في سرعة متوسطة راح خليل
يقطع ذلك الطريق الطويل ، بين بلدته
الصغيرة ، و الطريق الموصل إلى
العاصمة .. كان الظلام حالكا ، على نحو
يخالف المألوف ، مع غياب القمر ، و
السحب الكثيفة ، التي تملأ السماء
في واحدة من ليالي الشتاء .. و على
الرغم من ضوء مصباحي السيارة ، لم
تكن الرؤية تتيح له المضي قدما في طريقه
فعلى يمينه حقل كبير ، بدأت نباتاته في
النمو منذ أيام
***
و على يساره تلك الترعة
الواسعة ، التي تمتد من فرع النيل ، و
حتى نهاية القرية .. سار على مهل ، و هو
يشعر بالسخط ، لاضطراره إلى السفر
ليلا ، بسبب تلك التطورات في شركته
في ( القاهرة ) .. حاول تشغيل مذياع السيارة
القديمة ، إلا أنه لم يستجب ، فمط شفتيه في
ضيق ، و جازف بزيادة السرعة ، و على
الرغم من وعورة الطريق ، حتى يبلغ الطريق
الرئيسية ، ، في أسرع وقت .. و من بعيد
لاحت له الأضواء ، مما جعله يزيد من سرعته
أكثر ، و كله لهفة على بلوغ الطريق ، و
و فجأة انتبه إلى أمر عجيب .. تلك لم تكن
أضواء الطريق .. إنها أضواء مركبة ما
تتجه نحوه مباشرة ، و في سرعة تفوق
المألوف .. ضغط فرامل سيارته قليلا ، و هو
يتساءل عن ذلك السائق المجنون ، الذي
ينطلق بهذه السرعة ، على طريق كهذا
و لكن المركبة كانت تقترب ن بسرعة
تفوق سرعة أية مركبة أخرى ، رآها في
حياته .. ثم اتسعت عيناه في شدة .. و
عرف فجأة ، كيف تنطلق بهذه السرعة
إنها لم تكن تنطلق على الطريق الوعر
بل فوقه .. و لم يكن الضوء ينبعث من
مصابيحها .. يل منها كلها .. و بكل رعبه
ضغط فرامل سيارته ، ثم حاول التراجع
بها إلى الخلف .. و لكن محرك السيارة لم
يستجب .. بل كلها لم تستجب .. كل شيء
فيها توقف فجأة ، و كأنما انسحبت كل
طاقتها دفعة واحدة .. و تلك المركبة العجيبة
في سرعة .. و تفترب .. و تقترب .. فتح
باب السيارة في فزع ، و انطلق محاولا
الفرار منها ، في نفس اللحظة ، التي بلغته
فيها تلك المركبة ، التي بدت أشبه بقرص
كامل الاستدارة ، تنبعث منه الأضواء من
كل مكان .. حدق فيها لحظة ، في ذهول و
استسلام ، قبل أن يسطع منها ضوء مبهر
في وجهه ، و .. فقد الوعي .. لم يدر كم
ظل فاقد الوعي ، و لكنه عندما أفاق ، كانت
الشمس في كبد السماء ، و كان راقدا وسط
أعشاب طويلة عملاقة ، لم ير مثلها من قبل
نهض في رعب ، يتساءل أين هو ؟ ! لم
يكن يدري أين هو ؟ ! ، و لا أين نقله ذلك
الجسم المستدير ، فتلفت حوله في ذعر
إلا أن تلك الأعشاب العملاقة كانت تملأ
كل المكان ، و تحجب عنه الرؤية تماما
توقف في مكانه بضع لحظات متسائلا
عما حدث ، و محاولا تحديد المسار
الذب ي ينبغي له أن يتخذه .. ثم شعر
بتلك الحركة وسط الأعشاب العملاقة