لعبة بين يديه

لعبة بين يديه
للكاتبة: مارغريت واي
الملخص
جميلة إلى حد الفتنة , قلقة لا تعرف من تختار , والجميع يتهافت عليها لأنها أمنية كل رجل فى هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة من برارى استراليا , حيث الظمأ حقيقة يومية والسراب دائم الحضور. سارى الشابة ذات الجاذبية الساحرة , بشعرها الأحمر وعينيها الواعدتين , تلوح كالسراب وتختفى. منتديات ليلاس ولكنها صعبة المنال حتى على بليك , ملك الماشية الذى لا يعرف معنى لكلمة لا. انها لعبة مليئة بالأخطار. وهل هناك لعبة أخطر من الحب؟
الفصل الأول
1-كنوز في البراري وصل الى حافة الصحراء وأخذ يتأمل مساحاتها القاحلة , كانت رياحها الدوارة قد أعادت تشكيل التلال الرملية فظهرت كأعمدة مرتفعة لمعابد تاريخية ,وسارت أمواجها بشكل متواز الى ما بعد حدود بصره. كانت الصحراء بلا نهاية .... ستة وخمسون ألف ميلا مربعا من الرمال الحمراء , الداكنة , المحرقة , كان يعرف هذه الصحراء جيدا .... يعرفها ويحترمها بقلبه وعقله , هنا , بين كثبانها لم يكن شبح الموت يطارده , لأن الصحراء جزء من حياته ومن وطنه. كانت الحرارة شديدة , وبعد يوم شاق شعر بأنه على وشك الأنهيار , لكن الصحراء برمالها الذهبية بقيت تشده اليها بشكل مغناطيسي , لقد سافر في أنحاء العالم سائحا لكن لم يجذبه مكان مثل مالبارا , أرضه التي ملأته مع كل أفراد عائلة ميريديث بالكبرياء وحب التملك. كان أجداده قد أتوا من كوخ بعيد في البراري , حيث الوحدة مأساة والمرض أنياب تفتك بالحيوان والأنسان , وحين أستقروا في مالبارا وجدوا بأنتظارهم سنوات طويلة من القحط وسماء حمراء الغبار , لكنهم عملوا بجد حتى تغلبوا على العوامل الطبيعية وحصدوا في النهاية ما زرعته أيديهم . كانت ملبارا أسطورة خارقة القوة , وعندما تكلمه بلغتها , لغة الأرض , لم يكن يظهر على وجهه الداكن أي أثر للعواطف , لكنها بقيت في مخيلته بعيدة المنال جليلة.منتديات ليلاس على مقربة منه أمتطت فتاة حصانها , وكان الحصان وراكبته متطابقين : ألوان زاهية , دم أصيل, وحساسية مفرطة , كانت ساري فتاة تشتعل بروح العداء والتنافر وكانت تحاول جاهدة السيطرة على هذه الروح , لكن عجرفة بليك هي التي جعلتها فريسة لهذه الحمى التي لا يمكن أن تخمد. أشرف بليك على مسيرة حياتها منذ كانت في الثانية عشرة من عمرها , بعد أن هربت أمها تاركة أياها وحيدة , أما والدها راؤول الذي كان قريبا لبليك بالنسب فقد قتل منذ سنوات قليلة , كان أحد أفراد عائلة ميريديث , ولكن أبعد قليلا عن جذورها القوية الأصيلة. كان بليك دقيقا ذا تأثير بعيد المدى , تبنى ساري بقوة القانون رغم معارضتها المريرة لذلك منذ اليوم الأول الذي طار فيه ألف ميل للمطالبة بها , أستطاع بليك بعد ذلك كسب ولائها بشكل محدود , رغم كونه ملكا من ملوك دنيا الماشية , أما مالبارا , أرض بليك , فقد أحبتها لأنها تتأجج بالسحر والحياة , لكنها فضلت أخفاء حبها هذا عن بليك ناسية أن وجهها ما هو ألا مرآة تعكس مشاعرها. على كل حال كان بليك قد نسي ساري تماما وجعل يتأمل الصحراء المحيطة به , كان مظهره ينم عما هو عليه في الحقيقة: " الرجل الذي لا يقهر , رمز البطولة في تلك المساحات الشاسعة القاسية , ولكن ذلك يتناسب مع وساومته ورجولته التي لا تقبل الجدل , كان صبورا رغم أن مظهره لا يوحي بذلك , كما أنه ذو طبيعة قيادية جعلت أغلب الناس يمتثلون لأوامره , ألا ساري التي قاومت سلطته بضراوة رغم أنه كان يحاول جاهدا أسرها في دنيا من الأنضباط والنظام , كل هذا أشعل بينهما حربا لا هوادة فيها , أما اليوم فقد كانت ساري تحاول التعاون معه وأظهار جانب اللباقة فيها , لأنها كانت تتوق الى رحلة أدليد لما فيها من متعة وخبرة ,وبقي تأثير بليك قويا على ساري حتى عندما كان مشيحا برأسه عنها وبشكل جعلها تتساءل: ما الخطأ في تمضية أسبوع مع عائلة شلتون؟ أنها عائلة معروفة أجتماعيا , ليا أعز صديقاتها وشقيقها بيتر شخصية لامعة , أثيرت المشكلة عندما علم بليك من مجهول أن بيتر مغرم بها , وهذا طبعا غير صحيح , لكن مهما كانت الحقيقة فأنها شخصيا مفتونة ببيتر , ولن تدع بليك يودي أول علاقة عاطفية لها الى مهاوي الفشل. أثارت هذه الأفكار أضطراب ساري وتطلعت نحو بليك بنظرة ملؤها الغضب , لم يبد على بليك أي أهتمام فزاد أمتعاضها .( أنه يستحق أن أهرب مع بيتر ونتزوج) لكن فكرة الزواج بحد ذاتها أخافتها وأعادت ذكرى النقاشات الحادة بين أمها وأبيها حية تملأ مخيلتها أذا كان هذا هو الزواج فهي ستصرف النظر عن الفكرة نهائيا , لكن الحب يختلف حتما , أن للحب قوة تفتح كل أبواب الحياة المغلقة على مصراعيها ,لكن لماذا لا تكون جستين شقيقة بليك الكبرى هي التي كلمته؟ كانت جستين تعيش في أدوليد وهي متزوجة من رجل أعمال مشهور تحول مع مرور الزمن الى سياسي كبير , كانت شقيقته هذه تراقبها بدقة في عطلة نهاية الأسبوع ,حين كانت تترك المدرسة الداخلية التي أختارها لها بليك , وخلال الأجازات الطويلة التي كانت تقضيها في مالبارا. أحست ساري أنها ستنفجر كبركان غاضب في وجه بليك بكل عجرفته وتسلطه لأنها تشعر معه بكونها عنيدة ومزعجة: " حسنا". قالها وهو يدير رأسه بأتجاهها بكل ثقة , أربكها ذلك , لمعت عيناه فأضاءتا وجها تركت أشعة الشمس آثارها واضحة عليه , بدا رائعا , فتنها بحق , لكنها كانت مصممة على الأستمرار في لعبتها حتى النهاية. " بليك أرجوك, ألا يمكنني؟". وذابت زرقة عينيها في لون شعرها الأرجواني حتى خيل لبليك أنه أمام زهرة نادرة , لكنه أجاب بسرعة ودون أن يتأثر بجمالها وتضرعها: " كلا........". تخلت عن لباقتها وأندفعت تسأله: " قل لي لماذا؟". ألتقت نظراتهما قبل أن يجيب: " أنني لم أبعث بدعوة مفتوحة الى السيد شلتون هذا , أما أذا كان يعتقد أنه سيتزوج من عائلة ميريديث فهو مخطىء , وعليه أن يحذر الغد الآتي". " أجل.... آل ميريدث ! القبيلة المتكاملة!". " أنت جزء منها!". " ماذا؟ نعم أنا القريبة الفقيرة!". " لكنك لا تتصرفين كواحدة!". وأضاء عينيه نور غريب قبل أن يقول: " هيا يا ساري هيا , أفعلي ما تشائين , أنا أعرف أنك تكرهين السلطة , والتمرد من طباعك منذ كنت في الثانية عشرة من عمرك , أنا لا زلت أذكر كيف أخرجتك من منزل تلك المرأة ... ماذا كان أسمها؟". " أنك تدعي عدم المعرفة! وأنا متأكدة من كونك تعرف كل شيء ! أنها الخالة راي". " نعم..... الخالة راي , يا ألهي". " لا تتكلم عنها بهذا الشكل". قالت سالي محذرة: " الخالة راي كانت صديقة مخلصة من صديقات مارا". " تعنين والدتك !". صحح بليك : " بل مارا!". أجابت ساري بعناد , بأمكاني مناداتها بأسمها لأنني لن أراها بعد اليوم ". " لا نستطيع الجزم بذلك أبدا". قال بليك بجدية: "أنا لن أكون مثلها أبدا!". قالت ساري دون أن تلاحظ علائم الجدية الظاهرة على بليك: " فلماذا لا تدعني أذهب؟". " قلت لا". سرت رعشة مفاجئة في جسم ساري وعلت ضربات قلبها ( لا فائدة من التقرب من بليك عندما يكون عصبي المزاج , ومع ذلك يستمر في مراقبتي بأهتمام). " أعتقد أنني معك لا أستطيع الوصول الى أي شيء: لا بالتذرع ولا بالأأسترضاء ولا حتى بالتملق". قالت ساري بصوت خافت حزين: " وهل تعتقدين أن ذلك سيء؟". قال بليك بقسوة: " تأكدي يا ساري أنه لا يمكنك الوصول دائما الى ما تريدين وبالطريقة التي تريدينها , خاصة وأنك متقلبة , منحرفة ويائسة". حاولت أن تكبح جماح دموعا قبل أن تقول: " أنت كريه!". أحتفظي برأيك لنفسك". قالت بعصبية: " كم أتوق الى ضربك بالسوط". " قد تفعلين , لكنني سأجد طريقة لرد أهانتك!". في تلك اللحظة أدخل الهواء خصلة شعر حريري أحمر في عينيها , فأزالتها بقسوة قبل أن تقول: "أنا في التاسعة عشرة من عمري يا بليك". " ليس هناك ضرورة لتذكيري لأنني أعد الأيام التي ستصبحين بعدها في سن الرشد ومالكة لزمام أمرك". آلمها كلامه وأمتعضت للفكرة قبل أن تقول بمرارة: " أذهب الى الجحيم....". " لم يحن الوقت بعد, يجب علي تدريبك أولا على أشياء كثيرة قبل أن تسيري على درب الزواج , علما بأن زوج المستقبل سيكون محظوظا لأنك جميلة , أذ صرفنا النظر عن الأشياء الأخرى". " شكرا لك". وفجأة أحست بنفسها طفلة تفصلها عنه فجوة سببها قلة خبرتها , كان بليك الأعلم دائما في كافة المجالات , هذا أذا أستثنينا تيار القوة الذي يحيط به. وعندما غمرت أشعة الشمس وجهه ذا الملامح الواضحة الموحية بالصلابة , أصبح النظر اليه كافيا لأن يسعدها ويدخل البهجة الى قلبها , لكن ساري كثيرا ما أعتبرت مظهره هذا تحديا سافرا لها , كانت , والحق يقال , تخافه رغم أنها ترفض الأعتراف بذلك , لكن غيابه عن حياتها سيتركها حتما للوحدة , تلك الثمرة المريرة لعلاقتها غير المستقرة هذه , أن بليك لا يمكن أن يتغير وهي ستبقى أسيرة سلطته دون شك لأنه رجل بمعنى الكلمة , وتنفيذ رغباتها معه هو بحكم المستحيل , خاصة وأنه على معفة بأعمق مشاعرها , وأدق أحاسيسها , وحتى نقاط الضعف فيها. كانت ساري تشعر أن معارضتها لبليك- حتى عندما يكون في أسوأ حالاته- فيها خبرة كافية لها , أسعدها ذلك فظهرت معالم الفرح على وجهها الذي ليس ألا مرآة تعكس مشاعرها المتضاربة بصدق. كانت تحس وهي معه أنها دمية لأنه الوحيد الذي يعرف كل خطوة يمكن أن تقوم بها , مما يضعفها أمامه , ألا أنها كانت تقتنع أحيانا بأفكاره تمام الأقتناع , وأحيانا أخرى تحاول تبرير تصرفاته وجبروته بعد أن تتأكد من عدم جدوى رفضها لهذه التصرفات. " لنذهب الى البيت".منتديات ليلاس قال بصبر نافذ: " وجودي مع تلميذات المدارس الصغيرات يسليني حينا لكن يتركني للملل أحيانا". تحدته: " لكنك وجدت ليا جذابة!". أجابها ساخرا: " ما أغباك.... لقد أستطعت أبعاد صديقتك , وأذا كان شقيقها يشبهها بتصرفاته فأن لي كل الحق أن أبقك في المنزل". أنفجرت قائلة: " يا لها من بصيرة نافذة ! يا لها من ملاحظات ثمينة ! ومن أنت حتى تفرض علي من يمكن أن يكون من أصدقائي؟". " أنا الرجل المحظوظ يا سيلين , أنا الوصي القانوني عليك!". " لا تنادني سيلين .... أن ذلك يزعجني". أبتسم بليك مجيبا: " سيلين هي شبيهة القمر , وأنت فعلا لا تستحقين مثل هذا اللقب , لأنك لست سوى ساري الحمقاء المتحاملة ". " وأنت لا تخرج عن كونك ناقدا سيئا يكرهني ولديه فكرة سيئة عن طباعي , ويهدف دائما الى تحقيري". " بودي أسكاتك ". أجابها ببطىء: " صحيح أن لديك القدرة على التعبير لكنك متقلبة ومشاكسة في أغلب الأحيان , ثم أن عندك ما يكفي من الجاذبية التي تملؤك بالحيوية حينا وترميك في أحضان الصمت حينا آخر , فأذا أستطعت الخلاص من كل هذه النقائص اللاذعة قد تصبحين أمرأة !". " لا أصدق أنك تعني ما تقول". قالتها وهي ترميه بنظرات ملؤها التحدي , أذا كان بأقواله يريد تحطيمها معنويا فلن تمكنه من ذلك , لأنها من النوع الذي يصعب أخضاعه , لكنه أبتسم قبل أن يقول: "لا ترميني بمثل هذه النظرات يا ساري , أنا أعرفك جيدا ولن يدهشني ما قد تفعلين". " هذا وضع يمكنني تحمله لو أنك تظهر المرونة في بعض الأحيان , ثم أنني لا أرى أي ضرر في رحلتنا الى أدوليد". أجابها بلا مبالاة: " بأستطاعتك دعوتهم أذا شئت , المهم في الأمر يا ساري أن تبقي تحت أشرافي". أرتعش صوتها: " هذا مدعاة للسخرية ... أنت مقدود من حجر!". " لكنني أعتقد أن سليل عائلة شلتون ليس كذلك , أنا لست غبيا يا ساري , تأكدي أنك في نظر أهل البلدة جميعا هبة أرسلها الله لذلك الشاب الذي له شقيقة عركتها الحياة , وأشبعتها من معين تجاربها بشكل سيبقيك دائما طفلة في نظرها , وأنا في الحقيقة أستغرب أستطاعتك الأنسجام معها ".منتديات ليلاس تهدجت نبراتها: " حسنا , أنني لا أنكر معرفتك الأعمق بطبائع الناس ونواياهم , أتعرف.... في بعض الأحيان يخيل ألي أنني لن أتحرر من قيدك أبدا, وهذا شعور ينذرني بالخطر , أنت أنسان شديد الذكاء". " في الحقيقة يهمني كل ما يتعلق بك يا ساري , أقول ذلك وأنا واثق من أنك لن تصدقينني , لكن أمورك تهمني رغم أن طريق الوصول الى تفاهم معك وعر وصعب". " أنت لا تعرف للحياء معنى". " لكنك معجبة بي وهذا الأعجاب يسري في دمك ,لكن من الطبيعي أن تنكري ذلك". كانت ساري تحاول الظهور بمظهر هادىء يشبه هدوء بليك , ومع ذلك لم تستطع النظر الى عينيه اللتين كان لهما أكبر الأثر عليها , كان بليك لغزا وعبقريته تمنعها من خوض غمار أي نقاش معه ,أرادت أن تصرخ مثل أي طالبة مشاغبة كما كان يحلو له أن يسميها , ولطالما آلمها ذلك , لا شك أنه كان مؤمنا بأن فيها الكثير من طباع أمها , لكنه نسي تأثير آل ميريديث الذي كان يجري في عروقها أيضا , صممت ساري أن تقف لبليك بالمرصاد هذه المرة مستخدمة كافة أنواع الخدع , حتى الأنثوية منها. " لكن السيدة شلتون أصرت على قدومي". قالت ذلك بصوت ناعم قبل أن تكمل: " كما أنه ستقام بعض الحفلات والنزهات هذا عدا الجولات في الأسواق......". قاطعها بليك بضحكة قاسية قائلا: " جولات في الأسواق ! أسمعي يا عزيزتي , أنا أعرفك , أعرف أنك أنثى بكل معنى الكلمة ومغرورة , لكنني سأضطر آسفا الى تحطيم غرورك , وشلتون هذا يحبك , أليس كذلك؟ عاطفة نبيلة دون شك , لكن مع الأسف لا نفع فيها وهذا ما سيدفعني الى أبقائك في مالبارا على سبيل الأحتياط , وعليك أن تكوني شاكرة ممتنة ". " أنت لا تنصفني , مع أنني ربيبة الفضيلة بفضل جهودك , وأذا لم أستطع أن أصون نفسي في سن التاسعة عشرة فلن أستطيع ذلك أبدا". نظر اليها بليك بتعال قبل أن يقول: " أخيرا..... أعترفت!". فأرتبكت ساري: " أنا لا أفهمك..... أنني لا أفهم شيئا". " لكن هذا الأمر وما يترتب عليه من نتائج واضح تماما , يستطيع بيتر شلون أغواءك دون عناء , لذلك أدعوك الى البقاء في مالبارا لأنها الأمان بالنسبة لك , علاقة الصداقة هذه التي تتكلمين عنها بينك وبين شلتون قطعت أشواطا بعيدة , ولا أعتقد أنك جادة حقا بشأنها , لأنك لو كنت كذلك لأصبحت معاملتي لك أرق , لقد بدأت تشعرين بقوتك وتحاولين الرفرفة بأجنحتك كالفراشة , وهناك شيء آخر , أنت لا زلت في التاسعة عشرة , طرية العود , أما هو ففي السادسة والعشرين أو ربما أكثر , والأختلاف بينكما جذري , فتاة جميلة مثلك مع مهر محترم يمكنها ترجيح الكفة لصالح الزواج". " مهر! هذا مضحك حقا".منتديات ليلاس سألها بليك: " وهل تعتقدين حقا أنني لن أعطيك مهرا؟". " نعم , أنني أعتقد ذلك ". ورمت يدها في أرتباك ليم***ا بليك قائلا: " توقفي يا ساري .... توقي الآن ما دمت تملكين زمام المبادرة , كان نهاري طويلا وشاقا , وأنت تزعجينني بثرثرتك , أنا لا أحاول أفساد سعادتك , صدقيني , لكن بصراحة , لم تعجبني صديقتك أو عائلتها". " أحسست بذلك ". قالت ساري بذعر : " أنها جستين التي من المفروض أن تكون صديقتي , لكن لا يمكنها أبدا معارضة أخيها , لقد دربت عائلتك تدريبا مدهشا يا بليك وهم يعتمدون عليك في كل شيء". أجابها وقد أخذ التعب منه كل مأخذ: " هذا ما تفعلينه أنت أيضا عندما يحلو لك ذلك , هيا بنا نعود ". سألته بمرارة: " نعود الى أين؟". " نعود الى البيت". أختفت عيناه تحت ظل قبعته وبدا مثالا للرجولة والقسوة , تنهدت ساري دون وعي منها: " وأذا وافقت على البقاء مع جستين ؟ أرجوك يا بليك أسمعني ". تردد قليلا ثم رفع رأسه ونظر اليها نظرة ملؤها التساؤل , مرت لحظات درس خلالها الموضوع قبل أن يقول: " لا.... لأن المسؤولية حينئذ ستقع بكاملها على عاتق جستين , علما بأن جستين لا تتهرب من المسؤولية , سنترك سعير هذه المغامرة العاطفية الوليدة ينطفىء , مع أنني أعلم أن شلتون يذيع الخبر على القاصي والداني". أستغربت ساري: "لا يمكن أن يكون ما تقوله صحيحا , لكنك تقول أي شيء لتؤلمني".\ أجابها بغضب: " يا للجحيم........". وغاضت أصابعه في لحمها قبل أن يقول: " توقفي عن تصوري بشكل وحشيء!". " لكنك تعمل جاهدا على تثبيت مثل هذه الصورة في ذهني ". شدها بأتجاهه بعنف , فأقترب الجواد الأسود الأصيل من الفرس الكستنائية الرقيقة قبل أن يقول بصوت خافت حاول أن يبعد نبرات العداء منه: " ساري..... لا تقولي هذا , دعينا نتدارك الوضع المتفاقم بيننا , لقد فهمت الأمر بوضوح , ولم يعجبني ما توصلت اليه , لقد بدأ الناس يتكلمون وهذا طبيعي ,وقد وصل بعض ما يتهامسون به الي , منذ أتيت الى هنا , أي قبل سنة تقريبا , وصورك في الكثير من المجلات اللامعة , وهذا بأعتقادي شيء مزعج جدا , وهناك أشياء كثيرة لا يمكنك فهمها , أن عندي ما يقلقني ويشغلني بسببك ,ولكنني أراك لا تفكرين ألا بكيفية قضاء وقت ممتع مثل أي طفلة صغيرة".منتديات ليلاس " أيها الطاغية التعس , أنت تعرف أن هذا ليس بصحيح". أشتدت قبضته على لحمها قبل أن يقول: " رددي ما سبق وتفوهت به وسترين بعدها كيف سأقوّم أعوجاجك". أغرورقت عيناها بالدموع قبل أن تقول: " حقا! أتعرف ماذا تشبه؟ أنت تشبه طاغية شرسا لا قلب له ". أستغرب: " صحيح؟". وبقيت عيناه في الظل بينما أستراحت أشعة الشمس على ذقنه . " دعينا من هذا , الحقيقة يا سيلين أنني أعتني بك بشكل ممتاز , لكنك أضعف من أن تقدري ذلك حق قدره , أذا نسي شلتون الموضوع قليلا فسيبدأ حتما بالبحث عن فتاة أخرى يستطيع أن يقضي معها وقتا ممتعا , أنت لست من هذا الصنف حتما". لفت دموع ساري المنظر الممتد أمامها بضباب رقيق: " تقرير جستين كان علامة سوداء بحقه". " بل بحقهم جميعا , أرجوك دعي جستين وشأنها , لأنها تحبك ". " ربما كان الأمر كذلك ". تمتمت بفظاظة وهي تعلم في قرارة نفسها أنه يقول الحقيقة: " ولكنها قد تكون مخطئة بحق بيتر , أتتصوره مجرما؟". أجابها بسرعة : " هو ليس مجرما لكنني وضعته على قائمة ( غير المرغوب فيهم) أتفهمين ما أعني؟". " نعم , لقد فهمتك تماما ". كانت زرقة عينيها تشع بالحياة : "أنت قدري يا بليك , وتزداد كل يوم سوءا". قال ساخرا : " لا يهمني ذلك , خاصة أنك لست طفلة لا حول لها ولا قوة , هيا يا ساري أعترفي.... أعترفي بأنني صاحب اليد الطولى في حياتك". " في ذلك أهمية كبيرة بالنسبة اليك , أليس كذلك؟ ". سألت مستاءة: " ألا يحق لي أن أملك شيئا؟". " أي شيء أو أي شخص تريدينه ما عدا شلتون هذا , لأنه ليس شخصية مهمة أبدا". " قابله , وسترتاح اليه". " لا أظن ذلك , يا صاحبة الشعر الأحمر". ألتقط بنظره الحاد عاصفة رملية قادمة , فأمر ساري: " هيا بنا , أن العاصفة قادمة بأتجاهنا". كان رد فعل ساري عنيفا , أحمرت وجنتاها , وتهاوت قبعتها كاشفة خصل شعرها الأحمر اللامع. " أتمنى أن تبتلعك دوامتها!". " هذا لن يكون يا عزيزتي , هيا بنا , لقد أطلنا المكوث هنا ". تناثر الغبار الأحمر حين أندفع الجواد الأسود بسرعة الى الأمام ,بينما أنحنى بليك قليلا ليصفع فرس ساري الناعمة وينطلقا بسرعة عبر سهل من الحشائش , بينما حفنة من الأزهار البيضاء تدور فوق رأسيهما... من الصعب جدا على الأنسان أن يضيع في دنيا الغضب وهو يركب حصانه , وهذا ما حصل لساري التي ساعدتها لذة الركوب وروعة المساحات الممتدة أمامها في التغلب على أمتعاضها , كان بليك فارسا ممتازا , رشيقا ووقحا في نفس الوقت , ولم يكن لديها حتى الأمل بمجاراته.منتديات ليلاس شعر بليك بأن ساري تنوي أن تسابقه فخفف من شرعة جواده بشكل غير ملحوظ , كان على الأنسان أن يلتزم جانب الحذر مع ساري التي لم يكن من الممكن التكهن بتصرفاتها , لأنها ممتلئة بالحياة و...... عصبية المزاح , عمل جاهدا حتى يتركها تتقدمه , جسم صغير يقفز على ظهر الفرس أمامه عبر الأرض المزروعة بالحشائش , بأتجاه بستان من النباتات الصحراوية المزهرة , أذا كانت من النوع المدلل- وقد كانت بالفعل- فأن السبب في ذلك يعود اليه , لكنه سيضع لهذا الدلال حدا , كان بأستطاعة ساري القيام بأي شيء تريده , كما أنها من النوع الذي يقطر جاذبية , هذا أذا لم تصر على أن تسيء التصرف. لم يكن بليك يخدع نفسه عندما تصور للحظة أنها نسيت كل ما يتعلق بعائلة شلتون , أحتمى بالظلال الخضراء الذهبية , وراح ينظر اليها وهي تمد ذراعيها في الهواء كراقصة باليه معلنة أنتصارها , وقد أمتلأ وجهها صحة وعافية وظهر على أجمل صورة. قالت فرحة: " مستواك في تدهور مستمر!". " أتعتقدين ذلك حقا؟". سألته بتعجرف: " ماذا كنت تفعل بحق السماء؟". " أنتظر يقظتك !". شيء ما في نبرات صوته وعبوس وجهه ترك ساري تلهث ( يا للغرابة , بليك الذي أعرفه أختفى ليحل محله أنسان آخر مختلف تمام الأختلاف , أنسان غريب لكن يدانيه قوية). قالت بشراسة: " ها أنت قد أفسدت علي فرحتي , ولم تحاول الدخول معي في السباق!". رد عليها ببطء: " وهل في ذلك ما يهم؟". أجابته : " طبعا". وعاد من جديد بليك الذي تعرفه جيدا بسخريته وعجرفته , وزال عنها الخوف  كانت لحظة غريبة مرت بسرعة ولن أضيع الوقت بالتفكير فيها). هب الهواء من جديد لينثر البذور والبراعم , لكن عقلها كان يحاول تحليل تلك الظاهرة الجديدة في بليك ,كما يفعل دائما عندما يواجهها خطر تتمنى الخلاص منه.منتديات ليلاس سألها فجأة : " أتوافقين على عودتنا الى دنيا الصداقة من جديد؟". " حسنا". وافقته لكنها بقيت متقوقعة داخل نفسها. وشقت الخيول طريقها بين الحشائش المشبعة بالروائح الزكية , وفي البعد أجتمع قطيع من الثيران الصغيرة حول ينبوع ماء , ثم أنساق الى جزء من القناة جاف مع اع صغير أمتطى صهوة جواده المخصص للعمل وجعل يتأمل القطيع وهو يرد النبع ليشرب. كانت ساري تشعر بألتصاقها بهذا الجزء من العالم رغم كل خلافاتها مع بليك , أنها تعشق هذه البقعة وتعرفها في أسوأ أوقاتها : رأت فيها وجه الخوف والقسوة , عاشت أيام الجفاف والفيضان , لكنها بقيت في نظرها بقعة من الأرض ذات جاذبية قوية خاصة . كانت عالما أقرب الى الخيال حيث امساحات الصحراوية حمراء واسعة تغطيها الأزهار البرية ,والعصافير تتراقص في سمائها فرحة بالرحيق والألوان , أن مالبارا منطقة أسترالية فريدة رغم كونها مخيفة معزولة , وحتى منطقة الأقنية فيها كانت أروع من أجمل حديقة في العالم , في مالبارا تستطيع أن تطوي بناظريك مساحات واسعة من الأرض المغطاة بالأزهار الرائعة التي تتمايل أمام عينيك في عرض رائع لا ينتهي , أما عندما تتقاذف تلك الأزهار رياح الصحراء , فقد يداخلك الخوف بأنك لن ترى براعمها مرة أخرى , لكن البراعم تعود دائما الى الظهور لتغطي قبور الرحالة والمستكشفين الذين فشلوا في الماضي. كان منظر مالبارا المزدهرة رائعا , أما عندما يحاصرها الفيضان من جميع جهاتها فقد كان مظهرها مهيبا , وكذلك الأمر في أيام الجفاف حيث تبدو مدمرة قاسية , لكن الأمطار عرفت في السنين الأخيرة طريقها الى مالبارا فجعلتها أفضل مكان في العالم في نظر ساري التي تصورتها ماردا رقيقا يتناسب في عظمته وقوته مع بليك الأنسان , سيد القطعان التقليدي الذي عرف كيف يتذوق طعم النجاح , كل ذلك أشعر ساري بالضعف. تأملت وجهه: كان محاطا بهالةمن القوة والحزم , تترك فيك أنطباعا معينا , بالأضافة الى كونه وسيما , كان لطيفا ألا أنه عنيد أيضا , يقف حجرة عثرة بينها وبين عائلة شلتون , كما وقف ذات يوم حاجزا بينها وبين أمها. " أتريد الدخول في سباق مرة أخرى؟". سألته ساخرة: " دون أعتبار السباق الأخير". " لن تستطيعي التغلب علي أبدا يا عزيزتي". وأضاء عينيه بريق فضي. " لا تكن واثقا من ذلك كل الثقة".منتديات ليلاس لكن الكلمات كانت جوفاء رددتها وشعور غريب بالضياع يعاودها , مصطدما بالمشاعر العدائية المتأصلة في نفسها) لن أتحرر أبدا من تلك الأحاسيس التي أثبتها البعد الجديد الذي أكتشفته في علاقتي المتقلبة مع بليك). كانت خفيفة الوزن , لكن فرسها الذكية الحساسة ألتقطت موجات خوفها وقلقها, فبدأت تتثنى محتجة , مما جعل التوتر يتسرب الى وجه ساري التي أستولى عليها الخوف من مشاعرها , وذلك لأعتقادها بأنها أستغلت: ( قد يكون بأستطاعة بليك السيطرة على حياتي , ولكن عندما يصبح سبب أرتجاف يدي المم*** بعنان الفرس , عندئذ يجب علي أن أهرب!". كان بليك ما يزال يتطلع اليها بنظرة قاسية فيها تأمل تصورته عجرفة , أحست بنظراته تلك كما لم تحس بها في يوم من الأيام مما زاد من سعير ثورتها , فأتت ردة فعلها على هذا التواصل الصامت الغريب بينها وبينه على شكل ضربات قاسية تلقتها جنبات فرسها التي حاولت أن تهرب على ظهرها من حضور بليك الطاغي. غضبت الفرس من ثورة راكبتها , فأبتعدت عن رفيقها بسرعة وخفة ينبئان عن أصالة منبتها , ولامس شعر رقبتها وجه ساري التي أنحنت على الرقبة اللامعة المتدلية , كانت سرعة الفرس تتزايد , ولم يكن لديها الوقت الكافي للتفكير بأي شيء, حتى تعقيدات بليك لن تزعجها الآن. في ذلك الحين كانت السماء تظللها بزرقتها , وتملأ أسماعها بزقزقة العصافير التي تبعتها حتى وصلت الى ول مجموعة من الأسيجة والحواجز , وطارت فوقها بينما كانت قبعتها تصفع ظهرها وخصلات شعرها الأحمر تتطاير بجنون. وظهرت حواجز أخرى قبل أن يصعقها ظهور جواد بليك الذي سبقها بخطواته الأسطورية ,مع أنها كانت تعتقد أنها سبقتهما بمراحل , لكنها تناست سرعته وحنت رأسها على رقبة فرسها , وضغطت بقدميها على خاصرتها , بينما أزدادت وجنتاها أحمرارا ,في تلك اللحظات نسيت خوفها وقادت فرسها بسرعة كلها تصميم على الأنتصار على بليك. برز أمامها سياج كالحلم , ورغم شجاعة فرسها فقد أنحرفت خائفة من ذلك الحاجز المفاجىء الذي كان أعلى بقليل مما أعتادت عليه , ولو أن ساري أطلقت عنان الفرس بقوة أكبر لأستطاعت تجاوز العقبة بسلام , لكن , ولما كانت الحالة على ما هي عليه , فقد أنحرفت الفرس عن خط سيرها قاذفة ساري من فوق ظهرها بسهولة لتستقر فوق كومة من القش أنقذتها من الأصابة بجروح بيغة. تقطعت أنفاسها , وأنطفأت فيها نار الفخر والتبجح , قبل أن تتقوقع في مكانها ساكنة.... " ما أغباك....".منتديات ليلاس قالها بليك بصوت تركت الصدمة آثارها عليه بينما كانت يده القوية الخبيرة تتأكد بثقة من سلامتها. " معك حق". همست بألم حالما أنتظمت أنفاسها وبقيت لعدة دقائق مثالا للهزيمة. " طلبت منك التخلي عن الفكرة". أجابت : " أنت دائما تطالبني بفعل شيء ". قالت كلماتها في محاولة غريزية لمقاومة بليك ,لكن مقاومتها فشلت أمام أصابعه التي غاصت في شعرها وأدارت وجهها نحوه , وأمام قوته شعرت بالضعف , بينما أستمرت يده تداعب وجنتها وشعرها , سمعته يهمس بأشياء لم تفهمها بعد زوال تأثير الصدمة عن أذنيها , سألته: " كيف حال تينا؟". " كانت أكثر حظا منك , لا بد أنك شعرت أنها سترفض القفز من فوق سياج عال كهذا". " أنها ماهرة بالقفز عادة". " نعم.... لكنها متعقلة أكثر منك.... لا تتحركي.... أنها بخير". ودفعها بيده برقة أفقدتها حتى القدرة على الكلام قبل أن يكمل : " أستريحي قليلا , وألتزمي الصمت". خجلت أن تترك العنان لدموعها فقاومت بقولها: " تبدو قلقا يا بليك!". فأجابها: " أعتقد أنك مصابة بدوار". " أنا لم أعهدك مندفعا هكذا.... أتشعر حقا أنني عبء ثقيل على كاهلك؟". أجابها مبتسما: " نعم يا سيدتي". أعادت رأسها الى الوراء وكأنها تواجه خطرا مميتا:( بليك قريب مني , وقربه يزعجني دون أي سبب ظاهر). سألته بخوف: " ترى أين قبعتي؟". " لا لزوم للعجلة .... ستجدنها , ما يهمني هو أنت". " لا أصدق هذا يا بليك". قال لها: " أستطيع أن أقنعك بسهولة". " كيف؟". " بمرور السنين". " كدت أموت". " لكنك مازلت على قيد الحياة , ربما توجد بعض الرضوض , على كل حال أياك أن تعيدي المحاولة مرة أخرى لأنك في المرة القادمة قد لا تكونين من المحظوظين". " كلا.... ". قالت وقد بدأ اللون يعود الى وجهها ,لكن الأرتباك كان لا يزال واضحا في عينيها وهي تتابع: " آسفة أذا كنت قد أخفتك". قال بليك برقة: " الغريب أنك لا كرهينني يا ساري". " ومن قال لك أنني أكرهك؟". قالت ذلك وهي تبتعد عنه في محاولة للجلوس من جديد . أخافتها ألآلآم والأوجاع قليلا : ( أذا نظرت الى عينيه فسيكون ذلك بمثابة أستسلام جزء غال مني". قال: " لطالما قلت ذلك في مناسبات متعددة!". ردت عليه بقلب خافق وقد تناست فكرة أثبات وجودها أمامه: " كنت أكذب". كان كل شيء يتغير بطريقة رقيقة غامضة , وأشرق وجهه الأسمر بأبتسامة حلوة قبل أن يقول: " أيتها الفاتنة , دعيني أتمتع بهذه اللحظات التي قد لا تعود أبدا ". ترددت: " لا أعرف ما الذي يحدث لي!". " أصدق هذا". رمته بنظرة مرتبكة : ( الأفضل لي أن أكسب وده حتى لا أتوه في هذا العالم على غير هدى). " تشبه مياها مجهولة عميقة يا بليك". " أما أنت فجدول رقراق". تأملته وهو يراوغ أبتسامة ساخرة على شفتيه قبل أن تتلامس أصابعهما بشكل منعها حتى من تحريك رأسها , فألتزمت الصمت وتركت مشاعرها تسابق الزمن , أما عيناها فأستنجدتا به طالبة المساعدة , تاركة أياه يتفهم ضعفها والقلق الذي يساورها بشكل عاد به الى دنيا الواقع. " أعتقد أنك تستطيعين النهوض على قدميك". كان كلامه يقطر ثقة كما هو الحال دائما , تصاعد أنينها وهي تحاول الوقوف على قدميها , فجذبها اليه مطمئنا: " أسترخي , ودعيني أساعدك , فأنت لم تستعيدي قواك بعد". " أشعر وكأنني حطام". أفرحه أعترافها , فأبتسم لها وكأنها طفلة صغيرة بريئة وهو يقول: " لقد مررت بوقت عصيب دون شك". داعبها الأمل: " ستتركني أذن أذهب لزيارة عائلة شلتون؟". " ألتزمي حدودك". " لا مجال للنقاش أذن؟". " نعم , وأنت تعرفين ذلك جيدا , بأستطاعة حصاني بارغارا حملنا معا , ما رأيك؟". " لا مانع عندي". قهقه بليك: "يا للغرابة". فخاطبت نفسها : ( على الرغم من أن بليك هو الذي قام بتعليمي كيفية ركوب الجياد وكثيرا ما شاركته ركوب حصلن واحد في الماضي , ألا أنني أشعر اليوم بشعور غريب غامض , يرتجف له جسمي كله , شعور رماني في مهاوي الضياع , ويكاد يفقدني وعيي". كانت بين الحين والحين تشعر بعيني بليك تتأملانها , كان مسرورا بوجود ساري , لكن سروره أنقلب شيئا فشيئا الى رغبة أكيدة في أعادتها الى البيت سالمة مرة أخرى. كانت لرحلة العودة نشوتها , وخاصة حين أشرفا على المنازل من موقع نلجيري , وشفتين القديمة , وقبة الحجر الرملي الحمراء الرائعة التي أطلت على المركز وكأنها تحرسه , عندئذ فقط شعرت ساري بأرتياح: " أذن هنا كانت نقطة بداية مالبارا , ذهب وكنوز في البراري". سألها : " ألا يخيفك ذلك؟". فهزت رأسها مجيبة: " قليلا , لكن ذلك لا يهم". ضعف صوتها وهي تتأمل وجهه وعينيه في أشعة شمس الغروب , تطلعت اليه وكأنها تراه لأول مرة , وتريد أن تتذكر صورته دائما: " ما الذي يزعجك يا ساري؟". " لا شيء أبدا , أعتقد أنه تأثير سقوطي عن ظهر الفرس".منتديات ليلاس فقال لها: "لا تغالطي نفسك". أتسعت عيناها: " أنا لا أغالط نفسي لكنني أشعر أنني لا أعرفك في بعض الأحيان , أنت تتغير....". " كلا يا ساري , أنا لا أتغير". قالت يائسة: " بلى.... صدقني". " لننسى ذلك". قالها وهو يغير الموضوع: " حان الوقت لوضع بعض التعزيزات في هذا المكان". " دعنا نهبط يا بليك , لأنني بحاجة الى نقع نفسي في ماء ساخن للخلاص من التشنجات والألتواءات". وهبط الجواد مع الغروب بأتجاه حزام الأشجار الكثيف الذي يشكل ساحة جميلة , خلال السنوات الماضية كان قد تم تجديد وتوسيع مخطط المنطقة بشكل ملحوظ , حتى صارت مالبارا واحدة من أفضل المراكز لتربية الماشية في البلاد. كانت قطعانها من أفضل الأنواع وأكثرها أصالة , أما القسم الأعظم من مدخولها فيأتيها من عمليات البيع في المزادات الموسمية لأفضل أنواع الماشية , حيث كان الرعاة يأتون مع عائلاتهم من جميع أنحاء البلاد ومن وراء البحور لحضور هذه المزادات وشراء ما يمكنهم لتحسين نوعيات قطعانهم , في ذلك اليوم تختلط هيبة الأستعراض والمبيع بهيبة المكان المحاط بالأشجار الممتدة حتى آخر المكاتب والمخازن التي تلتف حول البيوت ذات الطابق الواحد , والتابعة لأعضاء اللجنة , التفافة السوار حول المعصم. أما في الأتجاه المعاكس للأصطبلات , فتوجد أماكن لمربيي الماشية مع مطبخ , كان لمركز كاملا بتجهيزاته التي وصلت الى حد وجود مهبط للطائات مع طائرتين خفيفتين وطائرة عامودية , تستعمل لنقل الرجال والعتاد في أوقات الجمعات الكبيرة الطويلة الأمد. كانت المحطة مثالا متميزا للتمدن والعيش الرغيد في البراري , حتى بالنسبة لحكام المنطقة , أما بيت الآباء والأجداد الذي يحمل أسم مالبارا فقد كان بعيدا عمل حوله , شامخا على شكل بناء من طابقين , بني مع بداية القرن بتكاليف باهظة , لم يكن هناك ما يميزه سوى أنه ذو طابع أيطالي من حيث كونه مؤلفا من طابقين , بني على أرض مشبعة بأشعة الشمس. أما ساري فكانت كلما عادت الى مالبارا بعد غياب , تترك موجات السعادة والقوة تغمرها لأن المكان كان مثالا رائعا للنجاخ.منتديات ليلاس وفي الملجأ المبني من جذوع البلوط أعطى بليك تعليماته لأحد العمال بأن يأتي بفرس ساري التي كانت تسير جنبا الى جنب مع حصان بليك العربي الأصيل في الطريق الى الحظيرة. ومع أقتراب ساعات الغروب , كانت أرض المركز تعج بأعضاء اللجنة المسؤولة وعائلاتهم , أبتسمت ساري ولوحت للجميع , بينما بقيت ذراع بليك تحيط بها , حتى عندما أنحنت لتكلم جيمي كونوي , أبن مراقب المزارع لدى بليك والذي لا يتجاوز السادسة , أشرق وجه جيمي الملوح بالشمس أبتسامة رائعة وهو يركض الى جانبهم راجيا بليك أن يسمح له بركوب الحصان الأسود ,لكن أمه شيرلي , نادته طالبة منه عدم أزعاد الرئيس , فتركهما جيمي راكضا بأتجاه كوخ عائلة كونوي الأنيق.منتديات ليلاس هدأت أعصاب ساري وتنهدت بأرتياح سعيدة بوصولها الى البيت , كان الجواد يتبختر بأتجاه الأسطبلات الممتدة على خط مستقيم طويل , عندئذ داعبت ساري أذنيه المخمليتين , أستدار الحصان برأسه اليها وكأنه عرفها دون أن تؤثر أستدارته في جمال خطواته الدقيقة , المتميزة , والمشبعة بالقوة ,قوة قوائمه الطويلة التي مكنها ضرب الأرض بعزم وحزم ساعة الأنطلاق. وفي فناء الدار المرصوف نزل بليك عن حصانه بخفة مادا ذراعيه لساري التي قفزت نحوهما مبتسمة مشرقة العينين , وكأنه لم يكن هناك خلاف أو نزاع بينها وبين بليك , قالت له: " كان ذلك رائعا". " هذا يا عزيزتي حصان يستحق الأفتخار به". " لا شك في ذلك , متى يمكنني ركوبه؟". " لا يمكنك ذلك أبدا". أبتسمت أبتسامة لا مبالية: ( على أي حال بارغارا أقوى من أن أستطيع أمتطاءه). سألها : " هل أنت على ما يرام؟". أجابت وهي ماضية تتبختر: " أنا على ما يرام". وأجتاحتها موجة من الأمتلاك لم تكن لتصدق وجودها: ( أنا جزء من بليك , من مالبارا , حتى جولاتي الخاسرة معه نسيتها , قد أذكرها غدا وخاصة بوجوده , لكن المهم هو الوقت الحاضر). وتطلعت ساري الى الساعة الكبيرة التي تتصدر البرج الثابت: ( لدي وقت للأستحمام قبل العشاء , كان للسقطة من على ظهر الفرس تأثير غريب علي ,تأثير رائع , أشعر بنفسي رابحة وأستطيع أن أفعل أي شيء , لذلك سأتملقه). فكرة التملق جعلت أبتسامة كبيرة تضيء وجهها دون أن تلاحظ أن عيني بليك كانتا تتأملانها بشيء من السخرية , لكن أحساسه أنذره بعدم أزعاجها , كانت ممتلئة بالحيوية , وعلى أستعداد أن تستكشف جانبه الأفضل وذلك بالتقرب منه , وليس بلعب دور المنبوذة المأساوي. كانت عيناها بأهدابهما الطويلة تلمع كالياقوت الأزرق , وخصلات شعرها تتراقص كصفائح نحاسية رفيعة حول وجهها الممتلىء بنضارة تبرز جمال تقاطيعه. وصلت الى حدود كتفه طولا أذ وقفت برشاقة الى جانبه( بشرة بيضاء تعكس ضوء الشمس, وعينان زرقاوان فيهما براءة الطفولة , وقد أمتزج ذلك كله بأنوثة طاغية , لاعجب أن بيتر شلتون يتحرك بسرعة وبنوايا معروفة , على كل حال هذه طريق لا بد لي من سدها , ساري ليست بحاجة الى أي من عائلة شلتون). سألت فجأة: " ما الذي يزعجك؟". أسرها ببريق عينيه قبل أن يجيب: " أستغرقت في التفكير". أستاءت: كان لدي أحساس خفي بأن فرحتي لن تطول " تذكري أنك بحاجة الى حمام ساخن". وبرز العداء القديم الى السطح من جديد مصحوبا بحماس غريب : ( ربما كان بليك ساحرا) , وبكل الرشاقة التي هي جزء منها , أستدارت هاربة من أمامه ولسان حالها يقول: ( المعيشة مع بليك تشبه ركوب الأرجوحة).
