقدم نحو روس , وتابع " فقط اردت ان اسألك .. حسناً , تسري شائعة في المدرسة, انك عندما كنت تلعب بايسبول في الكلية , عرض عليك اتحاد الفرق الرياضية عقداً" اطرق روس يفكر , على ما يظهر , ان ماثيو يرغب في الانضمام الى فريقي الذي اقوم بتدريبه. " لا ادري , اين سمعت الشائعة , لكنها صحيحة" " واو , لِمَ انقطعت عن اللعب ؟ أعني انت لست كبيراً في السن كي تكف عن اللعب" اجابه مبتسماً وهو يربت على كتفه " كلا, لست كبيراً في السن, فقد اصبت في ركبتي, وهذا امر حاسم بالنسبة لرياضي" قال ماثيو " لذا استقلت " بدا على وجهه القنوط , وكأنه احس بمدى با لألم الذي تخلفه الاصابة " اظن ان التدريس قد يكون مضجراً بالنسبة لك بعد ان كنت تدرب في نادي الفرق الصغيرة" اجاب روس ضاحكاً " انه ليس بأمر مضجر , اني استمتع بأن ارى صبياناً مثلك يفهمون ما يعني قانون حقوق الانسان" " هل ماتقوله صحيح؟" اجاب " انها حقيقة" قال ماثيو " لابد انك تحب الأولاد " انه لم يمتهن التدريس لأنه لم يعد قادراً على تدريب البايسبول . لقد اختار ها كمهنة ليكسب قوته منها , وكان يحب ان يعايش التلاميذ , محاولاً ان يفيدهم بشيء مميز في حياتهم , فهناك الكثيرون ممن ليس لديهم اهل لترعاهم, فهو هنا كي يرعى هؤلاء , لأنه يكره ان يرى تلاميذه مهملين ومبنوذين , كما كان الحال بالنسبة له. وفيما بعد , وبعد دقائق قليلة غادر روس المبنى , وهو لا يزال يفكر بتعليقات ماثيو , فكلماته جعلته يلاحظ كم هو يحب الأولاد , على الرغم من انه يقدس حريته. ----------------------- على اية حال , فقد تبدل وضعه هذا كله , بعد ان وجد ستورمي في رواقه , وعلى الرغم من تخوفه من الزواج . إلا انه اراد ان يكون والداً لستورمي , وليس بمقدوره ان يكون والداً لها إلا اذا تزوج من كاثلين وحاولا معاً حضانة الطفلة. لكنه رأى ان ذلك الشيء من الصعب ان يتحقق في الوقت الحاضر, فكاثلين غير مكترثة بأن ترى وجهه من جديد, حقيقة وعلى الأرجح قد تكون اكثر سعادة ان لم تره. واخذ يفكر بقنوط لقد تركها وحيدة ليلة البارحة, وقد آلمه ان يكون بعيداً عنها , لكن الليلة سيذهب ليراها ويرى الطفلة, ولن يأتي على ذكر الزواج , لكنه سيلمح اليها بأنه لم ينسى الموضوع. " ياروس؟" ولدى سماع اسمه التفت روس , فرأى نك غالاغر يتقدم بسرعة نحوه. " نك! كيف عرفت اني هنا؟" " تذكرت انك كنت تحدث والدي عن المدرسة التي ستدرس فيها , هل انت ذاهب الى المنزل ؟" " هل من خطب ؟ هل حدث امر ما لكاثلين؟" هز نك رأسه . لكن من وجهه المتجهم , استطاع ان يستنتج ان سؤاً قد حصل . " ليس هناك ما يزعج , فهي لم تتعرض لحادث او لأي شيء من هذا النوع, لكنها في حالة مزرية يا روس , كان عليها ان تسلمهم الطفلة اليوم, فقد قدم احد العاملين في المؤسسة المسؤولة عن رعاية الطفل, واخذ ستورمي الى عائلة جديدة" شعر روس وكأنه تلقى ضربة فأس " اين هي الآن ؟" " تعني كاثلين ؟" هز روس رأسه بقنوط. " انها الآن في المزرعة , وتبدو حزينة , لم يدعها والدي تنزل بسيارتها الى منزلها , ففكرت بأن تأتي انت الى هناك وتراها , لعل هذا يساعدها" اندهش روس لطلب نك وسأله " لا اظن ان كاثلين ترغب برؤيتي . لم تطلب ان تراني , اليس كذلك؟" قطب نك جبينه " كلا, لكن الآن بالذات , كاثلين لا تدري ماذا عليها ان تقول او تفعل , وكل ماتعرفه هو انهم اخذوا الطفلة منها" رفع روس وجهه , محاولاً التقاط انفاس عميقة ليسكن الألم الجاثم على صدره . " انها غلطتي , انا قد تسببت لها بذلك" عقد نك ذراعيه فوق صدره " تبدو وكأنك قد فقدت صوابك كما كاثلين , انها ليست غلطتك فهي متعلقة بالطفلة الى حد كبير, ألم تعلم بشأن... حسناً , كاثلين لا تستطيع ان تنجب اطفالاً" " اعرف , فقد اخبرتني" ابدى نك دهشته , واستطاع روس ان يرى الصدمة على وجه نك , كما ادرك ان كاثلين لم تسر لأحد عن عدم تمكنها من الانجاب , سوى لعائلتها. كان روس منشغل التفكير, في حين تابع نك القول " اذن بت تعرف لِمَ هي تتألم" -------------------------------------- " نعم, لا ارى اني استطيع فعل اي شيء حيال هذا الموضوع , لقد حاولت ... ماكان ينبغي عليّ ان آخذ الطفلة الى منزل كاثلين تلك الليلة , كان عليّ اصطحابها الى مكان ما في آخر المنحدر" احاط نك كتف روس بذراعه وقال " لقد فعلت ما بوسعك من اجل الطفلة. لا تشعر بعقدة الذنب الآن , فقط تعال وتحدث الى كاثلين " " لديها انتم نك , انت اهلها" " حسناً" وربت على كتفه تشجيعا له وقال " إنها لم تعلم بأمر مجيئي اليك, وسوف لن اخبرها انك آت , لكن اؤكد لك ان العائلة كلها ستتنفس الصعداء حين تراك" " ولِمَ ذلك؟" اجاب نك ساخراً" ألا ترى ان كاثلين مغرمة بك؟ جميعنا نعرف ذلك , كاثلين تحبك"
