جزيرة الذهب

روايات احلام
الملخص
كانت باتريسيا تشعر بالامتنان والجميل تجاه السيدة دودج لتخصيص جزء من ارثها لها مما دفع بارتسيا للتفكير بالتفتيش عن ابن أخيها (دايفد دودج) الذى قيل انه يبحث عن الذهب فى أدغال وغابات أمريكا الجنوبية وهناك تعرفت وبطريقة غريبة ووحشية الى خوليو ى لاكروزا صاحب مزارع القصب .والبعيد عن التمدن فتتسارع الاحداث لتجد باتريسيا نفسها فى حلم كالكابوس أو ... كابوس كالحلم

تحميل الرواية مكتوبة

تحميل الرواية مصورة

الفصل الأول
وراء المجهول
ارجو المعذرة.. أتساءل فيما لو كنت ترغبين فى اسداء معروف لى.. وانفرجت شفتا باتريسيا بالمر بشهقة مخفية، واشتدت قبضتها على سياج المركب الى ان اصبحت اصابعها بيضاء. وتابعت تحديقها ى المياة البنية الموحلة للنهر ، وهى تأمل دون جدوى ان تكون الملاحظة هذه قد وجهت الى شخص آخر، أى شخص كان. ولكن كانت تعلم فى نفس الوقت ان هذا غير ممكن. اذ لم يكن هناك اى اميركىغيرها على متن المركب. ما عدا التاة الشقراء التى صعدت الية فى سانتافية... واخذ تفكيرها يعمل : لقد سافرت الآف الكيلوا مترات حول العالم أسعى وراء الهدوء والسكينة، ولكى اهرب من طلبات كهذه.. ومع ذلك.. ها هنا .. وحتى هنا.... وتابع الصوت مصرا" - اعذرينى ..... واستدارت باتريسيا دون ابتسام: - نعم ... - كنت اتساءل..... وابتسمت الفتاة الاخرى وهى تبحث فى حقيبتها ثم تخرج مغلفا" وتتابع: -هل يمكنك ايصال هذه الرسالة عنى الى الفندق فى سانتياغوا ديلاستيرو؟ فى الظاهر با الطلب لا ضرر منه ولكن اهتمام باتريسيا تحرك على كل الاحوال ، وخاصة ان الراكبة الجديدة فى المركب والتى عرفت اسمها من سجل الركاب ((جولى)) كانت قد بقيت متباعدة بالكاد تحدثها او توجه لها اى اشارة حتى الان. وقالت لها: ولم لا توصلينها بنفسك؟ سنصل الى سانتياغو بعد الغد؟ واجابتها الفتاة بأختصار: لن اصل الى هناك . سأنزل فى المحطة التالية وسآخذ المركب العائد الى سانتافية. لقد اكتفيت من الارجنتين وغاباتها العظيمة والسفر فى النهر. واشارت الفتاة الى ما حولها وهى تضحك. - اعنى .... هل شاهدت مثل وسائل الراحة من الدرجة الاولى ....مثل هذا الشىء؟ - أجل ... فى الواقع انا استخدم جزءا" من وسائل الراحة هذه. - وهزت جولى رأسها .. هذه الرحلة كانت كارثة بالنسبة لى منذ اليوم الاول - ولم اكن اظن انها ستكون هكذا بدائية ورهيبة... - سأغادر المركب الان ، وانا لاأزال قادرة. - ونظرت اليها باتريسيا بدهشة ممزوجة بالتسلية ، وكان عليها ان تعترف ان الفتاة تبدو فى غير محيطها - انها تتصف بالبريق المرتفع المقام الذى يمكن للمال وحدة ان يوفرة... - من الشعر المصفف على احدث طراز الى الثياب الغالية وكانت باتريسيا قد تساءلت اكثر من مرة ، - منذ ان شاهدتها لماذا قامت هذه الفتاة بتلك الرحلة فى المقام الاول - بينما فى امكانها ان تكون فى محيطها الملائم اكثر فى مونت كارلوا أو الريفيرا او اى منتجع فخم آخر فى اوروبا لذا لم تندهش لمعرفتها بأن اربعة ايام من السفر فوق ماء موحل ،ولاغتسال بها من((سطل)) تعبئة من النهر بنسها هو امر كثير على جولى، وهذا ان لم تذكر تلك الفجوة المحاطة بستارة والتى تقوم مقام الحمام، والوجبات الت لا تتبدل من الفاصوليا السوداء والارز المضا اليها احيانا السمك أو اللحم ان وجدوة ى احد المحطات.. وقالت بخفه : يبدوا كلامك خطيرا ..هل لديك معلومات سرية بأن المركب سيغرق ؟ - اوه .. لا .. لقد أسأت تفسيرى للأمر ..فما اعنية ... هو اننى لا اريد المضى فى الرحلة فى هذا النهر اكثر من هذا. - والأ سوف أتأخر عن رحلة العودة الى وطنى. لذا ..تكونى لطيفه معى.....ووووو - أخذت باتريسيا منها الرسالة .جاهدة أن تخفى أستيائها - لقد كانت شريرة ولكنها سئمت من صنع المعروف مع الناس على كل ستنزل ى سانتياغو ديلاستيرو على كل الاحوال.ولن تزعجها توصيل رسالة. ولكن باخلها كانت تشعر بقلق لا تفسير له. ونظرت الى الكتابة على الرسالة قبل ان تضعها فى حقيبتها.كان مكتوب على الرسالة سنيور(( ج-دى لاكروزا)) دون عنوان ولا حتى اسم فندق، مع انها تشك ى ان يكون بالبلدة اكثر من فندق واحد. وابتسمت جولى متوترة: - لقد اتقت على لقاء أصدقاء ... وأعتقد من الافضل ان أترك لهم رسالة اشرح فيها سبب عدم قدومى. - هذا منتهى عدم الاحتشام وخاصة انها عرفت ان الاصدقاء ما هم سوى رجل واحد ولكن ماذا دهاها حقا ليس من شأنها. - وسألتها:اذن ما على سوى ترك الرسالة فى قسم الاستعلامات بالفندق؟ - هزت جولى رأسها بلهفة: - -اذا كنت لاتمانعى.. ولن اقدر على شكرك كفاية. - وردت باتريسيا بتهذيب اكثر من حقيقتة: لابأس. - وابتسمت جولى ابتسامة حارة قبل ان تستدير وتذهب. - عادت باتريسيا لمراقبة المناظر التى تمر بها ...عندما بدأت هذه الرحلة - كان النهر يبدو عند بدايتة واسعا كالبحر ولكنه الان اصبح ضيقا"وكأنما يطبق على المركب. - والادغال الخضراء العالية تبدو قريبة وكأنها تستطيع مد يدها لتلمسها. - مما ذكرها بأحد أسباب رحلتها .سبب لم ترد الاعتراف به ولو لنفسها. - لقد تركت لها ربة عملها السيدة دودج بعد موتها مبلغا من المال لتصرفة على رحلة الى الخارج مكافئة لها... - وقالت فى وصيتها:ا))الى عزيزتى باتريسيا ..الصديقة الوفية..حتى تتمكن من فرد جناحيها والتحليق نحو بلاد بعيدة)) - قالت باتريسيا للمحامى : لااستطيع قبول المبلغ - فأبتسم المحامى: - قبولك له لن يحرج اى اقارب لسيدة دودج يا سيدتى الشابة ما تبقى من املاك سيذهب الى ابن اخيها دايفد، وهو للآسف لم يتصل بعمتة منذ سنوات .فى الواقع لااحد يعرف مكان وجودة او حتى ان كان حيا ام ميتا".انه مغامر متشبث برأية.. كما علمت. - - ولكن السيدة دودج تعتقد انه لازال حيا وهى مقتنعة بهذا. وكانت تبحث عنة كثيرا ،وتقول انه سار الى امريكا الجنوبية بحثا عن مناجم الذهب.واقسم ان لا يعود قبل ان يصبح مليونيرا"... - - انها مغامرة خطرة سببت لعمتة الحزن الكثير وسوف ننشر اعلانات له بالطبع. - ولكن قد يكون فى مكان لا نعرفه ...أمريكا الجنوبية بلاد واسعة جدا". - وفى الايام التى تلت وجدت باتريسيا نفسها تفكر اكثر بدايفد دودج المفقود . - كانت السيدة دودج قد اخبرتها مرارا:لقد كتب لى بضع مرات من التشيلى والبارجواى والارجنتين - ولكنه لم يكتب شيئا" منذ سنتين. - وعرضت عليها صورة له ،كان طويلا اشقر احدى ذراعية ملقاة على كتف عمتة ، لم يكن فى طلعتة الجميلة ما يدل على كونة مغامرا" - وابتسمت لنفسها وهى تفكر: وانا كذلك لا يبدو على حب المغامرة. وانا لا ازال فى منزل والداى وقد بلغت الثانية والعشرين، لقد حاولت عدة مرات الخروج لتشق حياتها بنفسها ولكن امها كانت تقابل محاولتها بالبكاء والعويل واتهامها بأنها عاقة وجاحدة . - واتسعت ابتسامتها عندما تخيلت امها وردت علها عندما عرفت بنيتها للقيام بهذه الرحلة. - انها تنوى ان تستمر فى هذه الرحلة الى آخر مدى يصل اليه المركب .ثم بعد ذلك تقرر ماذا تفعل. - احست بالروعة لكونها وحدها الان، بعيدة عن تسلط اى انسان . - ومن يعلم قد يكون فى عمق هذه الادغال الخضراء وعلى ضفة نهر مخفى(دايفد دودج) ينقب عن الذهب. - وبما انها هنا الان فبأمكانها الان ان تعترف ولو لنفسها ان فكرة البحث عن دايفد قد خطرت لها اكثر من مرة.قد يكون هذا حلما رومانسيا" غبيا ..ولكنها حرت آخر اسم ذكرتة السيدة دودج ى ذهنها ...واذا وجدت نفسها بالصدفة بجانب مقاطعة سالتا الجبلية فلا مانع لديها لتقوم ببعض البحث. - كابتن المركب وبعض افراد الطاقم يتحدثون بالانجليزيةالمبعثرة. - حدقوا بها بعدم فهم لدى طرحها عدد من الاسئلة ..صممت ان توصل الرسالة الى الفندق .بنفسها. - الحياة بالنسبة لها لم تكن بها احداث حتى الان - ولكن هذا كلة سيتغير.. هذه الرحلة الى اواسط ادغال الارجنتين ستكون مجرد البداية لرحلات قادمة الى ادغال امريكا الجنوبية... - سالتا .. القابعة فى حضن الجبل ...ها انا قادمة اليك. - ************************************************* - اول نظرة لها على سانتياغو ديلاستيرو بعد يومين من الابحار فوق النهر جعلت تفاؤلها ينطفىء قليلا . - كان هناك مرفأ خشبى مبنى فوق عواميد خشبية تنتشر حولة المنازل الهندية الطراز ذات السقف المصنوع من اغصان الشجر - بعضها بنى داخل الماء . وخلف هذا بناء مرتفع نسبيا مسقوف بألواح حديدية والى البعيد غابات المطر الاستوائى ووجدت باتريسيا نفسها تتساءل عما اذا كان هناك فندق حقا فى هذا المكان . وقبل ان تنزل الى الشاطىء اتخذت الاحتياطات العادى فى وضع جواز سفرها ومالها واشياءها الثمنية فى حقيبتها اضافة الى كوب للشرب خاص بها وادوات للطعام - ايجاد الفندق لم يكن صعبا فهو بناء خشبى له لافتة انمحت بعض من احرفها معلقة فى السقف تحرك الهواء بأستمرار لكن دون ان تفعل شيئا لتخفيض الحرارة ومسحت وجهها بمنديل وهى تنظر حولها . وبدا انها تقف على بار لتقديم المشروب ولكن المكان بدا مهجورا . وتقدمت نحو البار لتدق على اخشب اللماع .... وساد صمت قصير ثم ظهر رجل صغير الجسم سمين يرتدى قميصا دون اكمام وبنطالا واسعا من خلف ستارة ثم وقف يحدق بها بصمت وتساؤل مندهش . وقالت له :يومك سعي سنيور . هل تتكلم الانجليزية ونظرت الى الكتيب الذى يرشد الى بعض الكلمات الاتينية بعد ان هز الرجل رأسة بالنفى وتابعت وهى تخرج الرسالة من حقيبتها من فضلك .. هل السنيور دى لاكروزا موجود؟ وتعمق تعبير الجهل على وجهالرجل وهز رأسة بالنفى ومسح يده فى بنطالة قبل ان يمد ليأخذ الرسالة منها ويتفحصها وكأنها ستعضة. واحست بالراحة لان كرزوا المجهول لايعيش فى الفندق. وهزت كتفيها .. لقد فعلت كل ما طلبتة جولى منها وبامكانها الان ان ترى ما تستطيعة من البلدة قبل اقلاع المركب من جديد وبدا لها من غير المجدى القيام بأى تحقيق عن (سالتا ع موظف الفنق فملاحظة اثار دايفد دودج أر سخيف على اى حال . وحظت ان الرجل يحدق بها ويشير اليها كمن يشرب شيئا فترددت، ولادراكها ان هذا هو المقهى الوحيد ربا فى البلدة فكرت وهى تتلمس شفتيها بأسنانها يبدوا ان من الافضل لها تناول شراب . وقالت باللغة البرتغالية حسب ما فهمت من الكتيب معها: ماء الصودا .... بدون ثلج وهز الرجل كتفية منالواضح انه متعجب كيف ان شخصا يطلب شروب مثلج فى هذا الطقس الحار ومد يده اى براد ليخرج لها زجاجة مياة غازية ويشير اليها للجلوس على احد الكراسى الكأس الذى طعمة سحريا .....بارك الله فى شراب الكولا وارتشفت رعة كبيرة من الكأس ونظرت الى ساعتها وقررت ان هناك ما يكفى من وقت لشرب زجاجة كولا ثانية . فضربت فوق الطاولة . ولم تتلق الرد فضربت مرة آخرى بصوت مرتفع اكثر واهتزت استارة ودخل منها رجلان هذ المرة وكلاهما غريب وخاطها أحدهم : - سنيوريتا ..المركب ينتظرك - اوه يا الهى ........ ونزلت عن كرسيها ووضعت بضعة قطع نقود على الطاولة اما انها فقدت الاحساس بالوقت اوان ساعتها توقفت ... وشكرا لله ان لكابتن قد ارسل لها شخصا ليجدها فآخر شىء قدترغب به هوان تبقى هنا الى حين عودة المركب فى رحلة العودة. وكان بانتظارها سارة جيب قديمة خارج الفندق وفتح لها الرجل الباب وساعدها على ا لصعود فى المقعد الامامى فى ظروف عادية كانت من الؤكد سترفض ولكن الوقت مهم الان على اى حال است بالانزعاج عندما صعد الرجل الآالطول الى جانبها يحتجزها بينهما وعاد اليها القلقبسرعة ، فقالت : - لقد غيرت رأى ...... ولكنها لم تكمل بعد ان دار محرك الجيب واندفع الى الامام حتى كادت ان تع من الزجاج الامامى وفى الوقت الذى استعادت فيه اتزانها من جديد كانوا قد خرجوا من البلدة فى الاتجاة الاخر من حيث رسوا المركب واصابها الذعر واستدارات الى السائق محاولة الحديث بهدوء - هناك خطأ ما ... أرجوك...... اسمح لى بالنزول هنا وابتسم السائق ليكشف عن عدة فجوات بين اسنانة واكد لها بسعادة وانجليزية مكسرة - نحن نذهب الى المركب - ولكن ليس هذا هوالطريق الى المركب دون جدوى ....فقد استمر الجيب يهد بأتجاه ا لغابة الخضراء الكثيفة .....ولو ارادت ان تصرخ فهذا و اوقت الملائم بل ان يرجوا تماما من البلدة ولكنها متكن واثقة ابدا ان عضلات نجرتها سو تطيعها . وتنفست بعمق محاولة التفكي بروية ثم مد يدها الى حقيبتها قائلة : - اعطيكم مال .... دعونى أذهب .....هذا كل ما املك صدقا ..... ونظر الرجل الى المال وهز رأسه بحزن واعاد يدها الممدودة الى الخلف ...وحاولت ثانية وبيأس : ولكن لا املك أكثر ..... انا لست غنية ولكن .....اذا لم يكونا يريدان مالها فماذا يريدان؟ واجفل ذهنها عن التفكير بالرد الواضح. وأصبح لطريق الان مجرد ممر ضيق واستمرت سيارة الجيب فى الاندفاع فيه هابطة فى الحفر وفوق أغصان الشجر الملقاة فوق الارض وهى تسير وتأكدت انها ستخرج من هذه المغامرة بأحى قرات ظهرها مكسورة دون شك وكان السائق يصفر وارسل اصوت رعدة فى اطرافها ودق بها ثم قال: -المركب......قريبا . فردت عليه بقنوط ولم تعد تهتم افهم ام لا : -المركب اللعين فى الجهه المقابلة . وتشعب الطريق فجأة وسارت بهمالسيارة الى عمق الغابة وكانهم يدخلون فى نفق رطب أخضر ودوت اصداء صرخات الحيونات والطيور فوق صوت المحرك وأخذت نباتات السرخس والنباتات الارضية تحف على جوانب الجيب. وأحست باتريسيا بأنها تمر فى لحظات غير واقعية وان هذا لايمكن ان يكون يحصل لها وسوف تستيقظ منه لتجد نفسها سالمه على ارجوحها على متن المركب وعندها ستمزق رسالة جولى باترسون وبدأ الجيب يبطىء سيرة وشاهدت باتريسيا امامها لمعان ماء ربما ستحدث معجزة ... ربما هذه طريق ملتفة تصل الى نفس الميناء وسوف ترى المركب الان تنتظرها . ولكن زمن العجائب ولى والرحلة انتهت الى منصة رسو مراكب مؤقت . حيث توقفت عليه مركب صغير له محرك خارجى وصاح السائق : مركب ...... - ولكن هذا المركب اللط ونظر الرجلان الى بعضهما وهزا برأسيما بشفقة .....وتناولت بتريسيا حقيبتها ثانية : - انظر ....ارجعانى من حيث اتينا ولن اخبر أحد عما حدث .....وخذا المال ولن تحدث مشاكل اقسم - ولكن ارجوكما ....دعانى أذهب . - -مركب ...الآن سنيوريتا وسارت بينهما نحوالمنصة ولم يلمساها او يستخدما اى نوع من الضغط وساورها اغراء الهروب ولكن الى اين ؟؟؟؟؟ فالناس اختفوا لانهم دخلوا الى الغابات الاستوائية وحتى الوقت الذى ستتمكن فيه من العودة اى حيث المركب لو انها استطاعت فسيكون الكابتن كاسيتا قد ابحر ، فهو لاينتظر احد و لأول مرة فى حياتها فهمت ماذا ضحية الخطر يكون مستسلما . بامكانها ان تفز الى النهر ولكن تفكيرها بما سمعته ن سك البيراناه المتوحش والمخاطر المرعبة التى يمكن ان تكون كامنة تحت هذه المياة البينة كان له التأثير المانع فى نفسها وصعدت الى المركب وجلست حيث اشار لها وراقبتهما وهما يديران المحرك ..... لو انها ذاهبة الى مصير أسوأ لها من الموت فيبدوا انها ستذهب اليه بأرتياح .... واشتغل المحرك ، واستقر فى حركة منتظمة وفك احدهم الحبل المربوط الى المنصة . وهم ينطلقون صعودا عكس تيار النهر .سمعت باتريسيا عن بعد صوت قصف الرعد البطىء وكأنة نذير شؤم.
نهاية الفصل ......