الفصل الثاني
2-اوهام و اجنحة مضى صباح ذلك اليوم والطائات الخاصة تتهادى على المهبط حاملة أصحاب القطعان الذين أستولى عليهم الحماس لرؤية نتاج مالبارا من ثور سانتا جيروترودس الثمين المسمى كلوادي ,والذي يزن حوالي ألفين وستمائة رطلا ,ويعتبر أفضل منشىء للقطيع في المركز , كان تناسل القطعان هو عصب المراكز الكبيرة , لأن أصحاب الماشية يهتمون بأصالتها , أما أثمان المبيع المرتفعة في مالبارا , فقد كانت تعتمد على السلالات الأصلية التي تربى فيها- أصالة مستمدة من سنين طويلة من التناسل , والفحوص , والتحاليل أعطت للمركز سمعة طيبة تثبتها غرفة مليئة بكؤوس الفوز وشهادات التقدير , كانت سلالة السانتا جيروترودس سلالة فاخرة محمرة اللون , تستطيع تحمل الشروط الطبيعية القاسية في ذلك القسم الجنوبي الغربي من البلاد. يوم معاينة القطيع كان يوم عمل للرجال فقط , وهو بذلك يختلف عن المزاد الرسمي الذي يأتيه الأنسان مع فرد من أفراد عائلته , كما كان يقول هادو ميريديث عم بليك ,كانت المبايعات الشهيرة في مالبارا تتم في جو يختلط فيه العمل بالمتعة مما يعطي للموجودين وعائلاتهم أنواع التسلية والترفيه بعد الظهر , وقبل البدء بعمليات البيع , ثم يأتي مهرجان اللحوم المشوية في المساء , وعرض الأسعار في صباح اليوم الثاني , وفي الليلة الأخيرة يجري الأحتفال الراقص المكتظ بالزائرين والمشترين , كانت تلك الفترة من الفترات المنتظرة طوال السنة , يجتمع خلالها صفوة المربين في عالم الماشية بالكثير من المرموقين أجتماعيا ,وفيما يتعلق بأنسباء عائلة ميريديث , فقد كانت الزيجات جيدة , لكن شقيقة بليك الصغرى سكوتي , المولودة بأسم ستيفاني , فقد تزوجت زواجا ممتازا من أحد المستقرين أمثالهم.منتديات ليلاس كانت سكوتي في ذلك الصباح مسترخية الى جانب بركة السباحة سعيدة بلون جلدها الذهبي , أما شعرها الداكن اللامع ,فقد جمعته على قمة رأسها غير عابئة بمن كان يسعى لخدمتها , كانت فتيات البيت الصغيرات ,يأتين لتحيتها بأبتسامة كانت تردها لهن ,أما ساري فلطالما أعتبرت سكوتي منبع أخبار البلد وأهلها , لأنها من المعروفات بالثرثرة ,ورغم أنها لا تعرف شيئا عن عائلة شلتون ,ألا أنها حين أطلعت على الأحداث من وجهة نر ساري قالت لها : " لكنه لا يستطيع يا عزيزتي". أكدت ساري: " لا بل يستطيع وقد أستطاع فعلا , أنه مجنون بالقوة". " مهلك يا عزيزتي". قالت سكوتي بأنزعاج , لأنها على الرغم من بلوغها الرابعة والعشرين لم تتعود أنتقاد أخيها الذي تحب: " بليك يعرف كل شيء حوله". " أتعنين أن لديه عيونا في كل مكان". " نعم.... ولن تنفعك مقاومة تياره , لذلك لا يسعك ألا الأعتراف بمكانته في حياتنا جميعا بما أنك من العائلة , فكري في ذلك بعمق يا عزيزتي". " لقد فكرت وأعتقد أن طريقتي هي الأفضل". تطلعت اليها سكوتي بحب لا أثر للحسد فيه قبل أن يقول بمرح: " أعتقد أن عدم وقوعه في حبك حتى الآن هو الجنون بعينه!". رفعت ساري رأسها قبل أن تسأل خائفة: " من تعنين؟". أجابت سكوتي: " بيتر طبعا , أليس هو المقصود بحديثنا؟". عادت ساري الى الأسترخاء قبل أن تقول: " أجل طبعا". كانت في تلك اللحظات تشبه بطلة طال أحتجازها , وتابعت: " بيتر صاحب منزلة أجتماعية , أشقر ورقيق في معاملنه ,ثم أنه زار أماكن كثيرة ونعم بأشياء كثيرة". " أذا صح ما تقولين أتمنى أن تكون أفعاله ضمن حدود المقبول ". رمتها ساري بقطعة ثلج قبل أن تقول: " لا تكوني سخيفة! سأفعل كل شيء على طريقتي , أنت تستطيعين فهمي , لأنك لست جستين". " لا سمح الله! على فكرة , أعتقد أن حزب كلايف في طريقه الى السلطة". صرخت ساري: " ليذهب كل هذا الى الجحيم , دعينا من السياسة والكلام عن الجميع , لأنهم يتهافتون على السلطة لأرضاء أنفسهم فقط". " معك حق , كلايف من هذا النوع فعلا". تجاهلتها ساري قائلة: " أذا كنت من المحوات فسأستطيع الهرب مع جيك , لقد قال لي قبل ساعة أنني أجمل أمرأة في العالم".منتديات ليلاس " لقد قال لي ذلك أيضا! لا أعتقد أن بأستطاعته البحث عن زواج متميز مرة ثانية , زواجه الأخير كلفه الكثير , لا أنكر أنه مرجع في دنيا الماشية لكنه ليس كذلك في دنيا النساء". قاطعتها ساري: " جيك عائد الى أدليد". قالت سكوتي بلا مبالاة: " أحذري يا عزيزتي من التلاعب بالنار , وأنا لا أقصد هنا بيتر , أنما بليك بعينيه الباردتين , أعتقد أنه من الأفضل عدم أثارته". فقالت ساري ثائرة: " أنا ذاهبة الى أدليد". " ليكن ما تريدين". " هل بأمكانك تغطية هربي". " وماذا أجني من وراء ذلك الموت! لا يا عزيزتي لا أستطيع , لأن بليك بارع في أكتشاف داخلي". قالت ساري وهي تعاود الجلوس: "دعيني أعيد صياغة السؤال , هل ستعطينه معلومات عن هروبي؟". " وهل أبدو مخبرة؟ لكن فكري بما سنمر به عندما يكتشف هروبك". " سأترك له رسالة قد تبكيه , لقد فكرت بذلك مليا , بوجود بليك لا يمكن لفتاة أن تتزوج". لمعت عينا سكوتي: " أنا متزوجة , وكذلك جيل وجيستين". قالت ساري غاضبة: " أنتن أخواته". فأغاظتها سكوتي بقولها: " وأنت غنمته الصغيرة المفضلة.....". " كلام فارغ". " أنا واثقة مما أقول , لقد حارب بليك من أجلك بضراوة , أتعتقدين أن أمك أستسلمت بسهولة؟". أجابتها ساري ساخرة: " نعم , أعتقد أنها أستسلمت من أجل المال".منتديات ليلاس " حتى الأغنياء لا يمكنهم التخلي عن أموالهم بهذه السهولة , حسنا , يمكنك الأستمرار في طريق حياتك أذا كان لا بد من ذلك , لكن أعتني بنفسك وأعتقد أن بأستطاعتك ذلك , أنا معك في أن بليك قد أحكم قبضته حولك أكثر من اللازم". " هو لا يعرفني مثلك". " بل يعرفك مثلي تماما يا صاحبة الشعر الأحمر!". " حاولت التوصل اليه بطرق مختلفة دون فائدة , لذلك سأقود مركبة حياتي بنفسي ولن أترك له الأمر في كل شيء , خاصة في هذه الفترة حيث الوقت يمر ببطء بسبب أنشغاله". لفتت سكوتي نظرها قائلة: " سيعتمد عليك كثيرا في أثناء المزاد". " الأخ الكبير!". قالت وفي عينيها نظرة أستسلام الشهيد للموت : " أهكذا تنظرين اليه؟". " الرجل الذي يعطي كل الأوامر". " أنه الرجل الذي بفضله يعمل هذا المركز , ويجني الأرباح الطائلة؟". " كفاك تعصبا للعائلة , أعرف أن لدى بليك أيجابيات كثيرة , هو عظيم وخارق". أكدت سكوتي : " وصفته بصفات حلوة". " ينظر بليك الي نظرته لطفلة , لذلك أجد تلك الصفات ضرورية". " غاليتي .... أنت طفلة متمدنة". " سأثور يا سكوتي أذا لم أنل بعضا من حريتي". فكرت سكوتي قليلا قبل أن تقول: " يصعب علي معرفة أصول مشاعرك نحو بليك , لا تحاولي تحميله عبء خطأ ما لأن ما يهمه هو مصلحتك". فأصرت ساري: "أنا ذاهبة". " لا أريد أن أراك ترحلين , ومن جهة أخرى أعتقد أنه يجب على بليك ألا يتشدد معك الى هذا الحد , ثم أن جستين موجودة في أدليد". ألتقطت ساري أنفاسها وهي تنظر الى سكوتي نظرة أستعطاف: " هل تخبرينها هاتفيا؟". " عزيزتي .... أنا مع جستين مسالمة , لا , لن أخبرها , لأن جستين تحولت الى مضيفة في سبيل السياسة , وهي جادة جدا ومليئة بالمعلومات والأحصائيات وتحاول أظهار معلوماتها تلك في مناسبات متتابعة , ذلك يخيفني فعلا , لأن الأشياء العادية كالجياد والكلاب والرجال لم تعد تثير أهتمامها وقد ألمحت أكثر من مرة بأنني لست ذات فائدة لها عندما أغيب أكثر أيام الأسبوع , كما أنها تعتقد أنني غبية لأنني لن أصوت لصالح كلايف , أنها فعلا غريبة الأطوار" شعرت ساري براحة قصوى لخلاصها من هيمنة جستين , فأردفت تقول بهدوء: " في الحقيقة أن جستين متحمسة بأخلاص لعالم كلايف الحكومي وبرامجه على كافة المستويات , أنها تبتلع الأحداث وهي رائعة خلال الأجتماعات , أنها يد كلايف اليمنى في كل شيء , هي أنسانة قديرة جدا مثل بليك , وأعتقد أن بأستطاعتها أن تكون رئيسة للوزراء". هزت سكوتي رأسها بخوف قبل أن تقول: " قد يحصل هذا ".منتديات ليلاس " ولم لا ! أنت واحدة منا". " عزيزتي ..... أنا زوجة شون , وهذا يكفي لأنشغالي من مطلع الفجر حتى ساعة متأخرة من الليل , أتصدقين أن هذه هي أول فترة أستراحة لي منذ أشهر!". " حان الوقت لنتحرك نحن النساء في أتجاه معاكس ". " أفعلي ذلك عني , أمضي الى الأمام وأتركيني ضائعة في عالم يثير الأعجاب ويبعث على التعجب". " الكثير من الأشياء خاطئة في هذا العالم يا سكوتي". أعتدلت سكوتي في جلستها قائلة: "أسمعي يا عزيزتي .... أنت تشبهين جستين فيما تقولين , أنا أيضا عندي بعض من الأفكار الذكية التي تتلاحق في ذهني من حين الى آخر , لكن لا أقوم ألا بما يترتب علي , وقد تستغربين كيف يمكن للعالم أن يتحسن لو فعلنا ذلك جميعا , المرء يلاحظ هذه الأشياء ولا يدري ماذا يفعل بشأنها , جستين تعاكسني في كل ما أفعل , الكل يأكل جيدا هنا في المركز – شيبا وشبانا , أنا شخصيا أريد أن أفعل شيئا أكثر من الأكل , لكنني لا أجد لدي القدرة وذلك لأنني لا أجد أحدا يساعدني هنا وسيمضي وقت طويل قبل أن نصل الى هذه المرحلة , وبمناسبة الحديث عن ملوك الماشية أنظري من هنا.....". ولوحت سكوتي بيدها بأتجاه أخيها الوسيم الممشوق الذي كان شكله النابض بالحياة يقود ساري الى الجنون , ردت ساري نظرة بليك المتألقة الهادئة بنظرة تماثلها هدوءا. قالت له سكوتي باسمة: " تصورت أننا لن نراك قبل مرور وقت طويل". كان حب سكوتي لأخيها واضحا لا شك فيه , بادلها بليك الأبتسامة : " تصورك في محله , لكن أعمالا عاجلة تستدعي وجودي في بالكا داونز , أتريدين أن تأتي معي؟".منتديات ليلاس " طبعا". قالتها سكوتي وهي تعاود الجلوس بسرعة لأرتداء ملابسها الحريرية الخاصة بالسباحة وتابعت: " متى ستسافر؟". " خلال ساعة , وماذا عنك يا ساري؟ أعرف أنك أخذت كفايتك من الشمس". تبادلا النظرات , ولم تبد ساري أية مقاومة عندما وضع بليك قبعة القش على رأسها ,لم يكن في المقاومة ما يجدي , فكرت : ( الكثير يعتمد الآن على طريقتي في التصرف). " سأبقى هنا". قالتها وهي تشعر كأن موجات كهربائية تسري في جسمها كله , فأشاحت بوجهها عن بليك محاولة عدم النظر في عينيه. أجابها بعصبية: " هذا ليس جوابا مقنعا". دافعت عنها سكوتي قائلة: " لا تشدد على الفتاة ".( منذ كانت ساري صغيرة كانت هناك مشاحنات بينها وبين بليك). " لا شيء يجبرها على الذهاب ,لكنني آتية". حاصرت ساري نظرات بليك الحادة وهو يسألها: " لماذا؟ أنت عادة تزعجينني بأصرارك على الذهاب". " مارج لم تر سكوتي منذ زمن بعيد ومن المؤكد أن لديهما الكثير من الكلام تتبادلانه , ثم أنني كنت هناك منذ فترة وجيزة". خطا بليك بأتجاهها ورفع رأسها اليه محاولا السيطرة على غليانه وهو يتطلع الى عينيها البنفسجيتين : " أنت تخدعينني يا ساري شأنك دائما , ثم ماذا ستفعلين أن بقيت؟". حاولت التهرب: " سأقوم ببعض الأشياء هنا وهناك". فأحاط رقبتها بيديه: " هناك تقرير عن ثيران السانتا جيروترودس معد للجمعية المحلية الملكية ويحتاج للطباعة , فما رأيك في طباعته؟". تطايرات شرارات الغضب من عينيها: " قل أرجوك على الأقل ". " سأقول ذلك عندما تتحسن أخلاقك". ظهرت الدهشة على وجه سكوتي وتساءلت بحذر : هل نحن يا ترى على أعتاب نقاش حام؟ حاولت ساري السيطرة على نفسها قبل أن تقول: " كنت دائما كبش الفداء بالنسبة لأخيك". أجابها ساخرا: " أنا لا أشعر بذلك , كفاك أستطرادا في تخيلاتك". " نعم يا بليك.... لا يا بليك.......". أجابها : " هيا أستمري......". لكن أبتسامته منعتها من الأستمرار .( بلك هذا آت من عصور سيطر فيها الرجل سيطرة كاملة , قد يفسدني في نواح عديدة , لكنه يتطلب أحتراما وخضوعا , بالأضافة الى الطاعة العمياء) , تأملت ساري بليك بكل قسوته ووساومته وغرقت في بحر عينيه المتعارضتين تماما مع شعره الحال السواد وبشرته النحاسية , ومرت لحظات شعرت فيها أن خوفها ظاهر وأن وقت الأنسحاب من هذه الورطة يضيق. خجلت ساري , وأزداد خجلها عندما تطلعت الى وجه سكوتي وأحست بصراعها الداخلي النابع من كونهما شريكين في خداع بليك , أستمر بليك في تأمل ساري محاولا قراءة أفكارها , الشيء الذي ينجح في فعله دائما وبدقة عجيبة تجعلها تقف عاجزة: " كيف تريد التقرير ؟ بمسافة مزدوجة؟". خافت سكوتي من أنفجار الوضع فقالت: " أنا ذاهبة لأرتداء ملابسي". وفكرت:( بليك لن يسهل الأمور علينا حقا). ثم تابعت ببراءة: ط أمتأكدة من أنك لن تأتي معنا يا عزيزتي؟". " لا........ العزيزة ستبقى هنا". قال ذلك وكأنه يوقع قصاصا بساري بينما بريق السخرية يضيء عينيه ... نهضت ساري من مقعدها ونيران الغضب تحرق وجنتيها: " يحسن بي أن أجمع ملابسي". أستدار ليعطيها ملابس السباحة الناعمة , وأرتدت ملابسها وهي خافضة رأسها حتى لا يرى عينيها أو وجهها , لم تصدق أن بأستطاعتها أن تكون عصبية المزاج بهذا الشكل , وعندما رفعت رأسها أخيرا جابهها قائلا: " أشعر أنك بصدد فعل شيء سيء". " تناس ذلك يا بليك لأنني ذاهبة لعمل التقرير". قالت سكوتي: " كونوا أصدقاء , لا تكن قاسيا عليها الى هذه الدرجة". فأسكت بليك شقيقته: " أبقي أنت خارج الموضوع".منتديات ليلاس حاولت سكوتي الحصول على تأيي ساري وهي تقول: " أنا أعتبرك عظيما في كل شيء , ألم أقل ذلك منذ قليل يا ساري؟ ثم ما بالك لا تستطيع أن تتحمل نكتة يا بليك؟". " عندما يتعلق الموضوع بساري لا أستطيع تحمل أي نكتة". " هذا ليس بجديد". قالت ساري ذلك بشفاه مرتعشة وكأنها طفلة تتألم. تأثرت سكوتي فتركهما بليك بعد أن ضاق بصحبة النساء: " لا تهاجماني بحق السماء , وعندما تكون السيارة جاهزة أستدعيني يا سكوتي , أنا واثق من أن هناك الكثير من الأخبار التي تتمنين نقلها لمارج , وحديث ساري مثير دائما". تحدته ساري : " وكيف تعرف أن حديثنا ليس عنك؟". أجابها : " لأنك لا تعرفينني جيدا". فسألته : " ماذا تعني بذلك". لكنه كان قد أختفى عن الأنظار بخطواته الكبيرة الواثقة. قالت سكوتي : " بليك أنسان جذاب". " لكنه سيبقى لغزا بالنسبة لي". تأملتها سكوتي بنظرة غامضة جعلتها أقرب الى أخيها قبل أن تقول: " أتساءل هل صحيح أنك عازمة على المضي فيما تفكرين به؟". ترددت ساري : " في الحقيقة كرهت الفكرة للحظات". فسألتها سكوتي: " هل تستحق التجربة كل هذه المغامرة؟". " أعتقد ذلك لأن فيها أنتصارا على بليك". ركزت سكوتي أنظارها على وجه ساري المتمرد الصغير: " الأنتصار على بليك! لكنني تصورت أن ما تفعلينه هو من أجل بيتر الذي تحبن!". فرددت ساري : " في هذه اللحظة لا يهمني أي شيء , ثم هل يتوقع بليك مني التقوقع في الزاوية؟". " لا يسعني ألا أن أذكرك أنك زرت معه أنحاء العالم منذ تركت المدرسة". " لكنني الآن في بيتي الذي يشعرني بليك أنه فخ". تمتمت سكوتي : " قد تحتاجين الخلاص من هذا كله لكنك الآن تتذمرين فقط , أنا لا أنكر أن بليك نادر القوة وخاصة عندما يمارس ضغطه". تنهدت ساري قائلة: " أنت على حق".منتديات ليلاس كانت سكوتي تلقى المعلومات محاولة أن تعدل بين ساري التي تحب , وأخيها العظيم الذي تحترم , لم توضع في مثل هذا الموقف من قبل , كانت دائما تشترك مع بليك في ممازحة ساري وملاطفتها للقضاء على ثوراتها الصغيرة , لكنها تشعر الآن أن لدى ساري وجهة نظر معينة , وأن الوقت قد حان لمؤازرتها. " أذا كنت تعتقدين أن في ذلك سعادتك فسأستر هربك , رغم معرفتي بالصعوبات التي سأواجهها من بليك عند أكتشافه ذلك ". قالت ساري بأندفاع: " يا ألهي ! أنت رائعة, لكن لا تكذبي عليه وتلطخي سجل صدقك , لا حاجة بك الى قول شيء أبدا , قد يكون ذلك أشد تأثيرا". " سيعتقد سون الحبيب أنني حامل". " أعتقد أن ذلك سيحصل عما قريب". " عند هذا الحد أعتقد يا ساري أننا يجب أن نذهب الى الداخل , لأنك لا تعرفين ما تتكلمين عنه". "شون يحبك وأنت محظوظة به كزوج". أبتسمت سكوتي أبتسامة مشرقة وهي تقول: " أعتقد ذلك , أفعلي ما تشائين , وسأحاول أن أبدو متعجبة كما يتوقع بليك". قالت ساري بحماس: " في الحقيقة كل شيء يسير بأنتظام , وهو نوع من الحب الممزوج بالحرب". فكرت سكوتي( أن ما تتمنى ساري حدوثه لم يكن لتسعى اليه أبدا , لولا الحرب الباردة بينها وبين بليك , لو أنه سمح لها بالذهاب الى أدليد , لكان قد خفف من عدائها له), وحاولت سكوتي تهدئة الثورة في داخلها من دون جدوى:( كان بليك حكيما في كل أفعاله , لكن يظهر أن جستين بالغت في أظهار الأخطاء عند دراستها لموضوع بيتر , تقريرها عنه بالسلبيات). وصلت الفتاتان الى الداخل , وفكرت سكوتي: ( الهدوء والسكينة مخيمان , لكن بذهاب ساري سيتغير كل شيء حتما , لا حظ لها بالنجاح , لقد زرت الكثير من بلاد العالم وأجتمعت بالكثير من الناس , لكنني لم أجتمع بمن يشبه أخي , قد تهرب ساري لفترة وجيزة لن تطول). مضت ثلاثة أيام دون أن تسمع ساري كلمة من أحد , توقعت ذلك لكنها بقيت تأمل مجيء بليك مع كل زائر لعائلة شلتون , حتى جستين لم تكلمها هاتفيا , كانت خائفة منذ اللحظة التي ركبت فيها عربة جيك أوسلو , بعد مجموعة من الأكاذيب ظهرت صادقة في وقتها , لأن جيك لم يكن على علم بحقيقة الوضع , ولأنه كان صديق بليك , فقد وضعته ساري في موقف حرج ,ولكنه كان من الرجال الذين ينسون التساؤل أذا وقف أمام عيون كحلاء جميلة وقصة مقبولة , لذلك لم يخطر له على بال أنها كانت تكذب مخالفة بذلك مشاريع بليك , كانت قد أنهت طبع التقرير في أقل من ساعة وتركته على مكتب بليك ومعه رسالة وداع منها , راحت تتخيل ردة فعله العنيفة عليها , لكن ذلك لا يهم الآن : ( لا أحد يهتم بي , وموقف كهذا كان يجب أن يسرني , لكنني أحس بأنني أنسانة مهملة لا قيمة لها , لا أعرف ماذا دهاني هذه الأيام , طبعا سكوتي لن تتصل بي لأنها شريكتي في المؤامرة , لم تجر الأمور كما تمنيت). كانت ساري تحاول أسعاد نفسها , بقيت تتوقع الأحتراق بنار غضب بليك في أية لحظة , أما عائلة شلتون فكانت رائعة معها والجميع يبذلون أقصى جهودهم لأسعادها , لكنه كان من الواضح أنهم أتخذوها وسيلة لتحقيق غاياتهم الخاصة , ففاجأتهم بتصرفات متزنة مليئة بالقوة , أبعدت عنها خطر الضياع في دنيا عواطف بيتر الذي أستغربت شخصيا كيف يمكنها حتى أن تفكر بحبه : ( لا شك أنه جذاب , مهتم بي , وفي هذا مجال لزيادة ثقتي بنفس , لكن لا وجود للأثارة معه , لو أن لدي الشجاعة الكافية لزرت جستين التي تشبه بليك في طباعها) , لكن مرور الأيام الثلاثة أشعرت ساري بعزلة فظيعة زعزعت ثقتها بنفسها : ( أنا لم أعرف نفسي يوما كما أعرفها الآن , وأخجل من الأعتراف بذلك ) , تأملت نفسها في المرآة طويلا قبل أن تلبس وتنضم الى الحفل الذي حوى ما يقرب من أربعين شخصا. كانت ليا تطلق عليهم ساخرة لقب العائلة الملكية , لكن ذلك لا يمنع أنها كانت تحترم بليك ,أما بليك فقد تجاهلها لأنها صغيرة ,وهو كما كان يقول لساري ليس جادا في علاقاته مع الفتيات الصغيرات , وليس هناك من يستطيع أجباره على تغيير ذلك. سمعت ساري قرعا على الباب دخلت بعده ليا الغرفة متسائلة: " ألم تنتهي من أرتداء ملابسك بعد؟". " لقد أكتملت زينتي وأنا على وشك الأنتهاء". " ألاحظ ذلك , يا ألهي كم أنت جميلة , ولا غرابة في أن بيتر يشعر بالحب لأول مرة في حياته". أجابت ساري بلامبالاة: " أراهن أن بيتر سيقع في الحب مرات عديدة قبل أن يبلغ الأربعين". " أظن ذلك , لكنك أنت التي يريد الزواج منها". أزاحت ساري خصلة شعر حريرية من على وجهها , وأستمرت تحدق في المرآة تاركة أمواج الشوق لمالبارا تتلاعب بها , وقفت ليا خلف ساري بقميصها الذهبي وتنورتها الحريرية , والحلي الذهبية تزين معصمها وأصابعها , وأخذت تتأمل صديقتها قبل أن تقول: " أنت أحلى حادث في حياتنا يا ساري , حتى أمي التي لم تعتقد في يوم من الأيام أن هناك من الفتيات تستحق بيتر تؤكد أنك أختيار موفق ,ثم أنه لا يمكنك أنكار أنني كنت في الفترة الماضية مشرفة ممتازة , اللهم ألا بعد ظهر اليوم حيث لم أستطع أن أبقى معكما , أنا أؤمن أن بيتر يحبك , ورغم أنه كان في الماضي زيرا للنساء , ألا أنه الآن معك على أستعداد للأستقرار". تجهم وجه ساري : " هذا يزيد الأمر صعوبة لأنني غير مستعدة للأستقرار". " أعتقد أن فكرة الأستقرار تخيفك , وهذا شيء طبيعي". " أنا صرفت النظر عن الزواج نهائيا , وتعرفين تماما أنني في بعض الأحيان لا أعرف ما أريد". أصرت ليا: " بأمكانك العيش بسعادة مع بيتر , ثم أنني لا أستطيع التفكير بغيرك زوجة لأخي". أجابت ساري : " كل ذلك لا يشجعني على التفكير بالزواج من بيتر , لأنني أعتقد أن هذا الزواج هو بمثابة خطوة كبيرة , أليس كذلك؟ بيتر أنسان جذاب , وأعرف أنه معجب بي , ألا أنه لم يصارحني بالموضوع حتى الآن".منتديات ليلاس نهضت ليا وكأنها على أستعداد لتسوية الأمور: " هل هذا هو ما يزعجك؟ يا صغيرتي العزيزة , أنا أفهمك طبعا". أمسكت ساري نفسها عن الضحك قبل أن تقول: " على رسلك يا ليا , أنت لا تفهمين شيئا , أنا لن أتزوج أحدا , أريد أن أنال بعض المتعة أولا". ردت ليا بحماس: " ألبسي ثيابك وأتبعيني الى الطابق السفلي". كانت ليا مخلصة في أمنيتها بأن تنضم رفيقة الدراسة الى العائلة بعد كل الفتيات الجميلات المضجرات اللواتي خرجن برفقة المضجرات اللواتي خرجن برفقة بيتر طوال السنوات الماضية : ( ساري مرحة وجذابة , بالأضافة الى كونها جميلة بحيويتها وتقاطيع وجهها وجسمها ,وسأكون سعيدة حقا لو قبلت بيتر زوجا لها , ربما كانت أمي مخطئة في توقيتها , وفي دفع ساري بقوة وسرعة نحو هذا الزواج , فهي تلح على الأسراع في أتمام الخطوبة على الأقل ,ألا أنني أشعر بأن فكرتها غير مقبولة في الوقت الحاضر , لأن ساري تكره الضغط وأمي ليست مطلعة على الوضع بكامله , ثم لأنها لا تعرف بليك ميريديث , لقد سمعت عنه الكثير , وقابلت شقيقته جستين في مناسبات عديدة , لكنها لم تتعرف على بليك , وتعرفها عليه سيوضح لها أشياء كثيرة , أما أنا فلم أستطع نسيانه ولا ليوم واحد منذ قابلته في مالبارا قبل شهور عدة , بليك هو الأساس في الموضوع كله لأنه المسيطر على كل شيء , وهو المسؤول عن ساري في السراء والضراء , سواء شاءت ذلك أم أبت , لأنه من أولئك الرجال الذين يشعرون من حولهم من بني جنسهم بالتفاهة , وهذا في الحقيقة ما يجعلني مشتاقة لرؤيته , لأنني قد أستطيع أن أؤثر فيه تأثيرا أكبر هذه المرة , لقد أسرعت في تقييمه في المرة الأخيرة , لكنني في الحقيقة لم أتوقع وجود مثل هذه المرة , لقد أسرعت في تقييمه في المرة الأخيرة , لكنني في الحقيقة لم أتوقع وجود مثل هذه الشخصية في تلك المناطق النائية , أبكاني أجتماعنا الأخير كثيرا , لأن بليك كان مخيبا لآمالي بسخريته المريرة من النساء , بينما كنت أتمنى الحصول على حبه , هو في الثالثة والثلاثين وربما الرابعة والثلاثين من عمره , ناجح في عمله , واضح الأصالة والجاذبية). تفكير ليا في بليك ترك الحماس يتلاعب بها مما حير ساري ودفعها الى سؤالها: " ما بك؟ يبدو أن الحماس مسيطر عليك!". " كنت أفكر بقريبك بليك". أستغربت ساري: " يا لها من قفزة مضحكة .... من موضوع بيتر.... الى موضوع بليك". فضحكت ليا وقالت دون أرتباك: " فعلا". لاحظت ساري تسارع أنفاس ليا , وتذكرت أعجابها القديم بشخصه , فكرت: ( يظهر أن حماسها لم يفتر بعد". قالت بعدها بهدوء وأتزان: " أبتعدي عن بليك يا ليا , أنه شيطاني النزعات". " ذلك يغريني يا ساري , أنا أحبه فعلا ولا تهمني المضاعفات". " كما قلت لك من قبل يا ليا, حب بليك مؤلم". " كيف تعرفين ذلك؟ أنت لست سوى قريبته!". رجعت ساري برأسها الى الوراء وتأملت فستانها الأزرق مع عقد فريد من الزبرجد ذي أزهار ناتئة زيّن عنقها , وتوافق مع أقراط من نفس الطراز: ( لا يمكن أن أخبر ليا بأن العقد والأقراط هدية من بليك , لأن ذلك قد يعني أشياء كثيرة , العقد مع غيره من المجوهرات ملك للعائلة , ناسبني أكثر من أخواته فلون الزبرجد هذا يضفي الحياة على تقاطيع وجهي). قالت ليا بشرود: " عظيم". ويظهر أنها كانت تفكر في بليك وعينيه القويتين اللامعتين . تذكرت ساري كل شيء عن بليك : ( أن له تأثيرا كبيرا علي , أنه ليس مسليا مثل بيتر , لكنه ذو جاذبية يفتقدها بيتر , بليك يوحي بالقوة قلبا وقالبا , وسيم , أرستقراطي الميول ودمث). سرت قشعريرة في جسد ليا وهي ترمي بخصلة من شعرها الأشقر الى الوراء : ( يمكنني متابعة موضوع بليك الى ما لا نهاية , وسأحصل على دعوة الى مالبارا قبل نهاية هذا الأسبوع , أنا من عائلة شلتون , والحصول على مركز أجتماعي مرموق هو شغلي الشاغل , ويجب أن أصل الى هدفي عبر الطريق الصحيح). وفي وسط الغرفة المفروشة بأثاث داكن ظهرت ساري بكامل أشراقتها , كان هناك ما يميزها الى جانب جمالها , وتصورت ليا أن ذلك يعود الى كونها من عائلة ميريديث , لقد لاحظت ليا الكثير من التغيرات في صديقتها , فقد أصبحت أكثر نضوجا ولطيفة لكن دون أندفاع , كما أنها أضحت أكثر ارتياحا وتماسكا.منتديات ليلاس ( أن ما يحيرني هو علاقة ساري بقريبها بليك , لم يظهر عليها يوما أنها تحبه , بالعكس تماما , أوامر بليك طالما فجرت غضب ساري مما أعطاني فكرة خاطئة عنه , عندما قابلته لأول مرة حبست أنفاسي متوقعة شخصا متجهم الوجه رهيبا , لكنني قابلت رجلا جذابا ومثالا حيا للكبرياء , صحيح أن ساري لا تهتم به و ألا أنه مهتم بها لأنها فرد من أفراد العائلة , وهو يعتز بعائلته , أما موضوع أم ساري فهو موضوع لم تناقشه معي أبدا , ويظهر أنها ماتت لأنها كانت أمرأة تعشق الأخطار , لكن الشيء الذي أعرفه هو أنها هربت مع أميركي , وأن أباها قد قتل في أحدى الحروب اكثيرة التي شهدتها تلك المنطقة وكان قريبا لبليك , لذلك أنشأت عائلة ميريديث ساري رغم معارضتها , ولأن بليك أنسان صاحب سيادة , فلم يربح من ساري ألا العداء , كنت كثيرا ما أسأل ساري: " ما الذي يعيب بليك؟". وكان الجواب دائما: " أنه طاغية ,على كل حال لا تأبهي لكلامي". (لكن يظهر أن السبب الرئيسي وراء عداء ساري لبليك هو أنه يريد أظهار الجانب الأفضل فيها وهي التي بأمكانها سلب قلوب الرجال). وأرعب الفتاتين صوت حلو مليء بالرجولة أتى من الباب المفتوح خلفهما: " أتعرفان؟". وأستدارت ساري لمواجهة بيتر بعينين زرقاوين ساحرتين : " ماذا؟ قل لنا يا بيتر". وألحت ليا: " ماذا؟ قل". ثم تأملته :( بيتر مثل أمي ,. جذاب أنيق , متحدث لبق , وواثق من نفسه , لكن هذا وحده لا يكفي). قال بيتر وهو يتأمل فستان ساري الغالي الثمن: " قلت أن عندي أخبارا . وها أنا هنا لأنقلها اليكما , ستأتي عائلة رشموند الى الحفلة الليلة". قالت ليا وهي تتأمل نفسها في المرآة: " يا ألهي!". كان بيتر يفضل تأمل ساري وقد أنعكس الضوء على شعرها وعينيها اللتين فضحتا رعبها وهي تسأله: " جستين وكلايف؟". انفجر بيتر ضاحكا قبل أن يقول: "أمي سعيدة بضربتها القاضية". " عائلة رشموند لم تأت الى هنا من قبل , أليس قدومهم غريبا؟". أجاب بيتر: "هذا لأن ساري لم تمكث بيننا أكثر من ساعة أو ساعتين من قبل , أليس هذا رائعا؟". سألت ساري: " هل وصلوا؟". " ليس بعد , لكن أمي أرسلتني لأخباركما مقدما , وتصورت أن مثل هذا الخبر قد يسعدك يا عزيزتي , ثم أن أمي تحب أن تجمع بعض الناس المهمين , وعائلة رشموند تعتبر من هذا النوع في البدة ". دارت ليا حول نفسها في الغرفة قبل ان تقول ضاحكة: " هذا رائع , سيكون حفلنا كبيرا رائعا , هل من المعقول أن نكون قد حصلنا التنازل من عائلة ميريديث ؟ ربما سياتون لتفحصي!". وتنهدت مرتعشة. حاولت ساري أن تتمالك نفسها لأن عيني بيتر الحادتين كانتا تراقبانها , كانت تدرك أنها جميلة , طبيعية , ورشيقة لكن نيران الغضب في داخلها كانت قد بدأت تستعر: ( جستين لم تأت الى هنا تنازلا منها لأحد , وأنما لتفعل ما أمرها به بليك , بأمكاني أن أصرخ مثل أي أمرأة وقحة مستهترة لكن ما الفائدة ؟ جستين أرستقراطية الطباع , وسيحسدني الناس حتما على أنني قريبتها , لذلك من الضروري أن ألعب اللعبة نفسها لأن عائلة ميريديث تهتم بمظاهر الوحدة العائلية حتى ولو كانت سهما يمزق أوصال أفرادها في الواقع , لا شك أن بليك هو الذي طلب من جستين الحضور في حفل الليلة , أنها طريقة للسيطرة من بعيد , لكن مشاعري لا تهم الآن ويجب ان أتصرف بهدوء وصمت). كان الحفل قد قطع شوطا لا بأس به عندما وصل آل رشموند , لم تكن ساري أثناء ذلك تراقب الممر بل كانت مع مجموعة من النا س, وأحست بالجو المشحون حولها , فجأة أختفت الضحكات وتقطع الحديث وكأن كل شيء أصبح مملا , وتنادى أهل الحفل للتجمع في باقة واحدة , في تلك اللحظة كانت بياتريس شلتون , السيدة الأنيقة , الناعمة , الممتلئة بالحيوية , تستمع الى راوية لذيذة وعدت بعدم البوح بها , حين وجدت نفسها وجها لوجه مع رجل وأمرأة بأستطاعتهما فرض أحترامهما على أكثر الناس ثرثرة ,المرأة كانت جستين رشموند , زوجة الرجل الذي يقول بعضهم أنه سيصبح رئيسا للوزراء قريبا , كانت جستين سمراء ذات جمال كلاسيكي , يمكنها أن تترك أبلغ الأثر أينما ذهبت والى جانبها وقف أخوها بليك ميريديث. كانت سعادة السيدة شلتون لا توصف عندما خطت الى الأمام لتصافح السيدة رشموند وقد أسعدها التعرف اليها والى شقيقها الذي أتى بشكل مفاجىء , لكن المرأتين أحستا أن حضور بليك مرحب به , أما كلايف ريشموند فقد كان رجلا بارزا , أكبر من زوجته بما يقارب أثني عشر عاما , لم يكن وسيما بالمعنى الصحيح , لكنه كان طويلا , قوي البنية , ذا عينين جميلتين , وذقن بارز وصوت رخيم , كان رجلا ذا سطوة يمكن الأعتماد عليه. ورغم أن كلايف كان شديد التأثير لكنه لم يكن شيئا يذكر أذا ما قورن بشقيق زوجته , لم تر السيدة شلتون يوما أحدا يشبه ملك القطيع هذا , كان صورة مصغرة للشاب الوقور , وهو يرتفع الى مستوى طموحاتها كأم تريد صالح أبنتها , وليا كانت في مكان ما بالقرب منها , لذلك ستعمل جاهدة لأسعادها , فكرت السيدة شلتون: ( ساري فتاة متقلبة ووقحة وبدل أن تحصل على شخص قاس متسلط يشرف عليها , حظيت ببليك , كيف يمكنها أن تتلاعب بهم الى هذه الدرجة؟ بليك ميريديث شاب دمث الأخلاق , وها هو الآن يتأملني بعينين لامعتين كأشعة الشمس على صفحة الماء , لكن لا يمكنني معرفة ما يدور من أفكار وراء هذه الرموش الداكنة , حضوره قوي ويسعدني , وأي أمرأة مثلي قد تحاول جلب نجوم السماء لرجل كهذا , لقد أهملت ليا طوال هذه الفترة بسبب بيتر , لكن الآن بأمكاني أصطياد عصفورين بحجر واحد , ما أسعد حظي!). إضافة رد dalia cool 09:11 PM 01-09-10 أن أثمن ما تعلمته ساري من أقاربها , هو أن تحارب لتصل الى ما تريده وعلى كل حال لم يكن لديها من يمكن أن تلجأ اليه , لذلك بدأت بتهدئة مخاوفها , وراحت تتأمل أبتسامة بليك الرائعة وهي تستعد للهجوم. نادت بصوت حلو: "أهلا جستين". وخطت نحوها بكل أشراقتها وجمالها , وجاذبيتها , بينما كانت نظرات جستين تسخر من هذا الأدعاء المدروس , لكنها ردت بنعومة: " أهلا ساري". وطبعت قبلة على خدها. " مرحبا كلايف". أبتسم كلايف وأقترب يقبل يد ساري قائلا: " ما أجملك..... لقد أشتقنا لوجودك بيننا". بعدها تطلعت ساري الى بليك , وراحت تتأمل تقاطيه القاسية , المتعجرفة, الواضحة الكمال, قبل أن تقول: " مرحبا بليك". كان بودها أن تضيف : ( ما أجمل أن أراك هنا). لكنها لم تجد الجرأة الكافية لذلك , كان يتأملها بشكل جمد الأبتسامة على شفتيها , ودفعها الى أعطائه خدها ليقبله: ( صحيح أنني لم أكن أعرف متى سيأتي ,لكن جراتي بلغت أقصاها عندما هربت). أحست جستين بطلب الحماية الصامت القادم من ساري , فتأبطت ذراع قريبتها وراحت تحاول التعرف الى الموجودين جميعا , بينما كانت ليا تحاول الحصول على دعوة الى مالبارا. على الرغم من أن ساري كانت لا تزال طرية العود ألا أن الجميع كانوا يعتمدون عليها في تنظيم أحتفالات المزاد السنوية , لذلك أبدى بليك وجستين أسفهما لأنهما مضطران للعودة بها الى البيت وحرمانها من متعتها , لأن مبيعات المزاد مهمة لهم جميعا , وهناك الكثير من العمل بأنتظارهم , ولن تستطيع جستين مساعدتهم بسبب أنشغالها مع زوجها , أما جيل فقد كانت في أوروبا وستيفاني وزوجها يعتبران من المشترين , هذا ما عدا العمة الثيا التي قاربت الثمانين , لذلك كله كان لا بد من ذهاب ساري.منتديات ليلاس كانوا مقنعين في أعذارهم حتى أن ساري كادت تصدقهم , لولا تذكرها بأن العمة الثيا أقوى منها بنية رغم بلوغها الثمانين , وجستين لا يمكنها أن تترك المزاد مهما كانت الظروف , أحس كلايف وساري باللعبة , لكن عائلة شلتون لم تشك لحظة في صدق ما يقال , اللهم ما عدا بيتر الذي أندفع فجأة يريد مراقصة ساري . كان لا بد من مسايرة التيار , لذلك سمحت ساري لبيتر بقيادتها الى الشرفة الواسعة حيث قال لها: " ساري...... هل تتزوجينني؟". أدهشها طلبه: "لا يمكن أن تكون جادا !". فرد عليها مؤكدا: " بل أنا جاد تماما". نظرت حولها بقلق قبل أن تقول: " لكن....... ألا ترعبك فكرة الزواج يا بيتر؟". هز رأسه نافيا: " الزواج شر لا بد منه ........ فلماذا لا أتزوج الآن؟". قالت ساخرة: " شكرا لك............. يا له من عرض مغر!". أحاط وسطها بذراعيه قائلا: " عندي الكثير لأقوله لكن عندما أكون وحدي معك". " في هذا بعض الراحة". سألها بيتر قلقا: " أتسخرين مني؟". " لا يا بيتر........ أنت راقص بارع!". " أنا أفضلهم .... لكن هذا لا يجيب على سؤالي .... أتقبلينني زوجا أم لا؟". " لا , أعتقد أن بأستطاعتنا تأجيل الحديث حتى نعرف بعضنا أكثر..... أليس كذلك؟". فكر بيتر آسفا : ( الأستعجال في البت بالأمر من أقتراح أمي...... وأذا أستمر الحال هكذا , فأخسر ساري , لدي الكثير من الصفات الحميدة , لذلك لا خوف من الأنتظار قليلا". " أنا متفهم للوضع يا عزيزتي". وقبّل يدها مكملا: " لقد أستعجلتك , وهذا أمر لا يغتفر". أبتسمت قائلة: " معك حق , عرضك يزيد ثقتي بنفسي, لكنه لا يسعدني , وقد قررت الزواج عندما أكون في الخامسة والعشرين". رد بيتر: " لا أعتقد أن الظروف ستمهلك حتى ذلك الوقت". " سنرى...... لأن في الحقيقة لا أريد لأولادي التشرد فأنا أعرف طعمه , ثم أن معدل الطلاق في أرتفاع مستمر". قال ساخرا وهو يتطلع الى جستين التي راحت تراقبهما من بعيد: " لكنك الآن ذات مركز ثابت". أجابته : " لا بأس". " السيدة رشموند تلفت الأنظار , لكنها طويلة بعض الشيء ". " قوامها رائع........ أنا أحبها كثيرا". " أذا نظرت اليهما قد تلاحظ تشابها , صحيح أن جستين هي الأخت الكبرى , لكن بليك هو الآمر الناهي".منتديات ليلاس ضاقت عينا بيتر: " تحاول ليا جاهدة الحصول من بليك على دعوة الى مالبارا! أنها تحب المنطقة ". لم تستدر ساري لأنها لم ترغب برؤية بليك يراقص ليا . لكنها قالت: " أهلا بها وبك دائما يا بيتر....... أتحب حضور البيع السنوي؟ سنقضي وقتا ممتعا , يمكنك أعتبارها مناسبة أجتماعية , هل تعرف كيف تلعب لعبة البولو؟". " كلا". قالها وهو يدفن وجهه في خصلات شعرها الناعمة. " بليك متميز في اللعبة , ولدينا فريقان ممتازان". " أنا متأكد من هذا , أتعتقدين فعلا أنه لا بأس بذهابنا؟". " طبعا ....بأستطاعتي دعوة من أشاء , لأنني أتحمل الكثير من واجبات الأدارة". " سمعت بذلك , كيف يستطيع الأنسان الوصول الى هناك؟". " بالطيران طبعا". سخر منها: " لكن ليست لدي أجنحة". " سأطلب من بليك أن يبعث أحدا ليأتي بكما". " وهل سيفعل؟". " طبعا". " ما أحسن حظك!". قالها بيتر بطريقة دفعت ساري الى التفكير ثم قالت: " أنا محظوظة في مجالات عديدة........ بليك أنسان سخي , معطاء كالعائلة كلها.... ويجب أن تتعرف على العم هادو أيضا ........ أنه شخصية فريدة". أتصور ذلك بعد أن عرفتهم جميعا , لكن كان يجب عليك تحذيرنا من ملك الماشية ". تساءلت ساري: " ما الذي تعنيه؟". فحاول أن يفسر بلطف قائلا: " في الحقيقة كنت أتوقع مقابلة راعي بقر أبله مغرورا بدل الأمير الذي قابلته". حاولت ساري السيطرة على غضبها قبل أن تقول بقسوة: " معلوماتك خاطئة! أنا لا أعرف أي راعي بقر أبله, لأن رعاة البقر حيث أعيش أذكياء قادرون , وخاصة بليك الذي يفرض وجوده أينما حل". حاول تهدئتها: " مهلا..... لا شك أنك متعصبة لعائلتك وهذا شيء جيد , لكنني كنت أمزح". " ليست لي عائلة ..........حتى بليك قريبي من بعيد". قبّل بيتر وجنتها قائلا: " سامحيني عزيزتي ........ كانت نكتة سخيفة ........ ربما لأنني أغار منه ". " أنا لا أستغرب أذا كنت فعلا كذلك". حاول بيتر أنقاذ الموقف: " هل تريدين شرابا باردا ! أمسيتنا حارة!". " نعم , أذا كان ذلك بالأمكان , شكرا جزيلا ". رجاها قائلا: " أبقي هنا". وفكر بيتر : ( ساري فتاة معقدة, ويظهر أنه يصعب عليها التأقلم مع الزواج , لكنها كالحلم , وأتمنى من كل قلبي أن تصبح أما لأطفالي , أنها تدّعي أن عائلة ميريديث ليست عائلتها الحقيقية , لكنهم يصرون على كونهم كذلك , وذلك يعطيني فرصا ممتازة". تأملت ساري بيتر وهو يختفي بين الجموع : ( لقد أزعجني بكلامه عن رعاة البقر البلهاء , لكن ما الذي حصل لي ؟ لماذا أنا مهتمة كل هذا الأهتمام ؟ في يوم من الأيام أعتقدت أنني أستطيع أن أعيش سعيدة مع بيتر , لكن أهتمامه الآن يزعجني , لم يكن من الحكمة دعوته الى مالبارا لأن بليك قد يطرده , لقد بدأ التفكير في بليك يسيطر علي , أحس بوجوده خلفي دون أن ألتفت وكأن الهالة التي تحيطه تسبق للأعلان عن وجوده , أنه أنسان ذكي , قوي , مثير ومعقد في نفس الوقت , وأذا لم أصل الى قلبه في أقرب فرصة فسأجن , أشعر أنني طفلة صغيرة في المدرسة تنتظر أستدعاء الأدارة). رأت ساري بليك قادما بأتجاهها بكل أناقته : ( أنه في الحقيقة أنيق في كل ما يلبس حتى ولو كان قميصا بسيطا وبنطالا قديما مع قبعة تخبىء عينيه لتظهر لونه النحاسي المغطى بالرمال). تسارع وجيب قلبها كأن مواجهة مؤلمة على وشك الحدوث , لم يعد للشجاعة وقدرة السيطرة على النفس أي أثر , لأنها بوجود بليك تحتاج الى سند .... وجستين كانت مشغولة مع صاحبة الحفل , قفزت واقفة , وتسمرت في مكانها لحظات قبل أن تهرب كقطة خائفة عبر ممشى عشبي بفستانها الرائع وحذائها ذي الكعب العالي , شعرت بنشوة وكأن يدا قوية أمسكت بكتفيها , لكنها لم تسمع وقع أقدام خلفها , فتخلصت من حذائها ,وراحت تعدو بسرعة وكأنها حورية : ( لا شك أنه منتصف الليل , لأن النجوم براقة والخفل في ذروته , من السخف أن أخلع حذائي لأنني لو عدت الآن فلن أجده , القمر يضيء الحديقة ويداعب أوراق الشجر بنوره...". فجأة أرعبها وجود بليك أمامها: " يا صغيرتي المسكينة".منتديات ليلاس كانت ترتجف بينما أنغام الحفل وعطور الليل الزكية تتسرب الى خفاياها. أعترفت: "أنا مخطئة". وسمعته يقول بهدوء: " ألتقطي أنفاسك". شعرت ساري بالعجز , خاصة أنها كانت حافية لكنه أحاط كتفيها بذراعيه وواجهها متسائلا: " لماذا هربت؟ كان هربك سخيفا". " لست متأكدة". وأحست من جديد بقوته , طول قامته , سيطرته على الموقف وحتى بقبضته الفولاذية. " ما أغباك , ألا يمكنك تعلم الدرس من المرة الأولى؟". عادت أنفاسها الى الأنتظام وهي تقول محاولة التخلص من مواجهته: " هيا يا بليك ...... كلنا سنموت عاجلا أو آجلا". "أنت تبالغين". وأحست بقبضته تراخى بشكل يدفعها في أتجاه. سألته: " أنت غاضب , أليس كذلك؟". " وهل أبدو غاضبا؟". " لا أستطيع أن أرى وجهك في الظل". " لكنني أستطيع أن أراك.... تبدين رائعة يا ساري , الحسناء والوحش كما يحلو لك أن تصفينا". " نعم يحلو لي ذلك". " بليك وحش , لكنه ليس وحشا لئيما أبدا". أسندها بقبضته قائلا: "حسنا ........ أنتعلي حذاءك". فسألته بصوت مرتجف ناعم: " لكن أين هو؟". " ها هو". وأعطاها أياه بأدب. " قالت بصدق : " لم أقصد أن أضيعه". " أعرف ذلك , هو حذاء مستورد أليس كذلك؟ أنت رفيعة الذوق يا ساري". " أنا على أستعداد للذهاب معك الى البيت". " هل نبتت لك أجنحة؟". ألبسها فردة حذائها بعد أن وجدت صعوبة في ذلك , فوقفت بثبات هو ليس مثل غيره من الرجال وأنا بين يديه لعبة". " لماذا أقحمت سكوتي وجيك في القضية , وأنت تعرفين أنه لا يمكنهما العمل ضدي؟". " كانت فكرة حلوة في ذلك الوقت ,ثم أنه لم يكن لدي مجال للأختيار , لم أكن أريد توريطهما في القضية صدقني.... لكن كل ذلك لا يهم الآن". " لا..... أكملي .......... أحكي لي كل شيء". همست : " وهل ستفهمني؟". تأمل تقاطيع وجهها قبل أن يقول: " أنت يا ساري لا تعترفين بحساستي كالعادة". غضت بصرها قائلة: " لكنني أعرف خصالك الحلوة يا بليك". فقاطعها قائلا: " كفاك تمثيلا! ألم تكن الرحلة على مستوى توقعاتك؟". " كانت رائعة!". " أذن لماذا تبدين يائسة؟". أعترفت : " أعتقد أنني أبدو بائسة ........غريب كم بأستطاعتك أن تخيفني ". أستغرب: " يا له من أعتراف , مع أنني لم أعامل أحدا بهذه الرقة طوال حياتي". حملقت في وجهه طويلا: " أعرف أنني أرتكبت خطأ .........". " وفكرت: ( غريب تفاعلي القوي هذا مع عواطفه). " في هذه الحال سأسامحك ....... والآن يحسن بنا العودة الى جستين لأنني يجب أن أكون في مالبارا بعد ظهر الغد , لقد أضعت ما فيه الكفاية من الوقت". تمسكت بذراعه قائلة: " هناك شيء آخر".منتديات ليلاس فأستدار نحوها بكل كبريائه متسائلا: " ماذا هناك؟". " ما سأقوله فيه جرأة!". صرخ: " بحق السماء ..... ماذا هناك؟". " دعوت بيتر وليا للقدوم الى مالبارا وحضور المبايعات لأنني أحسست أن ليا ترغب في الحضور". أعقب كلامها صمت عرفت أن سببه عائد لكونها تجاوزت كل الحدود في طلباتها من بليك . حاولت أن تسترضيه قائلة: " أعدك أن أعمل بجد وحتى درجة الأنهيار , لكن أعتبرها مجرد دعوة". قال لها دون أنفعال: " حسنا.......". فأستمرت يائسة: " لم أحتج الى التوسل من قبل!". " ولست بحاجة الى التوسل الآن!". " صحيح؟". " أنا الى جانبك دائما ..... وسأبقى كذلك أبدا..... أخبري أصدقاءك بترحيبي بالزيارة......... وأزن أن ذلك هو المتوقع مني". قالت برقة: " أنت رجل عظيم". " أحبذ الدوافع التي دفعتك لقول ذلك". " عائلة شلتون لا دخل لها بالدوافع على أية حال". ثم أمسكت بذراعه ولامست بوجنتها كم سترته المخملية: "قد لا يجوز أن أقول ما أريد قوله". أجابها : " قولي ما تريدين". " أحبك......... وأعرف أن بأمكاني الأعتماد عليك.... فأنت موجود حين أحتاجك". " بأستطاعتك أن تسمي هذا حبا.......... هيا بنا يا عزيزتي ..... أشعر بشوق الى فنجان قهوة".