الفصل الثاني عشر
" كاثلين تحبك , كاثلين تحبك" وهو في طريقه الى مزرعة غالاغر , كانت هذه الكلمات تدور في رأسه بشكل , لا يمكنه اسكاتها. هل يعقل ان يكون نك على حق؟ هل تحبه كاثلين ؟ كانت كاثلين قد رفضت الزواج منه, لم تكن تبدو له كامرأة مغرمة. ولدى وصوله الى المزرعة , استقبله نك على الباب وقاده عن طريق المطبخ الى غرفة الجلوس. كانت اوليفيا اليسون و إيلا يجلسن على كنبة يقلبون صفحات المجلات الخاصة بالعرائس, اما كاثلين فكانت جالسة على الأرض مع بنجامين , حيث كان يريها العينين الجديدتين اللتين خاطتههما إيلا على وجه الكلب الذي اهدته إياه كاثلين . قالت له كاثلين " اني واثقة ان بادي يستطيع ان يرى بهاتين العينين ارنباً على بعد ميل واحد من هنا" قهقة بن" هل سيطارد الأرنب ويأكله؟" ابتسمت كاثلين بكآبة " بادي يطارد الأرانب فقط, ثم يعود الى المنزل , ويأكل طعاماً خاصاً بالكلاب ساعة العشاء " قهقهة بن ثانية " بادي لا يفعل ذلك يا كاثلين , لأنه لا يأكل طعام كلاب" نادى نك بن بتحبب " تعال الى هنا يا بني, فلنذهب مع العم سام لاطعام الخراف" ------------------------------------- كان بن دائم الاستعداد للخروج مع نك, قفز من مكانه , وتبع نك الى خارج الغرفة , ونهضت النسوة الثلاثة عن الكنبة , ثم نادتهم إيلا " هيا يابنات , اظن حان وقت تحضير العشاء , وزوجي يرغب بتناول الضلوع المشوية الليلة , وعلينا طهو القليل من صلصلة الشواء " بالكاد لاحظ روس النسوة وهن يخرجن من الغرفة بهدوء, إذ كان يمعن النظر بكاثلين التي كانت لا تزال على الأرض تحدق به ايضاً.ريحانة اقترب منها , ولاحظ انها كانت تبكي بكاءٌ متواصلاً مراً , فقد انتفخ وجهها وعيناها , وبدا شعرها اشعث كما بدت حزينة جداً وايضاً جميلة جداً , وسألته " ماذا تفعل هنا؟" اجابها بهدوء " سمعت بشأن ستورمي " ابعدت نظرها عنه, ورأى روس انها كانت تحاول جاهدة ان تداري الدموع في عينيها " لم تكن ملزماً بالمجيء , فلن تستطيع فعل شيء" بدا صوتها فاتراً, وكأن كل ما فيها كان قد توقف عن الحياة. لاحظ روس انها لم تكن تريد رؤيته , فكل ما كان يشغلها هو ان تستعيد الطفلة , كانت الحقيقة مرة , قد يفهم نك عاطفة اليسون تجاهه , لكنه لا يستطيع تفهم شعور شقيقته , فهي لا تحب روس , كان يأمل الى حد الجنون ان تغرم به. ووصل الى حد الجنون في تفكيره , حتى انه كان مستعداً لينافس كلاً من ستورمي وعائلة غالاغر في حبهم لكاثلين . " لم ينته الأمر يا كاثلين , فلم يأخذها احد بعد , فقط وضعوها في دار للايتام " ثم جلس بالقرب منها , محاولاً مواساتها. نظرت اليه, وقد بدا وجهها متغضناً, والدموع تملأ عينيها, ثم قالت باكية" لقد اخذوها يا روس, وكأنها لم تكن . اخذوا طفلتنا ! كانت ملكي وملكك انت , وليس ملكهم , هي من حقنا !" جذبها روس اليه وضمها بين ذراعيه بقوة وهو يقول " اعرف يا كاثلين , ان ذلك يؤلمني ايضاً" قال ذلك وقد بدا صوته غليظاً مليئاً بالعاطفة . كانت تلهث باكية وهي تدفن رأسها في ثنايا قميصه وتتشبت بيأس. بقي روس لهنيهات طويلة يداعب شعرها ويربت على ظهرها , كي تهدأ الدموع في عينيها, فهو لم يحتمل رؤيتها وهي تتألم على هذا الشكل, وعلى الرغم من انه لم يحسب انه سيغرم بأية امرأة , فقد احب كاثلين اكثر من نفسه. اخيراً , اندفعت مبتعدة عنه, ومسحت عينيها بباطن كفيها , إذ لم تسمح لنفسها بأن تبدو منهارة امام روس , لكن حين التفتت نحوه ورأته ازدادت تأثراً لأنه اصبح جزءاً من حياتها, كما تحركت في داخلها ذكريات تلك الليلة الأولى حين قدم روس الى منزلها وبين ذراعيه ستورمي, فقد كان متجمداً من الصقيع وغطاه الثلج , لكن كان تفكيره واهتمامه منصبين على الطفلة , وقد احبته لأجل ذلك, واليوم هناك اسباب اخرى جعلتها تحبه.