الفصل الثانى العاصفة
ثارت العاصفة بعد ساعة ...ولم تلاحظ باتريسياكثيراً كيف وصلت تلك العاصفة ...فقد كانت الغيوم المشحونة تتجمع فوق الغابة ، ولمعان البرق كان يتبعه انفجار رهيب دوت منه ارجاء الغابة ، ولكنها أملت كالأطفال أن يصلو الى حيث وجهتهم قبل أن تضرب العاصفة بكل قواها . وواجهوا كذلك مشاكل أخرى . فهذه العاصفة ، كما هو واضح ،الأخيرة بين سلسلة من العواصف فى الأيام الأخيرة مما جعل النهر يتصاعد . وكان على المركب أن يدافع بقوة ضد تيار قوى مندفع إضافة إلى تجنب أغصان الشجر والصخور الخطرة التى كان يجرفها معه وتساءلت باتريسيا باستسلام للقضاء والقدر. ما إذا كانت هذه ستكون النهاية ... فوق نهر إستوائى مجنون ..بين غرباء ... لتبقى عائلتها ، وإلى الأبد، تتساءل ماحدث لها . والتصقت ملابسها بجسدها . وأحست بخدر فى أعصابها ، ولكنها لم تستطع ما إذا كان هذا بسبب البرد أنم الخوف ... وربما كان بسسب الأثنين معاً. وفى لحظات اليأس هذه ، استدارت مقدمة المركب نحو ضفة النهر ، ورفرفت باتريسيا بعينيها عبر رموشها المبتلة ، لترى منصة رسو ، يبدو أنهم وصلوا .وكان بانتظارهم رجال ملثمون ، وأدركت أنهم كانوا يتوقعون وصولهم وقد امتدت الأيدى لتساعدهم على النزول إلى البر ، ولف أحدهم حولها معطف واقِِ من المطرغطاها من رأسها حتى قدميها. وأخذوها من هناك بسرعة ، ولم تدرى إلى أين ، كل ما أحسته أنها كانت مقادة ،وتقريباً محمولة فوق بعض المرتفعات ، وأحست بالحجارة تحت قدميها ، وعشب ، وتعثرت وانزلق الحذاء الخفيف فوق الأرض الملساء. وسمعت صوتاً محترماً يقول بالأسبانية : أنا أسف جداً عادةً سنيوريتا . هل يعتذر الخاطفون عادةً لضحاياهم ؟ وتوقف هطول المطرفجأة ، مع أنها استطاعت أن تسمع استمراره فى مكان قريب .وسمعت أصوات نساء ...يتحدثن الأسبانية .ورفع عنها الغطاء . ونظرت باتريسيا وهى مصابة بالدوار إلى وجه أسمربنى تحمل الأبتسامة فوقه الدهشة والترحيب معاً . وقالت المرأة : أرجوك ... فينا كومغو ...( تعالى معى ) سنيوريتا . ووجدت نفسها فى ممر مضاء بقناديل زيت . وسمعت صوت وقع حذائها فوق خشب مصقول . وأحست ببعض الأمل ، فالأستقبال هذا جعلها تعتقد أنها ليست مخطوفة بل مجرد ضحية سوء فهم غبى ومحرج . ربما هؤلاء هم الأصدقاء الذين كانت تنوى جولى باترسون أن تلتقى بهم ، وهذه الأم الحنونة ، التى تحثها على السير بلطف ، ما هى الا مضيفتها ..وإذا كانت كذلك فهى لا تبدو مستاءة من بروز ضيفة غير التى تتوقع من بين الأمطار . ووصلت إلى غرفة نوم ضخمة ، أثاثها قاتم اللون وثقيل ، ولكن ليس فى غير محله مع ما يحيط به . ونظرت إلى السرير المرتفع الكبير ، ومفارشه ووسائده البيضاء كالثلج ، ولكن عندما تقدمت بها المرأة إلى الغرفة الصغيرة الملحقة بغرفة النوم ، وشاهدت ما ينظرها هناك حتى أطلقت تنهيدة ارتياح واطمئنان .. فقد وجدت مغطساً مزخرفاً بشكل مدهش له مخالب تشبه المخالب ، مملء بالماء يتصاعد منه البخار بشكل مغرى . وأغلقت المرأة ستاراً حول المغطس وأشارت إلى باتريسيا أن تخلع ملابسها ، وترددت قبل أن تفعل ذلك ، فقد كانت تفضل خلوة أكثر من هذه وهى تخلع ملابسها . وأحست بالأمتنان لأدارة المرأة ظهرها لها ، كذلك الأمتنان لتمكنها أخيراً من نزع الملابس المبتلة عن جسدها ، فحتى ملابسها الدخلية كانت مثقلة بالمياه . وأنزلت جسدها ببطء فى الماء الساخن وهى تتمتم بكلمات الأرتياح . ونظرات إليها المرأة وهى تغمز لها ، ثم جمعت الملابس المبتلة واختفت بها . هكذا أفضل .. ولكن ماذا سترتدى إلى أن تجف ثيابها ؟ ألم يلاحظ بعد أى من الموجودين هنا أن ضيفتهم بالإكراه ليس معها حقائب ؟ وقررت لنفسها : سوف أهتم بهذا عندما يحين الوقت .. وفى هذا الوقت سأتمتع بالراحة فى مياه الحمام الدافئة . وساعدها هذا على الراحة والأسترخاء . وتنهدت ثم أغمضت عينيها ، وأسندت رأسها على مؤخرة المغطس . وأخذت تراجع ما تستطيع أن تقوله من أعذار لمضيفها عندما تراهم . وضاعت فى أفكارها حتى أنها لم تسمع باب الحمام يفتح ... يا إلهى .. هل حقاً كنت نصف غارقة ...؟ وأرجعها صوت عميق لرجل إلى واقعها بسرعة وصدمة ..وللحظات جلست دون وعى مخدرة الأعصاب تنظر إلى الرجل ، وقد شلها الرعب ، وسجل دماغها المشوش صورة رجل طويل أسود الشعر ، له وجه نحيل أسمر برونزى ترتسم فوقه الدهشة والذهول كما ترتسم على وجهها تماماً ... ثم صحت وأنزلقت عائدة إلى تحت الماء ، وصدرت عنها الكلمات وكأنها النحيب : أخرج من هنا يا إلهى ..ولم تعد تبدو عليه علامات الدهشة الآن ، بل غضب غير مصدق . ووضع رزمة كان يحملها فى يده ارضاً واستدار ليخرج مقفلاً الباب وراءه . وبقيت باتريسيا تحت الماء كما هى لعدة لحظات ، إلى أن أستقرت أنفاسها وهدأت دقات قلبها إلى ما يقارب الطبيعة ، وزال عنها احمرار الخجل. وخرجت ببطء من المغطس ، وتناولت المنشفة ... الرزمة على الأرض انفتحت من تلقاء نفسهاء لتكشف عن روب من الساتان الأرجوانى المائل إلى البنفسجى ، ونفضت باتريسيا ثناياه وأخذت تتفرس به متجهمة ، إنه ثوب ىمتموج ، مثير ، وغالى الثمن ومن الواضح قطعاً أنه لم يحضر لها شخصياً .. ولكن كان هذا هوالشئ الوحيد القادرة على وضعه على جسدها . عدا المنشفة المبتلة لذا ... وبب طء وتردد دست ذراعيها فى أكمامه وربطت رباط حول خصرها النحيل ، ربطة مزدوجة . ولكن نظرة واحدة إلى المرأة الكبيرة ذات الإطار النحاسى اللماع على الحائط جعلتها تتأكد من سوء ظنها . إنه كبير جداً عليها .. ورفعت الأكمام إلى فوق , وضمته أكثر إلى جسدها . فبدت وكأنها طفلة ترتدى ثياب الكبار... واستدارت فلا فائدة من الوقوف هكذا لانتقاد مظهرها , وهزت كتفيها ثم دخلت غرفة النوم. كان الرجل يقف قرب النافذة ينظر إلى الخارج عبر الزجاج المغشى بالمطر. ولكن ، وكأنما غريزته أخبرته بتقدمها عارية القدمين إلى الغرفة , فاستدار ببطء لينظر إليها . وبللت باتريسيا شفتيها بلسانها : من .. من أنت ؟ أظن أن هذا يجب أن يكون سؤالى .. من أنت ؟ إنكليزيته كانت ذات لكنة قوية ولكن جيدة . ولكنها وجدت لهجته غير مقبولة ولم تعجبها النظرة المتعجرفة التى أخذ يرمقها بها من رأسها إلى اخمص قدميها . ورفعت رأسها لتجيب : إسمى باتريسيا بالمر . وقال بنعومة : هذا شئ أعرفه سنيوريتا . ورفع يده ، وصدمت لمشاهدة جواز سفرها. فقالت بصوت مرتجف : هل كنت تعبث بحقيبة يدى ؟ كيف .. كيف تجرؤ على هذا ؟ وهز كتفيه وكأنه يتجاهلها : أوه ..بل أنا أجرؤ. وأظن أن من حقى معرفة هوية من يكون تحت سقف بيتى . والأن أود أن أعرف سبب تشريفك لى سنيوريتا .. ماذا تفعلين هنا بالضبط ؟ وهل لك الجرأة أن تسأل .. بعد .. بعد أن خطفتنى عصابتك . وأطبق حاجباه : ماذا تقولين ؟ لقد سمعتنى . لقد كنت أتناول شراباً بارداً فى الفندق عندما .. دخلوا وقالوا لى أن المركب ينتظر . وظننت أنهم يعنون مركبى , فخرجت معهم . وعندما أدركت ما حدث قلت لهم مرات ومرات إنهم مخطئون ولكنهم لم يبالوا . وهز رأسه : أوه ..لا .. سنيوريتا , الخطأ خطأك , أؤكد لك .. والآن أين السنيوريتا باترسون ؟ وعضت باتريسيا على شفتها : إنها .. لن تأتى .. لقد عادت إلى بلادها . وظهر الغضب مخيفاً تحت قناع هادئ على وجهه . وشعرت بالغضب العنيف فأحست بالخوف ولكنه قال بصوت مرح : إذن .. لقد أتيت عوضاً عنها .. هل تتوقعين أن أكون شاكراً؟ ولم يحاول أن يتحرك ولا أن يلمسها , ومع ذلك أحست فجأة بأنها تتعرى تحت نظرته الساحرة , وقالت بهدوء وبرود : لا يمكنك أن تكون أكثر خطئا. فأنا لم أجئ عوضاً عن أى شخص . لقد ذهبت إلى الفندق لأول رسالة الآنسة باترسون .. وأعتقد أن أسمك هو لاكروزا. أنت مصيبة .. وأين هى الرسالة ؟ لست أدرى .. أعتقد أنها فى الفندق . كم هذا مؤلم . لن أعرف إذن كيف اختارت جولى الجميلة أن تصرفنى عنها . أظن أنها وجدت الرحلة على المركب ..صعبة عليها فأوضاع السفر على المركب .. بدائية . من الواضح سنيوريتا أنك مصنوعة من مادة أصلب منها . على عكس مظهرك . وربما أنت بحاجة لأن تكونى هكذا . أنا واثقة أن هناك معنى عميق ملتوى وراء كلامك هذا . ولكننى متعبة جداً ومنزعجة جداً كى أفكر فيه الآن . وأنا أسفة لخيبة أملك من عدم وصول الأنسة باترسون .. ولكن .. بل أنا أكثر من خائب أمل .أشعر بالدمار لأن جميلتى جولى تمكنت من نسيانى بسرعة .. لقد تقابلنا السنة الماضية خلال عطلة قضيتها فى إسبانيا , و .. تطورت العلاقة بيننا ..وأنا واثق أننى لست بحاجة للخوض فى التفاصيل ... فأحمر وجه باتريسيا : لا .. فهذا ليس من شأنى حقاً , سنيور ... خوليو ... خوليو دى لاكروزا . وأود أن أقول أنك قد جعلت الأمر شأنك عندما قررت التدخل . حسناً سنيور دى لاكروزا , من الواضح أنها أعادت النظر فى أمر علاقتكما . وهكذا اضطررت أنت أن تأتى مكانها .. ولكن إذا كنت تظنين أن فتنتك هى بديل عن فتنتها سنيوريتا .. فأنت مخطئة . لاشئ .. ولا يمكن لشئ , أن يحضرها لمواجهة مثل هذه الإهانة . وحدقت به بذهول وقد جفت الدماء من وجهها..أرادت أن تمد يدها لتخربش وجهه ,لأن تجعل الدم يسيل من بشرته , أن تجعله يتألم .. ولكنها ردت عليه بأدب شجاع : يبدو أنك واقع فى نوع من سوء الفهم سنيور , فليس هناك أية نية فى التبديل , ولن يحدث . وكما شرحت لك , لقد أتى بى رجالك إلى هنا خطئاً وضد إرادتى . وه قاومتهم ..؟ رفستهم .. صرخت ..قاومت ؟ لم ألاحظ أى دلائل مقاومة على أى منهما ... - لا.. ليس بالضبط . ولكننى حاولت أن أشرح لهما , أن أتفاهم معهما .. أوه .. أنت لن تفهم .. ولكن يجب أن تصدق بأن مجيئ إلى هنا لم يكن بارادتى . ورغبتى الوحيدة الان أن أغادر , وأعود إلى سأنتياغوديلاستيرو . - إنه هدف رائع ولكن تحقيقه صعب , للاسف فليس هناك وسيلة للخروج من هنا سوى مركبى , وعبر الطريق التى أتيت منها . وطالما تستمر هذه الامطار فالنهر خطر على الملاحة فيه . - وشهقت باتريسيا : - ولكن إلى متى سيستمر هذا الوضع . يجب أن أعود , أن أرجع إلى المركب فى طريق العودة . - فهز خوليودى لاكروزا كتفيه : قدر ما تستمر يا سنيوريتا, وإلى أن ينخفض مستوى النهر ثانية لن تذهبى إلى أى مكان . وفى هذه الاثناء , أنت ضيفتى المكركة . - ولكن ليس لدى ملابس حتى .. - لا مشكلة .. لقد كنت أنتظر ضيفتى الاخرى .. لذا خذى حريتك باستخدام ما تحاتجين إليه مما حضرته لها . - وقالت بغيظ: هذا كرم منك ولكن , كما قلت بنفسك , قياس ملابسنا ليست متناسبة , ولا شكلنا . - مارغريتا , مدبرة منزلى , ستكون مسرورة باصلاح أى قياس ترغبين به . لقد أعطيتها تعليمات . - وكم رغبت أن ترمى تعليماته , ضيافته , ملابس جولى باترسون بكامها فى وجهه , وأن تصرخ بكل ارتفاع صوتها ..ولكنها بقيت صامتة . فهى لا تعلم كم ستبقى هنا , فلو أمضت أياماً , فلا فارق أن تمضيها بالبنطلون القطنى والبلوزة التى وصلت بهما أو فى أى ثوب أخر وقالت له بجفاء : شكراً لك . - وهز رأسه باحترام : من دواعى سعادتى .. سنيوريتا . سنلتقى وقت العشاء . - وراقبت جسده الفارع الطول وهو يخرج من غرفة النوم , ويقفل الباب خلفه . ثم انهارت ساقاها من تحتها وغرقت وسط الروب الساتان القرمزى فوق البساط القديم الذى يغطى ارض . ومن بين أنفاسها , أخذت تراجع بألم وغضب كل كلمة سيئة أو شتيمة , سمعتها أو عرفتها أو تصورتها , وتطبقها بكل معانيها على خوليودى لاكروزا . ثم أخيراً.. انفجرت بالبكاء . ومع أن كلماته ألمتها إلا أن مشاعرها العادلة أجبرتها على الاعتراف بأنه محق .. فهو يريد جولى باترسون , وكان يتوع جولى باترسون .. وإذا كان يظن حقاً أنها قد جاءت عوضاً عنها .. وفى نفس النظرة للهدف الاساسى من الزيارة , لذا فلديه كل الحق لان يحس بالمظلة .ولكن لا .. لا يمكن أن يظن أنها أتت إلى هنا عوضاً عن عشيقته .. غنه فقط كان متكدراً .. ولامها لانها كانت موجودة . - وارتدت ما أصلحته لها مارغريتا , بعد جهد , وخرجت تبحث عن غرفة العشاء , وكان خوليو بانتظارها فى قاعة الطعام كانت غرفة واطئة السقف و معتمة , والطاولة الطويلة المصقولة اللامعة , من الواضح أنها صممت لعائلة كبيرة وقال لها بأدب : هل تحبين تناول شراب ؟ - أيمكن أن أجصل على عصير برتقال أرجوك ؟ - بالطبع . وصب لها كأس عصير من الابريق .. فارتشفت منه لتجده قوياً جداً , فلاحظ ذلك وقال : ربما أنت معتادة على العصير الاصطناعى . - الطعام عندما وصل , كان لذيذا , حساء مبهر , مع الارز والخضار , تبعه بط مع صلصة يسيل لها اللعاب .. وتناولت باتريسيا الطعام بشراهة حتى أنها اضطرت لرفض حلوى الشوكولا , ولكنها تقبلت فنجاناً من القهوة . وخلال تناول القهوة لم تستطع تجنب الحديث وقال لها : - من بعد إذنك سأدعوك باتروسا .. وأرجوك أن تنادينى باسمى الاول . - بإمكانك فعل ما تشاء بالطبع سنيور . - وهل تفضلين الرسميات ؟ - ما أفضله أن تكون فى مكان غير هذا . - الم يعجبك منزلى ؟أن له تاريخ مثير للاهتمام , فقد بناه أصلاً جدى الاكبر فى عز زمن زراعة قصب السكر .. وكل ثروتنا أساسها معمل التكرير الذى نملكه . - بالطبع .. سانتياغو ديلاستيرو بناها المستوطنون الكبار عام 1553 أساساً من ثروتهم التى جمعوها من تجارة السكر , كذلك سانتافيه أول ميناء نهرى على هذا النهر , سلادو , وجامعتها ودار الاوبرا فيها . - آة أجل .. لفترة ما كانت سانتافيه أغنى مدينة تقريباً فى أمريكا الجنوبية .. وكانت غلطتنا أننا ظننا أن العالم الخارجى لن يفكر بمشاركتنا ثروات بلادنا . وتابع توقف قصير: - بينما انخفضت قيمة صناعة السكر , بدأ اهتمام عائلتى بالمزارع يخف , ووجهو اهتمامهم لحقول أخرى .. والعديد من المزارع فى هذه المنطقة تركت لتموت وتعود إلى الغابة . ولكننى قررت أن لايحدث هذا لمزارعنا . - هذا مؤثر.. هل عشت هنا لمدة طويلة ؟ - عام .. أو عامين . يناسبنى أن أقضى جزءاً من حياتى هنا .. وأنت باتروسا , لماذا جئت إلى هنا ؟ - اعتقد بإمكانك القول .. إننى جئت بحثا عن شخص . - رجل ؟ - واجفلت باتريسيا , فى الواقع كانت تعنى البحث عن نفسها , ولكن كان هناك حقيقة قليلة فيما قال . فردت عليه : لا أظن أن الامر يعنيك . - لقد حصلت على الرد إذن . - لست أرى سبب حاجتك للسؤال . - فرفع حاجبيه : أنت مقيمة فى منزلى .. ألا يسمح لى بقليل من الفضولية عنك ؟ - بما أن معرفتنا ستكون قصيرة , فربما لا يسمح لك . - وقال بصوت منخفض : أحياناً .. عندما تسوء العاصفة , نعلق هنا لاسابيع . وضحك عندما لاحظ تعبير وجهها الخائف .فقالت : - لقد أفسدت كل رحلتى .. وتظن الامر مضحك ؟ - لست أضحك أما بالنسبة لعطلتك .. فسأحاول أن أعوض عليك بطريقة ما . - أرجوك أن لا تزعج نفسك . - إذن .. فى أمريكا باتروسا .. أين تقيمين ؟ - أقيم فى الجنوب .. وإذا أصريت على مناداتى باسمى الاول فأنا معروفة باسم بات . - بات ؟ إنه أسم رجل . - لا يهم .. فهذا هو إسمى . - ومن هم .. هم ؟ - عائلتى .. أصدقائى .. من أعمل لديهم .. وليس الجميع . - وهل تعيشين فى مدينة ؟ - ياللسما ..لا .. بل فى بلدة صغيرة هادئة , ما ندعوه مركزاً تجارياً . - وما نوع عملك ؟ - أعتنى بالناس . - لابد أنه عمل مريح .. طالما استطعت تحمل مصاريف رحلة مثل هذه . - إنها رحلة العمر . ومن الان وصاعداً سألتزم عطلاتى فى أوروبا . فهناك لن أخطف أبداً . - ألازلت مصرة على أن هذا ما حدث ؟ - أنا موجودة هنا أليس كذلك ؟ - دون شك .. إذن .. أين التقيت بجولى ؟ فى بلدتك ؟ - لقد التقيتها هنا على ظهر المركب , لقد صعدت إليه فى سانتافيه . - ولم تكونى قد قابلتيها من قبل ؟ وكنتما مجرد زميلا رحلة .. أخبرينى هل وجدتما صعوبة فى التحدث معاً ؟ - فى الواقع لم نتحدث كثيراً معاً . إنها جميلة , وأتمنى أن لا تكون قد أصبت بخيبة أمل ... - إذا كان سؤالك ما إذا كنت أحبها , فالجواب لا , هل يريح تفكيرك المعذب . - وأكملت شرب قهوتها , ودفعت كرسيها إلى الوراء , وقالت بأدب : أحب أن أذهب إلى غرفتى الان , إذا كنت لا تمانع . عمت مساء . - وأجابها بلاسبانية وهو ينفض رماد سيجارته : تصبحين على خير باتروسا . - شكراً لك . - القنديل كان مضاءاً فى غرفة النوم , والاغطية مكشوفة حتى منتصف الفراش وإضافة إلى الستائر كانت الشبابيك الخشبية مقفلة . وجدت أن النوم بعيد المنال , المطر قد توقف ولكن الهواء ا لساخن , وساكن كأنه يهدد بعاصفة أخرى وأبعدت عنها الاغطية ولفت نفسها بالملاءة القطنية لوحدها . وقالت لنفسها " إسترخى .. لا داعى للقلق " .وهى تتقبل تطمينها لنفسها .. فتح الباب ودخل خوليودى لاكروزا إلى الغرفة .. تم الفصل الثانى. الفصل الثالث دوى الرعد اقبتة باتريسيا وهو يتقدم ليجلس إلى حافة السرير وهي مشلولة . -لقد أتيت بشراب ساخن قبل النوم .أليست هذة أمريكية يا باتروسا ؟ -أجل ..أعنى ..لست أدرى .ولكننى لا أريد شرب شئ .. شكرا لك سنيور . -ولكنك لن تمانعى لو شربت أنا لوحدى ؟ وبدت المتاعب تلوح منه ,بحيث لن يمكنها التعامل معها . ثم وضع كأسة على الطاولة وبدا يفك أزرار قميصة , وصاحت بصوت لم تعرفة هي نفسها : -ماذا تظن أنك تفعل ؟ فأخذ يجيل نظرة في جسدها الملفوف بملاءة قطنية وقال : -أخلع ملابسي ..ألا تخلعين ملابسك عندما تنامين يا حلوتى؟ وأجبرت نفسها على ملاقاة نظرتة بثبات وبرود : -الافضل أن تتابع خلع ملابسك في غرفتك . -هذة غرفتى . -إذن كن لطيفا إذن واستدعى مارغريتا واطلب منها تحضير سرير لى فى مكان آخر . -لا يا عزيزتي لن أكون "لطيفا" أنت هنا في مكاتك الصحيح ,وكلانا يعرف هذا .مع إننى ألاحظ أنك تجدين سعادة في لعب دور البراءة وضحك بخبث ,ومرر أصابعه فوق الملاءة ,التى تلامس بشرتها العارية . -لقد كانت لعبة مسلية ,بطريقة ما ,ولكننى أطلب الآن نوعاً من التسلية منك . وضربته على يده : -كيف تجرؤ؟ فتنهد وتابع خلع ملابسه . -قليل من الممانعة يزيدك فتنة ,ولكن المزيد يجعلك مزعجة . وستجدينى متسامحاً باتروسا..ولكن لا تظنى أن التظاهر بالممانعة قد يجبرنى على رفع الثمن المستعد لأن أدفعه وللحظات ظنت أنها تسمع دوى الرعد من جديد ,ولكن هذا كان قلبها وقد ملأت رأسها وتفكيرها وجعلت من المستحيل عليها أن تفكر ,أو تتصرف ... ولكن يجب عليها هذا ..يجب ..لا يمكنها الهرب بالطبع .. ولكن ربما يمكنها أن تتحاور معه ,أن تحاول إقناعه بالتعقل . -سنيور ..أنت ترتكب خطئاً جسيماً.أنا لا ..أنا لست .. لقد التقيت بجولى باترسون صدفة على المركب .ووافقت أن أوصل لها رسالة ..وهذا كل شئ وأنا ...أنا ..لم يكن لدى أية فكرة ... وتلاشى صوتها عندما شاهدت ضحكته الساخرة وقاطعها : وبالصدفة سألتى عنى فى الفندق ..وبالصدفة جئت مع رجالى ..؟كلها سلسلة من الأخطاء .أليس كذلك ؟ أجل ...اره كيف يمكن أن أجعلك تصدق ؟ لن تستطيعى ..وادعائك هذا يزعجنى ةيتبعنى ,وخاصة أن هناك طريقة أكثر لذة فى الوصول إلى التعب .يا عزيزتى . وتخلص مما تبقى من ثيابه ,فاستدارت باتريسيا إلى الجهة الأخرى مغمضة عينيها وهى تلعن الملاءة العالقة تحتها ,وأحست بالفراش يغوص إلى الأسفل من جراء ثقل جسمه قربها .فقالت بخشونة : إذا لمستنى سأصرخ . ومن هنا ليسمعك ..أو يهتم بصراخك ؟أتمنى أن تكون لك رئتان قويتان يا عزيزتى ,لأننى أنوى أن ألمس كل جزء من جسدك . فقالت بصوت متحطم : -يا إلهى ..حتى أنك لا ترغب بى .. -وهل هذا يزعجك يا صغيرتى ؟أعدك بأننى سأكون أكثر رغبة بك مع كل لحظة تمر . وخطف الملاءة من فوقها واحتواها بين ذراعيه .وصعقت لملمسه ,فتجربتها مع الرجال حتى الآن لم تتجاوز بضع قبل فى بعض المناسبات وكانت تتقبل هذا منهم بأدب ثم تصرفهم ,ولكنها لم تشعر أبداً بغليان دمها ,ولا بأى رد فعل قد يسبب لها أى نوع من الندم عندما يبتعدوا عنها كل ما تعرفه ,هو ما تعلمته من دروس "البيولوجى "فى المدرسة والآن ..وفى بضع لحظات مدمرة ..ذلك العالم الآمن المختبئ عنها سيتدمر .أنها فى الفراش مع رجل ,مع غريب ,بين ذراعيه ,يرسل فى جسدها رسائل ,حتى جسدها البرئ استطاعان يفك رموزها . اوه ..يا إلهى ..لا يمكن أن يكون هذا يحدث لها .. مستحيل !صوت بارد ثابت فى رأسها حذرها من أن تقاومه ... إنه أقوى بكثير منها ,عضلات كتفيه وذراعيه وكأنها حبال الفولاذ المبرومة .ولو قاومته فقد يستجيب بعنف .. وسوف تتأذى ..عاطفياً على الأقل ..وإلى الأبد . ولكن لا يمكن أن تتركه ... لو أغلقت تفكيرها ..مشاعرها ..عواطفها ,كل شئ صنعت منه برتريسيا بالمر ..فلن يحدث لها شئ أن تتوقف عن التفكير ...