الفصل الثالث
3-لا اريد غيرك عادت ساري ال مالبارا ثانية وشعرت بما هي عليه من تناقض , بقيت حساسة جدا لأقل معارضة من بليك , لكن أيامها مضت دون عداء أو خلافات أو حتى تضارب في الآراء. أما بليك فقد بقي على حاله صلبا , مسيطرا مما أعاد الى ذهنها صورا من الماضي حين كانت نظرتها اليه خليطا من المقاومة والأحترام , الشيء الذي خلق ودا خفيا ربط بينهما وجعلها في شوق دائم لأن تبقى معه وتراقبه. أحس بليك بالفرح لهذا التحول الجديد لأن ساري لم تكن لغزا بالنسبة له , ألا أنه بقي غامضا مما كان يدفعها الى غرفتها لتتأمل صورة لها مع بليك أخذها مصور محترف أبان أحتفالات عيد الفصح , كانت يومها في أحس حال , تتأمل وجه بليك ضاحكة , ربما لشيء مسل قاله , ظهرت الصورة في الصحف وخدعت الكثير ممن لا يعرفون حقيقة العلاقة بينهما , حتى أن أحدى صديقاتها أكدت لها أنها تبدو مثل عروس في شهر العسل ,وكانت كلما تذكرت هذا التعليق تتمنى تمزيق الصورة لكنها لم تفعل , كانت ذكرياتها الحلوة مع بليك تسعدها دائما , فكرت : ( ربما كانت أبتسامة بليك الغامضة وأنحناءة رأسه هما اللذان جعلا الصورة تبدو عاطفية , ربما كنت في ذلك الوقت..". منتديات ليلاس كانت ساري دوما تتوقف عن التفكير عند هذا الحد وتنصرف لفل أي شيء آخر , كانت تعمل جاهدة لأنجاح أحتفالات المزاد متغلبة على ما قد يحدث من مشاكل , مما سد مجالات النقد حتى أمام بليك , كان بالأمكان أجراء الكثير من المداولات خلال يومي المزاد لكن ذلك لم يمنع الباقين من التمتع بأوقاتهم , وقد تم الأتفاق على نزهة للسباق هذه السنة بدل تقديم اللحوم المشوية ولعب البولو , ولاقت الفكرة نجاحا منقطع النظير أذ لم يرفض أحد نزهة للسباق في سهول مالبارا , ذلك يعود الى أسباب عدة منها أتساع المكان وكونه سابحا بالضوء , محاطا بالألوان المختلفة وبخاصة اللون الأحمر , والأشجار التي شكلت سورا جميلا أحاط بالمكان , والأهم من ذلك كله رغبة الموجودين في أن يقضوا وقتا ممتعا سعيدين بالضيافة الممتازة , ذلك هو حال من يعيش في عزلة , تراه يهتم بأي مناسبة أجتماعية , أما لاعبو الورق فقد وجدوا مجالا لتسليتهم أيضا , وهنا يبرز دور الوزاد حيث يتناقل الجميع الأخبار ويطمئنون بعضهم بعضا مما لا يفعلونه أبان المهرجان , أما السيدات فكان لهن سباق ثمن الميل شاركت فيه ساري نفسها , وكانت سكوتي قد ربحته في آخر مرة لكنها رفضت دخوله هذا العام , توقعت ساري أن يعترض بليك على مشاركتها في هذا السباق لكنه أكتفى بالمراقبة , وبما أن سكوتي لم تشترك فأن صن دانس حصان ساري سيفوز حتما , وبدأت فترة قراءة أسماء المشتركات التي كانت تقوم بها العمة ألثيا , السيدة الوقور ذات الملابس القديمة الأنيقة. كان السبق على وشك البدء , وكانت مراقبة العمة ألثيا بشعرها الأبيض المضمون وهي تقرأ الأسماء تشبه مراقبة أنسان يحصي أمواله , أذ أن العمة ألثيا كانت تعتبر قراءة الأسماء عملا من واجبها القيام به , وقد كانت غاية في الجد فيما يتعلق بعملها. تزوجت العمة ألثيا العم هادو في التاسعة عشرة من عمرها , كانت جميلة وأسمها ألثيا أدير بنت السيد كينيث أدير مالك وست وندز أفضل مرعى للقطعان في نيو ساوث ويلز , وكانت تؤمن أن بليك هو وحده الذي يناسبها مكانة , كانت أما لثلاثة فتيات وجدة لجيلين , ولكن لم يكن لديها أولاد ذكور , في ذلك الصباح وجدتها ساري في ملحق البيت الجديد المطل على بركة السباحة , كان الملحق مليئا بالأزهار , رصفت أرضه ببلاط من السيراميك وقد توزعت في أنحائه مفروشات من اللون الأصفر المذهب , كانت مجموعة من البطاقات أمامها على طاولة مغطاة بلوح من الزجاج وهي منهمكة في البحث عن الأسماء بشكل منتظم. " هل كل شيء على ما يرام, هل يزعجك الضوء؟". ثم قالت العمة ألثيا: " الخطوط فظيعة ! ليت الشبيبة تحافظ على المستويات القديمة , لا سيما وأن تكاليف العلم بلغت حدا كبيرا , ثم من هو دكي هولند؟". " دنيس صديقتي". " هذا ما أعنيه , لقد قرأت الأسم ثلاث مرات ومع ذلك لم أستطع أكتشاف ما أتى بعد الحرف الأول". قالت ساري وهي تراقب البركة بمياهها الزرقاء: " ستصادفين الكثير من هذا النوع , هل نمت جيدا؟". " لا , أسترخت أطرافي لكن الأفكار بقيت تتلاطم في رأسي ". كان الجواب بمثابة أنذار لساري فتأملت وجه السيدة: ( وجهها لا زال جميلا رغم تقدمها في السن , لكنها لا شك تعبة) , قالت لها: " أتركي ما تفعلينه وتعالي أستريحي هنا , سأقوم بما تبقى رغم أنه مضيعة للوقت , أنني لا أشك أن العوات الأخيرو مقبولة". رمت العمة ألثيا نفسها على المقعد الطويل وما أن أستقر بها المقام هناك حتى ربتت على يد ساري قائلة: "المشكاة تكمن الآن في كيفية الوقوف". " ليس عليك أن تقفي قبل ساعات , أتشاركينني في فنجان من الشاي؟ لم أتناول شيئا منذ الساعة السادسة". " ولا أنا ....تعالي, لا حاجة لأحضاره لأن جيس ستأتينا به". " الشاي لكلتينا؟". " نعم". " هذا لطف منك". " شعرنا بقدومك من شعرك الأحمر ....ز آه تذكرت ......بما أن بصرك أقوى من بصري هل ترين الحبوب في مكان ما؟". سألت ساري بقلق: " هل تريدين حبة الآن!". " نعم ....رغم أنها لا تفيدني كثيرا , هل ترينها؟". " أليست في جيبك؟". " لا أعتقد". قالتها العمة ألثيا وهي تتلمس داخل جيبها حتى أصطدمت أصابعها بعلبتها الخاصة بالحبوب , عندئذ تابعت بترفع: " لقد وجدتها". لكن وجهها المتعب أقلق ساري. " سأجلب لك بعض الماء". " أبقي هنا لحظة , لقد نمت ليلة البارحة وأنتابني كابوس مخيف". منتديات ليلاس " سأجلب لك الماء أولا وبأستطاعتك بعدئذ أخباري عن الحلم". " لكن من الأفضل أن أخبرك الآن.......". وشهقت ثم أنّت بشكل سمّر ساري في مكانها. كانت العمة ألثيا تتبدل ببطء من سيدة قوية الى أنسانة أعتصرها الألم. صرخت ساري خائفة وركعت الى جانب السيدة العجوز تتأمل وجهها الأصفر قائلة: " يا ألهي........عمتي...... ما بك؟". همست عمتها: " أحضري بليك......". صرخت ساري: " أين جيس؟ أنا لا أستطيع تركك". وحضرت جيس المسؤولة عن المنزل منذ سنوات عديدة بسرعة , وضعت الشاي من يدها وأتجهت نحو السيدة العجوز بكأس الماء وسألتها: " أين الحبوب؟". فأعطتها ساري الحبة: " ها هي....". أبتلعت العمة ألثيا الحبة بصعوبة بينما قالت جيس: " أحضري بليك". " لا أستطيع أن أتركها الآن يا جيس". أكدت لها جيس: " سأعتني أنا بها ,لن أخبر العم هادو الآن لأنني أعتقد أنها نوبى بسيطة وستزول". " لم أرها أثناء نوبة من قبل". " سيدة ميريديث توقعت أن يحدث شيء مثل هذا , لقد أتعبت السيدة نفسها أكثر من اللازم في الفترة الأخيرة". أرتجفت ساري قائلة: " يا ألهي". وأكدت جيس: " أطمئني- ستكون بخير....... لكن أفعلي ما أطلبه منك: أحضري بليك لأن بأستطاعته تدبير أمر عمته بسهولة , أنها الآن تتنفس بسهولة أكثر , أذهبي بسرعة يا ساري وأحضري بليك , لقد كان مع البيطري قبل عشر دقائق ,لقد أرسلت لهما الشاي الى المكتب". قالت ساري بعصبية: " يجب أن تكون العمة في فراشها". " سيحملها بليك" أسرعت ساري للبحث عن بليك بأعصاب محطمة: ( لا يمكن أن أتحمل فكرة خسارة العمة ألثيا مع أنها في التاسعة والسبعين , لأنها مع بليك , مالبارا , والعائلة بكل أفرادها جزء مني),وبدأت ساري تراجع تصرفاتها مع العائلة منذ قدومها لتعيش معهم في مالبارا: ( العمة ألثيا كانت لطيفة دائما , ذات قلب طيب رغم لسانها الحاد الذي طالما سلطته على كل أفراد العائلة , لكنها أحبتني وكانت تختلق الأعذار لتسوغ تصرفاتي أمام بليك منذ أن أتى بي الى هنا). كانت ساري تتنفس بصعوبة والدماء تغزو وجهها بينما خصلات من شعرها تتشبث بجبينها وقد أتسعت عيناها من الخوف , وحين أندفعت ال المكتب كان بليك وجيف آلان جالسين يتكلمان بود , لكن دخولها أخافهما ةما أن رآها بليك حتى وقف بسرعة الى جانبها متسائلا: " ماذا هناك؟". أتكأت ساري على الباب وقد تقطعت أنفاسها , عندئذ نهض جيف على قدميه وسألها: " ماذا هناك يا ساري!".منتديات ليلاس أنسابت دموع الخوف من عينيها قبل أن تقول: " العمة ألثيا .......". فكر جيف: ( العمة ألثيا دنيا بحد ذاتها , حتى أنها في بعض النواحي أفضل من العم هادو الرائع), ثم تساءل: " هل ماتت؟". " لا.....". كانت ردة فعل بليك عنيفة على ضعف ساري الذي أخافه: " ساري... بالله عليك.... أصابتها نوبة أذن؟". " نعم". كان صوت ساري المرتجف ووجهها الخائف , ونظراتها المضطربة أشياء لم يكن بليك ليتحملها لولا أنها جزء منه , جذبها الى جانبه قائلا: " مسكينة ساري .......هذه هي نتيجة حمايتنا المتزايدة لك .... من مع العمة ألثيا؟ جيس؟". تمالكت نفسها : " نعم". " حسنا ........ أنا آـ". سأل جيف: " هل بأمكاني المساعدة ؟". فأجاب بليك : " كلا........ كل شيء على ما يرام , أستمر أنت مع العجول غير الموسومة , لا يمكن لأحد التأكد من هذه النوبات لكن الحبوب تساعد حتما , سأذهب الى المنزل وأطلب أنت من أرمسترونغ مساعدتك فأن عنده ما يكفي من التعليمات". بقيت ساري منقبضة على الرغم من كل شيء: " لا أحد أهم من عمتي ...... أسرع أرجوك". تباطأ في خطوه قليلا وتطلع اليها بنظرات قوية كلها أهتمام مما دفعها للأعتذار قائلة: " آسفة.......لم أقصد ما قلت.... ما أغباني ........من حقك ألا تميل اليّ!". " أنا لا أميل اليك أطلاقا.. لكن هذا ليس هو الوقت المناسب لمثل هذه الأحاديث ........ أسرعي". كانت العمة ألثيا تعود الى حالتها الطبيعية شيئا فشيئا بمساعدة جيس وميرا الخادمة اللتين كانتا تحيطانها , أرتاحت جيس لمرآهما: " أنا سعيدة بعودتك". قال بليك: "الى السرير يا عمة!". أجابته بضعف: " لن أعارضك". أتجه بليك نحو المقعد وحمل السيدة العجوز وكأنها طفل صغير قائلا: " أياك والمعارضة لأننا نريد الوصول الى تفاهم بيننا , أرتاحي أنت ولا تشغلي بالي وسأذهب لأحضار الطبيب بارت أيرنشو لأجراء فحص عام لك وبذلك تقرب موعده لا أكثر". قالت العمة ألثيا رغم ثقتها بنفسها وبقيمتها: " أنا خجلة من نفسي". أجابها بليك: " كفاك سخفا...... أنت رائعة عندما لا تحاولين تعقيد الأمور". فشكرته قائلة: " لطالما أهتممت بي يا بليك , أنت أروع رجل عرفته!". " ما عدا هادو الذي يتميز بصفات ولا أحلى , ترى أين هو؟". رجته العجوز: " لا تناده ......فالقلق يؤذيه وخاصة أذا كان الأمر يتعلق بي ". تجاهل بليك العمة ألثيا وسال ساري: " هل رأيته في مكان ما؟". أجابت: "رحل مع جيمي". غضب بليك: " أصحيح ما تقولين؟ هذا يفسر أشياء كثيرة , تعالي معي يا ساري وساعديني في وضع السيدة في فراشها , يعجبني منظرك يا عمتي ولكن لماذا هذه الملابس كلها؟". أكدت السيدة العجوز: " أنها أشياء أساسية". وحينما أستدار بليك ليخرج من الغرفة ذكرته: " لا تنسى أن تأتيني بالطبيب". " سأفعل".منتديات ليلاس أحتجت السيدة : " يظهر أنني سأضطر للبقاء في حجرتي ". فأكد بليك : " لا بد من ذلك". " لكن الراحة تتعبني". " تحملي ذلك يوما أو يومين على الأكثر وأذا أردت حضور أحتفالات البيع والتأثير في الحاضرين فعليك أستعادة قواك أولا". ضحكت السيدة: " سأترك مهمة التأثير في الناس لساري فهي جميلة العائلة لكن لا تدع جيل تسمعني". ثم قالت لساري بعد أن لاحظت شحوبها: " لا تخافي يا صغيرتي .....كانت نوبة بسيطة". قبلت ساري يد العجوز قائلة: " أنت عزيزة علي يا عمتي". أجابتها السيدة : " كلنا سنموت في يوم من الأيام يا صغيرتي". ضحك بليك قائلا: "لكن أياك والرحيل أيام المبيع". " أطمئن لن أفعل ......لكن الموت حادث لا بد منه وقد عشت حياة هنيئة , فلا تبكوني يا أولادي". "حقا أن الحياة لها قيمتها ولكن عندما يتعب الأنسان يكون سعيدا بأستقبال الموت". أجابها بيك بينما كانت ساري تحضر فراش العجوز: " لكن دورك لم يأت بعد , ما حصل لم يكن ألا خروجا عن المألوف وحسب". كانت غرفة نوم العمة ألثيا فخمة الأثاث وعلى السرير غطاء مزين بباقات من الأزهار الرائعة مع وسائد ذات وجوه خضراء سندسية حلوة تناسب فخامة الغرفة , وعلى جانبي السرير كان هناك مقعدان جميلان في قدمهما وألوانهما , أما التحف الخاصة بالعمة العجوز فقد تناثرت في أنحاء الغرفة م**** جوا من الفوضى المحببة , هذا بالأضافة الى مجوهراتها الثمينة التي كانت في مكان لا يعرفه أحد لأنها نادرا ما تتزين بها. دخل بليك الغرفة وجلس على طرف السرير قائلا: " سأقف هنا بينما تساعدك ساري في تغيير ملابسك". " لا ....لن أسمح لك بما لم أسمح به حتى لزوجي".منتديات ليلاس " لن أنظر اليك......بل سأنظر من النافذة". " حسنا". قالت ساري: " هيا أذن يا عمتي.... دعيني أساعدك". شكرتها العمة على مساعدتها بأبتسامة حلوة وهي تستعد للأسترخاء في سريرها .....زفي اللحظة التي ترك فيها الأثنان السيدة لتنام أنفجرت ساري باكية , أذ تذكرت فلسفة العمة ألثيا المتعلقة بالموت والحياة والتمتع بالحاضر , كانت ساري أضعف من أن تسيطر على مشاعرها في تلك اللحظة , وخاصة خوفها من الموت وما يجلبه من بؤس وحزن للأحياء , كانت تعرف أن من واجبها أن تكون شجاعة وتقبل بالأمر الواقع كالعمة العزيزة , لكنها لم تستطع ذلك فأنسابت الدموع على وجهها. قال بليك بجفاء: " كفى يا ساري". " ليس الأمر بيدي.... أنا لا أملك قوتك في تقبل الأمر الواقع ولا أعتقد أنني أستطيع تحمل فكرة موت العمة ألثيا". أجابها: ط سيكون ذلك صعبا علي أنا أيضا يا ساري". " لا .... أنت قوي , وتستطيع التغلب على كل الصعاب". " لكنني لا أتحمل رؤيتك تبكين". " لا..بأستطاعتك تحمل ذلك فقد بكيت أمامك الكثير من المرات دون أن تتأثر". " بكاؤك هذا يختلف". قال ذلك بصوت أقرب الى الرقة مما دفع ساري لأن ترفع اليه وجها مبللا بالدموع , وحين وصلا الى نهاية الممر وقف بليك قريبا منها , ممسكا بذراعها فأشتعلت نار التناقض فيها: ( أنا ضائعة بين شخصية بليك التي أعرف وشخصيته الأخرى التي لا أعرفها أبدا) . فضحت تعابير وجهها أفكارها فضحك بليك مفكرا: ( لا شك أن التوتر المذهل هو الذي يقرب بيننا". أعترفت ساري: "يخيل الي أنني لا أعرفك في بعض الأحيان!". قال ساخرا: " لا أستغرب قولك خاصة وأن ماضينا مليئا بالمشاحنات يقف بيننا ويجعلك غير مطمئنة لي". أربكها بريق عينيه ألا أنها سمعته يقول: " أثبتي مكانك". " لماذا؟". " أريد أن أمسح دموعك .....هل عندك ما يساعدني على ذلك؟". " منديل من الورق نظيف". أعطته ما يريد وهي ما تزال تحت تأثير جاذبيته المفرطة , اجبرها على مواجهته وراح يمسح دموعها. قالت له: " أنك تؤلمني". " هذا هو المقصود يا عزيزتي". أنتابتها فجأة رغبة مجنونة في عناقه , أغضبها ذلك فحاولت الخلاص من تأثيره عليها قائلة: " هذا يكفي". " لا..... وأنت تعرفين ذلك". "لا تهددني". " بأي طريقة أهددك؟". " بكل الطرق الممكنة". " أعتقد يا عزيزتي أنك مشغولة بنفسك مما يمنعك من الأحساس بأشياء قريبة منك". " تقصد تلك الأشياء التي لا يمكنني تقبلها؟". " ما الذي لا يمكنك تقبله؟". " فكرة كونك المسيطر دائما".منتديات ليلاس ضحك : " أنا أريد ذلك فعلا........ وأعترف أنني أحبذ تصرفاتك حين لا تكون سخيفة". سألته: " لماذا لا تحاول فهمي؟". " أنا أفهمك تماما يا عزيزتي على الرغم من أنك تصرين على عدم الأعتراف بذلك". " هناك الكثير من النواحي لا تعرفها". " لا أعتقد". تساءلت بعنف: " لماذا لا تجد لنفسك زوجة؟". فضحك : " يا لها من مصيبة. أتخذ زوجة لتتعبني!". " لا أعتقد أن بأستطاعتها ذلك". " هل لديك أقتراحات متعلقة بهذا الموضوع؟". " فعلا لا تستحقك واحدة منا.... ولكن هناك كثيرات يتمنين الزواج منك". " وهل ستكونين من أوائل المهنئين؟". " طبعا.. وخاصة أن العمة ألثيا بخير والمبيعات ستستمر , في الحقيقة أنا في شوق للقاء بيتر". " وأنا كذلك ..... رغم أنني أجد حماسك مبالغا به , ثم أنك رائعة عندما يربكك الخوف والغضب". أشتعل غضب ساري وفكرت بالهرب لكنه كان حجرة عثرة في طريقها . حاولت صفعه فمنعها قائلا: " لا تكرري ذلك مرة أخرى". ردتها الكلمات الى وعيها: " بليك....... ما الذي يحدث؟". " أطمئني........... أشياء نستطيع تدبيرها , لم يحرمك أحد من شيء يا ساري..... لكنك تخرجين الآن من عالم أحلامك". " أتمنى أن يكون خروجي تدريجيا وليس دفعة واحدة". " لا شيء يأتي بسهولة". " ألا عندما أكون قريبة". " أعتقد أنك تفضلين أن تكوني بعيدة".منتديات ليلاس " أتجد من الصعب تفهم ذلك؟". " لا ....... لكنني أتصور أن هذا المكان هو الأفضل لك...... تعالي يا سيلين نفتش عن هادو". " هل سأفتش عنه وحدي؟". " هل سأكون معكما لأتأكد من عودتكما الى البيت ثانية؟". سبقها بليك ببضع خطوات وتبعته وكأنها مشدودة اليه , وعد الطبيب بارت أرنشو أن يأتيهم خلال ساعات فأرتاح بليك بشكل دعا ساري الى القول: " أشعر بشعور من يعيد تقييم حياته , لقد كنتم جميعا لطفاء معي ". " لكنني كنت أشعر بعدائك لي في بعض الأحيان". " هذه تخيلات". " كلا... ليست كذلك". " أنت عميق يا بليك". " فعلا...... لكنني لم أتغير من جهتك أبدا". " لقد تغيرت حتى معي". " لا , لكنك تتصرفين وكأنك طفلة تدافع عن نفسها". " نعم........ تصرفت بهذا الشكل في بعض الأحيان". " أنت أنسانة طيبة ...... وأذا تزوجت بيتر شلتون فسأفتقدك!". " لماذا؟". " لأنني متعلق بك". " هذه أول مرة أسمع فيها منك مثل هذا القول!". " ذلك حتى لا أفسدك , وأعتقد أنك تعرفين ذلك". "لكنني أريد أن أسمع المزيد". " لن تسمعي المزيد لأنه يجب علينا أيجاد العم هادو". " سأساعدك في البحث لأنني أعتقد أن رحلته تتعلق بعمله وهو أيجاد القبائل الأثرية ولا يستطيع أحد مساعدته ألا جيمي". " جيمي يدفع بالعم هادو الى عالمه". " لكن جيمي أنسان جدي". " وعامل ممتاز أيضا , لكنه مغرق بالخيال". " وخبول.........". " لا تنسي أنه يتقدم في السن...... ومع أنه كان في يوم من الأيام بطلا ألا أنه هذه الأيام ليس ألا أرطالا من الشحم واللحم". " ليس من العدل أن يتقدم السن بالأنسان , أليس كذلك؟ أتصورها خيانة كبرى, خذ مثلا العم هادو ......... أعرف أنه لا يزال رائعا ولكنه كان يوما وسيما مليئا بالنشاط , وصورته أكبر دليل على ذلك , لا عجب أن العمة ألثيا أحبته بقوة في الماضي , لكننا الآن نقلق عليه دائما". "لهذا السبب فأن جيمي معه طوال الوقت يرتب له الأمور , وأذا وقعت للعم أية مشكلة فبأستطاعة جيمي أرسال أستغاثة عبر السهول مع أنها قد تصل الينا متأخرة , لقد أعتاد العم هادو أسلوب حياتنا هذا ولا يريد تبديله ,وأغلب الظن أنه سيموت هناك في البراري وهو يبحث عن عالمه الأسطوري". " لو أن أحدنا يستطيع العيش تسع مرات.......". أمسك بليك بكتفي ساري قائلا: " الحياة ليست سهلة , ألا زلت آتية معي؟".