الستار الأسود ـ الجزء الثاني


في سرعة متوسطة راح خليل يقطع ذلك الطريق الطويل ، بين بلدته الصغيرة ، و الطريق الموصل إلى العاصمة .. كان الظلام حالكا ، على نحو يخالف المألوف ، مع غياب القمر ، و السحب الكثيفة ، التي تملأ السماء في واحدة من ليالي الشتاء .. و على الرغم من ضوء مصباحي السيارة ، لم تكن الرؤية تتيح له المضي قدما في طريقه فعلى يمينه حقل كبير ، بدأت نباتاته في النمو منذ أيام
***
و على يساره تلك الترعة الواسعة ، التي تمتد من فرع النيل ، و حتى نهاية القرية .. سار على مهل ، و هو يشعر بالسخط ، لاضطراره إلى السفر ليلا ، بسبب تلك التطورات في شركته في ( القاهرة ) .. حاول تشغيل مذياع السيارة القديمة ، إلا أنه لم يستجب ، فمط شفتيه في ضيق ، و جازف بزيادة السرعة ، و على الرغم من وعورة الطريق ، حتى يبلغ الطريق الرئيسية ، ، في أسرع وقت .. و من بعيد لاحت له الأضواء ، مما جعله يزيد من سرعته أكثر ، و كله لهفة على بلوغ الطريق ، و و فجأة انتبه إلى أمر عجيب .. تلك لم تكن أضواء الطريق .. إنها أضواء مركبة ما تتجه نحوه مباشرة ، و في سرعة تفوق المألوف .. ضغط فرامل سيارته قليلا ، و هو يتساءل عن ذلك السائق المجنون ، الذي ينطلق بهذه السرعة ، على طريق كهذا و لكن المركبة كانت تقترب ن بسرعة تفوق سرعة أية مركبة أخرى ، رآها في حياته .. ثم اتسعت عيناه في شدة .. و عرف فجأة ، كيف تنطلق بهذه السرعة إنها لم تكن تنطلق على الطريق الوعر بل فوقه .. و لم يكن الضوء ينبعث من مصابيحها .. يل منها كلها .. و بكل رعبه ضغط فرامل سيارته ، ثم حاول التراجع بها إلى الخلف .. و لكن محرك السيارة لم يستجب .. بل كلها لم تستجب .. كل شيء فيها توقف فجأة ، و كأنما انسحبت كل طاقتها دفعة واحدة .. و تلك المركبة العجيبة في سرعة .. و تفترب .. و تقترب .. فتح باب السيارة في فزع ، و انطلق محاولا الفرار منها ، في نفس اللحظة ، التي بلغته فيها تلك المركبة ، التي بدت أشبه بقرص كامل الاستدارة ، تنبعث منه الأضواء من كل مكان .. حدق فيها لحظة ، في ذهول و استسلام ، قبل أن يسطع منها ضوء مبهر في وجهه ، و .. فقد الوعي .. لم يدر كم ظل فاقد الوعي ، و لكنه عندما أفاق ، كانت الشمس في كبد السماء ، و كان راقدا وسط أعشاب طويلة عملاقة ، لم ير مثلها من قبل نهض في رعب ، يتساءل أين هو ؟ ! لم يكن يدري أين هو ؟ ! ، و لا أين نقله ذلك الجسم المستدير ، فتلفت حوله في ذعر إلا أن تلك الأعشاب العملاقة كانت تملأ كل المكان ، و تحجب عنه الرؤية تماما توقف في مكانه بضع لحظات متسائلا عما حدث ، و محاولا تحديد المسار الذب ي ينبغي له أن يتخذه .. ثم شعر بتلك الحركة وسط الأعشاب العملاقة

تحميـــــل الملــــف مـــن هنــــــا