عن الشعور ... أن تتراجع إلى مكان خفى داخل عقلها الباطن ...تنتظر إلى أن تنتهى العاصفة .ما سيجرى عمل جسدى محض لا علاقة لها فيه ...ولن يؤثر ذلك عليها كأنسانة ! وسمعته يهمس لها : كم أنت حلوة ..كم أنت حلوة ..كم أنت ناعمة كم أنت مثل الماء فى الصحراء .ورفع لها رأسها ليقبلها فأحست بالرعدة , رعدة تتصاعد لا علاقة لها بالخوف ,وكبحتها على الفور ,وقد صدمها ضعفها .وعاد إلى الهمس : أنت ترتجفين . وهل هذا أمر غريب ؟أتوسل إليك أن تتركنى ...أرجوك . هل حقاً تجدينى كريهاً إلى هذا الحد غمضى عينيك إذن يا عزيزتى .وفكرى بما ستكسبينه .فالتفكير بالمال قد يجعلك ..أكثر ...قبولاً ..إذا لم يكن شئ آخر . وأخذت تلوح برأسها بيأس لتبتعد عنه : لست أريد مالك ..لا أريد شيئاً. حقاً؟كم أنت مثالية ..إدفعى لى أنت إذن باتروسا .إدفعى لى اللطف والقبول لقاء ضيافتى .وأعتقد أننى سأسعد كثيراً لأقبض منك. واستلقت باتريسيا جامدة لا حياة فيها ..العذاب سينتهى عما قريب ,ولابد أنه يعيش حياة صاخية ولن تضطر إلى تحمل اكتشافاته لجسدها لمدة طويلة . ولكن بمرور المعناة ,لحظة بعد أخرى أدركت كم كان تفاؤلها ساذجاً .إذا لم يكن لم يكن خوليو دى لاكروزا مستعجلاً أبداً .لقد كان ,كما أدركت والأنفاس تكاد تقف فى حنجرتها ,مصمماً على إثارتها .ومما لاشك فيه ,أن ممانعتها .ومحاولاتها التخلص منه ,قد جرحت كبرياءه وعجرفته ,وهو مصمم الآن أن يجعلها تتجاوب لما يريد . ولكن ,ما يلزمه ,هو أكثر من التصميم ,لأن جسدها تحجر من الصدمة وهى بين يديه .ولم تعد حقاً تدرى كم سيطول الوقت ولكن هذا بالتاكيد ما لم تكن جولى باترسون معتادة عليه منه . وهمس لها : أنت لست عاشقة متحمسة ! لابد أنه انزعج الآن لعدم تأثيره الفورى عليها ,فقالت : أنا لم أعدك بشئ. لا ,هذا صحيح .ولكننى وعدت نفسى .ورفعت كتفها . -أنا آسفة إذا ألم كبرياءك أن تكشف أنك لست مرغوباً من أى إمرأة تصادفها . وقال لها بسخرية ضعيفة .. ولكننى لا أصادف الكثير . وأخذتها الشفقة به ,لقد كان ينتظر اللقاء بجولى ,التى تعرف الكثير عن الحياة ..ولكن بدلاً منها ..الحياة مليئة بخيبات الأمل ..وليس لعه الحق بالمرة ,أن يفترض بأنها قد حلت مكان جولى .وعادت السخرية الكاملة إليه وهو يقول : -على كل يا عزيزتى ..لكى تنامى والغضب يتلاشى عليك إرسال الدعوة إذا لم تكونى تنوين أن أقبلها . أية دعوة ؟وانفرجت شفتاها بنكران غاضب ,ولكنة أسكتها بشفتيه ,وكانت قبلته أعمق هذه المرة وكأنه يحاول الانتقام منها ,وانتشرت فيها رعدة خوف أخرى ,لم تكن تعرف أن رجلا يمكن أن يكون بهذه النعومة ,ويحرقها هكذا حتى أعماق روحها . وعلى الرغم من نفسها أحست بالمقاومة والغضب يتلاشيان بالتدريج..وفى مكانهما ..ماذا ؟ شئ لم تستطع تمييزة ,أو أنها لم تختبره من قبل ,فضول ؟إثارة ؟ربما ..أوشئ أعمق من هذا ..وقطعا أخطر بكثير .ولم تعرفه ,وهذا ما أخافها . ورفع خوليو رأسه : -حبيبتي ..ألست أسعدك ..ولو قليلا ؟ وكان هذا آخر شئ تتوقع سماعة منه ..لقد كان المتجهم المتعجرف الذى يجب أن تكرهه ,ولكن ... -لست ..أد..أدرى -تلفظى باسمى. وأحست بجفاف حلقها .لا تريد أن تلفظ إسمه ,سيكون ذلك أمر حميم جداً...شخصى .وسيكون بطريقة ما نوعامن الاستسلام .وحثها مرة أخرى بصوت أجش. -تلفظى باسمى ,وقبلينى ..ولو لمرة واحدة . وعلى الرغم من كل تحفظها ,وعلمها أن عليها أن ترفض ,سمعت نفسها تهمس "خوليو "وارتفعت يداها إلى كتفيه وجذبته إليها .وما أن تلامست شفتاهما حتى ...ضاعت . وجرت فجأة أنهار صغيرة من النار فى عروقها ,وجنت نبضاتها .الرفض ...المراة...حتى الخوف ..انسدل عليها كلها ستار من العتمة ,ولم تكن مجرد قبلة ...بل كانت حمى ..هذيان ...جنون . ولفترة طويلة بقيت مستلقية دون تفكير أو وعى ,وعقلها المصاب بالدوار يحاول وعى ما حدث ولكن بعودة الوعى ,جلب معه الاحساس بالعار والخجل ,وعدم تصديق رهيب ومرعب . اوه يا إلهى ..ماذا فعلت ؟ماذا سمحت له أن يفعل ؟ حاولت أن تبتعد عنه .ولكن ذراعه الملقاء على خصرها شدتها إلى الفراش .وتنتم بشئ أجش غير مفهوم ,وبعد لحظات علمت من أنفاسه المنتظمة أنه نام .. واستلقت متصلبة ,وهى تكره ارتياحه الكامل ...والطريقة التى تتلامس أنفاسه الحارة مع كتفها ...وكأنهما كنانا ينامان معا طوال حياتهما أقل ما كان عليه أن يفعله ,هو أن يسمحلها بأن تزحف بجسدها مبتعدة ,لتشفى جروح روحها وحيدة . ولكن الالم الذى سببه لها ,ولو كان حقيقا ,كان آخر شئ يقلقها فما هو أكثر إثارة للاضطراب كان حقيقة استسلامها له ...لماذا لم تتهرب منه ..لماذا لم تبق باردة معه .. كما كانت تنوى؟ لن تسامح نفسها على ما فعلت .ولكن ما حدث حدث ,وانتهى الامر و عليها الان تتابع حياتها الحقيقة ,وكان ما حدث هو مجرد كابوس ,مرعب وقت حدوثة ,ولكن قابل للنسيان . وأدارت رأسها بحذر نحوه ..هذا الغريب الذى عرفها كما لم يعرفها أى مخلوق من قبل ..والذى جعلها تختبر أشياء لم تكن تدرى أنها موجودة فيها ..إنه جذاب ..ولكن ذلك .لا يشكل عذر لأى شئ وابتسم ,وكإنما يحلم حلما لذيذا .فأحست بالر جفة ,ومدت يدها لتطفئ المصباح . واستفاقت على صوت إمرأة تناديها "سنيوريتا "وفتحت عينيها لتجد مارغريتا تهزها من كتفها وللحظة حدقت بها ,وقد تملكها الاستغراب تماما .ثم عادت إلى ذاكرتها ما حدث ليلة أمس بكل التفاصيل .فاستدارت على بطنها لتدفن رأسها فى الوسادة ..فلمست مارغريتا كتفها بحنان وقالت بالاسبانية : -السنيوريتا تعبة ... وأشارت إلى فنجان قهوة وضعته لها على الطاولة ,إنها لا تريد القهوة ,لا تريد أى من ضيافة خوليودى لاكروزا الكريهة ,فليعطيها فقط ملابسها ويؤمن لها رحلة العودة إلى سانتياغو ديلاستيرو. ونظرت حولها فلم تجد دليل اللغة الاسبانية قريبا . فاعتمدت على ذاكرتها لتقول : -فا فاقور ..حضرى لى البانيو . وهزت مارغريتا رأسها وكأنها أحست بحرج باتريسيا منها .فأحضرت لها الروب وفتحته لها لترتديه . -لا ..أتركيه هنا .أرجوك . واستلقت تنظر إلى السقف ومارغريتا تحضر الحمام .لم تحس بخوليو وهو يغادر الفراش وبامكانها الان تتجنب الاذلال لدى رؤيته إلى جانبها وتغسل آثار الليل عن جسدها وتمنت أن تتمكن من غسل تلك الاثار من تفكيرها بسهولة . لو أننى قاومت ..لكان تغلب على بقوته فى النهاية ..ولكن كان هذا ترك لى على الاقل شيئا من الكرامة .ولكن الان ... وتخوف ذهبها من التفكير بالواقع ..لقد أصبحت شخصاً آخر ..غريبة تحت رحمة رغباتها الخاصة ,أنها تزدرى نفسها تماما . عندما عادت مارغريتا لتقول لها أن الحمام جاهز ,إستجابت وهى تتذمر وتطالب بعودة ملابسها الخاصة .وهزت رأسها بيأس عندما توجهت المرأة المسنة إلى الخزانة ,بدأت تعرض عليها مجموعة من الملابس المعلقة هناك . وأحست بالسعادة فى دفء الحمام ,وبدات تشعر بالانتعاش ,وأخذت تستمع إلى مارغريتا التى كانت تتحرك فى غرفة النوم ,تتحدث إلى شخص آخر ,ربما إحدى الخدمات . ولم تكن تدرى أو تفهم معنى للحديث ,وتساءلت متجهمة كم من الفتيات الاخريات خدمت مارغريتا فى غرفة نوم سيدها يا ترى ؟ عندما عادت إلى غرفة النوم ,تلف لمنشفة حولها من تحت الابطين إلى الكاحل كانت الغرفة فارغة ,والسرير قد أعيد ترتيبه بشراشف ومفارش بيضاء جديدة ,ولكنها لم تجد أثراً للملابس التى كانت ترتديها أو لملابس جديدة لترتديها ,وربما ستصل هذه بعد لحظات . هذا ,إذا لم يكن خوليودى لاكروزا قد أصدر تعليمات معاكسة,على نية أن يبقبها سجية فى غرفة نومه ,عارية ولكنها لم تصدق هذا فعلاً. وأخذت تنظر حولها إى الغرفة وإلى بنيانها ,وتتسأءل كيف إستطاع من بناها إيصال مواد البناء إلى هذا المكان المنعزل النائى من هذه المجاهل ...هذا لم نذكر اليد العاملة ! ولكن ..أين هو خوليودى لاكروزا الان ؟ ربما يكون مشغلا بعمل ما ...مما يبقيه عادة مشغولا فى هذه البقعة النائية من الغابات ...ربما مشغول بتجارة الرقيق الابيض مثلا... وفى نفس الوقت تساءلت عما يفعله هنا ...رجل ذكى مثقف ,يعيش فى وسط اللامكان فى وسط كل هذه الفخامة المتلاشية . ولكنها لم تفكر كثيراً ..فهى مرتاحة جداً وتحس بالخدر ,حتى أنها لا ترغب سوى بالنوم .وتنهدت ,ثم اندست بين أغطية السرير فى نوم عميق . واستعادت وعيها على رائحة حادة ...رائحة سجائر . وعرفت لمن الرائحة وهى تفتح عينيها على مضض. وكان خوليودى لاكروزا يجلس على بضع أقدام من السرير فى مقعد ذو مسند مرتغع ,وقد وضع ساقة التى يغطيها حذاء مرتفع فوق الاخرى ,وقميصه القطنى الاسود مفتوح حتى الخصر ليكشف المزيد من جسده البرونزى . وقال بهدوء وبشكل رسمى وبالاسبانية: -صباح الخير سنيوريتا . ولم تكن فى صوته أى أثر للمرح ولاعلى وجهه ولا لمحة انتصار حتى ,وبالتاكيد لا ..رغبة وعاد ليتكلم بالانكليزية : -أرجو ان تكونى طيبة معى مرة أخرى وتخبرينى بالضبط من أنت ,وكيف أتيت إلى هنا . وابتلعت باتريسيا ريقها بصعوبة ..ما كل هذا؟هل هو نوع من العذاب اختاره لها ؟وردت بخشونة : -وهل من فائدة فى إخبارك ؟فأنت لن تصدقنى . وتحركت يده التى تحمل السيجاره بنزق ,قال غاضبا : -لا يهم ...هل تشبعين فضولى ..(أرجوك )؟ وعضت على شفتها : -اسمى باتريسيا بالمر .وفى الثانية والعشرين من عمرى ,وأنا سائحة .كنت أسافر صعوداً فى النهر على متن مركب بخارى , عندما التقيت بفتاه تدعى جولى باترسون ,وطلبت منى إيصال رسالة موجهة لك إلى الفندق فى ميناء سانتياغو ديلاستيرو ...والباقى تعرفه ...فلماذا تريدنى تكرار هذا مرات ومرات فى وقت لا تصدق كلمة منه ؟ وحدقت به باستغراب : -لا أظن ..لقد قلت لك بالضبط ... وهز خوليودى لاكروزا رأسه . -ما قصرت فى قوله ,هو إنك حتى ليلة أمس ,كنت "عذراء "وكان هذا آخر شئ تتوقع سماعة منه ..واحترق وجهها بالدم الذى تصاعد حارا إليه . -وهل يفترض هذا أن يشكل أى فارق ...أو يغير الامور ؟ فهو لم يبدو إنه ... ورمى عقب السيجاره وسحقها بكعب حذاءه . -بالطبع يشكل فارقا ,أيتها الغبية ..إنه يعنى .. وليساعدنى الله ..إننى مخطئا بشكل ظالم ومجرم بحقك ..كان يجب أن تقولى ... -وكان هذا سيوقفك عند حدك ؟ وجاء دوره ليحمر خجلا : -ربما ... وأطرق ثم أكمل بصوت منخفض . -يا إلهى ..ربما لا ..كيف لى أن أعرف ؟ليلة أمس كان جل اهتمامى منصب على حاجتى لقد عمى نظرى عن ملاحظة ..قله خبرتك الواضحة . -ولكن ما كان عليك أن تذكرنى بما حدث فلماذا هذا الاهتمام الان ؟ وتقلص فكه . -مارغريتا ...الفراش ..كان عليه آثار .. وانتشر احمرار وجهها فى كل جسدها وصاحت : -اوه ...لم ألاحظ هذا ...ولكننى لازلت لا أفهم سبب... -من الطبيعى أن لا تتردد مارغرينا فى مواجهتى بدليل طهارتك ...أو أن تقدمها لى . فقالت بمرارة : -هذه شجاعة منها ..ولكن لماذا تحتاج لفعل هذا ؟ -لانها ,وكما ادعت على حق ,تؤمن أننى قد سلبت شرفك وأننى أفسدتك فلم تعودى لائقة لليلة الزفاف . -أو ليست هذه نظرة قديمة الطراز ؟ -ليس بالنسبة لمارغريتا ..فعائلتها خدمت عائلتى لمدة طويلة وهى تعلم أننى بامتلاكى لك بهذه الطريقة قد سببت بتلطيخ شرف عائلة دى لاكروزا ,ولن أستطيع الانكار ,,,وعندما يهبص مستوى النهر سوف يحضر كاهن من الارسالية فى "سالتا"ليزوجنا .
انتهى الفصل
الفصل الرابع
عقد قران
ساد صمت طويل وثقيل . . . وصادم. وفكرت باتريسيا . . لابد أنني أحلم . . لا مفر من هذا . . كل ما حدث لي مجرد كابوس. وسأستيقظ لأجد أن كل شئ انتهى. وكل ما علي هو أن أستفيق . . . وقالت بصوت مرتفع وأدب شديد : - هل لك أن تكرر هذا . . أرجوك؟ ورد عليها بنفاذ صبر : - لقد سمعتني جيدا سنيوريتا. لقد أرسلت بطلب الكاهن ليعقد قراننا. واستوت في جلستها وهي تشد المنشفة على جسدها. وصاحت بجنون : - ولكن لا يمكنك .. لن تستطيع .. هذا مستحيل. - أنا لن أكذب أبدا حول أمر جدي كهذا. - إذن أنت مجنون .. فاقد العقل تماما. وهذا ليس بمنزل .. إنه مصح للمجانين .. فالناس لا يتزوجون بعضهم .. هكذا ... - ربما ليس في عالمك ... - نحن في التسعينات من القرن العشرين .. أليس هذا هو الزمان هنا أيضا؟ أم أننا في نوع من الزمان المشدود إلى الوراء يعيدنا إلى القرن الماضي؟ - مثل هذه المبادئ قد تبدو غريبة عليك سنيوريتا .. ولكنها مبادئ حقيقة أساسية لي .. لقد أغويتك ويجب أن أصلح غلطتي بالطريقة الوحيدة الممكنة. - دعني أفهم هذا جيدا .. لو كنت فعلا ذلك النوع من النساء الذي ظننتني .. جولي باترسون أخرى .. وأنني هنا لمجرد التسلية .. أكنت تتركني وشأني؟ - آخر الأمر ... بعد أن انتهي منك. - ولكن لأنك اكتشفت أنك أول رجل في حياتي، فأنت تغرض علي الزواج بسبب إحساس بالشهامة، أليس كذلك؟ ... حسنا .. لقد تأخرت بإحساسك بالشهامة سنيور .. لقد تأخرت أربعا وعشرين ساعة .. ولن أتزوجك ولو زحفت على ركبتيك. فقال ببرود: - وهذا أمر لن يحدث. - بالطبع .. لذا دعنا ننسى هذا النقاش السخيف إلى الأبد. - ها نحن اتفقنا ... بالتأكيد ليس هناك المزيد من النقاش. حاولت أن تجد وسيلة أخرى للخلاص: -إذا كنت قلقا أنني قد أسبب لك فضيحة رسمية حول ما حدث .. وأن أتهمك باغتصابي .. أقسم لك أنني لن أفعل .. أريد فقط أن أضع كل هذا وراء ظهري، وأنا متأكدة أنك ستفعل مثلي ... فلماذا لا تعطيني ثيابي وتتركني أذهب ..وسنتظاهر معا أن ليلو أمس لم تحدث ... ؟ وهز رأسه: - هذا .. للأسف .. أمر مستحيل. - ولكن لا لزوم لكل الأمر، إذا كنا كلانا موافقان .. حتى أنني سأكتب لك إقرارا .. إذا رغبت .... وأخشنت لهجته دلالة نفاذ صبره: - أنت لا زلت غير فاهمة .. ليلة أمس أخبرتك الحقيقة ... ولكنك لم تصدقيني أيضا .. ليس هناك وسيلة للخروج من هنا سنيوريتا ... فالنهر مرتفع وخطر ... والمخاطرة كبيرة. - ولكن إلى متى؟ - من يعلم؟ فمن المتوقع استمرار العاصفة لعدة أيام ... - ولا يبدو عليك الاهتمام. - وهذا جزء من الحياة اليومية هنا، ونحن فانعون، فلماذا الغضب من شئ لا يمكن تغييره؟ - حسنا ... لا أستطيع أن أكون غير مكترثة حول بقائي محتجزة في الأدغال مع ... مغتصب ... وقال لها بغضب: - سوف تتعلمين أن تتكلمي معي باحترام أكثر. - الأفضل أن لا أتكلم معك بالمرة. وتابع ببرود: - ثم .. لم يكن هناك اغتصاب ... وليست ذاكرتك ضعيفة لهذه الدرجة باتروسا. وعضت على شفتيها: - حسن جدا ... سأتقبل أنني عالقة هنا مؤقتا .. ولكن ما أن يصبح النهر صالحا للملاحة، فسأذهب ... وأنا أرفض أن أجبر على الزواج من غريب كامل بسبب شرف العائلة ... البائد الطراز فهذه حياتي ... - ربما لن تكون مجرد حياتك فقط ... هل فكرت بهذا ؟ - ماذا تعني ؟ - وهل أنا مضطر حقا لأن أشرح لك؟ يمكن أن تكوني حامل أيتها الغبية. وبدا لها أن الأنفاس قد انقطعت عن كامل جسدها في شهقة مرعبة واحدة. واستطاعت أن تطلق كلمة واحدة: - لا ..... - الأمر ممكن جدا، أؤكد لك ... ولفتاة تفخر أن تكون جزءا من العالم العصري ... أنت ساذجة لأبعد الحدود. - ولكنني لن أعتبر هذا أمرا ممكنا، ولو حدث هذا، فهو لا يعني بالضرورة أن علي أن أتزوجك. - وهل تظنين أنني سأتركك بكل بساطة؟ بعد أن أعرف أنك تحملي طفلي؟ أو أن أسمح لأبني أن يربى في حضن غريب في بلد غريبة؟ - ابنك؟ ماذا تعني بحق الجحيم .. ابنك؟ ربما تكون فتاة ... مع أنني لا أظن أن ابنة لك قد ترضى غرورك المنتفخ بنفسك. وتوقفت عن الكلام فجأة بعد أن لاحظت المسار الذي انقلب إليه الحديث وصاحت منتحبة: - أوه ... يا إلهي لا أصدق ما يحدث ... لابد أنني مجنونة بقدر ما أنت مجنون أنني أتناقش معك حول جنس طفل لا وجود له بعد. - إلى أن ينخفض مستوى النهر سنكون قد عرفنا بوجود طفلنا أم لا على التأكيد. وأحست بالرعدة تعتمر كل جوارحها.. طفلنا.. يا إلهي منذ ثلاث أيام لم أكن أعرف بوجود هذا الرجل، والآن، ربما نكون قد تسببنا بتكوين كائن بشري آخر... فيما بيننا. لابد أن يكون هناك وسيلة أخرى غير النهر للخروج من هنا لقد قرأت مرة أن هذه المجاهل لها اسم آخر، الجحيم الأخضر، ولكن هناك أنواع أخرى من الجحيم قد تكون أسوأ منها، وهي مستعدة أن تخاطر بشق طريقها عبر الغابات بسكين صغيرة بدل الاستسلام لما يقترحه عليها. كل ما تحتاجه، هو أربعة دوالب فوقها محرك، وعندها يمكن لها أن تهرب ولو تبعت مجرى النهر، فعاجلا أم آجلا سوف تصل إلى سانتياغو ديلاستيرو. ولكن كذلك سيفعل خوليو دي لاكروزا في اللحاق بها . . فقد أوضح نواياه ومن المستحيل أن يتركها تذهب . . . وسانتياغو ديلاستيرو ستكون أول مكان يبحث فيه عنها. لقد ذكر أن هناك إرسالية في (( سالتا )) وهذا يعني تدين منتظم واستقرار، ورموز أخلاقية ثابتة . . فإذا ذهبت إلى هناك وطلبت الحماية والملاذ، فلا يمكن أن يرفضوا طلبها. ولكن هذا مجرد غباء . . وعليها أن تكون متكتمة، وأن تتظاهر بالقبول، وفي نفس الوقت تكون مستعدة لأي إمكانية في الهرب. وقطع صوته حبل أفكارها: - لم أنت صامتة هكذا؟ - كن شاكرا أنني لم أصب بالهستيريا. نعومة تدريجية معه هي أفضل تصرف تقوم به، على كل قد يرضى هذا غروره الرجولي وقد يدفعه إلى التخفيف من حذره. ولكن كم ليلة مثل الليلة السابقة، قد تضطر للتحمل؟ وأحست بمعدتها تتقلص . . وظهر على وجهه الألم والتجهم فجأة، فقال: - لن تكوني الوحيدة التي تقاسي . . لقد قررت منذ زمن طويل أن لا مكان للزواج في حياتي. - ولماذا لا تترك الأمر هكذا إذن؟ فلست بحاجة لأن تفعل شيئا . . . وأعدك . . . أرجعني إلى حيث كنت وسأكون سعيدة بأن أختفي . . . - لقد أوضحت لك . . هذا أمر مستحيل، وضعنا هو مثل الانحراف الأرضي . . صخرة واحدة تنزلق من مكانها، ويبدا الانحراف ويخرج عن السيطرة . . وشكرا لمارغريتا، انحرافنا توقف لحظة بدئه. - وهل لخادمة كل هذا النفوذ عليك؟ - أجل . . في وقت هي جزء من حياتي منذ ولادتي. لقد عينتها والدتي المربية لي. وعندما لم أعد بحاجة إلى مربية أصبحت جاسوسة أمي علي ويمكن أن تقول لها كل شئ. وبدت الدهشة عليها: - وهل أمك لا زالت حية؟ - ولم لا؟ - لأن هذا المنزل . . والطريقة التي تعيش فيها . . بالكاد تتوافق مع متطلبات الحياة العائلية العادية . . لقد ظننتط وحيدا في هذه الدنيا. - إنني أعيش وكأنني وحيد ولكن بالإضافة إلى أمي لدي شقيقة . . . وشقيق أكبر مني. - ألا تراهم؟ - ليس في أوقات متقاربة. من الواضح أن هناك سر غامض هنا . . وتحركت بقلق . . أضف إلى أن خوليو قد يكون الابن الضال في عائلته، ويعيش في هذا العزل بناء لرغبة عامة. وكم هذه صورة متكاملة لزوج . . وتحركت بقلق . . ولكي تنزعج أكثر ، انزلقت المنشفة لتكشف عن صدرها فأسرعت لرفعها . . فدفع كرسيه إلى الوراء ووقف، فأحست بالانقباض فقد ظنت أنه سيتقدم من الفراش لكنه قال: - سأتركك الآن، وفكري بما قلته لك. وربما تبلغين مارغريتا متى كنت مستعدة لتنقل أغراضي . . فهي لا تريد إزعاجك .. - نقل أغراضك؟ لست أفهم. - كزوجة مستقبلية لي، يجب أن تلاقي كل احترام وهذا أمر محتم . . لذا . . وحتى يوم الزفاف . . سأشغل غرفة أخرى بعيدا عنك. - هذا أمر جدير بالثناء ةلكن أليس متأخرا جدا. - ليس من وجهة نظر عائلتي، أو من يعملون لنا فلماذا نتسبب بإساءة لا لزوم لها؟ وقالت بمرارة: - فعلا . . لماذا؟ - إلى جانب ذلك أنا لن أخدع نفسي بأنك قد تكوني مشتاقة لمشاركتي الفراش مرة أخرى. - فعلا . . وصدقني. وإذا كانت الخادمات ستنقلن ثيابك فبإمكانهن إعادة ثيابي في نفس الوقت. - أتعني تلك الثياب البالية التي وصلت بها؟ أشك في أن تكون موجودة بعد. - أتعني أنهم تخلصوا منها؟ يا إلهي . . لا أصدق . . . - ولم لا؟ بم تكن ثيابا أنيقة ولا حتى مناسبة وإلى أن أستطيع تدبير الأمر بإمكانك الاستمرار بالاختيار من هذه الثياب. - لن أفعل . . . - إذن . . أبقي كما أنت. وضحك بمرح، وبمعنى، وهو يسمح لنفسه بالتحديق بما انكشف من مفاتنها وهي تعيد لف المنشفة حول جسدها وتابع: - على كل . . لبست أم بقيت عارية، فأنت لن تذهبي إلى أي مكان. وقررت أن تفكر، غصبا عنها بالملابس التي في الخزانة ... وكأنها ملابس المسرح .. شئ مضطرة أن ترتديه لتمثيل دور عليها أن تقوم بتمثيله، ولكن عليها أن تجد شيئا أكثر ملائمة إذا كانت ستهرب ... حذاء قوي مثلا، فهذا من الضروريات، وتقلص جسدها وهي تفكر بكل الدواب الزاحفة التي تختفي تحت الأعشاب الملتصقة بالأرض،الحشرات، العناكب .. الxxxxب التي قد تجلب عضتها الموت خلال ساعات. حتى أنها لم تحاول التفكير بالأفاعي. أوه يا إلهي؛ لماذا أتيت أصلا إلى هنا. وما أن خرجت من غرفة النوم للطعام. وكانت رائحة القهوة تعبق في الجو، كذلك رائحة الخبز المخبوز طازجا. وشاهدت باتريسيا طبقا من الأناناس المقطع والمانجو. ولم تكن تشعر بالجوع، ولكن لعابها سال في فمها لهذا المنظر. ووجدت نفسها تهاجم الطعام وكأن هذه آخر وجبة ستتناولها وصبت مارغريتا لها القهوة. وبقيت معها تدفعها لالتهام آخر قطعة خبز مع الزبدة. وكأنما مارغريتا تذكرت فجأة أيام كانت مربية، ورأت في باتريسيا تكليفا جديدا لها. وعندما انتهت من الطعام، رافقتها مارغريتا في جولة حول المنزل، ومع أنها لم تفهم سوى القليل مما قالته مارغريتا إلا أنها أوضحت بما لا يقبل الشك أنها تتمنى لها المستقبل الطيب. وبدا واضحا أنها لن تترك لوحدها وتساءلت بقلق مع نفسها ما إذا كانت مارغريتا تصرف من تلقاء نفسها أم بناء على تعليمات من خوليو. ربما يكون خطيبها غير المرغوب فيه يشك في نيتها الاستجابة لمخططات المستقبل. إحدى الغرف .... كانت مكتبا وأدخلتها مارغريتا إليها بفخر .. وحدقت باتريسيا حولها إلى الخرائط على الجدار، وإلى رفوف الملفات الفولاذية اللامعة، وتساءلت ماذا يعني كل هذا؟... وماذا يعمل خوليو دي لاكروزا بالضبط كوسيلة للحياة غفي هذه الزاوية المجهولة من العالم. السكر ... لقد ذكر شيئا من هذا، وعن مزارع قصب السكر قبل أن تهبط هذه الصناعة. وربما يكون جهاز الإرسال موجود هنا أيضا ... ليس أنه قد يفيدها بشئ، فحتى لو عرفت كيف تستخدمه، فهل هناك أمل ضئيل في أن يستجيب لها أحد. ماعدا شخص واحد .. دايفد دودج .. فآخر ما سمع عنه أنه في منطقة (( سالتا )) الجبلية وقد تكون الإرسالية هناك قد سمعت به أو تعرف مكان وجوده، فإذا كان الأمر كذلك.. فمن المؤكد أن يساعدها كمواطنة أميركية له واقعة في مشكلة .. وخاصة عندما تخبره عن عمته.. أنها قشة أمل هشة، ولكنها تمسكت بها .. فهي لا تملك غيرها. وانتهت الجولة وأوصلتها مارغريتا إلى غرفة الجلوس القديمة الطراز، حيث كان بانتظارهما صينية قهوة أخرى تحمل فنجانين يبدو أن (( الباترون )) سيحضر.. وأحست بعقدة تلتوي في معدتها. ووضعت يدها على معدتها .. فحتى تستطيع أن تكون واثقة من أن هذا الحلم الردئ قد انتهى ولن ينقلب إلى حقيقة أسوأ منه، فسيستمر هذا العذاب وهذا الألم وتنهدت بصمت ومددت يدها إلى إبريق القهوة، وجمدت يدها وهي ترفعه بعد أن أحست أنها لم تعد لوحدها في الغرفة ورفعت رأسها لتراه واقفا عند البابن ينظر إليها وعلى وجهه نظرة تجهم وكأن فكرة غير سارة مرت في ذهنه. إنه لا يرغب أكثر مما تفعل في هذا الزواج، لأن يقضي ما تبقى من حياته مع غريبة كاملة عنه ولأن يعود إلى بيته ليراها ترتاح في غرفة جلوسه .. على كل الأحوال... حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة هو ثمن مرتفع جدا يدفعه ثمن ساعة أو ما يقاربها من التسلية والرغبة، وخاصة أنها ليست جميلة جدا. وقطع الغرفة بخطوات مرتاحة واسعة وجلس قبالتها، وأخذ الفنجان الذي قدمته له. - هل أمضيت الصباح سعيدة؟ - أجل... شكرا لك... لقد أرتني مارغريتا المنزل، لقد كانت لطية معي. - ما رأيك به؟ - إنه جميل مؤثر. هذا ما تبادر إلى ذهنها... لكن لم تعرف لما قالت له: - لقد وجدته مظلما متجهما. وأقفل حاجباه إلى بعضهما: - لقد كان ملك عائلتي.... - أجل... لقد أخبرتني هذا من قبل وأنا أحب الشعور بالتقاليد، لقد تعلمت أهمية الروابط مع الماضي من السيدات العجائز ولكن هنا الأمر مبالغ فيه وقد يكون المنزل جميلا ولكنه غير مؤثر وقابض للنفس وليس هذا عائد فقط لما يحيط به... ولكنه يبدو وكأنه مهجور أو شئ ما... لا أحد يهتم به. - لم يهتم أحد به لمدة طويلة، ولقد تعجبت عندما وجدته ولم يلتهمه النمل الأبيض عندما وصلت إلى هنا. - ولماذا أتيت إلى هنا؟ - كي أزرع قصب السكر كي أعيد بناء معمل التكرير لأجل من لا يزال يعتني بزراعة القصب ولكي أعوض عن الدمار الذي يحصل في الغابات في أمكنة أخرى، ولأعيد توازن الطبيعة... أليس هذا ما يسعى العالم إليه؟ - إنه أمر مهم بالطبع... ولكن هل هذا ما اردته أنت؟ - ولماذا هذا السؤال؟ - لأنني ظننت أنك ستعطينني سببا آخر لوجودك هنا.... ثم غيرت رأيك. فابتسم. - أنت دقيقة الملاحظة باتروسا. - لقد أمضيت الكثير من حياتي أصغي لما يقوله الناس. - إشرحي لي هذا أرجوك؟ - السيدات العجائز اللواتي اعتنيت بهن... السيدة أغنيس مثلا كانت تشتكي من ألم محدد ةتخشى سؤال الأطباء حتى لا تعرف أن هناك شيئا خطيرا. ثم السيدة برغنر التي كانت تروي لي دائما عن نجاح ابنها وتريني صور منزله الفخم وزوجته الجميلة لتخفي واقع إنه لا يزورها بالمرة.... وهناك الكثير أرويه لك من أمثال هذه... الوحدة. - ومع ذلك فمن الجيد أحيانا أن يكون المرء لوحده. - أوه... هذا أمر مختلف تماما، فهذا ما تختاره بنفسك... تعزل نفسك أحيانا لتتمكن من التفكير الجدي حول حياتك... ومن أنت، وإلى أين أنت سائر... وأنا أحب ذلك. - ومع ذلك لابد أنك أحسست بالوحدة؟ - مثل أي انسانة... كما أعتقد. فابتسم: - وهذا أيضا ليس ما قصدت قوله، من هم السيدات العجائز اللواتي تكلمت عنهن؟ - هن زبائني... فأنا أعمل لمؤسسة الرعاية الصحية والاجتماعية. اشتري أغراضهن، أعتني بصحتهنز أذكرهن بدفع فواتيرهن. وأحيانا أخرج معهن في نزهات ،أرافقهن بشكل عام. وحدق بها خوليو دي لاكروز باهتمام: - وهكذا أمضيت كل حياتك؟ - ولم لا؟ - لا سبب يمنع... في الواقع هذا يفسر لي الكثير. ماعدا لماذا اخترت المجئ إلى هنا من بين كل الأمكنة في العالم؟ - النساء يسافرن لوحدهن في هذه الأيام... وأنت مثلا لم توفر مرافقا لجولي باترسون. - جولي كانت قادرة على الاعتناء بنفسها.. وهي تعمل لشركة سفريات ناجحة بأسبانيا، وتتحدث الأسبانية بطلاقة، أنت تدفعيني للظن بأنك جئت متوقعة أن أنام معك. - هذا غير صحيح. ووضعت الفنجان بعنف على الطاولة، فانسكبت القهوة على الصحن وتابعت: - كيف تجرؤ حتى على ذكر...؟ - إذن لماذا وافقت عندما قلت لك أنني سأراك فيما بعد؟ - أهذا ما عنيت؟ أوه يا إلهي!... لم أدرك ساعتها... - ألا تتكلمين ولو قليلا من الأسبانية أيتها الغبية؟ - لدي كتيب للجمل... وتدبرت أمري جيدا بواسطته، حتى يوم أمس. - يوم أمس كان نقطة تحول في حياتنا معا... حدثيني عن الرجل الذي جئت تبحثين عنه. لن تفعل هذا، وخاصة إذا كان دايفيد دودج في الجوار، وبإمكانه مساعدتها. - أظن أن هذا من شأني. وسحب نفسا من سيجارته: - ولكنه أصبح من شأني بعد أن توضح لي أنه ليس عشيقك. - ربما لم تتح لنا الفرصة... - وسيبقى الأمر هكذا فزوجتي لا تفتش عن رجل آخر. مهما كانت علاقتهما بريئة. وردت عليه من بين أسنانها: - ولكنني لست زوجتك. - ليس بعد... ولكننا أخذنا فرصتنا. - فرصتنا؟ منذ أربع وعشرين ساعة لم تكن تدري حتى بوجودي. - وهل تنظرين إلى الأمر بصعوبة... سوف يكون لنا الوقت الكافي لنتعرف بشكل أفضل قبل أن يصل الكاهن، أعدك بهذا. - لست أرى في هذا أي طمأنينة لي. - كم هذا مؤسف. وتقدم منها ليمسك بيدها ويجذبها لتقف: - قولي لمارغريتا أن تحضر لك ثوبا غير هذا للعشاء الليلة.. فهذا الثوب يزعجني. وردت عليه بوحشية: - (( كي بينا )) ياللأسف... هل لديك أوامر أخرى تصدرها لي؟ - ربما أن تبتسمي قليلا لي عند عودتي، وهذا.... وجذبها نحوه بسرعة فاجأتها فلم تقاوم... وقبلها قبلة دافئة لم تترك لها مجالا للمقاومة. وعندما انتهت القبلة، وقفت جامدة بين ذراعيه مدوخة ومقطوعة الأنفاس وجسدها كله يرتجف من الامتعاض. وقالت له بصوت أجش، وقد أخفضت نظرها: - لقد وعدتني.... - وسألتزم بوعدي... كانت مجرد قبلة باتروسا. لتذكيرك أنك من الآن وصاعدا يحب أن لا تفكري برجل آخر... أنا فقط... هل فهمت؟ - أجل. - أرجو هذا. أتي لوغو ( إلى اللقاء ) يا حبيبتي.... وراقبته وهو يخرج، ثم جلست ثانية على الصوفا لأن ساقاها لم تعودا تحملانها. وكان فمها يحترق، وصدرها يعلو ويهبط، وأحست بهشاشتها وكأنها لا تزال ملتصقة بصدره. (( يجب أن لا تفكري برجل... أنا فقط )) وأخذت الكلمات تعود وترجع صداها في فكرها. وأحست برجفة فجائية، فلفت ذراعيها حول صدرها وكأنها تحمي نفسها. فقد بدت لها هذه الأمور، سهلة جدا، خطرة جدا، مهلكة، أن تتبعها. أوه... يا إلهي العزيز... ماذا يحدث لي؟
نهاية الفصل الرابع
الفصل الخامس
الباحثون عن الذهب هطل المطر بغزارة تلك الليلة . وبقيت باتريسيا مستيقظة ومتوترة وهى تستمع الى وقع المطر العاصف على السطح واخذت تفكر بالمطر الان كنعمة بدل ان يكون لعنة . فطالما ينهمر ... سيبعد هذا الكاهن عن المجئ الى هنا ... وكما وجدت صعوبة ليلة امس ان تبتعد من بين ذراعيه . وجدت الان صعوبة فى ان تتخلص من ذكرايتها . ولكنها مضطرة لان تنسى . فلا مستقبل لها هنا فى الادغال المتوحشة مع غريب. وحدقت فى الظلام .. حسنا .. قد يناسبه المقام هنا ، ولكن ليست انا . ولن تستطيع الانتظار الى ان تتمكن من الخروج من هنا ، لتعود الى واقعها . وكل ما عليها .. ان تجد طريقة . فكرة واحدة أبرزت نفسها وهى ان تقنعه باخذها معه الى حقول القصب حيث تتم عملية الحصاد. ولهذا فقد حاولت ان تظهر الاهتمام بما يرويه عن مزارعه. وكانت زيارتها للمزارع مثيرة . فعلى الرغم من ان بين يديه مهمة صعبة فى الادغال .. الا ان ما يثير الرضى انه يمتلك مثل هذا الاهتمام والعطف على البيئة ، وبدا لها شخصية أكثر تعقيدا مما تصورت فى البداية ، ولن تستطيع نسيانه بسهولة . وبتصميم ، أعادت اهتمامها لخطتها .. فعليها ان تحمله الثقة بها بما يكفى للسماح لها بالذهاب والمجئ تكرارا دون ريبة . وهذه مشكلة ، لان خوليو دى لاكروزا ، ليس بالغبى ولن يقتنع بتظاهر فجائى بالاستسلام . اليوم التالى كان يوما جافا وحارا ، طقس للبرغش ، فاضطرت لان تبتلع حبوبا مضادة للملاريا ، ولدهشتها كان على المائدة فى غرفة الطعام عندما دخلت اليها . والرجل الصغير السمين يقف قربه يتحدث اليه ، وعرفت بانه أحد الرجلين الذين اتيا بها . فسألته وهى تجلس ، وتمد يدها الى وعاء القهوة - هل تخططان لاختطاف أخر ؟؟ - أسف لان مزاحك ضائع مع بيدرو .. والوضع الذى نتكلم عنه لا يثير الضحك أيضا .. فبعض الحراس أبلغونا أنهم شاهدو " غاريمبيروز " فى الجوار . الكثير منهم مجرمون . ويسعون الى تهريب ما يجدونه خارج البلاد . ومعهم جوازات سفر مزورة من التشيلى والبيرو وهم عادة مسلحون وخطرون . واذا كانوا ينشطون فى محيطنا فمن حق المزارعين أن يخافوا . - وماذا تفعلون حول هؤلاء الناس ؟ اتنظمون حملة " صيد بشر " ضدهم . - لا .. لا افعل هذا مثلما لا أجرؤ على ركل أفعى نائمة .. فنحن ننظم دوريات ، وندعهم يعرفون أننا شاهدناهم ، فيحذروا من أن يتقدموا نحونا .. وحياتهم فى الادغال دون طعام أو دواء ملائم ، العديد منهم لا يعيش ، وأحيانا الغابة تدفعهم للجنون ، وغالباما يقتلون بعضهم بعضا. فتجهم وجه باتريسيا : - هذا فظيع .. ألا يمكن فعل شئ حيال هذا ؟ - كم تبسطين الامور .. لقد أتيت من بلاد أمنة وفى ظنك أن بالامكان تطبيق الحدود على غابات الامطار هذه ." الجحيم الاخضر " .. هل تتصورين أن بامكانك حراسة الجحيم كما يجرى فى بلدتك الصغيرة ؟؟ - اذا كنت تنظر الى المكان كالجحيم فلماذا تعيش به ؟؟ - هناك اماكن أسوء من هنا .. ثم لدى عمل أقوم به هنا . ووقف خوليو معتذرا وتبعه بيدرو .. وعلى وجه الاثنين علامات التجهم . وتابعت طعامها ، لابد أن هؤلاء " الغارانبيروز " مصدر ازعاج حقيقى لهم . وخرجت من غرفة الطعام تبحث عنه . ووجدته فى المكتب ، وما أن أطلعت من الباب حتى شاهدته يحشو مسدسا بالرصاص وهذا امر لم تشاهده من قبل الا فى الافلام أو على التليفزيون ، ولكن مشاهدته فى الواقع ليس له اللمعان الذى فى الشاشة ، فهو يحمل معنى التهديد والشر المشؤوم . واستدار اليها مبتسما ، ولكن ابتسامته اختفت بعد ان لاحظ تعابير وجهها : - هل هناك شيئا خاطئ ؟؟ - هل ستستعمل هذه حقا ؟؟ - أجل .. اذا اضطررت .. ألا توافقين ؟؟ - حسنا ، بالطبع لا أوافق ، فأنا أكره أى نوع من العنف - وهل تظنين أنك لوحدك تكرهين العنف ؟ ولكن هناك مواقف لا تعود المثاليات تنفع فيها .. وعلى الولقع أن يتقدم . صدقينى باتريسيا ، أنا أدافع عن نفسى وعن ممتلكاتى . فلن ياخد أحد منى ما لست مستعدا لاعطيه . - تبدو وكانك محاصر . - بعض الاحيان أشعر هكذا . فكل يوم هناك معركة مع البيئة كى أحمى مزارعى من الحشرات والامراض .. ولاحمى عمالى ضد الامراض والموت .. وهناك ضوارى مفترسة فى كل مكان ، وأسوءها الجنس البشرى ... ولكننى واثق أنك لم تفشى عنى لمجرد مناقشة الشر والعنف . وعضت على شفتيها :.... - لا .... لقد أتيت لاسالك كيف تتوقع أن أشغل أوقات فراغى هنا فأنت وراءك المزرعة ومارغريتا والخدم عليهم الاعتناء بالمنزل . أما انا فلا شئ أعمله ... وسأضجر ... - وهل يضجرك أن تراقبى سير العمل فى منزلى ؟؟ - لم أكن أعلم أن هذا ما يفترض بى أن أفعل .. فبعيد عن حاجز اللغة ، فالعناية بمنزلك تبدو ممتازة دون أن أتدخا . - مارغريتا جوهرة .. ولكن حتى تتعلمى القليل من الاسبانية ، سأزودك بمترجم ، فأبن أخ مارغريتا أماندو يتكلم بعض الانجليزية ، وسأطلب منه القدوم لنجدتك . - هذا سيساعد لكن النهار طويل .. فصمت للحظات ثم قال : - لقد جئت ببعض الكتب معى من الخارج .. وبعضها انجليزى .. وسوف أطلب وضعها على حدة .. ولكن ألا تخيطين ؟؟ أمى تقول أن هناك أشياء للتصليح . فردت بمرارة:.. - أعلم أن هذه قيود زمنية لى ... وماذا بعد ؟؟ - باستطاعتك أن تعتنى بنفسك .. اجعلى نفسك جميلة لعودتى الى المنزل الليلة. وأرسلت الفكرة لون الخجل الى وجنتيها والتوتر الى صوتها : - أخشى الا يكون هذا من عادتى . - ألا ترين حاجة لأن تزينين نفسك لرجلك ؟ - بصراحة ..... لا - هذا مؤسف ... ولكنك ستتعلمين .. وسيكون من دواعى سرورى أن أعلمك . - لا تعتمد على هذا . واستدارت بحدة على عقبيها . وخرجت ، وهى تسمع ضحكته خلفها . وذهبت الى غرفة النوم وصفقت الباب ورائها .. ووجدت انها ترتجف ،، وهذا ما أزعجها أكثر .. عندما أرتها مارغريتا المنزل ، لاحظت وجود غرفة للخياطة ، وأكوام من القماش القطنى المطبع بالالوان الزاهية . وهى تعرف تماما مقياسها وصنعت بعض الملابس لها من قبل ومن المؤكد ان تستطيع بعض الاساسيات البسيطة ، العلمية ولكن غير الفاتنة. واختارت قماشا اصفر جميل ، ومدته على الارض ، ثم صنعت " باترون " للموديل الذى ترغب فيه وأخذت تقطع القماش بالمقص وهى تصر على اسنانها ، واستغرقت فى عملها الى أن سمعت دقا على الباب وأطلعت مارغريتا برأسها - أى ...... سنيوريتا !! فنظرت اليها متحدية :.. - هل هناك شئ ؟؟ فتنهدت مارغريتا وأشارت اليها أن أماندو قد وصل ، وتبعتها الى غرفة المكتبة ، خزانة خشبية كبيرة كانت تقف قرب الحائط ، والى جانبه صبى فى حوالى السادسة عشر . يدير قبعته بحياء بين أصابعه ، وقال محييا : - بوم ديا سنيورا ( مرحبا سيدتى ) الباترون أرسلنى لاتكلم عنك . - أنا شاكرة لك أماندو ، ربما يمكنك تعليمى بعض الاسبانية . هل يمكن أن تطلب من عمتك أن تأتى لى بماكينة الخياطة ؟؟ وبدت مارغريتا غير مسرورة من الطلب فقد كان من سعادتها أن تصلح الثياب للسنيوريتا كما قال أماندو ، - على السنيوريتا أن لا تزعج بمثل هذه الامور ومع هذا القماش الرخيص وردت باتريسيا عليها عن طريق أماندو انها تفضل موديلاتها الخاصة ، وأطاعت مارغريتا وهى تحتج.. وأخذت باتريسيا تفتش بين الكتب .. ولدهشتها وجدت كتبا لكتاب كلسيلكيين بالانجليزية ، أمثال ديكنز وهارى اضافة الى مجموعة من المؤلفات الحديثة ، لم تكن قد قرأت أى منها. وكان هناك بعض رفوف فارغة فى نهاية الغرفة ، فرتبت بعض الكتب عليها وابقت كتابا لتقرأه . وساعدها أماندو .. لغته الانجليزية كانت بدائية جدا ، ولكن بدرجة معينة من التصميم وأراءه الطيبة وجدت باتريسيا التخاطب بشكل معقول . وأكتشفت أن اله الخياطة هى اله يدوية قديمة ، فوضعت الخيوط بها وبدأت بالخياطة ، وهى تتبادل الحديث مع أماندو نبأ ايجاده عروسا وقرب زواجه كان قد انتشر فى كل المنطقة وكانه النار فى الهشيم .. وكل المقاطعة تستعد للاحتفال بالزفاف وأضاف أماندو وهو يبتسم .. وأحست باتريسيا بحرارة الخجل . وكانت تحاول تقرير طول فستانها عندما دخلت مارغريتا عاصفة الى الغرفة وبعد قليل أعاد أماندو ما كانت تقوله - وجدوا رجلا فى الغابة ... ومجروح بشكل سئ ،، مريض جدا .. ربما يموت .. ويقول البارون أن نحضر له فراشا. - هل هو أحد العمال ؟؟ - لا ..... غريب . - أوه ...... أحد " الغارانبيروز " ربما ؟؟ - ناو سنيوريتا ... سنيور دون خوليو لا ياتى به هنا ، على كل ... سأحميك . وانتفخ صدره .. فابتسمت باتريسيا ، وقالت بلطف - شكرا لك أماندو .. هذا ما يطمئننى . وأسرعت وراء مارغريتا تساعدها ، وكانت على وشك الانتهاء من ملس الغطاء الابيض عندما دخل خوليو الغرفة والمريض محمول خلفه على نقالة . - مريض جدا ويمكن أن يموت . لا يستطيع أحد الجدال فى هذا القول .. واحست برعب ممزوج بضعف وهى تراقب نقل الرجل من المحفة الى السرير وكان نحيلا الى درجة الهزال ، وقذرا ، وجرحه البشع ينز بالدم المتقيح عبر شعره المتلبد فى جانب راسه . وثيابه الممزقة تكشف عن تورمات فى زراعيه وساقيه . وهى تتقدم منه لتنظر عن قرب اليه ، أمسكها خوليو من زراعها وقال أمرا : - ارجعى الى الوراء ....... فلديه حمى . فسالته وهى ترتجف : - هل سيكون بخير ؟؟ - ربما .. اذهبى الان لا يمكنك فعل شئ هنا .. يجب أن أعرف نوع الحمى ونوع الاصابات . - وهل ستعالجه ؟ ولكنك لست طبيبا .. - أقرب طبيب هو فى سالتا .. مثل أقرب كاهن . وانا " الباترون " هنا وأعتنى بكل شئ اذهبى الان ارجوك وأطاعته على مضض ... واستدارت لتنصرف وهى تنظر نظرة أخيرة ، وهى تفعل تحرك الرجل وتمتم بشئ . وللحظة وقفت باتريسيا جامدة تماما ، تتسائل ما اذا كان أحد غيرها قد سمع ما قال ، ولكن هذا مستحيل فخوليو كان يغسل يديه وأماندو يقف عند الباب ، بعيدا عن السمع . لذا كانت الوحيدة التى سمعت الرجل يتمتم " الانزال " وخرجت من الغرفة وأغلقت الباب وراءها . واستندت اليه - انه أمريكى أو انجليزى ..... يا الهى . واغمضت عينيها محاولة تذكر صورة دايفددودج ، وما اذا كانت تحمل أى تشابه مع بقايا الانسان المستلقى فى الغرفة ، انه تقريبا بنفس الطول ، وشعره يمكن أن يكون أشقر تحت كل هذا القذر والشحم - يا الهى لا يمكن أن يكون هو ،، لقد كنت معتمدة عليه للهروب ..... وهزت كتفيها وتابعت سيرها على مضض الى غرفة الخياطة .... وكانت على وشك انهاء خياطة الفستان عندما دخل خوليو وجلس متعبا على الكرسى المقابل لها ... فسألته بقلق ظاهر - كيف ....... كيف هو ؟؟ - انه بين يدى ربه ، انه فى غيبوب’ . - اذن لا فكرة لديك عمن هو ... وكيف وصل الى هذه الحالة ؟؟ - لدى عدة افكار ،، وعندما يستعيد وعيه سوف أطرح عليه بعض الاسئلة . - اذا تظن أنه سيتحسن ؟؟ - لقد حصل على أفضل معالجة منى .. ومارغريتا ممرضة قادرة . - بامكانى مساعدتها .. - أشك فى أن تسمح لك . - ولكننى راضية . - ربما ، ولكن ما يهمها انك امرأة غير متزوجة وستصدم اذا رأتك تعتنين برجل غريب .. وانا أفضل أيضا أن تبقى بعيدة . - قد تكون السيد الامر هنا .. والجميع يقفز لخدمتك ،، ولكننى لا أخذ الاوامر منك فانت لا تملكنى .. - لم أملكك بعد .. ولكنها مسالة وقت قبل أن تقسمى على طاعتى لذا لماذا لا تتحضرى لهذا الامر بتعلم احترام رغباتى ؟؟ - لاننى أقسمت من قبل ..... أقسمت أن لا أدع أحد يتسلط على ابدا وتحركت عضله عند زاوية فمه وقال بصوت هائ وخطر : - احفظى لسانك باتريسيا . - لماذا ؟؟ ماذا تستطيع فعله لى ولم تفعله بعد ؟؟ - أنصحك بان لا تريدى المعرفة . - أتهددنى ؟ لقد هددتنى بأسوء ما يمكن أن يحدث ... الزواج منك ، واعتقد أنك لم تستطيع ايجاد أى فتاة تقبل بك طوعا . ولم تقع فى الحب رأسا على عقب لتطلب يد أحد .. لا .... كان عليك أن تختطفنى ، وتجبرنى على أن أقبل بك بدل طلب فدية.. حسنا دعنى أقول لك .. أفضل دفع فدية أيا كانت ولا أ، أتزوجك . - هذا أمر مؤسف لكلينا ولكنه لا يغير شئ يا باتروسا . مرة أحببت فتاة ، بكل ما استطيع وضعت حياتى تحت قدميها .. حياة ال لاكروزا . - ورفضت كل هذا ؟؟ انه قصر نظر أن لا تريد أن تكون واحدة من ال دى لاكروزا. فرد عليها ببرود :..... - ليس بالضبط يا عزيزتى .. لقد تزوجت شقيقى بدلا منى . ولهذا سوف أتاكد من عدم حصول نفس الغلطة مرة أخرى . وبينما جلست باتريسيا بصمت مطبق ، مذهول ، انحنى لها محييا ، وغادر الغرفة.