ريحانة كانت تحس وكأن قلبها انفطر, ليس لأنها ستتخلى عن الطفلة, لكن ايضاً لأنها ستتخلى عنه, فهو رجل من حقه ان ينجب اطفالاً , وبما انها لا تستطيع ان تمنحه طفلاً , ارادته ان يبقى حراً في اختياره امرأة تنجب , ثم قالت " اني آسفة " ثم نهضت من مكانها وبدأت ترفع شعرها المشعث عن وجهها. ------------------------------ تابعت كلامها " لم اكن اريد ان تفعل , اعتقد انك تعرف ... اني اضعف امرأة قابلتها" " لا اعتقد انك ضعيفة, اظن انك انسانية وحسب" احست بغصة في حلقها , ثم استدارت وتقدمت نحو الموقد. " نعم, حسناً, اني الآن لا احس بانسانيتي , اشعر فقط بأني ميتة من الداخل" هز روس رأسه ببطء, لدى سماعه تعبيرها المنهزم. " كاثلين يجب ان ألا تستسلمي ان الموضوع قد انتهى, وانهم اخذوها مني ولن استطيع ان استعيدها, علينا ان نكافح كي ترجع الينا , فأمها الحقيقية ارادتك انت ان تحصلي عليها , ربما هناك من وسيلة تجعل الأم تتنازل عنها لك" اومأت كاثلين برأسها نافية " لا اظن ذلك , المرأة صغيرة السن, وان لم تكن كذلك, فاني متأكدة , انه يتوجب عليّ ان استمر بإجراءات الحضانة كي احصل عليها" اجابها بحزم " سوف نحصل عليها" " وكيف تعتزم القيام بذلك يا روس ؟ لا تتصور كم هناك من ازواج , اسماؤهم مدونة على لائحة الانتظار , وهم ينتظرون بفارغ الصبر كي تظهر مولودة مثل ستورمي , وسيكون اسمي الأخير على جدول لائحة الانتظار" وبعزم لا يلين , اندفع روس اليها وامسك بذراعها . " نحن اول من حصل على ستورمي , ونحن قد انقذناها من العاصفة الجليدية , ويجب ان يحسب لكل هذا حساب. سنتحدث الى محاميك ونعلمه بأمر زواجنا , وسنريه ونرى دائرة رعاية الاطفال كم نحن نريدها!" حدا بها غضبها لأن تفلت ذراعها من قبضته. " لقد قلت لك مراراً لا تذكر تلك الكلمة امامي ثانية! كيف تفعل ذلك .. تذكرني بها الآن ؟ ماذا تحاول ان تفعل ؟ ان تشتتني كلياً!" كان واضحاً, انه اثار غيظها , لكن روس لم يكترث للأمر , فالغضب افضل بكثير من الدموع , والآن حان الوقت لأن ترى الأمور على حقيقتها , قبل ان يصبح الوقت متأخراً , فلا يعود بامكانها فعل اي شيء . "دائماً, تلحين عليّ بأنك تريدين الطفلة الى حد كبير لِمَ لا تقدمي البرهان على ذلك ؟ لِمَ لا تكفين عن محاولة الاختباء خلف اعذار وتبرهنين كم انت تريدينها!" حركت كاثلين شفتيها لتحتج " ليس عليّ ان ابرهن شيئاً!" واخذت تدمدم وعيناها تقدحان ناراً" ثم اني لا اختبئ وراء اعذاري!" " نعم, انك تفعلين! لديك شتى الاسباب والأعذار كي لا تتزوجي مني, لكن كلانا يعرف ان هذه الأعذار هي ليست السبب الحقيقي لتحاربيني بها!" فجأة هدأ كل مافي داخلها تماماً, هل يدري ؟ هل يدري اني احبه؟ اشاحت بنظرها عنه واخذت تحدق في النار المشتعلة , ثم سألته " ماذا تقول؟" " اقول انك لا تريدين الزواج مني لأنك جزعة جداً" " لست جزعة! اني..." ----------------------------------- اطبق يديه حول كتفيها , ماكان منها إلا ان التفتت ونظرت اليه " لا تكذبي عليّ يا كاثلين, ان خوفك من الحياة يفوق خوفك من ان تخسري ستورمي" " هذا ليس بصحيح!" اخذت تبكي وكان جسدها بكامله يرتجف. دفع به يأسه لأن يضغط باصابعه على كتفيها ويقول " إنها الحقيقة يا كاثلين , عندما تنظرين إليّ والى ستورمي , فانك لا تفكرين إلا بزوجك و بالطفل الذي لم تنجبيه. انت في الحقيقة لا تفكرين بي او بها, او بما قد يكون افضل لنا! انت تفكرين بنفسك!" فجأة تحجرت عيناها الخضراوان" انت... انت سافل , قاس" وقبل ان يتدارك ما كان يفعل , ضمها بين ذراعيه, وكانت ضمته قد ازالت الغضب الجاثم على صدرها. ابتعد عنها وقال " الى اللقاء يا كاثلين, عندما تقررين ما تريدينه بالفعل , تعرفين اين تجدينني " كانت كاثلين تراقبه , وهو يغادر, وكانت كاثلين تتساءل متى سيهمد ذلك الحنين في قلبها, وكم سيستغرق من الوقت كي تنساه.ريحانة *** " كاثلين , ما رأيك بهذا الفستان؟" نظرت كاثلين الى الفستان الزهري الذي كانت اوليفيا قد وضعته على اليسون , وكانت تحاول ان تبدي اهتمامها بالأمر قدر الامكان " انه فستان عرس خلاب" وبتجهم اقتربت اوليفيا من كاثلين وقالت " حسناً, لقد اتيت الى هنا كي تساعدينا, إذن عليك عليك ان تفعلي , لا ان تجلسي هناك منقبضة الصدر" " لست منقبضة الصدر " ودار شجار بين كاثلين و زوجة اخيها. " تبدو كئيبة , اليس كذلك يا أليسون ؟" اومأت اوليفيا برأسها " ظننت انك متحمسة لعرس نك و أليسون " " اني كذلك, لا يمكنني ان اكون اكثر حماسة , فأليسون تعلم ذلك" " حسناً " قالت اوليفيا وهي تمد يديها في الهواء" إذن تصرفي على هذا النحو , تذكري العرس يصادف يوم عيد الحب, ولم يعد لدينا سوى وقت قصير لنجهز كل شيء , علينا ان نجد الفستان اللائق , فستاناً يذهل نك لحظة يراه على اليسون , يجب ان نقسو كثيراً , فنك لا زال يحلم" قالت كاثلين " حسناً , سا حاول ان اكون اكثر حماسة, ان كان هذا يرضيكما " من ثم ضحكت ضحكة عريضة وتابعت " هل أبدو بحال افضل؟" اجابتها اوليفيا " ستبدين بحال افضل , لو انك تصرفت على سجيتك" خلعت اليسون الفستان الزهري اللون وهي تتنهد.