منتديات ليلاس " طبعا ......... لأنها الحياة الوحيدة التي أريد أن أحياها , تماما مثل العم هادو". " أنت حتما لا تعنين ما تقولين". " بلى.......... ولا داع للأستغراب". ضحك بليك فجأة : " في الحقيقة يا ساري أنت تضعفينني أحيانا". " أنا التي لم أعد أفهم نفسي هذه الأيام , هل نأخذ السيارة؟". " نعم ........ توفيرا للوقت". تأملت ساري السماء الزرقاء وحمائم الصحراء تتراقص فيها قبل أن تصعد الى السيارة التي قادها بليك بصمت بينما كانت سابحة في عالم أفكارها : ( الهالة المحيطة به هالة القوة والسيطرة , ولا مجال للخوف بوجوده حتى لو تهنا في الصحراء لأنه سيعرف حتما كيف ينقذنا). " أعتقد أن بأمكاننا العثور عليه عند بحيرة نلجيري الصخرية , سمعته يتكلم عنها البارحة". " لا يمكن أن يذهب هناك في وضح النهار لأنها بحيرة مسحورة ".منتديات ليلاس تذكرت ساري خوفها من البحيرة: " غريب..... أليس كذلك؟". " ربما........ لكن القصة قديمة , أبتدأت بالعداء بين القبائل وخرق القوانين حيث هجم رجال الكاديتشا ذات يوم على مخيم صغير وسبي نساءه بعد أن قتل الرجال , لذلك صارت القبائل تخاف البحيرة الصخرية لأن أصوات الذين قتلوا وهمساتهم ما زالت تسمع فيها , تصوري أن أحد الذين شربوا منها يوما دون سبب ظاهر". أخافت القصة ساري لكن بليك ضحك قائلا: " مسكينة أنت ....... لا تخافي......... لن أرميك هناك أبدا". " أعترفت لك أن ذلك سينهك أعصابي". " أعرف ذلك رغم أنني متأكد من حبك للمأساويات التي توسع عينيك ". " لست مسؤولة عن تلقائية عملي الجسماني". " أنها تلقائية رائعة , أنظري ........ هناك عمود من الدخان". " لا أستطيع رؤيته". أجاب بليك بتركيز: " أنه هناك". كانت ساري تعرف أن لا مجال لمعارضة بليك فيما يقوله , لذلك أخذت قبعتها وأستعملتها كمروحة بينما تجعدت خصلات شعرها فبدت كطفلة صغيرة , كان الحر شديدا والسراب يرى في كل مكان شكل مساحات ماء أزرق , وعندما مرت السيارة قريبا من عصافير الصحراء – طعام النسور المفضل – تركت , أغصان الأشجار فزعة ,وأختفت الأفاعي والسحالي. أخترقا المساحة المزهرة الممتدة بين البيت والبحيرة ممتعين أنظارهما بمناظرها الخلابة , كانت قطعان الماشية ترتع في السهل غارقة بين الحشائش , أما الصحراء وصخور مالبارا الحمراء القديمة الهرمية الشكل فقد ظهرت الى الغرب. كانت الرمال الحمراء تلمع تحت أشعة الشمس ممتدة الى ما لا نهاية , أما الأشجار على أختلاف أنواعها مع العصافير المختلفة الأشكال والألوان فقد بدأت تتضاءل حتى أصبحت المساحات المشجرة أشبه بالرقع. هبطت السيارة ببليك في أخدود رملي وخرج منه قبل أن يقول لساري التي كانت تحاول تهدئة أعصابها: " ستهطل الأمطار الليلة". " آمل ذلك لأنه سيكون لدينا الكثير من الأزهار البرية طوال فترة المزاد". " أتمنى أن يساعدك شلتون في بعضها........ على الرغم من أنه لا يفقه ركوب الخيل". " سيكون ذلك رائعا". " لا بل قولي ستكون فرصة ذهبية!". " أنا شخصيا أتمنى نصب خيمة في الصحراء". " ما أحلاها من فكرة ........ أشعلي لي سيكارتي". " كانت تحملق فيه وهو يدخن سيكارته" ( نحاسي البشرة , مستقيم الأنف , كثيف الأهداب , ورائع الذقن". " ماذا بك؟". " لا شيء ". " نوبات ذهولك كثيرة هذه الأيام". ردّت بسذاجة: " لأنك وسيم جدا". نظر اليها مستغربا قبل أن تسأله: " ألا يمكننا يا بليك؟". " عمّ تتكلمين؟". " ننصب خيمة هنا تحت النجوم لنشاهد التلال الرملية حين تكسوها أشعة القمر برداء فضي بينما النجوم تلمع في السماء والهواء عليل". " يبدو لي ذلك مملا , صحيح أنني ممتاز في الحفاظ عليك لكن لا تعتمدي علي في أي شيء آخر , حتى في تحقيق حلمك". " سيكون الحال مختلفا أذا كانت ليا معنا!". " في مثل هذه الحال أنسى كل الترتيبات لأنني سبق وأكدت لك أن صديقتك تضيع وقتها". " أنها معجبة بك". " لكنني لست كذلك". " غريب....... يخيل ألي أنكما قد تشكلان ثنائيا رائعا". " كفاك سخفا". " حسنا , أنا لا أريدك أن تتزوج أبدا لأنك أن تزوجت فلن تحبني زوجتك". " بل ستحبك حتما".منتديات ليلاس " دعنا من هذا الحديث". " لماذا؟". " لا أريد الخوض به". " مع أنه في منتهى الأهمية..... لكن حسنا". " سنفعل ذلك في يوم عيد ميلادي". " عم تتكلمين الآن؟". " أضواء النجوم رائعة في الصحراء". " لكن البرد قارس , هل تريدين الرحيل قبل أنتهاء البيع؟". " أذا كانت العمة ألثيا في حالة حسنة". " هذا عرض جديد أذن". " نعم وأظن أنه لا مجال لمناقشته الآن". " هذا صحيح". " بليك.......". " ماذا؟". " لا شيء....... أنا أبحث عن موضوع آخر فقط". " لقد تغيرت حالك هذه الأيام". " لن أعترض على رأيك المحترم ........شكرا". " كانت هذه حالنا دائما , تصرفاتك دائما غريزية ........ وتأتي الآن عائلة شلتون لتغطية هذه التصرفات أو ربما لتقويتها ". " هذا ليس بصحيح". " بلى ......أنه صحيح". نظر اليها بخشونة فقالت: " لا تنظر اليّ هكذا , نظراتك غريبة". " تعنين أن نظراتي تزعجك". " نعم". " آسف أذن". " لا بد لي من تفسير شعوري نحوك يا بليك". " ألم تفعلي ذلك بعد؟". " لا....... أنا عاجزة تماما ". " لا تخافي......... ستفعلين ذلك يوما". " أستطيع أن أقول الأن أنني أخافك". " تكلمي عن شعورك هذا". " مستحيل أن أفعل ذلك الآن". " حسنا........ ذلك لا يهم لأن عينيك تفضحان مشاعرك , وهنا أتساءل ألا يمكنك فعل أي شيء من أجلي؟". " لكن دون أرادة". " المهم أنك تقومين بالمطلوب". " نعم ". تباطأت في أتخاذ القرار". " أنا من النوع هذا , المصيبة معك يا بليك أنك تتطلب ممن حولك الولاء الكامل ". " هذه ملاحظة لا معنى لها". " لكنني أعني ما أقول". " أنك تتغافلين عن الأشياء الأساسية , لكنك أتخذت الخطوة الأولى وأعلنت حبك لمالبارا". " أنا بلادك ......قلعتك ...........أليس كذلك؟". " أنها ملجأك قبل كل شيء, لقد أتيت الى هنا عندما كنت في الثانية عشرة من عمرك وأعلنت أكثر من مرة كرهك لي وللمكان ". أستدارت نحوه قائلة: "هل فعلت ذلك حقا؟". " كنت تصرحين بذلك بأستمرار أيتها الطفلة المشاكسة". " كلامك مؤلم". " ربما...... لكنني محق فيما أقول لأنه في بعض الأحيان تبرز لك مخالب قطة , لقد تحملتك كثيرا طوال سنين مضت أذ لا يستطيع أحد في الدنيا أن يتحمل هروبك المتواصل". أستغربت: " كيف فعلت هذا؟". " كم من الصعب التعامل مع صاحبة شعر أحمر....... طرية العود مثلك , على كل حال أنت لم تنالي كفايتك من الحب كطفلة وقد أخذت هذا بعين الأعتبار".منتديات ليلاس " لا تتكلم عن طفولتي يا بليك". " أليس ما أقوله صحيحا؟". " نعم.... لكن لا أريد البحث في هذا الموضوع , أكيد أن مارا لم تكن تريدني , أبي مات , وأنت توليت تربيتي مراعاة له , أغريت مارا بالمال لأنني من العائلة لكن أعترف يا بليك أنني لن أكون من العائلة أبدا". " لا تكوني سخيفة, أنت مزاجية وعاطفية وبحاجة الى من يرعاك". " هذا قول صحيح , الشمس حامية , أليس كذلك؟". وضع بليك السيارة في الظل وأوقفها قائلا: " والآن؟". " أنت بارع في زعزعتي". " هل تشفقين على نفسك؟". " لا......ليس ذلك من طباعي". " بأستطاعتك أن تكوني رقيقة معطاءة بنفس القوة التي تقاومينني بها , لكنني أرى أن الوقت والقدرة اللذين تضيعينهما ما هما ألا خدعة معروفة". " آسفة يا بليك, أعرف أنك كنت ممتازا معي". " أنسي ذلك........ لقد علمتك ركوب الخيل وزرت معك هذه البلاد مالئا رأسك الصغير بأصواتها وصورها , لكن حان الوقت لخروجك من بحر أحزانك وحدك والتخلص من المقاومة الرافضة التي تزعجك , أرجوك أفتحي عينيك عندما أكلمك". " آسفة ". " كفاك أسفا وكلميني". تطلعت اليه: " أنا لا أريد أن أضيع شخصيتي يا بليك". " أعرف أن ذلك له أهمية بالنسبة لك , لكن كيف تريدين الحفاظ عليها؟". قالت بخوف: " أنت قوي جدا". " هذا ما تقولينه دائما". " قد نتفق بمرور الوقت ". " سأفعل شيئا من أجل هذا في القريب العاجل". " قل لي متى". " وبماذا سينفعك ذلك؟". " قد أهرب!". " هذا ما تصورته لذلك أخفي عنك بعض الأشياء". " هذا ما تفعله دائما , وطلب أي زيادة منك قد يصبح خطرا ". " أنت على حق , والآن أجلسي بصمت وهدوء لأن أعصابي قريبة من درجة الغليان". " قد أستطيع التخفيف عنك ,لكنني لا أستطيع". حذرها: " ذلك أفضل يا سيلين". " حسنا يا سيدي". قالتها بخجل وكأنها أحدى فتيات المنزل الباحثات عن رضى بليك وأبتسامته: " لن تتعلمي أبدا , أليس كذلك يا عزيزتي؟". " لقد تعلمت الكثير في فترة قصيرة , خذا اليوم مثلا". " من الذي كان يتصور؟".منتديات ليلاس فكرت ساري : ( أنا) , وتأملت المساحات الممتدة أمامها رمزا للقوة والعنف , ( لقد رسكمها الفنان ناماتجيرا في لوحاته بشكل رائع بكل ألوانها , صخورها , ورمالها , وقد تعلمت يوما أن هذا هو عالمي الذي أحبه وسيقتلني بعدي عنه , وتعلمت أيضا أنك تدخل يا بليك في السراء والضراء ضمن ممتلكاتي الخاصة , رغم أنني أبقيك دائما بعيدا عن قلبي , لكنني في الحقيقة كنت أتصرف كأي مخلوق صحراوي محاولة التغلب على الصياد, ولكن عبثا , والله وحده يعلم ما الذي يمكن أن يجره هذا الأستسلام). وغطى خيال بحيرة تلجيري السهل أمامهما كما هو الحال دائما , وكأنه يحرس الممر ويحنو على مساحات واسعة من الأزهار البرية القديمة قدم الأنسان. وعلى مسافة ميلين من المكان ظهر ستار البحيرة الواقي , ذلك المكان المقفر الذي لا تجرؤ حتى الكلاب البرية الأقتراب منه , محاطا بهالة من الغموض حتى في وضح النهار مما دفع ساري الى القول : " أعتقد أننا أخطأنا المكان". وجه بليك سيارته الى النتوء الجبلي مشيرا الى بقعة ما على الأرض : " لا أعتقد ذلك , الآثار تبقى في الصحراء زمنا طويلا". لم تفهم ساري ما يعنيه بليك ألا عند رؤيتها لأحد سكان البلاد الأصليين الذي أقترب منهما قائلا: " صباح الخير يا سيدي".منتديات ليلاس " صباح الخير يا جيمي , هل العم هادو معك؟". أجابه بعد أن رفع قبعته لتحية ساري: " بالتأكيد , صباح الخير آنستي". " أهلا جيمي , بحثنا عنكما طويلا ". " هل كل شيء على ما يرام؟". أجاب بليك بهدوء: " العم هادو مطلوب في المنزل لأن السيدة ميريديث تشعر بتوعك". " آسف لسماع هذا , سأحضر السيد حالا". " أين هو؟". " في الجانب الآخر يستكشف علامات علامات جديدة ". سأله بليك : " وهل تعني العلامات شيئا؟". " لا أستطيع القول ". همس بليك بأذن ساري : " أعتقد أنه لا يريد القول". سمعه جيمي فقال: " هناك بعض الأشياء التي لا تقال يا سيدي لأن الزنوج منتشرون في المنطقة". ساور القلق ساري: " الوضع أقرب للخيال". كانت لا تزال تحملق في الصخور والرمال الحمراء المنتشرة في المكان حين أتى بليك وحملها خارج السيارة قائلا: " هيا بنا يا ساري ,لن نقضي الليلة هنا , أنها فرصة لأستكشاف المكان نهارا فلا تكثري من التأمل". " أشعر أنه مكان مشؤوم ". " أذا بقيت على هذه الحال فسيهرب جيمي , لأنه يتظاهر بالشجاعة لكنه لا يحب المكان". " وأنا أيضا ,أسبقني وسألحق بك". وعلى الجانب الآخر نادى الجميع العم هادو الذي لم يسمعهم بسبب خفة سمعه , وكان بقي سليما حتى بلوغه السبعين , أنه اليوم في الرابعة والثمانين ومع ذلك كان يحاول جاهدا رفع حجر ثقيل , مخاطبا نفسه بالقول: " حجر ثقيل ولا شك". تقدم بليك لمساعدته قائلا بأعلى صوته: " أترك هذا يا عمي , دعني أساعدك". وأنتصب عود العم هادو الذي أرهقته السنون وهو يقول: " يا لك من شهم , تأتي دائما في الوقت المناسب , جيمي أين كنت؟". " كنت أستكشف المنطقة". عندما رأى العم هادو ساري أستغرب وتساءل : " لماذا أتيت أيضا يا ساري؟". شرح بليك وجودها قائلا: "نزهة في السيارة لن تؤذيها , نحن هنا لأن العمة ألثيا متوعكة ومن الأفضل أن تأتي معنا". " سآتي حالا , هل أنت متأكد من أنها بخير؟". " لا داع للقلق , أستدعيت الطبيب وسيأتي لأجراء فحوصات طيبة لكما معا". " وبذلك نصطاد عصفورين بحجر واحد". غير بليك الموضوع : " الحمد لله أنك لم تقتل نفسك بهذه الصخرة , ما كنت ستفعل بها؟". " ما يهمني هو ما تحتها يا بني". " هل ما تحتها من صنع أنسان قبائل الكولاس أو الهوراس؟". صرخ جيمي خائفا: " أتركهم يا سيدي".منتديات ليلاس أجابه العم هادو: " لن أتركهم أبدا ,أيها الغبي". قال جيمي منذرا : " سيدي من الأفضل أن نرحل". غضب العم : " أياك يا جيمي". لم يناقش جيمي العم العجوز لأنه كان تحت تأثير رهبة المكان التي أحست بها ساري أيضا . فأخذت تسأل جيمي : " ماذا هناك يا جيمي؟ هل هي أرواح الأجداد؟". رجاها بليك: "كفاكم نقاشا بحق , العمة ألثيا بأنتظارنا". أتخذ العم هادو طريقه الى السيارة وتبعه جيمي الذي كان مستعدا للهروب عند سماع أي صوت. قال بليك وقد تراقصت في مخيلته بعض ذكريات الطفولة . " الخرافات هي السبب فهي تشل قدرة الأنسان على التفكير والتحكم بأعصابه , جيمي متأثر لأن الخوف من المكان مزروع في داخله , وأنا أرى أن لا فائدة من الأستمرار في........". وصرخ: " ساري أبتعدي عن المكان". بعد أن لاحظ أن ساري تحاول أزاحة الصخرة , أخافها صوته فتطلعت اليه قائلة: " ماذا هناك؟". " ربما كان المكان ملعونا بحق". " لم يخطر لي هذا على بال". " أنت تدوسين على آلاف السنين من التاريخ القبلي , وأنا لا أريد أزعاج الباقي من أفراد القبيلة , هذه أشياء مهمة بالنسبة لهم وخوفهم من الصخرة لن يموت أبدا , وأذا كان الأعتقاد أن هذا المكان ملعون فالأفضل عدم معارضتهم وألا تصوروا أن لعنة ما ستنزل على من بقي منهم".منتديات ليلاس " أذن لماذا ترك جيمي العم هادو يستكشف المنطقة؟". " يظهر أنها المرة الأولى التي يرى فيها جيمي العلامات بنفسه , ثم من يستطيع الوقوف في وجه هادو ؟ أنه القانون هنا , جيمي مثقف لكنه يبقى من أهل البلاد الأصليين , وربما كلفه المجيء الى هنا الكثير لكنه يحب أسعاد العم العزيز , وأذا كان هناك وجود لآثار أنسانية فمن الأفضل عدم الكشف عنها لأن ذلك قد يميت جيمي خوفا , وبما أنني المسؤول عن حمايتهم أرى أن يبحث العم في منطقة أخرى , سأغطي المكان لأنني لا أريد مشاكل , يكفيني ما أحمل من مسؤوليات". أطاعته ساري وتركت المكان خائفة وكأنها على وشك أن تحضر أحتفالا محرما على النساء , كانت السماء زرقاء والشمس حادة , تأملت جسم بليك المنحني فلاحظت أنه يحملق في شق صخري خفي: " يوجد هنا حجر الشورينغا التاريخي". رجته ساري: " أتركه". " سأفعل لأنه لا يهمنا". أعتدل بليك في وقفته وأستعد لوضع الصخرة في مكانها من جديد , بينما كانت ساري تتجه نحوه بدافع الفضول: " أريد أن أرى الحجر التاريخي". " لا تحاولي التأثير فيّ بشجاعتك , سيبقى الحجر في مكانه". " أثّر الأمر فينا مثل جيمي". " لكن جيمي يبقى أفضل مقتف للآثار وعالم بالأدغال , وأذكرك بأنه رفيق مخلص للعم العجوز". " أنني أثق به وأحترم رغباته". " لا داع للغضب , أنا لا أنوي الأساءة لأرواح الأجداد". وما أن قالت ذلك حتى مرّت من فوقهما دوامة هوائية أرعبت ساري ودفعتها الى ذراعي بليك القويتين طالبة الحماية , وسمعته يقول: "أخفي رأسك في صدري". ألتصقت به بينما كان يغير وقفته لتلقي الدوامة عنها , لامستهما الدوامة برياحها الحارة ورمالها الحمراء لدقائق , ثم أبتعدت وعاد كل شيء الى هدوئه , عندها رفعت ساري رأسها اليه متسائلة: " ما الذي حدث؟". " لا شيء , عاصفة بسيطة , لا بد من الأعتراف أنه لا وجود للملل في هذه المناطق , وبما أنها أرض قبائل قديمة فلا بد من أن الدوامة كانت روحا تائهة".منتديات ليلاس " لا تقل ذلك ........ أرجوك". كانت ساري لا تزال ملتصقة به وهو يحاول تهدئتها , شعرت بشعور غريب فخفق قلبها , فقال لها: " لا أتصور أنك الآن تريدين النوم وقد كنت قبل دقائق على وشك الركض". " معك أشعر بالحماية الكاملة". " الأعتراف بالحق فضيلة". " كنت في الماضي تقوى على من هم أضعف منك لهذا لم أستطع الأعتراف". " وهل أنا الآن مهدىء؟". " لا ......... لست مهدئا , من الأفضل أن يترك العم هادو المكان على حاله". " هو وحده من يقرر". " ترى هل مرت الدوامة بالقرب منهما؟". " لا أتمنى ذلك لأنها سنخيف جيمي لمدة أسبوع على الأقل , والآن يا صغيرتي هل عرفت من هو الأقوى؟ دعينا نذهب الى السيارة وتذكري أنني لا زلت مرشدك المسؤول عنك". فكرت ساري : ( أن لك سحرك الخاص أيضا) , كانت تحاول السيطرة على خفقات قلبها وفيض المشاعر الذي أستولى عليها : ( بليك هو حياتي.... هو القوة , هو.....) . تعثرت ساري بصخرة فقال لها: " أي نوع من فتيات الغابات أنت؟". " أصابتني صدمة؟". قالها وهو يحملها تاركا أياها تحاول مقاومته بقبضتيها بينما الأحاسيس تضطرم في داخلها. صرخت: " أنزلني". " أمرك سيدتي". كان ينزلها ببطء جعل مشاعر الحب والعداء تتشابك في أعماقها قبل أن تقول: " أرجوك.....".منتديات ليلاس " حسنا ما دام لم يعد هناك مجال للغش بيننا". شعرت ساري بضعفها : ( لم أعد أحتمل , كان بليك دائما الطاغية في حياتي , لكن حبه راسخ في أعماقي , ربما لأنه ذكي كريم يهتم بمن حوله ومن جهة أخرى يتحمل أخطائي) رفعت رأسها اليه: " أنا غبية , أليس كذلك؟". " أنت عصبية فقط". هربت من نظراته الحلوة راكضة بأتجاه السيارة : ( لا يزال بليك لغزا بالنسبة لي , ورغم ذلك فأن فكرة زواجه من أية فتاة أخرى تدفعني الى الجنون , وأذا حصل هذا فسأترك مالبارا أذ أن لا حياة لي فيها بزواجه , أنا أريد هذا الرجل). كان العم هادو وجيمي في السيارة عندما وصلت اليها , أستغرب العم هادو : " ليس الوقت مناسبا للتمرينات الرياضية". " هذا صحيح , لكن لا ضرورة للركض المجنون , أنه شاق في الحر , أنت تحتاجين للراحة". صعدت الى السيارة وسألت العجوز : " هل حدث شيء هنا قبل دقائق؟". " لا , لم يحدث أي شيء , هنا قد فعلتها ثانية يا جيمي؟". " وكيف ذلك؟". " يا له من جواب". حاولت ساري بوقتها أنقاذ الموقف: " لا أعتقد أن بليك نفسه يريد العودة الى المنطقة". أكد العم العجوز : " سأقبل الأمر منه فقط". قالت ساري بحذر : " سيصل الطبيب أيرنشو الى البيت بعد قليل". " ليكن ما يكون , أنا لست بحاجة الى طبيب , وأنما الى الخروج لفعل شيء ما". " هو آت لأجل العمة ألثيا". أستجوبها: " أصحيح أنها نوبة بسيطة؟". " نعم , وقد تنفع الراحة". " سنناقش االأمر عندما يذهب يا جيمي". " تذكر أحاديثنا الماضية ". " أيجاد الآثتر الأنسانية سهل جدا , أليس كذلك يا جيمي؟". " نعم يا سيدي". سأل العجوز بليك: " أتريد أن تثبط عزيمتي؟". قال بليك: " هناك أشياء كثيرة غامضة في هذا المكان , ألا تعترف بذلك ". " أنت على حق يا بني , لذلك أريدك أن تطلع على آخر أوراقي المكتوبة لتبدي رأيك". قال بليك وهو يقود السيارة بأتجاه المنزل: " لا أجد سببا لعدم نشر كتاباتك". " أتراك صادقا فيما تقول؟".منتديات ليلاس وفجأة قبل العجوز خد ساري قائلا: " أشكرك على طباعتك ما كتبت , قد يعود ذلك عليك بالخير يوما". قال بليك : " هذا ما نتمناه فعلا". وراح يصوب الى ساري نظرات ثابتة عبر المرآة جعلتها تعترف سرا أنها لا تريد رجلا غيره.