انتهى الفصل
الفصل السادس
كـــــل الــــمشـــاعـــــــر جلست باتريسيا لفترة طويلة ، تحدق امامها ساهمة ، وكلمات خوليو تدور فى رأسها . فمهما كانت تتوقع أن تسمع منه .، لم يكن ما قاله فى الحسبان .. وتذكرت كيف انه عندما ذكر اخاه ، تغيرت ملامحه ..... وبشكل غريب. هل دفعه هجران تلك الفتاة له الى هذه العزلة النائية والمحيط الخطر ؟ اذا كان كذلك ، فلابد أنه احبها كثيرا .. وفى نفس الوقت عليها ان تبقى فى ذهنها ، أن خوليو وعلى الرغم من تجربته المريرة مع حبه الضائع وتمنعه من التورط الجدى مع أيه امرأة ، الا أن هذا لم يجبره على البقاء دون نساء - هيا !! توقفى عن هذا التفكير !! ففى لحظات قادمة ستبدأين بالاسى عليه ، وأنت بحاجة الى كل مشاعر العطف لنفسك ... فأنت من سيتزوجه .. مع علمك انه لا يهتم البته فيك !! ورمت الفستان الذى كانت تخيطة على ذراع الصوفا انه الان بحاجة الى تمليس ، وستطلب من اماندو أن يعطيه للخادمات ليكوينه . عليه ان تختار المزيد من القماش لتخيط فستانا أخر ، ولكنها أحست فجأة . بفقدانها لحماستها . على كل .. لابد أن الوقت قد حان للغداء .. وقررت أن تذهب رأسا الى " صالا دو جانتار " أى غرفة الطعام . ولكن ما خرجت الى الممر ، حتى شاهدت مارغريتا تخرج من غرفة المريض تحمل صينية عليها أطباق وملعقة .. وما أن اختفت حتى سارعت باتريسيا لتلقى نظرة عبر الباب المفتوح ... وكانت الغرفة فارغة ما عدا الجسد المسجى فوق السرير ، يشخر. وتقدمت باتريسيا بصمت نحوه ، ووقفت تنظر اليه .. فتحرك وتمتم ولكن هذه المرة لم تفهم كلماته أو تخمن بأية لغة يتكلم ، ولم تستطع ايضا أن تعرف ما اذا كان هذا الوجه الذى طالت لحيته هو لدافيد دودج أم لا . ومرت الايام التالية بسرعة ، ووجدت باتريسيا بذهول أن حياتها قد بدات تتعود على نوع محدد من الرتابة ، وبمساعدة أماندو تمكنت أن تلعب دورا مهما فى أدارة البيت ، فمارغريتا كانت مشغولة تماما فى رعاية المريض ، ولذا كانت ايزابيلا ، الطباخة تجيئ الى باتريسيا لتقرر لها وجبات كل يوم وتتلقى التعليمات منها للخدم . وبسقوط أول خط دفاع لها وجدت نفسها تتمتع ، تقريبا ، بمشاركتها بحياة المنزل .. فالاعمال المنزلية هو ما تفهمة ، وأثارها أن ترى كيف أن الامور هنا تجرى على الرغم من عزلة المكان. وعلى الرغم من اللحوم المصطادة من الغابة ، فان معظم التموين كان ياتى من " سالتا " وفى المنزل سقيفة مبردة يخزن فيها اللحوم والمواد الغذائية الاخرى القابلة للتلف .. أما الكهرباء فتأتى من مولد كهربائى ... وعلى الرغم من وجود تيار فى المنزل ، الا انها لا تستخدم كثيرا فيه . فالقناديل الزيتية توفر معظم الانارة ، والحطب يستخدم كوقود للطبخ ولتسخين الوعاء النحاسى العملاق ، حيث تغسل كل الشراشف البيضاء والثياب . وقد يبدو هذا بدائيا ، ولكنه ناجح ، ولا يبدو على أى خادمة الحنين لحياة المدينة أو الى أى من التقنيات المتمدنة . ولكن ، لن ينفعها أبدا التعود على هذه الحياة .. أو أن تستقر . فهدفها الاول لا يزال الهرب . بالنسبة لها ، وبطريقته الخاصة ، هو بالجمال والخطورة التى لاى حيوان مفترس فى قلب الغابة .. وكانت باتريسيا أحيانا فى وسط الظلام تستيقظ مذعورة لسماع صرخاتهم المخيفة الوحشية من بعيد .. وهذا ما يذكرها كم أن هذا المنزل ما هو الا أخر نقطة من مواقع الدينة فى العالم .. وكم أن الادغال تمتد حدودها قريبا جدا ، فترتعش . فتاة أكثر منها خبرة ، ولكن هى لن تستطيع ... انها تشعر ... مثل .. مثل غصن صغير عالق وسط انجراف النهر اللعين ، والتيار يدور بها ويدور دافعا أياها نحو الدمار .. وأعلن لها أماندو بعد أيام : - عمتى ممرضة جيدة ... الرجل لم يعد مريضا الان .. يريد الطعام .. يريد أن يحلق .. وخفق قلب باتريسيا . خوليو قد غادر الى عمله اليومى ، وربما تكون هذه أفضل فرصة لها لكلمة على انفرا مع الغريب .. لو استطاعت اقناع مارغريتا ... وقالت له : - هذه أخبار رائعة ... وخاصة انها تعنى أن بامكان عمتك الان العودة الى أعمالها الاخرى ، أنطونيو كان هنا ، وأظن أن زوجته على وشك الولادة ، وهو يريد المساعدة من مارغريتا .. ربما عليك ابلاغها ولم تكن تكذب تماما فأنطونيو ، مؤول العمل فى المزرعة ، لديه فعلا زوجة حامل مثقلة ، ولها تاريخ فى الحمل الفاشل ، وهو فعلا قد زار المنزل ، ولكن لسبب مختلف تماما .. وقفز أماندو واقفا : - سأذهب الان سنيوريتا . وسمعت باتريسيا صوت مارغريتا وهى تستجوب أماندو وهما متجهان الى المطبخ .. هذه فرصتك.. المريض كان يجلس فى فراشه ، يتناول الحساء ، عندما دخلت عليه ، فوضع الملعقة من يده وحدق اليها باستغراب وسالها بالاسبانية : - من أنت ؟؟ فاجابته بالانجليزية - هذا ما أريد أن أسالك ؟؟ وتقدمت الى السرير تنظر اليه متفرسة .. وأستطاعت أن تتعرف الى دايفد دودج من صور عمته ، بعد أن حلق ذقنه ومشط شعره .. مع وجود الرباط على جانب راسه .. وقلت - أنت دايفد دودج .... أليس كذلك ؟؟ وساد الصمت ،، ثم التوى فمه ببسمة اعتذار : - أخبرينى أنت ...... فلقد تلقيت نوعا من الصدمة مما يعنى أننى لا أستطيع تذكر شئ .. وليس لدى أيه فكرة عمن أكون أو عما حدث لى .. وصــــــــاحــــــــت : ... - أوه .... لا ..... لا يمكن .... أنت لا تعنى هذا ؟؟ - أخشى أن يكون هذا صحيحا .. ولكن ، هذا مهم لى ، ولا أستطيع فهم أهميته لك . - أتعلم أين أنت الان ؟؟ - لقد قيل لى .. يبدو أن هذا منزل صاحب مزارع قصب السكر ، وصاحبه من حملنى وطببنى وأعطانى الحقن فى الايام الماضية ، ولكننى عرفت أنه أر جنتينى . وواضح أنك امريكية . فهزت باتريسيا رأسها : - لهذا اريد التحدث معك .. لاتأكد .. أترى أنا محتجزة هنا ضد ارادتى . واستدار دايفد دودج فوق وسادته وقطب جبينه : - انت تخدعيننى . - لا ... أقسم لك ، يجب أن تصدقنى . لقد وصلت هنا بالصدفة .. والمالك الان " خوليو دى لاكروزا " لا يتركنى أذهب . - ولـــمـــا لا ؟ - الافضل الا اخوض فى هذا .... وعليك فقط أن تصدقنى .... كذلك واقع أنك دايفد دودج . وتناول ملعقة الحساء من أمامه ثم سألها : - وما يجعلك تعتقدين هذا ؟ - كنت أعرف ... أعرف عمتك .. وتحدثت عنك .. وأرتنى بعض صورك . - ألاحظ أنك تستخدمين صيغة الماضى . - أجل .... وأنا أسفة جدا . - وكيف تعرفتى اليها ؟ - كنت أعمل لدى مؤسسة خدمات ، وكانت احدى زبوناتى ، كانت سيدة محبوبة ، ولطيفة معى - لا شك فى كلامك ... ولكننى أخشى ، حتى ولو كانت عمتى .. فهى مجرد هوة أخرى فى ذاكرتى ولا تعنى لى شيئا . - ومع ذلك تتذكر اللغة الاسبانية . ونظر اليها بحدة : - وماذا تعنين ؟ - عندما دخلت الى هنا سألتنى من انا بتلك اللغة . - صحيح ؟ حسنا ربما كان مجرد ضوء فى الظلام . لاننى لم أفهم كلمة مما كانت تقول تلك المرأة الضخمة ، ولحسن الحظ رب البيت يتحدث الانجليزية بطلاقة ، والا لكنت فى متاهة. وأحست بخيبة الامل تهزها : - واضح أن هناك بعثة طبية فى مكان يدعى " سالتا " ويقول لاكروزا أنهم سيحضرون لى طبيبا يفحصنى ، حال أن يهبط مستوى النهر . - وهل قال لك متى تقريبا ؟ - أظن انه قال " أمانها " ولست أدرى معنى الكلمة. - انها تعنى غدا .. أو أى يوم بعد سنة أو أثنتين . وكنت أسمعها كثيرا على متن المركب .. وكنت أعتقد أنك ستغادر هنا حال أن تستعيد عافيتك . - هذا باضبط ما أريد فعله بالطبع ، ولكنهم لن يسمحوا لى وأنا مصاب بفقدان الذاكرة ، هل أنت متشوقة كثيرا للخلاص منى ؟؟ - أريد الذهاب معك . - حسنا ...... هذا يسعدنى ..... أنسة ؟؟ - بالمر ...... باتريسيا بالمر . - أوكى .... لقد تعرفنا ببعضنا ولكن هذا لا يعنى أن علينا الهرب معا . - أنا لا أعنى هذا ، كل ما أريده هو الابتعاد عن هنا ، وبامكانك مساعدتى . - فى ظروف عادية ، ربما ، ولكن حسب ما هى الامور الان وصمت ، وتحول نظره الى خلفها نحو الباب . وعلمت من تعبير وجهه ما ستشاهد عندما تستدير . وكان خوليو يقف بالب ويداه على وسطه ، يبتسم ولكن استطاعت باتريسيا أن تلاحظ الغضب الدفين على وجهه ... كم يا ترى سمع ؟ - " بوم ديا " سنيور ( نهارك سعيد ) أنا سعيد لاعلم أنك أفضل حالا .. وأرى أن " نويفا " قد عرفتك بنفسها وسأل دايفد بعجل : - " نويفا " ؟؟ لا أفهم ... - زوجتى المستقبلية .... أو أنها لم تقل لك ؟ - أظن أنها كانت على وشك قول هذا .. وأتمنى لكما السعادة ، بالطبع . فأبتسم خوليو :. - وأتمنى لك العافية بسرعة وعودة الذاكرة الكاملة . الا اذا كان الماضى غير مهم لك ، بالطبع . - ربما يكون هكذا . ولكن لسوء الحظ ليس هناك طريقة لأعرف أنه وضع لعين ، كما كنت أشرح لأنسة بالمر . - لا أصدق أنها تكون متعاطفة معك .. فباتروسا تفضل أن تمحى ماضيها القريب ..كما أظن .. والان سنتركك لترتاح . فى الخارج ، فى الممر ، جذبها لتستدير نحوه . وقال بغضب: - هل أتكلم لغتكم بهذه الرداءة ؟ وحاولت تحرير نفسها : - ماذا تعنى ؟؟ - لقد قلت أن تبتعدى عنه ، ومع ذلك وجدتك فى غرفته ، لماذا ؟ ولماذا لم تخبرينى أنك عرفت أنه أمريكى ؟ - لاننى لم أعتقد أن الامر مهم ... أم أن المشاركة فى الجنسية يشكل نوعا من القرابة السرية فى نظرك ؟ ..... من الطبيعى أن أهتم به . كما لم أقابل شخصا يعانى فقدان الذاكرة من قبل . وأنا واثقة ، لو أننى تحدثت معه عن وطننا .. مثلا .. فقد ينعش هذا ذاكرته . فرد عليه ببرود : - هذا هو وطنك الان . وأنا واثق أن ذاكرة مواطنك سوف تعود اليه دون تدخل منك .. وهذا الانذار الاخير لك باتروسا. ابتعدى عنه والا فستعانين من غضبى . فردت عليه ساخرة :.. - لقد أفزعتنى وتمتم بكلمات من بين أسنانه لم تفهمها ، ثم جذبها بين ذراعيه . - هناك طريقة واحدة فقط للتعامل معك . - أتركنى ... - أبدا لن أتركك لو انها تستطيع محو كل شئ من ذاكرتها ، وبالتالى محوه من أمام أنظارها .... ولكن لا جدوى .. مستحيل !! فحرارة جسده تلتصق بجسدها أمر لا يمكن تجاهله ، وقبلاته عميقة وحساسة ، تسحب الانفاس من رئتيها . وأحست باثارة تبعث الخجل تحت تسلط أصابعه فوق بشرتها . وأضطرت لأن تتمسك بكتفيه حتى لا تنهار الى الارض ، وأحست بجسدها كله يرتجف تحت تأثير الرغبة ، غير المتوقعة وغير المرحب بها . وهذه المرة . تأكدت من ملاحظة ما يثيره فيه دون خوف ، وأحست بجفاف فى حلقها .. وقال لها بصوت ناعم عميق : - هل ترغبين بى " كارينا " ( حبيبتى ) أفكارها أرادت أن تصرخ بجنون " نعم " اواه نعم ، اللعنة عليك وأنت تعرف هذا .. ولكن الصوت الوحيد الذى خرج من فمها كان تنهيدة صغيرة منخفضة . وأسندها خوليو الى الجدار . وأصابعه تتخلل شعرها . ليجذب رأسها اليه مرة أخرى . مهما سيطلب ... مهما سيريد منها ... ستعطيه .. لم يعد شئ فى الدنيا موجود سوى خوليو .. وهذا الوعد الغامر بالسعادة . ولم يعد أى شئ يهمهما أو يحسان بوجوده ، الا أن قطع عليهما النشوة صوت كأنه السوط : - ســـنــيـــور !! وكانت مارغريتا تقف على بضع خطوات ووجهها الاسمر مقنع بالغضب : - باستا ؟ ( مرة أخرى ) وبتنهيدة تركها خوليو ، وتراجع عنها . وارتعدت باتريسيا من الاحراج ، وتعثرت وهى تسرع نحو غرفتها بالتاكيد ، لم يعد ذلك المحترم فى عينيى مربيته .. بل شخص يقوم مرة أخرى بخيانة مفاهيم الشرف لدى عائلته . ورمت باتريسيا نفسها على السرير ، ودفنت وجهها المحترق بالدم فى الوسادة ، وهى تضربها بقبضاتها ، تشتعل بالغضب لنفسها ولضعفها . وبقيت حتى هى لما تبقى من اليوم ... وكم تمنت لو تستطيع أن تطلب العشاء الى غرفتها . ولكن كبريائها طالبه بأن تنهض ، وأن تستحم وتغير ملابسها ، كما كانت تفعل كل مساء حتى الان ، ويجب ان لا تسمح لخوليو أن يعتقد بانه تخاف من مواجهته ... لقد ارتكبت خطأ ، ولن تتكرر لحظات الضعف تللك . عندما وصلت الى " صالا دو جانتار " وجدت أن دايفد دودج هناك ، يصب لنفسه كأس شراب . وحياها قائلا : - مرحبا ... أرجو أن تغفرى لى مظهرى .. فهذه ملابس مضيفى ، وجسده أضخم من جسدى - هل أنت وائق أنك بصحة تسمح لك بترك الفراش لتناول الطعام ؟ - أشعر ببعض الاضطراب والترنح ... ولكن ما عدا هذا ، فانا بخير ، ولا أحب أن أكون معاقا . - وهل هذا شئ تذكرته ؟ - بالغريزة كما اعتقد .. هناك أشياء يمكن لك أن تتذكريها هكذا - علينا أن نتكلم .. ورفع دايفد يده محذرا : - ما من مجال يا حلوتى ... لقد رأيت أضواء الخطر فى عينيى صديقك بعد ظهر اليوم . وأنت لم تذكرى واقع أنكما مخطوبان . - لسنا مخطوبان .. طلب منى الزواج ورفضت .. وهذه أخر القصة . - لدى فقدان ذاكرة حبيبتى ولكن عقلى ليس مخربا . وهذه ليست الحقيقة الكاملة .. ليس بالنسبة له ، وأنت تعرفين هذا ، وهو ليس من النوع الذى يقبل " لا " كرد . - وماذا عنى ؟ ماذا لو كانت " لا " هى الرد الوحيد الذى أملكه ؟ - اسبحى مع التيار باتروسا .... هذه نصيحتى . واذا لم يكن يناسب فكرتك عن " فتى الاحلام " عليك الجلوس والاستمتاع بماله . - هذا اقتراح مثير للقرف .. أريد أن أخرج من هنا ، ولا أستطيع هذا وحدى ، ويجب أن أحصل على مساعدة . - حسنا ، لن تحصلى عليها منى ، انه رجل متسلط ، ولا أستطيع تحمل اغضابه .. فلدى مشاكلى الخاصة . - ولكننى واثقة أنك تستطيع عمل شئ ما .. لطالما أخبرتنى عمتك عنك .. ولابد أن هناك شئ ما أستطيع فعله كى تتذكر .. - ولماذا ؟ ليس عندى سوى كلمتك بان لى عمه . - ولكن ليس عليك تصديقى أنا فقط ، فلو عدت الى أمريكا لحصلت على دليل من محاميها ، فقد تركت لك كل ثروتها ... تقريبا . - وماذا تعنى ..... بتقريبا ؟ - لقد تركت لى بعض المال ... لأصرفه على السفر .. وهذا ما ساعدنى على المجئ الى هنا .. كان يفترض أن تكون رحلة العمر . - مثل هذه الرحلات ليست رخيصة .. لابد أنها تركت لك الكثير - أجل ... مما أصابنى بالدهشة أيضا . - أنت محظوظة .. انه أستثمار جيد لمالك ... فها أنت على وشك أن تكونى السنيورا " دى لاكروزا " مع مزيد من المال . - ولكننى لا أريد هذا . - أنها مشكلتك اذن يا حلوتى ... لاننى لست أنوى أن أشاركك نواياك. وسمعت وقع خطوات خوليو ، فاجتاحت وجهها مسحة حارة مؤلمة من الخجل . ودخل خوليو ، وصدم قليلا عندما شاهدهما معا ، وتنقلت نظرته بينهما : - مساء الخير ..... أعتذر عن تأخرى عنكما . وتناول يد باتريسيا المرتجفة ليرفعها الى شفتيه : - ولكن أظن انكما عندما تسمعان سبب التاخير يا عزيزتى ، فسوف تسامحيننى ، لقد كنت أتحدث بالجهاز اللاسلكى مع " سالتا " وحدقت به باتريسيا ، وقد بدأ قلبها يخفق بحدة وأضطراب - الــــــنـــــــــــهـــــــــــر ؟؟ وأطرق خوليو رأسه : - لقد انخفض أخيرا .. لذا فالاب غوميز سيصل بعد غد . وابتسم متحديا وتابع : - بعد بضع ساعات " كوريدا " ...... أنت وأنا سنكون زوجين .