ريحانة " من الأفضل لي ان ارتدي الفستان الذي اشتراه لي نك وارتديه في حفلة زواجك يا اوليفيا " ------------------------ بدت كاثلين مكتبئة , كانت تحب اليسون و تتمنى لها عرساً رائعاً , لكنها تجد صعوبة في ان تظهر مشرقة , لقد بدت في وضع سيء قالت لهما " لا تكوني سخيفة, انت تستحقين فستان عرس انيق " ثم تقدمت من اليسون وضمتها بين ذراعيها " لا تهتمي كثيراً لمزاجيتي يا أليسون " وضعت اليسون يدها على خد كاثلين , واجابت " نحن نتمنى سعادتك فحسب" " نعم اعرف وسأكون سعيدة , فقط امنحوني بعض الوقت , هذا كل ما احتاج اليه , والآن سأخرج لا تفرج على واجهة العرض كي اختار لك فستاناً آخر تجربينه" في اللحظة التي غادرت فيها كاثلين غرفة استبدال الملابس , بدأت اوليفيا واليسون تتبادلان نظرات يشوبها القلق. قالت اوليفيا " علينا ان نفعل شيئاً حيال هذا الامر" وافقتها اليسون قانطة" انت على صواب", لكن ما الحل؟" واخيراً , استقر رأي النسوة الثلاث على فستان عرس عاجي اللون , ومزركش من الطراز القديم, ذي ياقة عالية. بدا الفستان لائقاً جداً على اليسون , وانعكس لونه على شعرها الأحمر , فازدادت جمالاً. سرت النساء الثلاث لاختيارهن فستاناً جميلاً, وقرروا ان يتناولوا طعام الغداء في مطعم قريب, يقدم مآكل مكسيكية شهية. قالت اليسون " لقد اشتقت الى نك, اذ كان عليه ان يعود الى فورت سيتل" جلست الشابات الثلاث الى طاولة قريبة من النافذة , وبدأن بتناول رقائق التورتيلا مع الصلصلة , وهن ينتظرن الطبق الاساسي. اجابت اوليفيا " اعلم انك ستفتقدين له , لكنه سينتقل الى مركز عمله في فورت شافي الاسبوع القادم, وعودته الى المنزل , تستأهل منك الانتظار" وافقتها اليسون الرأي , ضاحكة" لقد فرحت الجدة لأجلي, حين علمت اننا سنسكن هنا, واعتقد انها افتقدت لك اكثر من افتقادي له" اضافت كاثلين " جميعنا مسرورون لأنك ونك ستعيشان في مكان قريب منا" اجابت اوليفيا" خصوصاً سام , فهو لا يقر بذلك , لكنني احسب ان نك يفتقد سام كثيراً عندما يكون غائبا" ثم حدقت بكاثلين " وهو ايضاً يتساءل كيف ان روس لم يظهر مؤخراً , فهو يرغب بمجيء روس للعشاء ذات ليلة " خفق قلب كاثلين بسرعة لدى سماعها اسم روس , لكنها التفتت الى زوجة اخيها و رفعت كتفيها بلا مبالاة. " اني متأكدة انه سيأتي ان انت اتصلت به" " في حال مجيئه , انذريني فقط كي لا اكون معكم " اطلقت اوليفيا صوتاً ساخراً " كاثلين لقد تعبت من التظاهر امامك بالحذر وكذلك هو الحال بالنسبة لأليسون ولبقية العائلة , نعلم انك مستاءة بسبب ستورمي ! لكن ما شأن روس؟ نريد ان نعرف ما حصل بينكما؟" " لم يحصل اي شيء " اجابتها كاثلين بذلك وهي تحاول ألا تنظر اليهما , ثم تابعت " الآن وقد رحلت ستورمي , لم يبق هناك سبب لبقائنا سوياً" رمقت اوليفيا اليسون قبل ان توجه انتباهها لكاثلين " كيف يمكنك قول ذلك؟" ------------------------------89 قالت باختصار " لأن تلك هي الحقيقة" " قال سام بأن روس طلب منك الزواج" بدأت يد كاثلين ترتجف وهي تمدها لتتناول كوب ماءوقالت " سام كثير الكلام" اجابت كاثلين" حسناً, اعني فيما يتعلق بموضوعي, لم يكن حرياً به ان يخبركم عن الموضوع" تنهدت اوليفيا بامتعاض , ثم قالت اليسون " كنا نظن انك مغرمة بروس , والآن يبدو انك لا ترغبين حتى برؤيته" " انت على حق, لا اريد ان آراه , عندما ..." كان عليها ان تتوقف عن الكلام , لم تستطع اخبارهما انها كلما وجدت في نفس الغرفة مع روس كانت تحس كأنها ستنفطر الماً, كانت تحث نفسها على متابعة حديثها, وهي تمد يدها لتتناول رقاقة تورتيلا " صدقاني , عندما اقول انه من الأفضل لي ولروس بألا نتقابل" سألتها اوليفيا " اذن, روس لا يهمك؟ كنت تقضين وقتك معه من اجل الطفلة" " كلا... أنا ..." وعلا وجهها انزعاج ثم حدقت بالمرأتين " ليس عليّ ان اشرح لكما شعوري نحو روس " وافقتها اوليفيا الرأي " كلا , لست مضطرة لذلك " قالت اليسون " لكننا نهتم لأمرك , ونحن نعلم, حسناً.. تذكرين كم كنت مرتبكة وخائفة عندما طلب نك الزواج مني , وقد اوعزت اليّ حينها بأن يعوزني رؤية الأشياء بوضوح" " قالت اوليفيا " وانا متأكدة من انك لم تنسي كم كنت يائسة عندما كنت احاول قطع علاقتي بسام, لكن على الرغم من خيبتي في استمرار العلاقة, فقد بقيت تحثينني على الاستمرار بعلاقتي به" اجابت كاثلين مكتئبة" اي شخص كان عليه ان يفعل ذلك, فقد كنت تائهة وكذلك كان الأمر بالنسبة لأليسون" بعد ان فشلت من وضع حد لاسئلتهما, انحنت كاثلين فوق الطاولة قبالة السيدتين , وبدأت تتحدث بصوت هادئ لكن جاد " كلاكما تريدان معرفة حقيقة شعوري تجاه روس؟ احبه حباً جماً, واني يائسة من دونه, لكن هذا أمر عليّ ان اعتاد عليه" هزت اليسون رأسها ممتعضة , في حين اطلقت اوليفيا نفساً عميقاً, لاحساسها بخيبة أمل. سألتها اوليفيا " لماذا؟" حاولت كاثلين التغاضي عن الألم الذي كان يعصر في صدرها ,لكن دون جدوى, لأن ذلك بان في صوتها وهي تقول " روس لا يحبني , حتى لو كان يحبني , فلن اتزوجه " " كلام مقنع!" علقت اوليفيا ساخرة " قد يسعدك الزواج منه, لكن لا نستطيع ان نحظى بذلك. فقد يخرب عليك خططك للاستمرار بخيبة الأمل لبقية حياتك!" كانت كاثلين تحدق بحركة السير في الخارج من خلال النافذة الزجاجية " كلاكما تعتقدان ان الأمر بغاية البساطة... واحسب انه يبدو كذلك لكما, فلكل منكما رجل يحبها" سألتها اليسون" كيف تعرفين ان روس لا يحبك ؟ هل سألته ؟" ----------------------------------- " كلا , ولن أسأله , المسألة لا تقتصر على سؤالي او عدم سؤالي له" كان الاندهاش بادياً على وجه كل من اوليفيا و اليسون, ثم كررت اوليفيا القول " المسألة ليست مسأله حب؟ هيا يا كاثلين , لطالما كان الحب اساس كل المسائل . لا تحاولي ان تقولي العكس" " حسناً" وادركت ان هاتين السيدتين لن يقطعا حديثهما ما لم تفضي اليهما بسرها" اني احب روس لدرجة اني لا ... اريد الزواج منه. انتما تفهمان اني لا استطيع الانجاب . فكيف يمكنني ان اتزوجه ؟ انه شاب , كيف يمكنني ان احرمه من فرصته في بناء عائلة؟" مدت اوليفيا يدها من فوق الطاولة ولمست يد كاثلين " ربما روس لا يرغب بسواك " فجأة , غصت كاثلين و اغروقت عيناها بالدموع ولم تستطيع الكلام بعد هنيهة قالت اوليفيا " تعلمين انه عندما طلبني سام للزواج , لم يسألني ان كنت قادرة على الانجاب ام لا . فالنساء حقيقة لا يعرفن ان كانوا سينجبون إلا متى حاولوا ذلك, وإذا ما احب رجل امرأة , فقد لا يعنيه ذلك البته" وافقتها اليسون الرأي" اعلم ان لدي بنجامين , وفي حالتي , قد لا يختلف الأمر كثيراً, ومع ذلك فنك لم يسألني ان كنت سأنجب المزيد من الاطفال. كل ما اعرفه , هو انه كان سيتزوجني حتى لو علم اني عاقر " وقبل ان يقال المزيد, تقدمت نحوهم المضيفة وهي تحمل وجبة الطعام. ثم بدأن يتناول الطعام , وفي نهاية الأمر تحول حديثهن الى التحضيرات الخاصة بروس اليسون ونك. تنفست كاثلين الصعداء, لكنها كانت متضايقة مما ذكرته اوليفيا و اليسون حول موضوع الحب و الأولاد . ربما كانت ترغب وتتوقع ان تكون الاشياء على اتم ما يمكن , ربما لو انها وافقت على الزواج من روس , قد يغرم في النهاية بها , ولا يكترث لشيء , سوى ان يكونا معاً , وما كانت تفكر به , كان أمراً اكبر مما يتوق اليه قلبها المتعب.ريحانة
الفصل الثالث عشر
في اليوم التالي كان يتساقط رذاذ مطر بارد , وبدا الطقس كئيباً كمزاج روس, لكنه لم يدعه يؤثر على نشاطه لتدريب البايسبول , وعلى ارض الملعب , طلب روس من الصبية ان يقوموا بحركات جمبازية روتينية, ليكتسبوا لياقة بدنية قبل حلول فصل الربيع , حيث يمكنهم التدريب في الحقل. ناداه احد صبيان المجموعة " لِمَ لا يمكننا لعب لعبة الكات ايها المدرب؟" هز روس رأسه " لن تلعبوا البايسبول او الكات , قبل اسبوع آخر على الأقل , فالفرق الذي سيفوز ببطولة الولاية لهذه السنة سيكون الفريق الأقوى , واعتقد ان فريقكم سيفوز" واضاف قائلاً"قوموا بعشرة دورات حول الملعب , ثم عليكم الصعود الى نهاية المدرج وبعد ذلك النزول منه . وبينما كان روس يراقب مجموعته في صعودها الى آخر المدرج, لاحظ شكلاً مألوفاً لديه واقفاً عند طرف الساحة , وانشغل فكره بشتى الأفكار بينما كان مهرولاً باتجاهه . " مرحباً يا روس" مد روس مصافحاً سام بحرارة , وهو يقول " سررت لرؤيتك , ما الذي أتى بك الى المدرسة ؟ لابد انك صممت على لعب البايسبول " ضحك سام قائلاً" لن يسعني لعب البايسبول , ان كان عليّ ان اقوم بكل هذه التمارين " قال ذلك وهو يومئ الى مجموعة الصبية التي كانت تهرول مرهقة حول الملعب الرياضي. ضحك روس , واجابه" وهم ايضاً لا يحبون التدرب" ومالبث ان ارتسم تعبير صارم على وجه سام, فأيقن روس ان الرجل لم يأت اليه ليمازحه. وقال " لن اضيع وقتك يا روس , مررت فقط لأسألك عن عدم مجيئك الى المزرعة في الأسبوع الماضي, جميعنا افتقدناك" فكر روس متأسفاً : جميعهم باستثناء كاثلين. لكنه قال " كنت قد انشغلت بالوظيفة الجديدة " اجاب سام عابساً " اريد ان ادخل في صلب الموضوع , واطلب منك الشيء نفسه" سأله روس قبل ان يتابع حديثه" هل عرفت كاثلين شيئاً عن موضوع الطفلة؟" " كلا, لا اظن" " إذن ... كيف حالها الآن؟ اعني كاثلين " نظر سام اليه وهو يفكر " انها يائسة , لذا اتيت , اردت ان اعرف حقيقة شعورك تجاه شقيقتي" *** " سام , لست قادمة الى المزرعة الليلة , انسى الأمر" قالت له كاثلين ذلك عبر الهاتف. وتابعت " كل ما أريده هو ان اتمدد امام التلفاز. وآكل السلطة" -----------------------------93 " انت لا تشاهدين التلفاز مطلقاً" قالت كاذبة " سأشاهده الليلة" " يا كاثلين , انت تفقدينني صوابي" اجابته " لا تفكر بي واستمتع " ثم اقفلت الهاتف قبل ان تدعه يتفوه بأية كلمة اخرى. كانت كاثلين تحب عادة, قضاء وقتها بين اهلها , لكن الاسبوع الماضي كانت قد احست بانزعاج منهم, ولاحظت فيما بعد انهم يتصرفون على هذا النمط من باب محبتهم لها , لكن ما لم يدركوه, ان وجودها معهم سيزيد من حزنها , فسام لديه اوليفيا , ونك لديه اليسون , وامها لديها والدها , وكاثلين كانت وحيدة , واخذت تفكر حزينة , قد يكون ذلك خطأها, وقد يكون ما قاله روس صحيحاً, من الأرجح انها لا تزال تعيش الماضي, و متخوفة من مواجهة المستقبل.ريحانة كل ليلة من الاسبوع الماضي, كانت تقف كاثلين عند زجاج نافذة غرفة نومها, تحدق في الاحراج باتجاه الأنوار المنبعثة من منزل روس, وكانت تتساءل عما يفعل روس وكيف ستكون ستكون ردة فعله لو انها ظهرت على عتبة بابه. وهي الليلة تحدق في ذلك المنزل من جديد, والحنين الذي في قلبها يزيدها يأساً, في البداية كانت تشعر باضطراب لأنها ستفقد ستورمي , لدرجة انها لم تلاحظ مدى حبها لروس , اما اليوم وبعد مضي اسبوع على فراقه , ادركت انه يعني لها اكثر من اي شيء آخر.ريحانة دفعها هذا التفكير الى ان تترك النافذة, وتتناول سترتها الصوفية ثم فكرت بحدة : عشية العيد, بعدما تعرفت الى روس كانت قد صممت على نسيان ماضيها المؤلم . واليوم قد حان الوقت كي تواجه ذلك القرار. لم يكن روس من نوع الرجال الذين يتأثرون بسرعة , لكن الليلة , وهو يعد نفسه للذهاب الى العشاء في مزرعة عائلة عالاغر, كان كلما فكر بكاثلين , يحس بألم في معدته. كان كله أمل بأن يكون الأسبوع الماضي كافياً لها لتدرك انهما خلقا لبعض, لكن كاثلين لم تخطو خطوة باتجاهه , بأن تتصل هاتفياً او تقوم بزيارة له, والآن طلب اليه سام ان يذهب ليقابلها, لم يكن واثقاً انه يقوم بالشيء الصواب, لكنه كان متلهفاً كي يقنعها بأنه يريدها ان تكون جزءاً من حياته. كان ينتعل حذاءه , حين سمع طرقاً على الباب, فتساءل عمن يكون القادم في مثل هذه الساعة. عندما فتح الباب ووجد كاثلين في الرواق, حدق بها منذهلاً " كاثلين!" لقد بدت حنجرتها متورمة الأعصاب , وكان عليها ان تبتلع لعابها , قبل ان تتكلم " مرحباً يا روس هل تأذن لي بالدخول ؟" فتح الباب على مصراعيه كي تدخل . " كان عليّ ان اخابرك قبل مجيئي, هل هاتفك يعمل الآن ؟" نظرت من حولها في الغرفة المرتبة , ثم التفتت اليه, وكان يرتدي بنطلوناً من الجينز, وقميصاً ابيض , لم يزرره بعد وقال لها " نعم , انه يعمل الآن لقد اصلحوه البارحة " ثم اغلق الباب وراءه بحذر. ------------------------------- تقدمت كاثلين الى وسط الغرفة, ثم وقفت قبالته , بدا وكأنه قد خرج من الحمام لتوه , فشعره لم يزل رطباً, كما استطاعت ان تشم رائحة كولونيا ما بعد الحلاقة تفوح منه. بدأ يزرر قميصه , في حين بدأ قلب كاثلين يخفق بسرعة , وهي تقول " أنا , آه .. هل كنت خارجاً؟ لا اريد ان اؤخرك" علم من سؤالها انها لم تكن تعلم بأمر ذهابه للعشاء في المزرعة , ولم يبد عليها انها مصممة على الذهاب الى هناك , اذ كانت ترتدي جينزاً قديماً وسترة صوفية وحذاءً بالياً, وكان شعرها مربوطاً من الخلف خالياً من الزينة. في تلك اللحظة , بدت له اجمل من اي وقت مضى . ثم قال لها مؤكداً " انك لا تؤخر ينني عن الخروج" قالت " اظن اني بعد ان قابلتك في المزرعة..." ولم تستطيع ان تتابع حديثها , فتوقفت عن الكلام واخذت نفساً عميقاً ... قبل ان تتابع " لقد اشتقت اليك" اخذ روس يمعن النظر فيها , متخوفاً ان تكون قد تبدلت مشاعرها نحوه , وقال " وانا اشتقت ايضاً إليك" ثم نظرت اليه , متسائلة بلهفة " لِمَ لم تأت لزيارتي؟ اخبرني؟" " لأنك قلت انك لا تودين رؤيتي ثانية , اتذكرين ؟" تنهدت , وهي تتذكر يوم ان فقدت ستورمي , وفيما بعد حين تناقشت بحدة مع روس حول أمر الزواج , فهي لا زالت منذ ذلك الوقت حزينة. " نعم اذكر, لكن كنت آمل انك ستدرك اني لم اكن جادة في ما اقول " بقي يحدق فيها , وهو يجيب بدهشة " ان لم تكوني جادة في ما تعنيه, لِمَ تفوهت به إذن؟" رفعت يديها بوهن ثم ارختهما على جانبيها, وقال " لأني كنت يائسة, كما كنت خائفة كما قلت " ثم نظرت في وجهه , وفيما كانت عيناها تتفحصان وجهه الغالي, لم تستطع لجم مشاعرها اكثر من ذلك , فاعترفت قائلة " كنت خائفة ان ابوح لك بالحقيقة " مد اصابع يده واخذ يتحسس بها وجهها , وسألها " وما هي الحقيقة يا كاثلين ؟" " اني احبك " كان روس يتمنى من كل قلبه كي يسمع منها هذه الكلمات , لكنه لم يتوقع ذلك بهذه السرعة, والآن وقد سمعها , فقد اصيب بالذهول. خافت كاثلين ان ترى علامات الرفض على وجهه , فتراجعت بعيداً عنه, وهمست " الآن , اصبحت تعلم لِمَ كنت اهاجمك على هذا الشكل" وضع يديه على كتفيها , وقال منذهلاً " كلا, لا اعرف السبب , ان كنت تحبينني ..." ادارت رأسها لتنظر اليه , ثم اعترفت" عندما لاحظت مدى شعورك نحوك , ادركت اني لا استطيع ان اوافق على زواج شكلي... وان كان ذلك هو ماترغب به, فأنا ...." --------------------------------- شد بأصابعه على كتفيها , ثم هزها قليلاً " كاثلين , كنت قد عرضت عليك زواجاً شكلياً لأنني تصورته الوسيلة الوحيدة التي تجعلك توافقين" اومأت برأسها وكأنها لم تصدق ما كان يقول " لكنك قلت... يا روس , في اول ليلة تقابلنا فيها, ان الحياة العائلية لا تناسبك" قال مذكراً إياها " وانت اخبرتني بنفس الشيء..." " اعرف , لكني بدلت رأيي فيما بعد" اجاب " وانا ايضاً" ثم جذبها الى ذراعيه , وتابع " في اللحظة التي ادركت ذلك فيها , احببتك " وفيما كانت كاثلين متشبثة به, كانت تحاول ان تستوعب ما يقوله لها " هل تحبني؟" " احبك اكثر من اي شخص صادفته في حياتي" " ظننت انك تريد الزواج مني لأجل ستورمي " ضمها بقوة بين ذراعيه, وضغط بحدة على جبينها , واجاب" اريد الزواج منك لأجل ستورمي , ولأني اريدك ان تكوني زوجتي ... زوجتي الحقيقية.. زوجة استطيع ضمها بين ذراعي , واقضي بقية حياتي معها لكني كنت متخوفاً من الاعتراف لك بذلك, يا كاثلين , في الحقيقة لم يتسن لي ان ان اعيش ضمن عائلة من قبل, عندما انفصل والدي عن والدتي تخليا معاً عني, لذا عاهدت نفسي على ألا اقدم على الزواج واتسبب لنفسي ولطفل بريء با لأذى " رفعت كاثلين رأسها عن صدره , غير انه كان لا يزال يحدق فيها , فوجد انه لا يزال هناك ريبة في عينيها . " اتفهم ذلك يا روس , لكن ... الأمور تسير بسرعة, فنحن لم نتعرف على بعض منذ مدة طويلة" " لا يلزمني المزيد من الوقت كي اعرف حقيقة شعوري نحوك يا كاثلين , فقد امضيت الاسبوع الماضي من دونك, وانا في حالة يرثى لها, لا تقولي لي بأننا لا نليق لبعضنا" رفعت يديها الاثنتين واحاطت بهما وجهه, ثم قالت " اني خائفة ان اخيب ظنك إذ لا املك سوى شخصي اقدمه اليك" " كاثلين , منذ اخبرتني انك لا تنجبين , وانا اريد ان اسألك كيف تأكدت من الأمر؟ هل اشار عليك طبيب بأن لا أمل لك بالانجاب؟" اجابت " لم ير الأطباء سبباً لعدم انجابي , لكن كوني لم انجب , افترضت ان يكون هناك خطأ ما" وافقها روس القول " وهل كان هناك من عائق بالنسبة لزوجك , هل اجرى فحصاً؟" عبست كاثلين" كلا, لم يوافق على إجراء فحص الخطوبة, اظن انه كان امراً يتعلق بأنانيته" فجأة لمعت عينا روس بنور الأمل " ان كان زوجك لم يجر فحصاً مخبرياً, واظهر فحصك انك على ما يرام , إذن من سيجزم ان الأمر بيني وبينك سيختلف؟ قد نستطيع انجاب طفل معاً" قبضت على يديه الاثنتين , خائفة ان تصدق ما يقوله قد يكون حقيقة . وقالت " هل حقاً تعتقد ان هناك املاً في ان تكون المشكلة من طرف غريغ؟" " اظن ان هناك اكثر من فرصة لمعرفة ذلك" اخذت تتفحص وجهه وهي تقول " قد يكون الأمر كذلك, يا روس لكن افترض انه لم يتحقق؟ افرض اني لم انجب طفلاً لك؟ انت من حقك ان تكو والداً" ---------------------------- " وانت ايضاً تستحقين ان تنجبي اطفالاً" قال ذلك وهو يجذبها نحوه, ويتابع " وان نحن تدبرنا امر حضانة ستورمي , سيكون لدينا طفلة , ويبدو ذلك رائعاً, وان لم نحظ بطفل, سأكون انا لك , وانت لي , وهذا في الحقيقة كل ما يهمني يا حبيبتي كاثلين, وسوف نتشارك انت وانا بقية ايام حياتنا مع بعضنا البعض" اغرورقت عيناها بدموع الفرح, وهي تقول " لقد حاولت اوليفيا واليسون ان تخبراني بأن شعورك سيكون على هذا النحو . وكنت خائفة ان اصدقهما" لأول مرة منذ ان دخلت كاثلين منزله , بدا مبتسماً وقال " ارى اني ساحظى بزوجة رائعة " ردت كاثلين له الابتسامة بالمثل , وقد بدا على محياها حب بريء " وانا ساحظى بزوج رائع لبقية ايام حياتي" ثم قال وهو ينحني بجبينه على جبينها " قد لا تكون ستورمي معنا الآن , لكنها قد جمعتنا معاً, واني اشكرها على ذلك" همست " آه , ياروس ..." فجأة , لمعت في الغرفة اضواء , تحذرهم ان احدهم قادم بسيارته. قال وهو يضحك " ارى ان اوليفيا و اليسون قد ارسلتا متطوعين وراءنا , انه سام!" انفجرت كاثلين قائلة " سام! لابد انه اسرع بالمجيء ورائي , لاني قطعت مكالمته, ارادني ان اذهب للعشاء في المزرعة و الآن ..." نظرت اليه بدهشة وتابعت " كنت ذاهباً الى المزرعة الليلة؟" بسرعة تقدم نحوها وطوقها بذراعيه قائلاً" سام طلب مني ان اذهب ولم استطع رفض طلبه , لأني احبك" وفجأة بدأت تقهقه " سام ؟! مدبر الزيجات ؟ هذا رائع ؟!" قال هامساً" امر رائع , حسناً..." سألها حين سمعا طرقاً على الباب" هل تظنين ان علينا ان ندخله ونخبره بأنه خطته نجحت" مدت يدها الى يده وهي تضحك . ثم ترافقا كي يزفا لشقيقها بالأنباء السارة . --------------------------- الخاتمة بعد انقضاء سنة, كانت المزرعة تتوهج بالأنوار , والموسيقى تصدح , واكثر من ذلك, فقد وصل جمع من الاصدقاء و افراد العائلة. كانت مناسبة العيد وعيد مولد ستورمي معاً, وفي تلك اللحظة , كانت الصغيرة ذات الشعر الأسود و العينين الخضراوين , تبكي بكاء مراً, فقد سمح ابن عمها بن للكلبين بأن يدخلا الى المنزل كي يلاعبهما مع ستورمي. لكن العم نك اسرع وطرد جايك وليو الى الخارج مفسداً عليهما فرحتهما. قالت كاثلين لستورمي , وهي تجذبها الى حضنها وتحاول مواساتها" لا يمكننا ان نبقي الكلبين في الداخل مع كل هؤلاء الناس, وانت لا ترغبين بأن يلتهما كعكة العيد! واشارت الطفلة بيدها الى الباب وهي تبكي. " انها تعرف ما تريد, يا كاثلين " قالت إيلا , وهي تسير في الغرفة حاملة صينية عليها بعض السندويشات و العصير.ريحانة " ربما ان انت رافقتها الى الخارج لترى الكلبين لدقيقة او اثنتين قد يرضيها ذلك" رمقت إيلا ابنها بنظرة ماكرة, وكان يحضن بذراعيه اوليفيا التي كانت حاملاً في شهرها السادس. وقالت بذبول " آه, اني متأكدة انه عندما يأتي طفلك الى هنا, سوف لن تفسده ابداً" ربت سام على يد اوليفيا , وقال مؤكداً لأمه " مطلقاً" ثم التفت الى اخيه الذي كان يراقص اليسون بتربيتهم طبقاً للنظام العسكري , صح يا اليسون ؟" انفجر الجميع بالضحك في كل مكان من الغرفة. وردت اليسون قائلة " صح يا نك, لذلك انسل بن الى غرفة الاستقبال واذن للكلبين بالدخول" مد روس يديه والتقط ستورمي من حضن كاثلين التي كانت قد تغيبت عنه طيلة الأشهر القليلة الماضية , وقد شعر الجميع بالفرح و التعجب حين علموا ان كاثلين كانت حاملاً في الشهر السادس, لتبرهن للأطباء و لعائلتها , ان الحب حقاً يصنع الاطفال. و اردف روس مخاطباً الجمع " حسناً, اما انا و كاثلين لا نستطيع ان نقول اننا لن نفسد طفلنا, لأن ستورمي قد افسدت سلفاً" وناقضه الوالد القول , مضيفاً باعتزاز " انها ليست مفسدة , لكنها عنيدة مثل عائلة غالاغر " فجأة دخل بن الى الغرفة مسرعاً, ولم يتوقف إلا حين وصل الى الكنبة حيث كانت ستورمي في حضن والدها تبكي. " خذي يا ستورمي " وقدم لها لعبة بشكل كلب " يمكنك ان تأخذي بادي , فهو كلب حسن" ----------------------------- جفت دموع ستورمي على الفور , وهي تتناول اللعبة بيديها , ثم انزلقت الى ارض البلاط لتلعب بها . وبعينين دامعتين نظرت كاثلين الى روس وابتسمت , فهتف روس بحنان ساخر" حين يسكت طفل يبدأ الآخر بالبكاء , ما على المرء ان يفعل ؟!" اجاب الوالد مازحاً" ادعوا بأن يكون الطفل الآخر صبياً" بعد عدة اسابيع استجيبت الدعوات.
تمت

تحميل الرواية مكتوبة

تحميل الرواية مصورة