بداية القصة يحكى أنه في سالف الأوان ، وفي يوم من ذات الأيام ، اقترض جحا من أحد أصدقاءه التجار ، مبلغاً كبيراً من المال ، ولكنه عجز عن رده ، فكان يتهرب من صاحب الدين ، حتى لا يطالبه ، وإذا تصادف أن قابله جحا ، وطالبه بما عليه ، أعتذر له جحا ، بضيق ذات اليد ، طالباً منه مهلة أخرى من الأيام جحا وصاحب الدين وفي ذات يوم ، وبينما كان جحا جالساً ، في نافذة داره المطلة على الطريق ، رأى صاحب الدين آتياً نحوه ، فأسرع جحا بالاختفاء من النافذة ، وقال لزوجته : تعالي قابلي هذا الرجل ، وتخلصي منه بعبقريتك ، فقالت له زوجته : وماذا أقول له يا جحا ؟ ، فقال جحا : قولي له من العلل ما يخطر لك ، حتى ينصرف من هنا ولا يزعجنا بمطالبه زوجة جحا وصاحب الدين وقفت زوجته لتترقب قدوم الرجل ، وجحا واقفاً بعيداً ، ليسمع ما يدور بين زوجته والرجل ، فلما دق الرجل الباب فتحت الباب قليلاً ، وسألت : من الطارق ؟ ، فأجاب الرجل قائلًا : أظنك تعلمين من أنا ، عند سماعك صوتي ، لأني جئت إليكم أكثر من مرة ، بل قد تكون هذه المرة هي المائة ، ثم أردف بحده قائلًا : يا سيدتي ، أنا صاحب الدين ، وقد تجاوز عملكم حد العيب ، فقولي لزوجك أن يحضر لأكلمه كلمتين ، قالت له زوجة جحا بتأن : قل لي ما تريد أن تذكره له ، وأنا أنقله إليه ، فقال الرجل : أتقصدين أن جحا ، لا يريد مقابلتي ، ولا يريد أن يدفع ما عليه أيضا من أموال ؟ مراوغة زوجة جحا فأجابته زوجة جحا : لاشك أنك محق في شكواك ، وخذ مني موعداً جازماً ، بأننا سنوفيك دينك ، لأننا اكتشفنا وسيلة جديدة للرزق ، قال الرجل متلهفاً : أتقصدين أن هناك ، وسيلة للرزق ، تستطيعون عن طريقها سداد دينكم حقاً ؟ ، فأجابت زوجة جحا بصوت منخفض : نعم ، فقال الرجل : وهل تطول هذه المدة ؟ حجة زوجة جحا قالت : لا ، فإن قطعان غنم القرية ، بدأت تمر من أمام بيتنا ، وبمرورها يقطع صوف كثير منها فنجمعه ونغزله ، ونجعله خيوطاً ، ونبيعها في السوق ، ونؤدي إليك حقك ، لأننا لا نأكل حق أحد ، فأخذ الرجل يقهقه ، بعد أن كان يستمع إليها مصغيًا ، بوجه عابس جحا يظهر فجأة وسمع جحا قهقهة الرجل ، وهو في الداخل ، فخرج إلى باب المنزل ، ومد عنقه من الباب ، ونظر للرجل وهو يضحك بشدة وقد اختفى العبوس من وجهه تماماً ، فقال له جحا : آه منك أيها المهزار ، أتضحك الآن بملء شدقيك ، بعد أن ضمنت حقوقك