انتهى الفصل السادس
تضييق خناق وحث خوليو باتريسيا على الرد بعد أن طال الصمت: حسناً؟ أليس عندك ما تقولينه؟ بل هناك الكثير... ولكنها كانت ترتجف في أعماقها وأحست بحنجرتها تضيق حتى على أنفاسها، فكيف بالكلام؟ كل ما أمامها الآن أقل من ثمان وأربعين ساعة كي تحقق عملية هروبها.. سألته بخشونة: أليس.. أليس هناك من مخاطرة بعد؟ في الأحوال العادية، ننتظر فترة بعد، ولكن بما أن هناك ضرورة ، فهم راغبون بالمحاولة. ضرورة؟ فقدان ذاكرة مواطنك؟ واستدار إلى دايفد دودج: سوف تكون مسروراً "أميغو" لتعلم أن مساعد طبيب كفؤ سوف يرافق الأب غوميز.. ولا شك لو أن الأمر ضروري سوف يحولك إلى المستشفى في سانتافيه. أوه... أنا واثق أن لا حاجة لهذا... فربما عندما يذهب عني هذا الصداع تماماً، سأبدأ في تذكر الأشياء. لا أظن أننا يجب ترك أمر هام كهذا للصدف. من المؤسف أنك لا تتذكر ما سبب هذا الجرح في رأسك. ربما أصبت نفسي بغصن شجرة وأنا أهذي من الحمة. ربما.. ولكن إذا أمعنت التفكير لآمنت أن هذا الغصن كان في يد أحدهم. وهل تعني أنني هوجمت؟ ممن؟ هذا شيء ستوله لي أنت.. ربما..بعد استعادة ذاكرتك. وانتشر على وجه دايفد تعبير بشع: وإلى ماذا تلمح بحق الجحيم؟ ألمح فقط إلى أن هناك عدة أسئلة ستبقى دون جواب للأسف، بينما فقدان ذاكرتك مستمر، ولو كنت في مكانك،وورائي عدو يحاول القضاء علي، فسأحاول معرفة هويته... والآن جاء وقت العشاء... هل لنا أن نجلس إلى المائدة؟ وكانت وجبة طعام تعيسة.. ووجدت باتريسيا نفسها تدير الطعام في صحنها وهي تحاول التفكير بنوع من الخطط. وما زاد الأمر سوءاً أن خوليو كان يراقبها، ويبدو متمتعاً باضطرابها. وغاص قلبها عندما أعطى خوليو الأوامر لتقدم القهوة لهم في "صالا دي إيستار" أي غرفة الجلوس، موضحاً في نفس الوقت إنه يتوقع منها أن تصبها بنفسها. وعندما وصلت إلى غرفة الجلوس وجدت الصينية هناك... وكان الإبريق قديم الطراز وثقيل الوزن، ووجدت صعوبة في رفعه دون أن تحرق يدها. وتبعها دايفد ليقف عند الباب ويقول معلقاً: وعاء جميل... من الفضة، عمره لا يقل عن مئتي سنة، كما يبدو. وردت عليه باختصار: لست أدري. كانت قد بدأت تلاحظ انشغاله الدائم بالمال.. وناولته فنجان قهوته... ثم سألته: متى ستخبر خوليو من أنت؟لن أخبره. لن أدعي اسم شخص آخر على أساس صورة لم أشاهدها حتى، وقول على لسان امرأة قابلتها لتوي... لنفترض أنك مخطئة؟ أنا واثقة أنن لم أخطئ. لقد ذكرت عمتك بالفعل اسم "سالتا" وهي تخبرن عنك، وبالرغم أنهم يقولون أن لكل إنسان شبيه، فلا أعتقد أن شبيهك يمكن أن يكون في نفس المنطقة من مجاهل هذا العالم. ولست أفهم، ظننت أنك قد تسر لمعرفتي لك، وأنك ستطمئن لمعرفتك هويتك. هويتي مجرد لقب.. وإلى أن أعلم برضى كامل إنه اللقب الصحيح فسأكون مسروراً أن لا تعلمي أحداً، وخاصة خطيبك المستبد.. إضافة إلى أنني، وبدماغ فارغ من أية ذاكرة، أجد صعوبة بالابتهاج بأي شيء. وأخذ يتجول في الغرفة، يلتقط تمثالاً خشبياً أو طاسة من الخزف، ويحدق ببضع صور على الجدار، معظمها صور رجال يرتدون ثياباً من أزمنة غابرة.. فقال معلقاً: هؤلاء بعض أسلاف عائلة لاكروزا.. وكلهم ممن شاركوا في سلب الهنود الحمر، وسحق وجود الفقراء عموماً، ولقد أثروا جيداً من وراء هذا. وردت عليه بهدوء: ربما لهذا السبب يحاول خوليو إعادة شيء للمزارعين المحليين بتقديم المساعدة لهم ومن ثم إيجاد الأسواق لتصريف إنتاجهم. لم أكن أعتقد أنك من مؤيديه، ولكن أعتقد أنك بقرب موعد الزفاف قررت أخيراً الاستمتاع بكل ما سيقدمه لك. بالعكس. فما زلت لا أنوي مطلقاً القبول بالزواج، ومع ذلك فأنا معجبة بما يحاول خوليو فعله هنا، والاحترام الذي يكنه المحليون له. وبدا على دايفد وكأنه يعرف عن عائلة لاكروزا أكثر مما يفصح. ولكن كيف يمكن هذا وهو فاقد الذاكرة؟ إلا إذا... قد يكون هذا هو سبب رد فعله الغريبة لفكرة العلاج الطبي. فالطبيب ليس من السهل خداعه. وإذا كان يكذب فربما يكون السبب أنه يخفي شيئاً. شيء خطير... ولكن ماذا؟ ودخل خوليو وقال وهو يغلق الباب وراءه: كم أنتما صامتان.. اثنان من وطن واحد في بلاد غريبة.. كنت أتوقع أن أجدكما تتحدثان معاً كالببغاوات. وقال دايفد: لقد كنا نتحدث عن زواجكما. ويبدو أن سيدتك تعاني من نرفزة العروسات. أنا آسف لسماع هذا، ولكن ربما لدي الدواء الشافي... وتقدم إلى حيث كانت تجلس وقال: هاك "كواريدا" هدية بمناسبة خطبتنا. ولمس شيء بارد رقبتها، ووجد له مستقر فوق فرجة صدرها تمتماً. ونظرت باتريسيا إليه بعجب، وشفتاها منفرجتان بشهقة صامتة.. إنها تنظر إلى قلادة.. ماسة وحيدة كبيرة مصقولة على شكل دمعة.. دمعة واحدة من لهيب متجمد معلق في سلسلة ذهبية، ولمستها بطرف أصبع غير مصدق لتتأكد من أنها حقيقية.. ثم قالت بأنفاس مقطوعة: خوليو.. لا.. لا أستطيع قبولها. إنها ثمينة جداً. يسعدني أن أراها ملتصقة بجسدك.. وأتمنى عليك أن تلبسيها دائماً، وهناك أحجار كريمة أخرى سوف أصيغها قرطين لك... ربما بعد ولادة ابننا. وتعالى اللهيب إلى وجهها، وضغطت على خديها بيديها. وتمتمت محرجة، ونظرت بسرعة إلى دايفد، إلا أنه كان ملهياً عنها يحدق بذهول في القلادة، ثم قال: يا إلهي أين وجدت مثل هذا الحجر الكريم؟ على أرضي. فالغاريمبيروز لا يحصلون على كل شيء. أؤكد لك يا أميغو. وقد أرسلتها لتصقل في سانتافيه. رائع.. من فعل هذا كان عمله مذهلاً. مرة في العمر يمكنك الحصول على شيء كهذه. وزوجتك سيدة محظوظة. وتمتم خوليو: كم أتنمى أن تشاركك هذا الرأي. ولم تعد باتريسيا قادرة على الكلام.. لو أن خوليو يظن أنه بأمطار الهدايا الثمينة عليها يمكنه إقناعها بزواج دون حب، فهو مخطئ. وستحاول أن تجعله يرى، ولآخر مرة، أن الزواج بينهما مستحيل. يجب عليه أن يتزوج لأجل الحب، وليس لأجل فكرة سخيفة قديمة الطراز عن شرف العائلة. والفتاة التي سيتزوجها يجب أن تكون مركز الثقل في عالمه، ولا يستحق أن يرضى بأقل من الأفضل. وتوقفت عن التفكير بعد أن أدركت إلى أي مدى قد ينجرف بها تفكرها.. وكأنها تحبه.. وكأنما تريده أن يحبها.. هذا غير صحيح..لا يمكن أن يكون صحيحاً.. لا يمكن.. ولا بد أن صوتاً ما صدر عنها، إذ قال خوليو بحدة: ما بك؟ هل أنت مريضة؟ فأجبرت نفسها على الابتسام: أشعر بنفسي مقهورة. مغلوبة على أمري.. هذا كل شيء. ربما تعذرني بالذهاب. وأحست بعينيه تخرقانها وهي تسير متجهة إلى الباب دون انتظار، واستدارت عند الباب وابتسمت ثانية، ورفعت يدها ملوحة للرجلين وهما يتمنيان لها ليلة طيبة. وكان الفراش بانتظارها، وقد رفعت الأغطية حتى منتصفه. فخلعت ثيابها وارتدت ثوب النوم، ولكنها لم تقدر أن ترتاح، وأطفأت القنديل ثم أخذت تذرع الغرفة طولاً وعرضاً... في الظلام الدامس... ما اكتشفته أذهلها تماماً.... لقد أقنعت نفسها مرات ومرات أنها تكره خوليو، حتى أصبح الإيمان بهذا عادة لديها، وبهذا لم تعد تزعج نفسها بتفحص تضارب المشاعر نحوه. أنا أحبه.. وبحاجة لأن يحبني.. ولأن يشاركها الحياة، ولكن يحب أن تكون المشاركة في حياته بكاملها، وليس بضع أجزاء منها... وفرها من إحساس بالمسؤولية. أبداً... هذا لن يحدث... وتنفست عميقاً وهي ترتجف...لم يعد بإمكانها التظاهر بعدم الاكتراث وه بين ذراعيه. وعاجلاً أم آجلاً ستقول الكلمات تأتي يجب أن تقال، فتفضح نفسها تماماً. ولهذا عليها أن تنجو بنفسها.. مهما كان سيؤلمها هذا، فبقاؤها.. وحبها له.. دون مبادلتها ذلك الحب.. سيكون نوعاً من الموت البطيء. فالحب غير المتبادل هو أسوأ بكثير من فدية سوداء يمكن أن تستمر في دفعها لما تبقى ممن حياتها... ورفعت كتفيها وهي تتنهد، ثم خرجت متوجهة إلى الغرفة التي يشغلها الآن خوليو. ودخلت على نية أن لا تصدر صوتاً، ولكن ما إن فتحت الباب وأصبحت في الداخل حتى رأته جالساً في فراشه، فقال بجفاء: ماذا تريدين؟ أريد التحدث إليك. لا يجب أن تكوني هنا باتروسا.. فالوقت متأخر. عودي إلى فراشك. وسنتحدث في الصباح. لا... الآن أرجوك. فتنهد وسمعته يمد يده إلى الثقاب ليضيء المصباح إلى جانبه. فبللت شفتيها بلسانها وقالت: جئت لأرجوك لآخر مرة أن تدعني أذهب. وأنت تعرفين ردي مسبقاً. استمع إلي... أتوسل إليك. لقد حدثت غلطة.. سوء تفاهم. وهذا كل ما حدث. ولا حاجة بنا لندمر حياتنا معاً بسببها.أنت تتحدثن عن دمار وأنا أتحدث عن الزواج. وكذلك أنا.. إنما في وقت قادم من الزمن عندما يلتقي أي منا بشخص... قد يحبه. ولكنني وجدت المرأة التي سأحبها كل حياتي.. وهي لا تريدني. لأجل الله يا خوليو.. لا يمكننا التوافق، ولا المضي في هذا الإدعاء الذي لا معنى له... ولا بد أنك تدرك أنه أمر مستحيل؟ أنا لا أدعي شيئاً. أنا بحاجة لزوجة على مائدتي.. وامرأة في فراشي.. وأنت توافقين متطلباتي.. ولا أطلب أكثر من هذا. ولكنني أريد أكثر من هذا في حياتي. وما نوع الحياة التي كنت تعيشينها قبل أن تجيئي إلى هنا؟ فباعترافك لم تكوني أكثر من خادمة. ولكن كان لي استقلاليتي . استقلالية؟ غالباً ما تكون هذه الكلمة معنى آخر لكلمة الوحدة أعرف هذا لأنني استخدمت الكلمة بنفسي. ولكن لست بحاجة لأن تكوني وحيدة باتروسا.. فهنا لك مكان مشرف إلى جانبي. ولدي عملي، وبإمكانك مساعدتي. وأرادت أن تصرخ به: مكان مشرف إلى جانبك دون حب.. سيكون الوحدة القاتلة.. أسوأ من أي شيء يمكن أن أمر به في حياتي.. وهزت رأسها بصوت مرتجف: سأكون عاجزة.. فأنا حتى لا أتكلم لغتكم.بإمكانك أن تتعلمي.. بمساعدة أماندو. لن ينجح الأمر صدقني.. يجب أن تتركني أذهب.. وبما أننا نستطيع الآن استخدام النهر، فلماذا لا تستغني عن بيدرو ليوم واحد ليعيدني إلى سانتياغو ديلاستيرو. مستحيل. لا.. لا.. ليس مستحيل. أقسم لك أن لا أسبب لك مشاكل. ويمكن لنا أن ننسى كل هذه الأحداث البائسة وراء ظهورنا... ونبدأ حياة جديدة. وكأنما لم حدث شيء؟ للأسف يا باتروسا. لقد فات الأوان الآن لهذا. إضافة إلى أن محرك القارب قيد التصليح. أوه.. ولكن لا بد أن هناك وسيلة أخرى للخروج من هنا. فعليك نقل السكر من المصنع و... أنت تتعلقين بقشة.. كواريدا.. ويبدو أنك نسيت شيئاً... لا يزال أمامنا أن نعرف ما إذا كنت حاملاً أم لا. وللحظة، فكرت أن تكذب، أن تقول أن لديها برهان قاطع بأنها ليست حامل.. ولكن الكلمات جمدت عند شفتيها. وقالت:ولكن ماذا بخصوص عائلتك. لا بد أنهم أناس مهمين. فماذا سيقولون عندما يعرفون أنك تزوجت فتاة ليست بشيء إطلاقاً؟ لا شك أن أمي قد أخبرت حتى الآن كل أقاربنا بما أنويه. وكما قلت لك.. أنا مبعد عن عائلتي. بسبب.. بسبب الفتاة التي أخبرتني عنها؟ زوجة أخيك؟ بسببها، نعم.. يوماً ما.. ربما أشرح لك. لا حاجة لك.. أنا.. أنا أفهم... أشك في هذا. ولكن ليس من المهم أن تفهمي. على الأقل ليس بعد... ما يهم الآن أنك ستكونين زوجتي. وهل سيصلح هذا كل شيء؟ إنه البداية.. أنت ترتدين هوية "كارينا" وهناك مثل يقول "الألماس إلى الأبد". هكذا يقولون. تذكري هذا إذن. وصدقيني باتروسا عندما أقول لك أنني لن أدعك تذهبين. إذن... ليس هناك ما يقال.. آسفة لإزعاجك. وتنهدت مستديرة على عقبيها، وما أن وصلت إلى الباب حتى ظنت أنها سمعته يناديها، ولكنها لم تتوقف، أو تنظر إلى الخلف. وبالكاد نامت تلك الليلة، فقد بقيت مستلقية تحدق بالعتمة. محاولة تقرير ما عليها أن تفعل.وأصغت السمع أيضاً على أمل أن تتردد صدى الرعد من جدد منذراً بعاصفة أخرى، انفجار جديد لينابيع الغيوم يرفع مستوى النهر من جديد ليمنع الزوار من سالتا من الوصول إلى هنا. ولكن لا بد أن هناك طرق للدخول والخروج من هذا المكان، يستخدمها "الكابو كلوس".. أي سكان الداخل.. كي يجلبوا حاجاتهم للزراعة. ويجب أن تجد لها طريقاً توصلها إلى إحدى تجمعاتهم السكنية، على أمل أن يساعدوها. ومر يوم آخر حار ورطب، دون إشارة إلى أي مطر قادم. فإذا كانت القدرة الإلهية متمثلة بالطقس ليست على استعداد لإنقاذها، فعليها إذن أن تأخذ زمام الأمور بيدها.. وبدأت تفتش في غرفة القماش والملابس فوجدت بنطلوناً وقميصاً مناسبين، ليسا ما يرتدي في الأدغال ولكن.. المحتاج لا يمكن أن ينتقي ما يشاء.. الحذاء كان مشكلة فليس في خزانة الملابس سوى الأحذية النسائية الرقيقة.. وعليها أن تستعير حذاء يناسب الغابات. غرفة خوليو كانت فارغة، فهي تعرف أن يوم عملها يبدأ قبل الشروق فدخلت غرفته وفتحت خزانته وأخرجت حذاء جلدياً عالي الساقين يستخدمه عادة. ونفضته من الداخل أولاً لتتأكد من عدم وجود أي حشرات فيه.. وكان لها ساقين طويلتين ولكن الحذاء كان لا يزال كبيراً جداً. وكان عليها ارتداء جوزين من الجوارب وأن تحشوه بالأوراق كي يناسب قدميها.. وأحضرت قبعة كبيرة كذلك، ونظرت إلى منظرها في المرآة... ثم خلعت السلسلة الذهبية من رقبتها ووضعتها على الطاولة بقربه. فلن تأخذ معها إلا الأشياء القليلة التي كانت معها عندما وصلت إلى هنا. تركت القلادة حيث يمنك أن يجدوها لهو تعبير أبلغ من الكلمات بأنها قد ذهبت ولن تعود.. وكانت تنوي مغادرة الغرفة على الفور، ولكنها وجدت نفسها قرب سريره ويدها تلمس التجاويف التي أحدثتها رأسه في الوسادة... وتكونت على شفتيها كلمات صامتة: يا حبي الوحيد... وداعاً.