الفصل الرابع
4- خيمة تحت النجوم أستيقظت ساري في يوم عيد ميلادها مع الفجر على صوت أرتطام الحصى بنافذتها : ( لا شك أنه بليك يحاول أيقاظي), تركت السرير وأتجهت نحو النافذة بعد أن لبست رداء بيتيا جميلا لتطل وكأنها جولييت تستقبل روميو , وقف بليك تحت النافذة بملابس العمل التي لم تخل من الأناقة , سألته ساري: " ماذا هناك!". " عيد سعيد , لكن أياك والسقوط من النافذة مع أنني هنا لأنقاذك". " شكرا على تمنياتك". " أنت رائعة في الصباح". سألته بخجل: "أهذا ما أتيت لتخبرني به؟". " لا.. أتيت لأمضي بعض الوقت معك قبل أن يأتي رفاقك , ألبسي ثيابك وتعالي". قالت له بسعادة: " لم أتوقع هذا منك , أصبحت في العشرين من عمري , العالم حولي رائع". " أعرف ذلك". أنحنت وكأنها تريد رمي نفسها من النافذة. " أعتقد أنني على وشك السقوط". " أفعلي ما تشائين , هل أعطتك جيل هذا الرداء؟". " نعم , أنه رائع أليس كذلك؟". " أجل أنه رائع , هل ستبقين عندك أم ستنزلين لأستلام هديتك ؟". " أنا أحب الطيعة لكنني لست غبية الى هذا الحد , سآتي حالا ". أختفت ساري من أمام النافذة وراحت تتنقل كالفراشة بين غرفة النوم ومكان الأستحمام , ثم أرتدت بسرعة فستانا أزرق بلون عينيها قبل أن تلبي بكل حماس دعوة بليك للنزول. كان بليك ينتظر نزولها وأخذ يتأمل جمالها المشرق الشبيه بالأزهار البرية التي تكسو السفوح بعد المطر , أقتطف لها وردة صفراء ذهبية وضعتها على صدرها قبل أن تسأله بشوق متزايد: " أين هديتي؟". " لا تتسرعي .......قولي صباح الخير أولا". " معك حق , صباح الخير بليك". " ألا أنال قبلة بمناسبة عيد ميلادك؟". " أنا أقصر من أن أصل الى وجنتيك". " هل أنت خائفة؟". " لا.........". " في بعض الأحيان لا أفهمك تماما يا سيلين ". عانقته متسائلة: " ما رأيك بهذا؟"". منتديات ليلاس " ساري , يا صغيرتي الحلوة , ذلك رائع , والآن هيا بنا". " هل أنت غاضب؟". " ولماذا أغضب؟". " تبدو لي متشددا بعض الشيء". " ذلك لأنني لا أطلب تضحية من أحد". أمسك بيدها عبر الممر بينما كان موكب الشمس يتهادى في الأفق ونسيم الصباح يهب عليلا. أحتجت : " أنت تسرع". أجابها بصوت حاد: " علي أن أسبق شلتون , أنه سيد الدخلاء". " لكنك وافقت على أرتباطي به". " أنا لا أوافق على شيء من هذا". " أعني سمحت لي بزيارته ". توقف وسألها: " هل قبلت وجنته يوما؟". " لا , ولم يزعجني ذلك , تمهل أرجوك , بدأت أتعب". " لا أعتقد أنك تستطيعين العيش بدوني". وحملها بينما كانت الشمس تتربع على عرش الأفق , ألتصقت به ورجته قائلة: " بليك , لا تغضب مني في يوم عيدي". وقبلت وجنته قبل أن تسمعه يقول: " كفاك أرتجافا يا صغيرتي". " لا أستطيع السيطرة على نفسي , خفقات قلبي تتزايد". " أشعر بذلك". ودارت عجلة يوم جديد في المطابخ والأسطبلات مع بداية تغريد العصافير. تساءلت ساري : " هل أنا ثقيلة الوزن؟". فهز بليك رأسه بالنفي قائلا: " أستطيع أن أقطع الصحراء وأنا أحملك دون أن يتعبني ذلك , على كل حال لقد وصلنا ". أنزل بليك ساري وأبتعد عنها برشاقة تاركا أياها تحت أشعة الشمس , أخذت تفكر به: ( أن حبي له مختلف هذه المرة , كل ما فيه يجعل الدم يغلي في عروقي , أريد هذا الرجل بكل جوارحي , وأتعذب لأنني لا أستطيع مصارحته بمشاعري , لكنني لن أصمد على الحال هذه طويلا". أسعد ساري وصول عائلة شلتون قبل موعدها رغم ما لاحظت من نظرت ليا التي لاحقت بليك بألحاح محاولة لفت أنتباهه الى جمال مظهرها , وشغلتها محاولة ليا هذه عن أي شيء آخر , لكنها فرحت بوصول سكوتي وزوجها الذي كانت تحترمه لأنه يعمل بجد مثل بليك. كانت ساري تحتمي بظلال شجرة حين سمعت بليك يناديها ورأته متجها نحوها يسوق مهرا أصيلا أبيض ذا رقع ذهبية من سلالة حصانه ورل رند , كانت تحب الخيول كثيرا لكنها لم تتوقع هدية مثل هذه في يوم ميلادها. " هل المهر لي أنا؟". " بالطبع هو لك". " ما أروعها من هدية". بدا كل شيء حولها جميلا وهي تتجه نحو المهر بينما كان بليك يقول: " أستطيع أن أكون ذا فائدة كما تلاحظين , على كل حال كان ركوب حصاني حلما من أحلامك".منتديات ليلاس " ولم تسمح لي بتحقيق هذا الحلم يوما". " لأن ركوبه صعب عليك , لكن هذا المهر من سلالته ". تطلعت نحوه بأمتنان قائلة : " أنت ممتاز معي". " أنا أعرف كيف أفسدك". وأمتطت ساري صهوة الجواد بمساعدة بليك قبل أن تسأله: منتديات ليلاس " متى أتيت به؟". " البارحة , عندما كنت مشغولة في تعليم شلتون أصول ركوب الخيل , لقد كان خائفا ولا يعرف حتى كيفية الجلوس فوق السرج.........". قاطعته ساري: " لن أضيع الوقت في الحديث عن بيتر , شكرا لك يا بليك ". وأنحنت لتطبع على خده قبلة بينما كان يتفحص السرج ثم أنطلقت بجوادها كالسهم , سريعة , سعيدة , رشيقة , وأتخذت طريقها نحو مروج الأزهار بينما ظهرت من بعيد هضاب مالبارا الحمراء وكأنها تراقبها. فكرت ساري في بليك الذي لم تفارق صورته خيالها: ( كم أنت عزيز علي يا بليك , ما أحلاها من هدية , لقد أخترت له أسما مناسبا ....) وصرخت في وجه الريح: " الغبار الذهبي..............". رفع المهر رأسه وكأنه فهم ما يحدث , فالأسم رائع مع أنه لم يكن موجودا في السجلات الرسمية. أفتتحت قاعة الطعام الرسمية في البيت لأول مرة في عيد ميلاد ساري , وقد لاحظ بيتر شلتون سعة الغرفة وفخامة أثاثها المصنوع من خشب الصاج الصلب , وما فيها من تحف متناثرة أعادت الى ذاكرته صور التحف القليلة التي تملكها والدته. أخذ بيتر يتأمل الموجودين على المنضدة واحدا بعد الآخر : بليك ميريديث شخصية فريدة , وسيم , يمكن الأعتماد عليه في أي شيء , كانت قوة شخصيته تدفع بيتر الى مهاوي الحسد والغيرة , أما السيدة العجوز بثيابها القديمة وزوجها الملكي النزعة فقد أشعرا بيتر بأن لا مكان له بين الحاضرين رغم أن الرجل متميز بطلاوة حديثه , وأستقرت عيناه عل سكوتي وزوجها شون اللذين كانا موضع أحترام الجميع , ومع ذلك أحس أن التقرب منهما صعب بالنسبة له , لكن ساري تختلف عن هؤلاء جميعا , فهي رائعة الجمال , كان بيتر يعرف أن ليا معجبة بسيد القطعان بليك , ألا أنه خاف المكان بكل ما فيه ومن فيه , أستغرق بيتر في التفكير بما حوله : ( الحرارة المرتفعة والمسافات الشاسعة مزعجتان في هذه البقعة من العالم , ألا أن أفراد عائلة ميريديث ملوك على أرضهم لأن القطعان لا زالت منابع للثروة , كما أن طباعهم تأثرت بالظروف المناخية التي تحيط بهم , ومع أنني لا أشعر بالراحة بينهم ألا أنني أحترمهم , أنا أحب ساري وأريد الزواج منها , ما أروعها في عيدها بفستانها الأزرق المهفهف ومجوهراتها الثمينة , لقد أهديتها هدية غالية الثمن أيضا , لكنها فرحت أكثر بالجواد الذي قدمه لها بليك , لطالما صرّحت بكرهها له , لكن يظهر أنها واقعة تحت تأثيره هذه الأيام ولا عجب في ذلك فهو صاحب سطوة) . كان العشاء لذيذا بشكل أنسى بيتر غضبه , لكنه لم ينس ما تفعله شقيقته لتلفت نظر بليك الذي يفضل حتما فتاة مثل ساري بجمالها وأنوثتها وأندفاعها.منتديات ليلاس تضايق بيتر من نظرات شقيقته وأقسم أن ينبهها فيما بعد الى ضرورة التماسك لأنه ليس من المستحب أن تلاحق المرأة الرجل , لكن ما يحصل هو بسبب تأثير الأم والأبنة. أثترت نظرات ليا المتيمة الهمسات من حولها , لكنها كانت غارقة في عالم أحلامها , في بليك ومحيطه الرائع. منتديات ليلاس أنتهمت الوليمة في التاسعة والنصف مساء وأنسحب العجوزان للراحة , بينما كان بيتر ما زال يفكر في كيفية الوصول الى قلب ساري في أقرب فرصة وقبل فوات الأوان , كانت شقيقته تؤكد له دائما أن الذهاب الى مالبارا هو الذهاب الى الجنة , لكنه لم يعد يثق بكلامها , فكر: ( لا ينكر أحد أن ليا أنيقة , جميلة , وذكية لكن بليك لم يعطها أي أهتمام ربما بسبب وجود ساري) , لم يستطع بيتر تفسير العلاقة بين بليك وساري , لكن نظراته التي تلاحقها وأرتباكها أمامه أشعراه أن هذه العلاقة تتجاوز حدود المودة العائلية. لقد رفض بليك طلب ساري نصب خيمة في العراء تحت النجوم دون أن يترك أي مجال للنقاش , لكن ليا التي ترجوه الآن تنفيذ المشروع , رغم أن بيتر لا يفهم هؤلاء الذين يفضلون النوم في العراء على الأسترخاء في أسرتهم الدافئة. أستولى الخوف على بيتر وتمنى البقاء أمام الشرفة مع ساري الساكنة الهادئة وكأس من العصير , لكن ساري كانت تساند ليا في طلبها مصرة على أن اليوم عيدها , محاولة أضعاف بليك بنظرات ساحرة تبادلتها معه طوال السهرة بصمت ودون أن يتفوها بكلمة , غرق بيتر في بحر أفكاره مرة أخرى : ( لن يأخذ أحد ساري وأي منافس لي يجب أن يبقى كجهولا). أنتشل صوت شقيقته من بحر أفكاره وهي تقول: " أحب قيادة السيارة بسرعة في الليل". تدخل بيتر : " لكنها ليست أفضل طريقة للتمتع بالمناظر الطبيعية ". أتجهوا الى السيارة وشعور الضيق من العائلة القبيلة يسيطر على بيتر.
الفصل الخامس
5- الوصول الى من تحب كان القمر في حضن السماء والنجوم مبعثرة تضيء الكون بأشعتها الفضية الرائعة , قال بيتر مأخوذا: " ما أروعه من منظر". ردت ساري : " تمتع يا بيتر , فالهواء النقي والنجوك أشياء يحرم منها أهل المدن الكبيرة ". جلست ليا الى جانب بليك في السيارة بعد أن دفعت ساري الى اوراء مع سكوتي وزوجها , علّقت قائلة: "نجوم براقة فعلا تشبه قطعا كبيرة من الماس". تدخل زوج سكوتي قائلا: "تبدين عاطفيا يا ليا , منظر القمر والنجوم هنا يختلف فعلا عن أي مكان آخر". قالت ليا بصوت رقيق: " كل شيء رائع في مالبارا ....... مملكة عائلة ميريديث". كان بليك مشغول الباب بأشياء أخرى فلم يعلق على ما سمعه , لكنه لاحظ عبوس ساري في المرآة , فأشرق وجهه بنور أبتسامة خاطفة. فكر بيتر والغيرة تنهش قلبه : ( لماذا أغار من السيد ميريديث؟ من هو بالنسبة لساري؟). ثم أنتهز فرصة سكون الليل وأحتضن يد ساري , لاحظت سكوتي ذلك فتجاهلت الوضع تاركة مجال التصرف مفتوحا أمام ساري. لم تعترض ساري على ما فعله بيتر مما شجعه على طرح موضوع الخطبة , أختطفته أفكاره من جديد : ( ساري خطيبة رائعة , لكن عدم أعتيادها على العمل خارج البيت مشكلة , ينسيني أياها جمالها وفتنتها ), وأسترخى بيتر قليلا قبل أن يعود الى عالم أفكاره : ( ساري تكره بليك , وهذا سلاح قوي في يدي , لكنها عنيدة وشرسة في بعض الأحيان , ويمكنها فرض رغباتها حتى المسؤول عنها.....). ومزقت سكون الليل أصوات حزينة خافتة فتساءل بيتر عن مصدرها خائفا: " ما هذا؟".منتديات ليلاس أجابته ساري: " أنها أصوات آلة موسيقية يستعملها أهل البلاد الأصليون , ألم تسمع هذه الأصوات من قبل؟". " لا....... لكني سأتذكرها من الآن فصاعدا". قالت سكوتي: " تسحرني مثل هذه الآلآت , لأنها تستمد أصالتها من أصالة أهل البلاد الذين يرقصون ببراعة أيضا". تدخل بليك: " أنها قبائل لها معتقداتها وعاداتها وصفاتها التي تميزها , ويعود تاريخ تواجدها في هذه المناطق الى أثنتي عشرة ألف سنة مضت , ومعظمهم من السود". قالت ليا بحماس: " أنت شديد السمرة يا بليك". فضحكت ساري: " يا لها من ملاحظة شيقة!". حاولت ليا تسويغ ملاحظتها: " يا ألهي! أنتم تعرفون ما أعني , أقصد أنني أحب الفرق بين لون عيني بليك ولون بشرته الداكن , توقفي عن الضحك يا ساري أذا سمحت". أعترض بيتر : " أفضل سماع ضحكاتها على سماع ذلك الصوت المزعج مرة أخرى". أجابته ساري: " أنها مجرد معزوفة , ما بالك مشدود الأعصاب؟". " من أين تأتي الأصوات؟". منتديات ليلاس " من مخيم قريب , ألا تشعر بالقوة البدائية للمنطقة؟". " أشعر بقوتك فقط وذلك يكفيني". وأخترق الظلام صوت قوي آخر , أخاف ركوب السيارة , فقالت ساري: " أنها أصوات الكلاب البرية الأسترالية المتوحشة , وهذه طريقة ينادي بها بعضهم بعضا , وتقع مغاورهم في الهضاب الحجرية , لقد طارد بليك واحدا منهم لمدة سنتين قبل أن يستطيع قتله". قال بليك: " نعم ....... لا زلت أذكر دال , وذلك الكلب المتوحش الذي لم يكن يخاف الحيوان أو الأنسان". قالت ليا: " حتى عواؤهم فيه تعطش للدم". وأقتربت السيارة من التلال الرملية يحاصرها السكون , والمعزوفات القديمة , وعواء الكلاب البرية , أثاث منطقة البحيرة وما يحيط بها من كثبان رملية خوف بيتر على الرغم من جمالها , لكنه خجل من الأعتراف بذلك أمام عائلة ميريديث التي كانت تعتبر المنطقة مصدر حماية وقوة , وكان حتى شرب الماء ممنوعا من جداولها. عادت سكوتي بذكرياتها الى الوراء: " كانت لنا مهرجانات حلوة في هذا المكان". فوضع بليك يده على كتف ساري منجيبا: " أتذكرين المهرجان الأول؟ كان مغامرة حقيقية". " لم أنم أسبوعا بكامله بعد المهرجان". " تأثرت كثيرا في تلك الفترة كما هي عادتك". " كان العرض مأساويا : زحف , طعن , وحركات جميلة بالأيدي". " هذا لا يعني أنك لم تخافي". غضبت ساري : " أخافتني الرقصات الغريبة فقط , أرجوك توقف عن أغاظتي". " لا أجرؤ على أغاظتك , خاصة في يوم عيدك". " أنك تجبر نفسك أذن". أوقفت سكوتي النقاش بقولها: " تذكرا أن رحلتنا للمتعة". قالت ليا: " أتمنى حضور مهرجان ليلي". إضافة رد dalia cool 08:28 AM 05-09-10 كانت رؤية مالبارا ليلا تدخل ضمن نطاق أحلام ليا الخاصة : ( أفضل وجودي وحدي ولكن لا بأس , لا يزال أمامي أسبوع كامل لجعل الحلم حقيقة , أن وجود ساري سجعل الأمور أصعب , لأنها جميلة كالحلم ), تعثرت ليا في خطوها , فمد بليك ذراعه لمساعدتها , لكن أنظاره بقيت معلقة بخطوات ساري وكأنها شيء ثمين يخاف عليه من الضياع. صرخ بليك منبها ساري: " أياك والصعود الى هناك , أنه خطر". أجابته : "لا يهمني ذلك". قالت سكوتي خائفة : " أنتبه يا بليك , فأنت المسؤول عن ساري". " لا أعرف أذا كان ذلك من حسن حظي !". قالت ساري من بعيد : " لقد سمعتك". قال شون" "هيا بنا نعود , أن ساري فتاة طائسة". وقفت ساري على صخرة عالية ونور القمر يغمرها , تعالت ضربات قلب بيتر بينما بقي بليك متماسكا وهو يقول : " أتمنى أحيانا ضربك مثل الأطفال , أنزلي حالا". " كأنني على علو أربعة طوابق!". قد تتفتت هذه الصخرة في أية لحظة , متى ستتحولين من طفلة الى أمرأة يا ساري؟". " أنا أمرأة يا سيدي". صرخت سكوتي : " أنتبهي يا ساري , أرجوك". صرخ بليك : " لآخر مرة , آمرك بالنزول حالا ". " حسنا , سأقفز أذن". " لا أتصورك جادة فيما تقولين ". " لا تتركني أسقط". " أنت بلهاء". منتديات ليلاس قفزت ساري صارخة: " بليك.........". أستولى الخوف على بيتر فوقف في مكانه مشدوها : ( لا شك أن بليك أعتاد جنون ساري , وها هو يتحرك ليتلقاها بسرعة ومرونة وقوة دون أن يؤثر الحادث في أعصابه الفولاذية , فلا خوف عليها من أـي خطر وهي معه). سقطت ساري بين ذراعي بليك والخوف يتراقص في عينيها ,سألها: " ما الذي دفعك لمثل هذه التصرفات ". " أنت الدافع الأكبر , وقد أثبتت لي هذه الحادثة أشياء كنت لا أزال أشك فيها". " وما الذي أثبتته لك الحادثة؟". " أنك موجود دائما لمساعدتي". " يجب أن تتوقفي عن مثل هذه التصرفات المجنونة , فنحن لسنا في مجال تحد". " بل أننا كذلك , ثم لا تغضب ,فأنا ما زلت حية أرزق". أسرعت سكوتي أليهما قائلة: " عزيزتي , أنت تتصرفين تصرفات خطرة أحيانا". " كان ما فعلته أستجابة لمشاعري وأحاسيسي". هنأها شون : " كان عملك رائعا يا عزيزتي , ستكونين زوجة ممتازة في يوم من الأيام ". " أنا لن أتزوج أبدا". قال بيتر : " أنا أغبط من ستختاره ساري". قاطعته ساري : " بل قل من سيختاره بليك لي , لأنه المسيطر على كل ما يخص العائلة ". " لكنك تتدبرين أمرك عادة". أقلق ليا وضع ساري مع بليك , فحاولت أخفاء أرتباكها بأبتسامة قبل أن تقول: "يجب أن تشكري بليك على ما فعله , فقد كان تصرفك طائشا". " فكرة ممتازة يا ليا". إضافة رد dalia cool 08:36 AM 05-09-10 وأحاطت ساري بليك بذراعيها قبل أن تسمعه يسأل : " هل هذا كل شيء !". " نعم , هذا يكفي ". " لقد أقتربت من خط النهاية يا ساري". " ماذا تعني بذلك؟". " أعني حصولك على نتائج غير متوقعة لتصرفاتك". " لذلك يجب أن أبقى هنا ". " هيا بنا نكمل الأحتفال بالعيد". " وماذا يعني ذلك يا بليك؟". " أتمنى بعد ذلك أن تتحملي نتائج أعمالك ". " أنت غامض". " أعرف هذا". قاطعتهما ليا قائلة : " ماذا حدث لكما ؟". أجابتها سكوتي: " يحدث هذا كلما أجتمعا". وأكد شون: " شجارهم رائع".