نهاية الفصل السابع
الفصل الثامن
الهروب
دايفد دودج كان بانتظار باتريسيا عندما خرجت من غرفة خوليو ، ورمقها بنظرة بطيئة متفحصة من الرأس حتى القدمين وهى تقاوم كى تحافظ على هدوؤها ، وسألها بنعومة ماكرة : - هل تنوين القيام برحلة استكشاف ؟ - أظن أن هذا من شأنى لوحدى . - لا تكونى واثقة هكذا ، فالفرص لا تسمح لأى منا أن ينجو من هنا لوحده ، والطريقة المتعلقة هى أن نضم جهودنا معا . - ولكنك لم تكن تريد أن تعرف ...... فقاطعها : - ذلك كان من قبل .. وهذا ... الان ... والامور تتغير . وأخذها من ذراعها ليقودها الى " صالا دو ايستار " ويغلق الباب وراءهما : - ما هى خطتك . - ليس بالشئ الكثير . لقد فكرت باستخدام المركب الذى وصلت الى هنا فيه ... ولكنه معطل . فقال بحدة : - كم هذا مناسب .... زوجك المستقبلى المتعجرف يفكر بكل شئ ، والقرب من هذا الندل على بعد مئة ميل حظ سيئ ، لا شك . وتصلبت باتريسيا ، وجذبت ذراعها من قبضته : - لقد أنقذ حياتك . - لا .. يا حبى أنقذنى مؤقتا ، وأنا أنوى أنقاذ نفسى بالهروب من هنا . فهذا ليس المكان الامن للمكوث فيه . - يبدو أن فقدان الذاكرة قد شفى بسرعة .. هذا أذا كان موجودا أصلا . وهز كتفيه دون اكتراث : - أنها شفاء معجزة ، لا أكثر ولا أقل .... اذن ... دون قارب يعنى الذهاب عبر الداخل ... وهذا ما يناسبنى أكثر .. فعلى أن أحافظ على موعد . وازداد قلق باتريسيا : - مع من ؟ - لنقل مع بعض الاصدقاء . - نفس من ضربك على رأسك وتركك ؟ وللحظة بدا وجهه بشعا ... وبجهد كبير استرخى وابتسم : - لا ..... لنتفق أن الا نسأل بعضنا الكثير من الاسئلة ، موافقة يا حلوتى ؟ فهناك القليل تحتاجين لمعرفته عنى . فردت بمرارة : - كنت أظن أننى أعرف الكثير عنك . - بفضل عمتى أفريل كما أعتقد .. حسنا .. لقد كنت دائما الولد المفضل لديها ، ولطف من العجوز أن تترك لى كل شئ مع أننى لن أطالب بأرثى فى وقت قريب . ونظرت اليه بخيبة أمل : - ولكن الاملاك بحاجة للعناية ، والمحامى تواق للرؤيتك . - وأن يكن .. لن أتخلى عن فرصة لثروة يمكنك فقط أن تحلمى بها مقابل منزل وقليل من الارض . - أية ثروة ؟؟ ولامس وجنتها لأصبعه ، ومع أنها كانت حركة عادية ، الا انها أحست بها وكأنها اللسعة : - ها قد عدت للسؤالات من جديد .. هل سألتك لماذا تهربين من عضو لأحدى السلالات الكبيرة الثرية لال لاكروزا ؟؟ الصمت منها كان الرد الوحيد .... ولكن الفضول تغلب عليها : - لماذا تدعوهم هكذا ؟ - لانهم ممتلؤن يا حبيبتى .. حقيقة . فأحد أسلافهم تنبأ بتقلص صناعة السكر فى الادغال ، وغاص فى أستثمارات أخرى ... ولديهم شركات مناجم للذهب والالمنيوم ، لذا أقول لك أن خوليو المستبد هو " لقطة " ... حتى ولو كان يعانى مؤقتا من صعوبات مالية . فقالت بحدة : - لا أظن أن ما يفعله خوليو هنا يعد من " اللقطات " - أه .... لابد أنه قد أخفى عنك الكثير . أتظنى أنه هنا بملئ أرادته ؟ لا يا حلوتى .... هذا نوع من العقاب لانه أساء لقوانين السلالة . وقصته كانت حديث لسنتين خلتا .. لقد سمعتها فى سانتافية .. ويبدو أن الامر متعلق بفتاة . - أعلم .. لقد تزوجت شقيقه ، وانتهت الفصة . وهز رأسه : - أهذا ما قاله لك ؟ حسنا .. فى الواقع هذا نصف القصة ، فمن الواضح أن السيد المهيب كانت ردة فعله عنيفة لهجرانها له الى رجل أخر ... وفى الواقع ضبط وهو يحاول فرض نفسه على العروس بعد شهر من الزفاف وتقاتل مع شقيقه .. بمعركة عنيفة ... وطرد خوليو من منزل العائلة الكبير ، وأرسل الى هنا لقضاء العقوبة ، والله وحده يعرف متى سيسمح له بالعودة الى حظيرة العائلة من جديد . وصمت قليلا ، ثم هز كتفيه وتابع : - ربما يكون سعيه للحصول على زوجة الخطوة الاولى على درب العودة الطويل ، وهذا ما يفسر الكثير من تصرفاته معك ، فأنت جزء هام من اعادة تأهيله الأخلاقية ، أم ظننت أنه واقع فى غرامك ؟ وأجفلت باتريسيا للهجته الساخرة : - لا ... لم أظن هذا مطلقا .. ولكننى لست مستعدة لأكون .. عونا له على أستعادة أحترامه . - وماذا كنت تنوين فعله ؟ أن تخرجى من هنا .. هكذا ؟ والى أى مسافة ستبتعدين ؟ فردت باختصار : - لست غبية لهذه الدرجة ... ولكننى لم أشاهد أية مركبة منذ وصولى الى هنا ، ما عدا " الجيب " الذى يقوده خوليو بنفسه مع أننى أعتقد أن هناك غيره يستخدمه العمال ... وكيف وصلت أنت الى هنا ؟؟ - لست أذكر ..... وهذه حقيقة . - حسنا .. المكان الافضل للبحث هو فى المزارع ، ولكن خوليو هناك ، واذا شاهدنا سوف يرتاب بنا . - هذه ليست مشكلة ، فقد عرفت أنه ليس فى المزارع اليوم فهو مشغول فى مكان أخر . - وكيف عرفت هذا ؟ - عليك تصديقى فقط . أتعرفين الطريق للوصول الى المزارع وكم تبعد ؟ - ليس بالضبط ولكننى أعرف الطريق التى يسلكها يوميا . -هل يجيئ العمال كثيرا الى المنزل ؟ -عندما يكون خوليو هنا .. أو للمعالجة الطبية على يد مارغريتا . - وماذا عن الولد الذى يترجم لك ؟ - يأتى تقريبا كل يوم . - وكيف يأتى الى هنا ؟ - لست أدرى ... لم أفكر أبد أن أسال ...وكنت أ أظن أنىى لست غبية !! - انسى أمر أدانة نفسك الان .. أتتوقعين وصولة اليوم ؟ فبدونه قد نبقى عالقان هنا . ومرت ساعتان دون ظهور أماندو ، وبمضى الوقت زادت أعصاب باتريسيا توترا ، فقد كانت تزداد خوفا من عودة خوليو فجأة . واقع أنها ستهرب منه لن يساعده فى حل قضيته ، ولكنها لن تتحمل أبدا أن تترك نفسها تفكر بالامر كثيرا فهو يستغلها ، وهذا ما يجب أن تتذكره ... أنه يستخدمها لانها توافق متطلباته .. أما العواطف .. المشاعر ... الاحلام ... فلا مكان لها فى حياته ، لأن كل هذا ملك لفتاة أخرى . وأعادت انتباها لدايفد كان متوترا أكثر منها والاشتراك معه هو ثانى أمر غير حكيم ستقوم به فى حياتها فهو مليئ بالمشاكل من رأسة الى أخمص قدميه .. ولا شك فى تورطة بأمر غير قانونى . وكانت تفكر بطلب القهوة مرة أخرى عندما دخل أماندو وقال لها بانجليزيته المكسرة : - سنيوريتا ... شئ خطأ .... هناك ؟ - وهل وصلت لتوك أماندو ؟ كيف جئت الى هنا ؟ - فى شاحنة أبن عمى ، كالعادة سنيوريتا ... أذا تأخرت ... أسف .. ولكن .. وقاطعة دايفد - لا يهم .... ألا يزال أبن عمك هنا ؟ - " سى " سنيور ... هو يتكلم مع مارغريتا . - هذا جيد .... نستطيع التحدث اليه أيضا . وأمسك بذراع باتريسيا وقادها نحو الباب ، فهمست له : - على أحضار حقيبتى . - فلتذهب الى الجحيم ... الشاحنة أكثر أهمية من أشياءك . وكانت الشاحنة متوقفة وراء سياج الحديقة الخلفية للمطبخ وكانت فارغة والمفاتيح فيها فتمتم دايفد : - هذه أول صدفة حظ لنا .. أتمنى أن تكونى على معرفة بقيادة هذه الالة اللعينة . - أجل ... ولدهشتهما ، دار المحرك عند أول جهد ... وهما يبتعدان بها لمحت باتريسيا بيدرو يظهر عند الباب الخلفى للمنزل ومارغريتا الى جانبه .. ولو لم تكن يائسة ومتوترة لضحكت ملئ فقد خلع بيدرو قبعته ورماها الى الارض وأخذ يقفز عليها ، وقال دايفد : - قودى الشاحنة الى المزارع وسوف أفكر بوجهتنا أنطلاقا من هناك . - كان يجب أن تحضر خريطة . - لقد فعلت .. يستطيع خوليو أن يستغنى عنها فلديه العشرات منها فى مكتبه . - ما كان يجب أن تدخل الى هناك .. أنه مكان شخصى ... فضحك بسخرية : وما رأيك .. ؟ بالتاكيد لم أستطع ترك جهاز الارسال له ليلاحقنا به . - وهل خربته ؟ ولكن المنطقة كلها تعتمد عليه أفترض أنه حصل طارئ ما ؟ - ضرورياتى تأتى بالدرجة الاولى . أتظنين أننى قد أهتم بما يحدث لحفنة من زراع قصب السكر ولسيدهم المبجل ؟ نحن لا نلعب يا حبيبتى . - لا تنادينى هكذا . - وما الاسم الذى تختارينه .... باتروسا ؟ - ..... لا .......... فضحك : - لو لم أكن أعرفك ستيوريتا لقلت أنك غارقة بحب ذلك الابن الضال لعائلة لاكروزا . - أوه ... دعنى وشأنى ... أنت لا تريد أن أسألك . وكذلك لا أريد أن أسمع وجهات نظرك . - كما تشائين . وبدا أنهما يختفيان فى وسط نفق واسع أخضر ، وأحست أنها لو نظرت الى خلفها فستجد أن الغابة قد أطبقت عليهما من الخلف لتستوعبهما فى عالمها من الاشجار الضخمة الطويلة .... بحيث يضيعان الى الابد ... ولكن طالما هى تتبع مسار النغر فلن تضيع أبدا . وأحست بالراحة عندما لاحظت خطا رفيعا من الدخان يتصاعد فوق الاشجار ، وعلمت أنهما يقتربان من بعض المنازل ، وكان المجمع السكنى حيث يسكن العمال أكبر مما تصورت . وكانت النساء تقفن عند أبواب الاكواخ والاطفال يلعبون بين أقدامهن . وعندما شاهد الاطفال الشاحنة أخذوا يصيحيون ويقفزون فقال لها دايفد : - أستمرى فى السير لا تبطئى من سرعتك . - أظنك تريدنى أن أسير فوقهم . لم أكن أدرك أننا سنسترعى الانتباه هكذا ، سوف يبلغون خوليو الان بوجهتنا . وهز دايفد كتفيه : - حتى ذلك الوقت نكون قد ابتعدنا عن مناله . ونظرت اليه باهتمام : -أتظن أن " الكابوكلزر " لن يتمكنوا من أقتفاء أثارنا ؟ - ليس أبعد من حدود المطار ... الا اذا كانت لديهم أجنحة . - أتعنى أننا سنطير من هنا ؟ ولكن هذا مستحيل ... لاشئ يحط أو يطير من هنا . فابتسم : - انها رحلة مجدولة بموعد مسبق .. ونفس الطائرة كانت توصلنى وتأخذنى من هنا منذ وقت طويل . - للتفتيش عن الذهب ؟ - لقد جربت هذا لفترة , ولكنه عمل شاق .. وأنا الان أعمل كوسيط ومسحت عيناها : - وهل أنت متورط مع " الغاريمبيروز " المغامرون غير القانونين ؟ لقد أخبرنى عنهم خوليو وحذرنى منهم . فضحك ثانية : - أنا واثق أنه فعل ... ولكن تحت سمعتهم ، هم رجال عاديون يحاولون جنى الثروة .. وأنا أشترى الاحجار الكريمة منهم . وأخذها الى قاعدتى فى سانتافية . وصمت للحظات .. وعندما عاد الى الكلام كان صوته رقيقا وكانه صوت العاشق : - ليس لديك فكرة عما تفعله الاحجار بالانسان ... لقد مر على أحجار جمشت بحجم يدك ... وأحجار توباز بحجم البرتقالة أو يداخلها الدخان وكأنه الضباب ، والماس ، صافيه كالماء ... وكانت الافضل وكأنها المراي لروح الانسان . - هذا شاعرى ، وأظن أن هؤلاء الرجال البسطاء هم من جرحوك وتركوك مصاب بالملاريا . - أنه اختلاف صغير على العمولة . وهذه الامور تحدث ، حتى فى أحسن الاوساط ولكنها تعنى للاسف أن عملى هنا قد شارف على نهايته ... وسأغادر هنا الى الابد ... سأذهب الى تشيلى وهذا ما أحبه فى أمريكا الحنوبية ، فيها العديد من البلدان ، والعديد من الفرص ... أمام " المقاولين " - أهكذا ترى نفسك ؟ كنت أظن أن كلمة " مهرب " هى الافضل - لك لسان لاذع يا حبيبتى .. أنصحك بأن تكونى حذرة فى أستعماله فمن أعمل معهم ليس لديهم روح مرحة . وظهر أمام الشاحنة فجأة رجل يلوح بيديه .. فصاح بها - لا تتوقفى ! ونظرت اليه نظرة أحتقار ، وداست على المكابح بحدة .. وكان الرجل هو أنطونيو ، المسئول عن العمال وما أن فتح باب الشاحنة حتى أندفع سيل من الاسبانية من فمه فقاطعته باتريسيا : - نو بيرسيو ... أسفة لا أفهم ما تقول . فقال لها دايفد : - يقول أن زوجته ستلد الان ، قولى له اننا سنرسل له سيكارا ، وحركى هذه الشاحنة اللعينة . - ولكن هذا يعنى أنابيلا .. أوه .. يا الهى لهذا السبب جاء بيدرو الى المنزل ... ليحضر مارغريتا .. لاجل ولادة الطفل . هؤلاء الناس يفقصون كالذباب ... فما سبب كل هذا الاهتمام ؟ برودته أغضبتها - أطفالها كلهم ماتوا وهى تلدهم ... لذا تحتاج الى مارغريتا .. انها " قابلة " جيدة ولو لم نأخذ الشاحنة لكانت هنا الان ، تعتنى بانابيلا . - أنت تؤلمين قلبى .... تحركى الان . - لن أفعل ... فهناك حياة طفل فى خطر وأنطونيو رجل طيب .. أكثر عمال خوليو أهل للثقة .. وهو يستأهل أفضل عناية بزوجته وسأعود الى المنزل لاحضر مارغريتا . أوه .. لا ... لن تفعلى هذا لقد علمت أنك ستسببين المشاكل لذا أخذت معى رهينة .. لذا تابعى رحلتك . وأخرج من جيب قميصه قلادة الالماس ، وأظهرها لها وضربت أشعة الشمس عليها لتحولها الى قطعة من نار ... فأحست باتريسيا بضيق تنفسها : - من أين حصلت علي هذه ؟ -لاحظت انك لا ترتديها ففتشت عنها . وسميتها أجرة طائرتك للخروج من هنا . - لن استقل أية طائرة ز ولن أسافر مترا واحدا معك أنت الان وشأنك ... وأنا شاكرة لله أن عمتك لن تعرف ما أنت عليه - وفرى عواطفك ... أبقى هنا والعبى دور " دونادى كانسا " السيدة المنقذة .. أذا كان هذا ما تريدين ... ولكننى سأبقى ماسة خوليو ... وأظن أنك مدينة لى بها ... بدل المال الذى سلبتيه من عمتى أفريل ، ايتها العاهرة . وأندفع نحوها ، ليرميها من باب الشاحنة المفتوح ، ثم ضربها على وجهها بيده فصعقها الالم ، وأحست بطعم الدم فى فمها ثم فقدت توازنها ووقعت الى الخلف ، وامسكت بها يدان قويتان وسمعت صوت أنطونيو يصيح : - سنيوريتا ... ميوديو ... ياالهى ... سنيوريتا باتروسا ووجدت نفسها ملقية على الارض والشاحنة تبتعد بدافيد وأنطونيو يجرى خلفها يلوح بقبضتيه ويصيح ، فنادته بأعلى صوتها : - " قيتنى كا " أنطونيو ... أرجع الى هنا . وأطاعها بمضض ظاهر .. وبدا عليه الضياع بين قلقة عليها وقلقه على انابيلا .... وسألها وهو ينظر من حوله وكأنه يبحث عن شئ : - مارغريتا ؟ - " ديسكولب " أنطونيو ... ليست هنا . وبدا عليه انه على وشك البكاء ... فوضعت يدها على ذراعه : - سنرسل أحدا يجئ بها .... " أوندى " أنابيلا ؟ وكان لانطونيو أكبر منزل فى المجمع السكنى .. وأثاثة بسيط ونظيف جدا ، وكانت أنابيلا فى السرير فى الغرفة الداخلية ، تتلوى من جانب الى أخر ، متأوهة من بين أنفاسها ، وأمرأة مسنة تجلس فى زاوية الغرفة تدمدم شيئا بد وكأنه التعاويذ ، وفتاتان شابتان تقفان قرب السرير بعجز واضح . وحدق الجميع بباتريسيا وهى تدخل ، فحاولت الابتسام لتطمئن المرأة الحامل .. وكان أنطونيو قد أدار سيارة جيب قديمة وأنطلق نحو المنزل الكبير ، مع أن باتريسيا واثقة أن بيدروا ومارغريتا قد بدأ الان السير نحوهم . ومن الغريب أن وجودها كان له تأثير مهدئ ، فقد توقفت أنابيلا عن التلوى ، وأمسكت بيد باتريسيا ، وكأنها حبل السلامة ، وتذكرت باتريسيا أنهم يطلبون دوما ماء ساخنا فى مثل هذا الحالات .. فقالت للنساء " أكوا " فوقفتا العجوز بسرعة وعادت بوعاء من الماء البارد . - حسنا .. أهذا أفضل من لا شئ وغمست منديلها النظيف فى الماء وأخذت تمسح فم أنابيلا به وكانت المرأة خائفة وجسدها المنتفخ مبتل بالعرق ، وتنفسها غير منتظم . فأنحنت فوقها ، تضغط برفق على أصابعها وهمست : - كل شئ سيكون على ما يرام أنابيلا ... سوف ترزقين بصبى ... صبى كبير ممتلئ الصحة ... ستكونين بخير . وتابعت كلامها برقة محافظة على رتابة صوتها ، وكانها تنومها مغناطيسيا ، وبدأت حرارة الغرفة تشتد وبدأت تشعر بقطرات العرق تتساقط على أنفها ، وتجرى على صدرها وكتفيها ، وتراجعت النساء الاخريات الى الباب ووقفن يراقبن ... بحيث كانت مع أنابيلا لوحدهما تقريبا . وتأوهت أنابيلا ثم صرخت وأخذت تتلوى ... فمسحت جبينها مهدئة وهى تقول : -لا باس ... سوف تحضر مارغريتا فورا ... لن تتأخر . وبالطبع لم تفهم أنابيلا ما كانت تقوله .. ولاحظت أن مرحلة أخرى من مخاض المرأة قد بدأ ... وحاولت أن تتذكر يائسة ، كل ما عرفته من مخاض أمها ، وتمنت لو انها أصغت اليهما أكثر . وأشتدت قبضة أنابيلا على يدها .. وحاولت أن تجلس وبرزت الشرايين من جبينها ..أوه يا الهى .. الطفل سيولد ... الان ماذا أفعل .. ؟ والتفتت الى النساء عند الباب وقالت بحدة : - كم انتما مساعدات .... " فيناسا " ولكنها توقفت عن الكلام ، فقد صدر عن صدر أنابيلا صرخة وكأنها الزمجرة ، نصف صرخة ألم ونصف أنتصار ... وتحركت باتريسيا بسرعة وخوف الى أسفل السرير ... فى الوقت المناسب لتلتقط الطفل ... أحمر ... منزلق ... وصبى .. بين يديها . واستلقى الطفل بين يديها للحظات يلوح بيديه ورجليه وكأنه يفتش عن دفء وأمان أمه ، ثم فتح فمه وصرخ ، وملات صرخة الغضب الغرفة كلها . والدموع تنهمر من عينيها ، مسحت له باتريسيا فمه وأنفه ثم وضعته بين ذراعى أنابيلا . وسمعت ضجة بالخارج فى الغرفة الخارجية ، ودخات مارغريتا وأنطونيو خلفها .. وتفرست فى وجه الفتاة الشاحبة المستلقية فى السرير ووجهها رغم باتريسيا ، فأفلتت منها شهقة فزع وبدأت تلقى سيلا من الاوامر والكلمات التى لم تفهمها ، وأطاعت العجوز وهى تخرجها من الغرفة لتتولى زمام الامور بنفسها . وأقبل أماندو الى جانبه ووجهه مرتبك : - سنيوريتا .. أنت هنا .. الباترون .. أنه يظن أنك هربت ... وتبعك .. يفتش مع الجنود . وقالت بلطف : - لا بأس أماندو ... أنا سالمة ... كما ترى. وبعد قليل أقبل أنطونيو اليها ، يبتسم بفخر .. وأخذ يدها ليقبلها ، وانفجر فى كلام عاطفى لم تفهمه ، وترجمه لها أماندو : - أنه يشكرك سنيوريتا لسلامة أبنه .. وكذلك تفعل أنابيلا .. لو دخلت اليها . - ولكننى لم أفعل شيئا .. كنت الى جانبها .. فقط ورافقتها أنطونيو مجددا الى الغرفة الداخلية ، وكانت انابيلا تهدهد الطفل بين زراعيها ، ووجهها ملئ بالحب ، وهمست وهى ترفع اللفافة لها : - أوبريغادا سنيورا .... ( ممتنة جدا ) وحدقت باتريسيا بوجه الطفل الغاضب ... ومدت أصابعها وأحست باليد الرقيقة تمسك به بشدة وفى تلك اللحظة بالذات ، علمت وبالغريزة ، ودون أى سؤال ... أو شك ...انها تحمل طفل خوليو بداخلها ، وضاق تنفسها بشكل لم تستطع السيطرة عليه . - ماذا يمكن لى أن أفعل ؟ يا الهى ... ماذا أستطيع أن أفعل ؟
نهاية الفصل الثامن .... قراءة ممتعة
الفصل التاسع
عوده الى العش
التزمت باتريسيا الصمت فى طريق عودتها الى المنزل فى سياره الجيب كذلك مرافقوها ، فساعدتهم بسلامه مولود انطونيو غلب عليها قلقهم على خوليو . مع انها غطت نفسها الى درجه ما بتصرفها السريع كقابله لانابيلا ، الا انها كانت تشعر بالخزى لمساعدتها دايقد دودج على الهرب ..." ذلك الحقير " كما قال عنه اماندو ، وبذلك عرضت خوليو لخطر ملاحقته فى الادغال . وهو الان فى خطر الوقوع بين نارين لاطراف الحرب القائمه منذ شهور بين الغاريمبيزوز ، والمتعاملين بالمهربات الاثرياء فى سانتاقيه ، الحرب التى جرح فيها دايفد دودج ، والكثير مات ، والتى صممت السلطات العسكريه ان تضع لها حدا ، مع كل عمليات التهريب وعصاباته . ولكى ينقذ نفسه كان " الامريكانو " سيتكلم .. كما قال لها اماندو ، وكان سياخذ الجنود الى مخابىء الغاريمبيروز السريه والى مدارج هبوط الطائرات فى الادغال اما الان وقد نجا .. فسوف يحذر رفاقه ... الكومبادرى .. فى كلا المعسكرين .لذا فستتغير خطتهم .. وستستمر الحرب وسيقع المزيد من القتليى وقالت باتريسيا مدافعه عن نفسها : " ولكننى لم استطع منعه من سرقه الشاحنه " "بيدرو كان يقدر ..ولكن وجودك سنيورتا ..منعه من استخدام بندقيته ." وكان المنزل صامتا ايضا ، ومهجورا بشكل غريب ، ولم تكن الخادمات يغنين وهن يعملن ولم يكن يصدر عن المطبخ اصوات الضحكات والحديث الذى اصبحت معتاده عليه . ودخلت غرفه خوليو وجلست على حافه السرير .. كل هذا بسبب غلطه .. فمن اثر رغبه عصفت فى ليله ، قد ياتى طفل ربما لن يعرف اباه . هذه مهزله ماساويه منذ البدايه كوميديا من الاخطاء انقلبت فجاه الى ميلودراما وهى الان تتجه نحو الماساه . ورفعت راسها الى السما ويداها مشبوكتان على صدرها : " ارجعه لى .. ارجوك يا الهى .. ارجعه لى سالما .. وساكون له حسب اى شروط يختارها . وتسلقت الى الرسر ، ودفنت وجهها الى الوساده ، تسعى الى اى شىء يذكرها به ، بقايا رائحه جسده ، او ماء الكولونيا التى يستخدمها .. ولكنها لم تجد شيئا حتى الراحه . وبقيت كما هى متكوره ، كانها حيوان صغير يسعى الى الامان ، ومرت الدقائق ، والساعات ، غطت فى النوم . واستفاقت مرعوبه من كابوس مر فى حملها ، وجسدها كله مبلل بالعرق . فجسلت ترتجف ... وشاهدت ، فى ضء النهار الذى اخذ يتلاشى ، خوليو يراقبها من الباب . وللحظات بدت انها لن تنتهى ، حدقا ببعضهما بصمت . ثم قال بهدوء : " لماذا عدتى ؟ " وببطء ارجعت شعرها عن وجهها ... وقالت : " انا .. انا لم اهرب فى الحقيقه . الم يقوقو لك ؟ وصلت الى المجمع السكنى .. وكانت انابيلا تلد .. فبقيت سوف يسمونه باتروس ، ليتشابه مع اسمى . وحرك يده ، وهو يعبس وكانه يتالم : " لقد ذهبت .. ذهبت معه " الاميركانو " القدر سرق الشانه واخذك معه . " " هذه كانت النيه اصلا .. اجل . " " ما اسمه كنتى تعرفيه اليس كذلك باتروسا ؟ كنت تعرفيه ... " " اجل .. بطريقه ما اسمه دايقد دودج .. اخبرنى .. لقد استخدمت صيغه الماضى .. هل .. هو ؟ " " اجل لقد مات .. اصيب بالرصاص . " " هل انت من قتله ؟ " " لا .. لا قتل وهو يركض نحو الطائره .. شخص ما على متنها اطلق عليه الرصاصا من رشاش ... يبدو انهم المهربون . فلم يعدلهم حاجه به . " فهمت .." وتذكرت صوره الشاب الجميل بقرب عمته ، فاختنقت بالدموع ، فقال لها بصوت رقيق ، وكانه صوت من بعيد : " قلت لى مره انك جئت بحثا عن رجل .. هل هذا هو .. الاميركانو ؟ " " اجل .. لوكنك لن تفهم ... " " وماذا هناك لافهم ." " الكثير ." وكم كانت سخافه لتعيد القصه .. ثم قالت : " ارايت .. انا لم اعرفه حقيقه . " ومع انه كاذب ومجرم فقد اهتممت كثيرا بمساعدته على الهرب لقد وثقت على حياتك معه ... " كان يفترض به ان يساعنى .. ولكن كل شىء سار بطريقه خاطئه وكان على ان اعرف انه خطر ، ولا يوثق به .. لكن يبدو اننى رغبت فى اطاله عمر الهم قليلا ." فابستم " اه .. الوهم .. هذا يا كواريدا ما افهمه .. فقد عانيت منه بنفسى . لوكننى لم اعد غداعندما تصل المركب من سالتا ، ساعيدك مع الاب غوميز ، وسيوصلك الى سانتاقيه سالمه او الى حيث تشائين . " " وهل ستتركنى اذهب ؟ لماذا ؟ " " لاننى ، وكما قلت بنفسك اكثر من مره ليس لى الحق بان ابقيك هنا رغم اردتك .. وبما انك كنت على استعداد للهرب مع رجل اخر ، فلا اظن ان عائلتى ، من هم فى بيتى ، يعتبرون اننى ملتزم تجاهك بعد الان . " " ولكن الامر ليس هكذا خوليو .. ارجوك ان تصغى الى .. " ووقفت .. فنظر اليها وهز راسه : " لا .. لقد سمعت الكفايه ، وهذا بالفعل هو عالم اليوم بجشعه وعنفه . ومن السخف محاوله العيش حسب تقاليد الماضى . او محاوله .. كما قلت ... اطاله امد الوهم ... لذا فانت حره ." " خوليو .. ارجوك لا تفعل هذا .. " " وهل هناك شىء ينع ؟ هل انتى خائفه ان ادعك تذهبين خاليه الوفاض ؟ لا كاترينا لا تخافى . ومدل ها يده : " هذه سوف تغطى لك كل المصاريف ... وقله الراحه التى مريت بها .." وتقدمت منه بسرعه ، وهى تبحث بياس فى وهه عن الابتسامه .. وحتى ولو فى عينيه ، وقالت : " لا اريد شيئا خوليو .. ماعدا ان تصغى الى وتصدقنى ." " ولكن يجب ان تاذى هذه .. انها الهيد التى صنعتها لك ." وشاهدت باتريسيا لمعان الالماسه البارد فى راحه يده ... وتابع قائلا : " ضاط الجيش وجدها مع الاميركان ... واقترح عليك لو كنت راغبه فى اهداها لاحد مره اخرى ، ان تجدى من يستحقها ." اخر كلمات قالها كانت مرتجف ، وشهق قليلا ، فانفرجت شفتها رعبا وهى تشاهد ساقى خوليو تنهاران ، وبدا يتزلق الى الاسفل ببطء اكره الباب الى الحاجب ، ثم الى الارض ، ليتمدد هناك وانزلقت الستره عن كتفه ، وبصدمه لا توصف لاحظت بقع دم سوداء تنتشر على قميصه . وبدات تلوح براسها من جانب الى اخر برفض صامت لحقيقه ما تراه ، وتهمس باسمه ... وعندما وصلت مارغريتا وبيدرو والاخرون وعندها فقط ادركت انها كانت تصرخ . " الرصاصه فى الكتف سنيوريتا ، ويجب ان نخرجها يجب ان نسرع سنيوريتا .. دون خوليو يفقد كثيرا من الدم ." " اذن الافضل ان نبدا ... " وتقدمت حيث وضعه الخدم فوق السرير وقال اماندو بصوت منخفض بقربها : " انه يقول لا . لبيدرو ، لا لمرغريتا .. وضعه سىء .. لقد قاتل طال حياته .. والان لا .. لم يعد يقاتل ." وصاحت باتريسيا بشراسه : "سنرى ... اخرج الجميع من هنا ماعدا بيدرو ومارغريتا ." وجلست على حافه السرير ، ووضعت فمها على اذنه وقالت له هامسه : " سوف تقاتل .. اتسمعنى ؟ لن تستسلم .. فالكثير يعتمد عليك والعديد من الناس .. تقول انك تريد طردى من هنا .. حسنا .. بامكانك ان تقول لى هذا مره اخرى عندما تستعيد قوتك ، فحتى ذلك الوقت انا باقيه وانا من سيتخذ القرار ." وفتحت العينان السودوان ، وقتا بصوت مختنق : " ناو .. ناو .. باستا .. بودوار . ( يكفى .. اخرجى من هنا ) فردت عليه بثبات : " لن يذهب احد من هنا ." ونظرت الى بيدرو واشارت اليه بالتقدم ، ولمحت النصل الفولاذى الساخن فى يده .. فشدت على اعصابها ، وتراجع خوليو فى الفراش مبتعدا عن بيدرو .. ولكنه انهار ثانيه وهو يتاوه " ناو " .. وقال اماندو : " سنيورا .. باترون لا يتحرك .. يجب ان تمسكيه جيدا لبيدرو . " ومع ضعفه ، فقد كان اقوى منها بكثير .. وكان الجميع يراقبها ووجه بيدرو قلق وهو ينتظر . وانفرجت شتا خليو متاوها من الالم ، فتبعت باتريسيا غريزتها ، وصعدت الى الفراش لتستلقى جانبه وقالت بهدوء . " كلما نامارادو .. ( اهدأ حبيبى ) وامسكت راسه بين يديها ووضعت فمها عن قصد على فمه .. وكانت المره الاولى التى تبادر فيها بتقبيل رجل فى حياتها . وللحظات همد خوليو وسكن وقد لا يكون مستجيبا لها ولكنه على الاقل لم يدفعها عنه .. وانحنت فوق اكثر ، وضغطت بصدرها على ذراعه المصابه . واحست بيبادرو يتقدم ، فاغمضت عينيها عمقت قلبها تمتم باصوات لذيذه على فمه وتمتمت وقد احست بجسده يرتفع كالقوس من الالم . " لا باس يا حبيبى .. كل شىء سيكون على ما يرام . " ولاحظت بسخريه انه الوعد الثانى الذى تقطعه خلال اربع وعشرين ساعه . وفى كلا المرتين كان وعد للحياه وبالنسبه لانابيلا تم الامر بسلام .. فيا الهى .. ارجوك .. ان ترفع الضيم عن خوليو ايضا .. وملست شعره المبلل بالعرق : " كل شىء على ما يارم .. ولكن ابقى هادئا .. ارجوك لاجلى .. واستطاعت سماع انفاس بيدرو المحمومه وهو يعمل . وصوت مراغريتا المخنوق بالعبرات وهى تتمتم بسيل لا ينقطع من الكلمات .. ربما تكون صلاه . وامسكت بخوليو بقوه وابقت فمها ملتصقا به تخفف من الاهات التى تصدر غصبا عنه ، محاوله ان تنفخ بعضا من حياتها الى رئتيه . وسمعت صوتا يصدر عن بيدرو يدل على الانتصار واحست بجسد خوليو يرتخى بين ذراعيها . فرفعت راسها لتنظر اليه وعيناها مغشيتان بالدموع وصاحت بجنون : " لقد قتلته .. لقد مات . " " ناو سنيورتا .. تقول مارغريتا انك فعلت الكفايه .. ارتاحى الان " " اريد ان ابقى معه ." " تقول مارغريتا ان سنيور يرتاح ايضا .. تعطيه شراب خاص من الاعشاب .. يجعله ينام .. ولك .. ايضا ." وامسك اماندو يدها بحزم ، لكن باحترام وساعدها للنزول عن السرير ، وبطريقه ما وجدت نفسها فى غرفتها .. ولكنها لم تستطع ان تنام . لقد جاء بها القدر الى هنا لتجده .. وبالتاكيد لن يكون هذا القدر دون ره لان ياخذه منها بعد ان اصبحت الان مستعده لان تعترف ما يعنى لها خوليو بالضبط . كان النهار قد توضح عندما افاقت فى اليوم التالى ، بعد ان هزتها يد مارغريتا ، فجلست بسرعه . " ما الامر ؟ سنيور ؟ " " سى .. " واحست برعب مؤلم وهى ترتدى رادائها بسرعه : " ماذا حدث ؟ هل ساءت حالته ؟ " وهزت مارغريتا كتفيها غير فاهمه . ثم نزعت الرب منها مشيره ان عليها ان ترتدى ثياب النهار ... " هل انتى مجنونه ، اذا كان الامر اضطراريا فاى شىء يكفى ." واحست بالغيظ ومارغريتا تناولها ثيابها ثم تعطيها فرشاه الشر .. لا يمكن ان تصدق تصرفاتها .. قد يكون خوليو مريضا جدا .. او انه سيموت .. وها هى تعارضها على ارتداء الملابس وترتيب شعرها ؟ وما ان خرجت من غرفتها حتى وقفت مارغريتا ثانيه تسد لها طريقها مشيره اليها لتتبعها فى الاتجاه الاخر ، نحو غرفه الجلوس . " ولكننى اريد الذهاب الى السنيور . " " سى .. سبيور دى لاكروزا .. سى ." وهى لا تزال تمسك بذراعها اندفعت مارغريتا بحديث متواصل ، ثم فتحت باب " الصالا " وتقريبا .. دفعت باتريسيا الى الغرفه . وواجهها ، رجلان ، كلاهما غريب ، وللحظه جمدت .. تتساءل ما اذا كانا من الوليس ، اتيا لاعتقالها لمساعدتها دايقد دودج . ثم وجدت انهم يبتسمان . فرفعت راسها وقالت : " كوم اى او سنيور ؟ ( اين السيد ) ونظرت الى الاطول قامه من الاثنين : " كوى كوير ؟ " ( من انت ) وتقدم منها الرجل ، كان لباسه رسمى اكثر مما اعتادت ان تراه .. انه يذكرها بشخص ما .. وانحنى لها قليلا " سنيوريتا بالمر . هذا شرف لى .. اسمحى لى ان اقدم نفسى .. انا رودر دى لاكروز . " وفتحت فمها من الدهشه .. لاعجب انه بدا لها مالوفا ... واستطاعت الان ان تلاحظ الشبه .. ولكن ، هو من بين كل الناس فى الدنيا .. ماذا يفعل هنا ؟ " كبف حالك " وصافحته بادب وهى تنظر بقلق الى الرجل الاخر . الذى كان دون شك اكبر عمرا .. فقال لها رودر : " هذا الاب غوميز ، الذى كنتم تتوقعون وصوله كما اظن . " فشهقت ، ففى خضم ما حدث نسيت امر المركب الذى سيحضر الكاهن من سالتا ... وسالت : " الم يكن مفروضا ان يصاحب طبيب ؟ " " دكتور لورانزو مع اخى الان . " واحست براتياح حقيقى بدا فى ردها : " هذا رائع انت تعرف بالطبع .. لابد انهم اخبروك ما حدث وكيف اصيب خوليو بالرصاص ؟ اخشى ان تكون رحلتك دون فائده " " دى نادا سنيوريتا .. ( لا باس ) انا اسف لان الزواج لن يتم الان ولكننى سعيد لانكم لم تحتاجو الى فى شىء ار ." واطرقت براسها الى الارض : " لسنا متاكدين بعد .. بيدرو انتزع الرصاصه . ولقد نزف كثيرا من الدم . وهز رودريغو دى لاكروزا براسه وقال : " اخى .. اننى الوم نفسى ، فلولاى .. لما كان هنا .. ولما حدث له الشىء الفظيع .. كل ما اتمناه ان يغفر لى . " ونظر اليه الكاهن بحده : " رجل مثل خوليو لن يتاثر من رصاصه فى كتفه اميغو ... وسوف يعيش كى تضعا حدا لخصامكما .. اوكد لك . " وتاوه رودر دى لاكروزا وقال : " شكرا لله ." " كما يجب ان تقول فى كل ساعه من كل يوم .. لابد ان الدكتور لورانزو قد انتهى من فحص المريض .. وعلينا ان نزوره .. من بعد اذنك سبيوريتا ." واستقبلتهما مارغريتا بوجه صادم ، ولكنها ابتسمت لباتريسيا وربتت ذراعها فسال رودر بصوت منخفض : " كيف حاله ؟ " فجاء الرد بالانكليزيه من الدكتور لورانزو . " انه بحاجه للراحه . والعنايه ، ومضادات الالتهاب التى اعطيتها له .. ولكن اهم من كل هذا الراحه ، لذا اعطيته مسكنا قويا ... فقال ردوريغو : " هل لى ان اكلمه ؟ هناك الكثير اود قوله له " " وهناك وقت كبير امامك لتقوله بدل الان ، اختصر الحديث معه " وتقدم رودريغو من السرير وقال بهدوء : " خوليو .. لا عليك ان ترد هز راسك فقط .. الامر حول ماريات .لقد ذهبت يا خوليو .. لقد اصبحت حره . واتيت لاخبرك هذا بنفسى .. ولاعوض لك ، اذا كان ممكنا ، عن الاخطاء التى ارتكبتها ضدك . " وامسك بيد خوليو : " لقد كنت على حق يا اخى .. لم تكن لى ابدا . هل تفهم ما اقوله لك ؟ " وساد الصمت فى الغرفه والجميع يحدقون بالجسد المسجى فوق الفراش ، ينتظرون . ووضعت باتريسيا يدها على حنجرتها ، فقد احست فجاه بصعوبه التنفس ماريان عادت حره ... وربما ستعود الى حبها الاول .. حره لان تبقى معه الى الابد . وكانما اراد ان يرد على سؤالها الذى لم تطرحه ... كذلك على كلام شقيقه ، فتحرك راس خوليو على الوساده ، بهزه راس خفيفه ولكن مؤكده .
نهايه الفصل التاسع قراءه ممتعه
الفصل الاخير
الحلم الجميل
ولم يلاحظ احد باتريسيا وهى تغادر الى حجرتها و اغلقت الباب ورائها واستندت اليه وبدأت ترتجف لقد انتهى كل شىء حتى قبل ان يبدأ وعليها ان تواجه هذا ... ويجب ان تتصرف بعزة نفس ، ان لايريد حبها .. فاكبر هدية ان تعطية الحرية ون اى ارتباطات وكل ما علها ان تفعل ان تتقبل الواقع وترحل عليها ايضا ن تعرف ما اذا كان ضيوفهم سيبقون ام سيعودون الى سالتا على الفور .الاب غوميز من المؤكد ان يكون تواقا للعودة الى الارسالية ولكنها ليست متأكدة من نوايا رودريغو لاكروزا. وتمنت ان لا يرغب الضيوف فى البقاء كى تستطيع المغادرة معهم على المركب كما اقترح عليها خوليو ومن الافضل ان تذهب وهو لايزال غير مكتمل الوعى لتوفير الالم على نفسها وسمعت قرعا حادا على الباب – -من الطارق ؟؟؟ -لورانزو سينوريتا ...هل لى ان ادخل ؟ الطبيب ؟ وخفق قلبها وهى تفتح الباب : هل هناك شىء خاطىء... هل ساءت حالة خوليو ؟ -لا ..... لا لقد كان يبدوا عليك على وشك الاغماء فقلقت عليك لست من النوع الذى يفقد الوعى بسرعة . ولكن ها لايفسر شوبك ولا الظلال تحت عينيك . هل انت واثقة ان لس هناك شىء تحتاجين لاستشارتى فية - لا........ لاشىء حقا - اه ....لقدالتقينا توا ... وربما بعد بضعة ايام ستثقين بى - سنلتقى عند العشاء ..واتمنى ان تكون اخبار خوليو طيبة - اذان فالحظ ليس الى جانبها ، فقد كشف العشاء ان الضيوف باقون لفترة غير معروفة بما فيهم الاب غوميز الذي فسر بقاءه بالرغبه في زياره السكان المحليين... ونظر اليها رودريغو معتذرا -ارجوا ان لا نزعجك ولكن انت تفهمين فانا واخي لدينا حديث طويل بعد ان يشفى ويصبح قويا لما يكفي -ومتى سيكون ذلك؟ فرد الدكتور لورانزو -في وقت اقصر مما ارجوه ... فخوليو لا يجب فكره الخاود للراحه حتى انه تمنى لو انضم الينا الان للعشاء فابتسم رودريغو -هذه هي المعجزات التي يفعلها الحب بعد انتهاء القوه قف الدكتور لورانزو قائلا -سالقي نظره على مريضي ...ربما تحبين مرافقتي سنيوريتا... وقال لها وهما يسيران في الممر نحو غرفه خوليو -انت لم تاكلي شيئا لقد راقبتك تقلبين الطعام فوق الصحن وهذا ليس بالجيد وخاصه الان -انا فقط... لم اكن جائعه .. ربما رده الفعل بعد صمت قصير تابع -ربما... يمكنك الثقه بي .. اي شئ تقولينه سيبقى امنا معي اعدك بهذا -اذن هناك شئ هل رايت ماريا دي لاكروزا من قبل ؟ -سي ..ولماذا؟ -اودمعرفه شكلها -اذا كان هذا كل شئ فالامر بسيط.. لها وجه جميل وجسد رائع شقراء لونها برونزي ومن اميركا واسنان رائعه بيضاء وماذا اقول بعد؟ انها كنجمه سينما .. حلم كل رجل لا يمكن نسيانها بسرعه -لا.. لقد عرفت هذا ... شكرا لك وفتح الباب واشار اليها لتتقدمه ...ولذهولها وجدت خوليو يقف عند النافذه وكان عاري الصدر ما عدا الرباط الذي يحمل ذراعه المصاب... فقال الدكتور لورانزوا بانزعاج -تطلب نصيحتي ثم تتجاهلها لقد امرتك بالراحه فرد عليه خوليو -لدي ثقب في كتفي .. ولقد ارتحت ما فيه الكفايه وعلى الان ان اتابع حياتي -عليك تغيير ثيابك .. ساذهب لا علم مارغريتا وخرج الدكتور مغلقا الباب وراءه لطف .. وسد الصمت ....واحست باتريسيا بحراره الاحراج واخيرا قالت -انا اسفه ..لم تكن فكرتي المجئ الى هنا -اعلم... كانت فكرتي ... علينا. ان نتكلم -ليس ضروريا -اعلم انه ضروري ..فقد ظلمتك باتروسا -عما تتكلم؟ -عن دودج ..الامير كانو .. لقد ضربك ودفعك من الشاحنه كان يمكن ان يقتلك ..انطونيو كان هنا واخبرني كل شئ -اوه... لقد كانت غلطتي ...من الغباء ان اقرر الذهاب معه ... ولكنني كنت ... -يائسه؟ -اعتقد هذا .. كنت مضطره ..وكان عليك ان تعرف انني .. و انت.. لن ننجح معا .. مستحيل .. لكل انواع الاسباب والان كل شئ اصبح افضل ..لجميع -اتظنين هذا ؟ انت ورودريغو متفائلان اكثر مني ..فانا اتوقع مشاكل كبيره -ولكنك ستحصل على السعاده اخيرا فبعيدا ..عن اي شئ لم يكن بامكانك السعاده وانت معزول عن عائلتك -صحيح..وكلنني ماكنت افضل مثل هذه الطريقه للعوده اليهم... -ستخف مشاكلك كثيرا عندما اتركك مع انني لست ادري متى فالاب غوميز لن يعود الى سالتا قريبا -لست مضطره لانتظاره .. سياخذك بيدرو الى سانتياغو ديلاستيرو وسيبقى معك الى ان تلاقي مركبا -اوبريغادو .. شكرا .. انت لطيف جدا -لا... فكلانا يعرف الحقيقه كويرادا وسوف ابقى العن نفسي لما تبقى من حياتي للطريقه التي عاملتك بها ... لقد املت ان اعوض عليك ان اعلمك بان بامكاني ان اكون لطيفا .. ولكنني ارى الان ان الامر كله كان غباء -لا .. لايهم الامر بعد الان -ولكنه مهم لي باتروسا ... ولن احتمل ان تذهبي من هنا وانت تكرهيني -انا لا اكرهك .. لن استطيع كرهك ابدا ومد يده اليها -تعالي الى قربي للحظات .. بيرفافور وتقدمت منه ببطء وصوت من دخلها يصيح بها .. لايجب ان تفعلي هذا .. ولكن يالهي العزيز الا يمكن ان امنع نفسي... ونظرت اليه بحزن وقالت -يجب ان اذهب .. الدكتور لونزو سيعود الى هنا قريبا وانت بحاجه للراحه -امامي ما تبقى من حياتي لا رتاح ولكن ليس امامي سوى ساعات امضيها معك كارينا لقد قلت اشياء قاسيه لك بالامس ..وانا نادم عليها واريد اعيد هذه لك الان دون شروط ...انها لك **فافعلي بها ماتشائين ولمعت الالماسه في ضوء القنديل وهو يثبتها حول رقبتها وحاولت انتزاعها -لا خوليو ...لا لا ااستطيع اخذها ...وخاصه الان يجب ان تحتفظ بها ... لشخص اخر -لا... الالماسه لك ...وستبقى دائما ومرر اصابع ذراعه السليمه على رقبتها ثم رفع ذقنها اليه ولمس فمها المصاب -ذلك الحيوان فعل بك هذا؟ وهزت راسها بصمت وقد تسمرت في مكانها لقربه منها وتلفظ بكلمه سريعه متوحشه ثم قال -هل تؤلمك؟ -احيانا --عندما قبلتني ليله امس مثلا؟ فتصاعد دم الخجل الى وجهها -قليلا.. اجل -ايتها المسكينه وهل ساسبب لك الالم الان لو قبلتك قبله الوداع؟ وفكرت بالم .. اجل .. ولكن ليس بسبب الضربه .حاولت ! -لا تفعل ارجوك -ولكنك قلت لي انك لا تكرهيني -لا اكرهك ...صدقني .. ولكن هذا لا يعطيك الحق في تقبيلي فانت ملك لامراه اخرى ..فدعني اذهب .. ارجوك -انا ملك لك ... ولكنك لا تريديني وبدات المراره ..فصاحت دون تفكير -هذا ليس صحيحا -ماالامر اذن ؟هل هو المكان ؟ لايجب علينا ان نعيش فيه اذا كانت لا تحبينه ..فلدي املاك غيره ليست بعيده عن المدينه وبامكانك ان تختاري كواريدا .. ولكن لا تتركيني -وماذا على ان افعل؟ هل اشارك ماريان بك ؟ لا استطيع ولن افعل -ماريان ؟وما دخل بنت العاهره بنا؟ انت تحبها كنت مغرما بها الى ان تزوجت رودريغو -وهل تعلمين لماذا تزوجته؟ لانها ظنت انه اكبر اولاد العائله وسيرث كل الاملاك والاموال -الهذا تخلت عنك؟ لابد انك مخطئ لايمكن ان تفعل هذا -لقد قالت لي ذلك بفمها واعلنت عن اسفها انما بما ان رودريغو هو الاكبر فهو اللقطه الافضل مه انه لن يكون الزوج المثير لها -ولكن لو كانت تحبك.. -الحب لا شان له هنا فهناك امراه في حياه ماريان المتعه...والمال وهي مستعده لاستخدام المتعه في سبيل الحصول على المال لكن الجشع ضللها ..فعندما مات ابي ترك كل شئ مقسما بيني وبين رودريغو وشقيقتنا كماهي العادات وكانت صدمه كبيره لها لتكشف انها ضحت بنفسها لرجل لا تريده دون اي مقابل -الم تحذرها ان الامور ستكون هكذا؟ -بالطبع لا ..لم تكن تستاهل ومرتزقه وتستحق السخريه لقد حاولت تحذير رورديغو ..ولكنه كان مجنونا بحبها ورفض ان يستمع لقد كان دائما ضعيفا وخجولا مع النساء ولا خبره له ..ولقد عصفت به ماريان واطارت له عقله -ولكنها اطارت عقلك ايضا لقد قلت لي هذابنفسك وحرك كتفه المصاب بقلق -في الماضي اجل.. اعترف... انها امراه مثيره ولكنني فيما بعد رايت كل عيوبها وحل مكان الاثاره الازدراء -لكنك لازلت تريدها؟ -وما يجعلك تقولين هذا ؟ ماهي القصص التي سمعتيها؟ فاحمر جهها لحده كلماته وقالت -سمعت انك حتى وهي متزوجه من اخيك كنت تريدها.. وهو اكتشف الامر وشاهدكما معا -اه اجل..خذا صحيح ولكن ليس اكثر فعودتنا معا كعاشقين كان فكرتها... كنت قد تركت المنزل لمده ولكن كان على العوده لاناقش امر وصيه والدي.فدخلت الى غرفتي وعرضت نفسها وكانت قد سئمت من رودريغو وعندما رفضت نعتتني بابشع النعوت ثم مزقت قيابها واخذت تصرخ فدخل رودريغو ووالدتي فقالت انني اغويتها لكنون لوحدنا ثم حاولت اغتصابها وتاوه قليلا.. ثم تابع -جن جنون رودريغو من الغيره والغضب وحاولت التفاهم معه ولكن دون جدوى ..ولذا عدت الى هنا وانا اعلم انه يوما ما سوف يكتشف حقيقتها وهاهي قد تركته الان وهربت مع رجل اخر مليونير بترول كما عرفت واتمنى له الحظ السعيد معها -ولكنك قلت انك التقيت بالمراه التي ستحبها طوال حياتك ولكنها لا تريدك -لم اكن اتكلم عنها كارينا..كنت اعنيك انت وامسك وجهها بيده فقالت باضطراب -لا لايمكن هذا -ولماذا لا؟ وجهه ...صوته ..كانا صارمان -الن تصدقي بانني وجدت الحب الحقيقي؟ ولانني ارتكبت غلطه مع ماريان يجب ان ادان بالوحده الى الابد؟ -ولكنك لا تحبني ...لايمكن ..حتى انني لست جميله -بل انت جميله ..لقد ادخلت للطف والرحمه الى بيتي والى حياتي -ولكنك لا تعرفني هز خوليو راسه اتظنين ان الحب لا يمكن ان يحصل في وقت قصير. انت مخطئه كارينا ..اظن انني اعرفك منذ وقت طويل وانتظرتك منذ وقت طويل وكنت امل ان تشعري يوما ما بنفس مشاعري ولكنني اظن الامر مستحيل ..فقد حدثت اشياء لا يمكنك الثقه بي بعدها ولا الومك ... على كل انت لم تتظاهري ابدا بشئ من الاهتمام تجاهي ولك حياتك في بلادك ونظرت اليه بحزن وقلبها يكاد يقفز من عينيها -ان لي وجود وكينونه -ماذا تحاولين القول؟ -اقول... انه الحب يمكن لكل شئ ان يكون ممكنا ..حتى في وقت قصير فقال بصوت كله حنان -هل تحبينني حقا؟ وجدت نبضات قلبها ورفعت راسها اليه -اكثر من حياتي... اريد البقاء معك خوليو ..اريد ان اكون زوجتك لطالما حلمت بهذا .. وبسماعك تقولين هذه الكلمات ..ليله بعد ليه في هذا الفراش الملعون ... لوحدي قولي لي انني لست احلم الان ولاول مره بدا دون دفاع ومعرض للعطب وخفق قلبها بحنان جوابي وابتهاج ودخلت دائره ذراعه المصابه ..ورفعت له وجهها ..وسالته بلطف -وهل سيقنعك هذا ؟ وتلامست شفتاهما ...ولم يعودا يستطيعان الكلام... وعندما ابتعدا مسح خوليو شعرها وهو يضحك باضطراب -عروستي .... حبي ..كيف قاومتني؟ -كنت اقاوم نفسي . كما اظن -وهل حل السلام بيننا الان؟ وابتسمت له بحب وقالت مداعبه -اوه .... ستكون هناك معارك قادمه..دون شك ..فانت مستبد بما فيه الكفايه ومع ذلك فانت مستعده للمخاطره معي ؟ -ساخاطر باي شئ واراحت وجهها على صدره وهي تعلم ان كل الامان والسلامه التي يمكن للدنيا ان توفرها لها موجوده بين ذراعيه وهمست -كل يوم مغامره جديده ومدت راسها لتقبله من جديد تبتسم له وتفكر بالطفل اول مغامره رائعه لهما في حياتهما معا قد بدات وبرزت السعاده في صوتها -حبيبي.... هناك شئ اريد ان اخبرك به ...
تمت

تحميل الرواية مكتوبة

تحميل الرواية مصورة