منتديات ليلاس قال بليك : " شجارنا دائما لصالحي , لأنني لا أبالي بمشاكل ساري الصغيرة والله وحده يعلم لماذا , لكن لا تهتمي يا ساري , فنحن نحبك وما دمت تنذرينني مسبقا , فأؤكد لك أن كل شيء بيننا سيكون على ما يرام". شعرت ليا وكأن ساري جزء لا يتجزأ من بليك , أزعجها شعورها : ( هناك رابط قوي يربط بينهما على الرغم من كل المشاحنات , أنها تعتمد عليه كليا , هذا شيء مقرف! ), تطلعت نحو أخيها فشعرت أنه يفكر بالطريقة نفسها , قالت لساري: " كنت صاحبة الحيل والألاعيب منذ كنا في المدرسة , ومن الغريب أنك لم تطردي يوما!". ردت ساري : " لم أكن سيئة الى هذا الحد". " أتحبين أن أذكرك ببعض الحوادث؟". قاطعها بليك: " هذا يكفي , هل أستمتعتم بالنزهة ؟ سأريكم الآن عرضا سينمائيا صورناه أثناء رحلتنا الأخيرة الى المنطقة , لكن منظر التماسيح فيه مزعج جدا". تحمس شون : " سيكون ذلك رائعا , وهل هناك أشياء أخرى في المهرجان ال جانب الألعاب؟". " أنا مشغول الآن عن التفكير بشيء آخر , لكنك قد تساعدني ". " أنني على أتم الأستعداد لذلك لكن أعطني وقتا كافيا لترتيب بعض الأشياء في البيت , هل لديك عرض عن الجاموس البري؟". " لدي الكثير من ذلك يا شون". " عظيم , ماذا ننتظر أذن ؟ هيا بنا سا سكوتي , أعتقد أنك تتقن فنون الرماية يا سيد بيتر , أليس كذلك؟". أعترف بيتر: " مواهبي محدودة في هذا المجال". شجعه شون: " من يعيش هنا يجب أن يتعلم الصيد لأن ضفاف البحيرات مليئة بالطيور البرية , وأفضل معلم في هذا المجال هو بليك". صاح بيتر وقد بدأت مراحل الغضب تغلي في داخله: " أحقا ما تقول!". غمرته أمواج أفكاره : ( كنت متأكدا من أن ساري ستكون سعيدة بمغادرة مالبارا , لكنني أشعر الآن وكأنها مشدودة بسلاسل الى السيد ميريديث). إضافة رد dalia cool 08:42 AM 05-09-10 وحين ركبوا السيارة كانت الأفكار نفسها تشتعل في رأس ليا , لكنها نجحت في السيطرة على أعصابها : ( لم أتوقع أن تصبح ساري عدوتي عندما أتيت الى مالبارا , لا يمكن أن يكون ما أشعر به صحيحا , لكن وجه ساري يفضح مشاعرها , لا شك أنها تحب بليك رغم مقاومتها له) , صدمتها الحقيقة وأغرقتها في دنيا الأفكار أكثر : ( كرهت ساري بليك سنينا طويلة لأنه يمثل بقوته وأستبداده ما تكره في الرجل , لكنها الآن تحبه وتريده لنفسها , صحيح أنه لا وجود للصداقة بوجود رجل! في الواقع يعجبني بليك وأتمنى لو أستطيع الخلاص من منافسة ساري , لكنه سيكون دائما واقفا بالمرصاد لحمايتها , لذلك يجب أن أكون يقظة حذرة , لأن ساري عنيدة , متسرعة , وسأحاول ترتيب خطة مع بيتر). أسترخت ساري في سريرها وراحت تتأمل أرجاء غرفتها الحلوة , كان القلق يتلاعب بها ومنع النوم من مداعبة أجفانها , فكرت في بليك : ( رفضت بليك كثيرا في الماضي , لكن بعد تلك الليلة أشعر أنني أريد الوصول الى قلبه بأية طريقة , سيظل ينظر الي نظراته الى أية مراهقة , لكنني تغيرت , أصبحت أنسانة تحب بكل مشاعرها وأحاسيسها, وتتمنى الوصول الى من تحب!).منتديات ليلاس فتحت نافذتها وأخذت تتأمل الليل بكل عظمته وجماله وسكونه , وداعب النسيم العليل وجهها وكأنه يحاول مساعدتها في السيطرة على أحاسيس جديدة بدأت تغزو كيانها : ( بليك هو حبي الأول والأخير رغم أن هذا الحب لم يخطر يوما على بال أحد). شق خيال بليك تحت نافذتها كبد الظلام , فأنسحبت وأغلقت النافذة خجلة وكأنه عرف ما تفكر به , ضمت يديها الى صدرها في وجل فأكتشفت فقدها للخاتم الثمين , هدية العمة ألثيا تقديرا منها لعناية ساري بها طوال فترة مرضها ,حاولت أن تتذكر متى كان في أصبعها : ( لقد كان في أصبعي اليوم أثناء الوليمة , وقد أبدت ليا أعجابها به , على الرغم من أنها لم تكن معجبة بما يجري حولها , لقد تزعزع بنيان صداقتنا بسبب بليك الذي لم يخف أعجابها به على أحد , علي أن أجد الخاتم , وأن أتذكر أين وضعته آخر مرة , فقد يزعج ضياعه العمة العزيزة). تركت غرفتها ونزلت الدرجات بسرعة فوجدت غرفة الجلوس مضاءة , مما أكد لها أن بليك لا زال مستيقظا , ترددت قليلا في الدخول لكنها أستجمعت أطراف شجاعتها ودخلت الغرفة على أمل أن يساعدها في العثور على الخاتم , ومن ثم تعود الى غرفتها وكأن شيئا لم يكن , لم تجد أحدا في غرفة الجلوس فتسللت بخفة الى غرفة الطعام ونادت: " بليك.........هل أنت هنا؟". " نعم , لماذا لم تنامي حتى الآن؟". " أنا لا أنام في ليلة عيد ميلادي". " أذكر ذلك". أتخذت خطوة الى الأمام وهي تقول: منتديات ليلاس " أين أنت ؟ وماذا تفعل؟". " أشرب كوب من الحليب , هل تريدين مشاركتي؟". " لا , شكرا". " آسف لرفضك , لأنني بحاجة الى من يشاركني هذه اللحظات ". " لماذا لا تضيء أنوار الغرفة؟". " ولماذا؟". " لكي نرى بعضنا بوضوح". " أستطيع أن أراك". " أنت الأفضل في كل شيء يا بيك , يا لك من رجل". أمسك بيدها قائلا: " ماذا أتيت تفعلين هنا؟". أضاء الغرفة فجأة , وتركها تتأمل أسترخاءه , في جلسته قبل أن يقول: " لم تجيبي على سؤالي؟". " لقد أضعت خاتم العمة ألثيا , بل قل أخفيته في مكان أمين نسيته". " أنه معي , وسأحتفظ به حتى يتم أصلاحه , لأنه واسع على أصبعك". " أنك لا شك تتصورني مهملة". " لم أقل شيئا من هذا , أنما أريد أصلاحه فقط". " أعرف رأيك به مسبقا , لكنني أحمد الله أنك وجدته ,كنت قلقة". " لكنك الآن حسب أعتقادي في حالة أسترخاء". " لماذا تتوقع مني الكثير يا بليك؟". " الأجابة على مثل هذا السؤال ليست سهلة". " كل شيء سهل بالنسبة لك". " كل شيء سهل بالنسبة لك". " أنت مخطئة يا صغيرتي , ما هو شعورك الآن وقد أصبحت في العشرين؟". " لن أنجرف معك في الأستهزاء". " أنا لا أسخر , لكنني أريد جوابا صادقا , تعالي نتكلم في غرفة المطالعة". " هل هذا تحد؟". " نعم , هو كذلك ". إضافة رد dalia cool 08:47 AM 05-09-10 أخذت نفسا عميقا قبل أن تقول: " حسنا سآتي معك , لكن هل الخاتم عندك حقا؟". " أتريدين رؤيته ؟ أنه في جيب سترتي". " لا حاجة لذلك , لقد بدأت أشعر بالتحسن". ضحك قائلا: " لا شك في ذلك". فأستولى عليها الخجل: " الوقت متأخر". " لم تعودي طفلة!". " لكن مشاعري مشاعر طفلة". "لن أؤذي مشاعرك يا سيلين , صدقيني". " وأذا أردتك أنا أن تؤذيها!". " لن أفعل ذلك أبدا , لأنني المسؤول عنك ". " ماذا تعني بكلمة المسؤول عني؟". " أعني بها أشياء كثيرة تعرفينها كلها". جلست على الأريكة قبل أن تقول له: " آسفة يا بليك , لقد كنت دائما رائعا في معاملتك لي". " ما أسعدني بهذا الأعتراف ". " قد يصعب عليك تصديق ما سأقوله , لكنني أحبك". " أنت لا تعرفين للحب معنى". " أعرف أن الحب مقلق للراحة ". " وماذا أيضا؟". منتديات ليلاس " وقد يجر الأنسان الى الجنون ". " وخاصة بعد منتصف الليل! أقتربي مني يا ساري". خطت نحوه خطوة وكأنها تطيع أمرا , ضمها اليه بقوة وهو يقول : " هل هذه طريقة جديدة من طرقك لأستمالتي ؟". " لا أفهم ما تعني". " بل تفهمين ما أعني تماما". غضبت : " أنني لا أستجديك لفعل أي شيء , لماذا أنت قاس الى هذا الحد؟". " لا حاجة بك للأستجداء". حاولت التملص من قبضته قائلة: " أبتعد عني وألا صرخت". " ألا تستطيعين فعل شيء أفضل من هذا؟ كفاك تلاعبا بالعواطف , لقد كنت أهتم بك دائما".منتديات ليلاس " أنا لا أفهمك أبدا " لا يهم .......... سنفكر بالتفاصيل فيما بعد". وأزدادت شدة قبضته قبل أن يسمعها تقول: " أنا لا أعرفك بهذا المزاج يا بليك". " لكنك أعترفت بحبك لي". " أبق مشاعري نحوك سرية أذا سمحت". " ستبقى سرية بالتأكيد , لأنني أحبك أيضا". أسعد ساري أعتراف بليك , وشعرت أن حبها له حقيقة لا مجال لأنكارها , أغرقها عالم أفكارها : ( لقد أمتلكني بحبه , وأصبح قدري قدري الذي لا يمكنني التهرب منه). تساءلت ساري: " هل أنا في حلم ؟". " لا..........لست في حلم , فأنا ما زلت أضمك الى صدري". " أتمنى البقاء على هذه الحال الى الأبد". سألها ساخرا: " ما رأيك يعيد ميلادك هذه السنة؟". تأملته قبل أن تقول: " هل ستعود الى السخرية؟". " لا يمكنني فعل ذلك حتى لو أردت". " بأستطاعتك السخرية ممن حولك بسهولة". " أنني في الرابعة والثلاثين , ولا أسخر منك بل أعترف بحبي لك ". " ترفق بقلبي يا بليك". قبل يدها قائلا: " أحاول أن أكون دائما رقيقا في معاملتي لك لأنك كنزي الثمين ". أبتعدت عنه قليلا بينما كان يقول: "هل تريدينني أن أوصلك الى باب غرفتك؟". " لا حاجة لذلك". " من يصدق أنك كنت تكرهينني في يوم من الأيام؟". " أنا لم أكرهك أبدا". " هل تخافينني ؟". " بعض الشيء".منتديات ليلاس قال غاضبا : " لم تزل العقبات قائمة بيننا أذن , أذهبي الى النوم يا ساري". " ما الذي تتوقعه مني؟". " حاولي أن تعرفي ذلك بنفسك". منتديات ليلاس قالت بحزن : " أنت تحيرني , أتمنى الهرب منك". " لا تنسي أن الروابط بيننا قوية , ثم لماذا أنت حزينة ؟ فعندك ما يتمناه أي رجل". " كل الرجال ألا أنت". أدار ظهره وتركها لأفكارها : ( كيف وصل الى هذا الحد من السيطرة عليّ؟". قالت له بحزم : " ستندم على هذا يوما". " كل شيء جائز في لعبة الحب والحرب يا ساري , وقد نجحت في الفصل الأول من تمثيلية حبك لي , أرجو منك ترك الغرفة". تلاعب الغضب بها : " سأعتبر وكأن شيئا لم يكن". " هذا أفضل". " هكذا أذن! تأكد أنني سأنساك في المستقبل". وضربته تحت تأثير الغضب بكتاب تلقاه قائلا: "أنا مختص بألتقاط ما ترمينني به". " لكنك لست أختصاصيا في معاملتي". قال بعنف: " أحذرك من ترديد مثل هذه الأقاويل ". أغرورقت عيناها بالدموع قبل أن تقول: " لا تهددني ". وأسرعت تغادر الغرفة وصدى ضحكاته الساخرة يلاحقها.
الفصل السادس
6- حيث تشرق الشمس دارت عجلة الأيام, وتحولت ساري الى فتاة عصبية المزاج , تلسع بنار ثوراتها كل من حولها , ولكن بليك بقي الأنسان الوحيد الذي يستطيع كبح جماحها. لاحظت العمة ألثيا تغير ساري وخاصة مع بليك , فآلمها ذلك , وأزعجها أن تنسى الفتاة فضل بليك عليها , أذ أنقذها من مصير قاتم كان ينتظرها بسبب أمها التي طمعت بثروة العائلة , وحاولت أبتزاز جزء منها دون جدوى , فتزوجت شابا يصغرها بعشرة أعوام متذرعة بحاجتها لمعيل. بعدما أنتشلت الأسرة ساري من بئر الحرمان , وأحبتها العمة ألثيا حبا جما لما تتحلى به من أخلاق حميدة , وما هي عليه من أتزان , ولما أنتبه العم هادو لتبدل ساري , تمنى بليك تقويم أعوجاجها , لكن سيد القطعان كان مشغولا بمسؤولياته طوال أيام المزاد. لم تفرح العمة ألثيبا عندما قرر أفراد عائلة شلتون البقاء , لأنها لم تستلطف بيتر على الرغم من وسامته , ولا شقيقته ليا التي كانت الغيرة من ساري تنهش قلبها , وتدفعها الى تمزيق أواصر المحبة بينها وبين أسرتها.منتديات ليلاس فكرت العمة ألثيا بطريقة تعاقب بها ساري على سوء معاملتها لبليك , فوجدت أن كلام جستين معها أفضل وسيلة , ليقينها من أن ساري تحاول الهرب من عواطف متضاربة لم يثرها بيتر شلتون حتما , وعليها هي أن تكتشف السبب بنفسها , علّه يساعدها في تفهم السبب الأعمق لأنقلاب ساري المفاجىء , أختطفها من أفكارها وقع أقدام قريبة , فمالت برأسها قائلة: " أهلا بك يا عزيزتي". ودخلت ساري بملابس أنيقة وبسيطة , وأنحنت تقبل العمة قائلة: " آسفة لأهمالي لك هذه الأيام , لكنني أحاول تسلية أصدقائي ". منتديات ليلاس " هل هم أصدقاؤك فعلا". " لا تتكلمي بهذه الطريقة , أرجوك يا عمتي". " ماذا يعني هذا؟". " أنا أحب الصراحة ". " أنت دائما صريحة". " ربما أكثر من اللازم , لأن من الأفضل على الأنسان أن يبقى غامضا ". " ساري......ماذا بك؟ لقد تغيرت كثيرا". " لا شيء... أمر بفترة عصبية ستزول , دعيني أصب لك فنجانا آخر من الشاي". " ألن تشربي معي؟". تحركت ساري بخفة نحو غرفة الطعام وهي تقول: " سأحضر فنجانا". وعادت العمة الى أفكارها: ( في يوم من الأيام , أكد بليك أن ما يصدر عن ساري من تصرفات خاطئة هو نتيجة للتعويض العاطفي الذي تمنحه لها منذ أتت الى هنا , يومها أسكته هادو وأكد له أنه السبب الأول والأخير في أفساد الصبية). ألتزمت ساري الصمت وهي تصب الشاي , ثم جلست قبل أن تقول: " جئتك يا عمتي طلبا للنصيحة". " خير أن شاء الله". " طلب بيتر الزواج مني". " رحماك يا رب! يخيفني مستقبلك معه". " لأنك لا تحبينه ...... أليس كذلك!". " صغيرتي ...... أرجوك". " لن أغضب , لا تخافي , فأنا أعرف أنك وسكوتي لا تحبان ليا , وستتأثر جستين برأيكما". " تعطي جستين رأيها بصراحة دائما ,وستستغرب توتر العلاقات بينك وبين بليك". إضافة رد dalia cool 09:02 AM 05-09-10 كاد الفنجان يتحطم في يد ساري لدى سماعها أسم بليك , فحذرتها العمة: "أحذري يا عزيزتي , فهذه الفناجين لا تستعمل ألا في المناسبات". " لم أكسر أي شيء , أطمئني". " ما يخيفني هو توتر علاقتك مع بليك". " هذا التوتر ليس جديدا عليك". " لم تصل الأمور بينكما يوما الى هذه الدرجة , كما أنه يعاملك بشكل يتنافى مع طبيعته , أشعر أن معاملتك له تفرحك وتؤلمك في نفس الوقت". " لكن بليك غير مهتم بأي شيء". " لا تغالطي نفسك , أن المسؤوليات تثقل كاهله , وأنت لا ترحمين ظروفه". " لكنني لا أراه ألا لماما هذه الأيام". " تظهر الحرب الباردة بينكما أثناء العشاء". " أنا آسفة لذلك". " أنا وهادو لا نصغي ألا لما نريد سماعه وخاصة أثناء العشاء , لكنني أريد معرفة ما يجري". " السبب في كل ما يجري هو بليك , أنه لا يكلف نفسه حتى عناء أبتسامة". " وهل أعطيته أنت فرصة حقيقية للأبتسام ؟ بليك رجل قوي , جاد في عمله , وصديقتك تحوم حوله". ضحكت ساري: " ستعود ليا الى بيتها قريبا , ولا فائدة ترجى من الحديث عنها , سيزول ما بيننا من عداء حالما أتزوج أخاها".منتديات ليلاس " لم تكن ليا صديقتك يوما". " قد تكونين على حق , لكنني أعرف من هم أصدقائي". " صديقك الوحيد هو بليك". " أنت مخطئة , هو عدوي وليس صديقا". " أتحداك في ذلك يا عزيزتي". تنهدت ساري : " أن لبليك طريقته مع النساء , ولكن هل معنى ذلك أنك تعارضين فكرة زواجي من بيتر؟". " أنا لا أعارضها فقط وأنما أرى ألا تشغلي نفسك بالتفكير فيها أيضا". " لكنه جاد في عرضه". " ولم لا يكون جادا وعندك ما يتمنى أي رجل , بالأضافة الى أم العائلة؟". " الحق معك , فأنا أحس أن بيتر لا يحبني لشخصي". " لماذا تصرين أذن على الزواج منه؟". منتديات ليلاس " وهل يوجد غيره؟". " لا تدّعي الغباء يا ساري". " بل أنا غبية وعنيدة ". يا ألهي ......لقد تأخرت عن موعدي آسفة لتأخري يا بيتر ". أعتذرت ساري لبيتر عن تأخرها عندما دخل عليهما وسيما , أنيق الملبس , وحيّا السيدة ميريث بأدب: " صباح الخير يا سيدتي ,سأسامح ساري على تأخرها ما دامت هنا معك". " هذا لطف منك يا بيتر , الى أين ستذهبان اليوم؟". أجابتها ساري : " سنذهب الى وادي آبا لرؤية الجداول الرقراقة ومعارض الفن المحلي فيه". " هل تحب الرسوم على جدران الكهوف يا بيتر؟". " قد أحبها في المستقبل يا سيدتي". " أنها تستحق المشاهدة , هل ستكون شقيقتكما معكما؟". " كلا , لديها برامجها الخاصة". سألت العمة ساري: " هل ستكون نزهتكما على ظهور الجياد؟". " لا يحب بيترركوب الخيل , لذلك سنستقل السيارة". " سأخبر بليك أذن". " أفعلي ذلك". قالتها ساري بمرارة . غضبت العمة من نبرات صوتها فقالت: " سأخبره , لأنه المسؤول عنا وتهمه سلامتنا جميعا". عانقتها ساري قائلة: " لا تظني بي السوء , أعرف أننا لا نساوي شيئا أذا ما قورنا ببليك , سأقرأ لك هذا المساء". " أفعلي , فأنا أحب سماع صوتك , أرجوك يا ساري تمالكي نفسك وراء المقود , سأراك فيما بعد يا بيتر , أليس كذلك؟". " طبعا يا سيدتي". إضافة رد dalia cool 09:08 AM 05-09-10 أحتوت الأفكار بتر من جديد وهو في السيارة مع ساري : ( أستغرب تحفظ ساري في معاملتي , وأعرف أن بليك يتجاهل ليا تماما , لكنني عندما صارحت ليا بشكوكي وملاحظاتي أحرقتنب بسعير غضبها , ففضلت الصمت). أخرجته ساري من عالم أفكاره بأبتسامة رائعة جعلت الدم يغلي في عروقه : ( ساري رائعة الجمال , لكنها تعاملني ببرود لا أفهم به سببا , لقد ضممتها الى صدري في أكثر من مناسبة , لكنني لم أشعر بتجاوبها وهذا ما يحيرني). وأرجعه صوت ساري الى دنيا الواقع: " ماذا بك يا بيتر؟". " أنني حائر , غاضب". " ما السبب؟". " ترفقي بي يا ساري , لقد ظلبتك للزواج.......". قاطعته : " وقد رفضت طلبك". " لكنك في يوم من الأيام أعطيتني الأمل". " لقد أسأت فهمي يا بيتر". " لماذا ترفضين حبي؟". " تقصد حب التملك عندك؟". " وهل هناك فرق بين الأثنين؟". " الفرق كبير , طبعا". " آراؤك سخيفة". " ليست آرائي بالسخافة التي تتصورها , لكل أمرأة عواطفها , والرجل الذي تحب هو الذي يستطيع التحكم بهذه العواطف ". " أوقفي السيارة , أرجوك". " لكننا لم نصل الى المكان المحدد بعد". " أريد أن أمتع ناظري بالأزهار المنتشرة في هذه البقعة الجميلة ".منتديات ليلاس أوقفت ساري السيارة , وأنضمت الى بيتر في جلسته بين الأزهار وهي تقول: "أنتبه ........بعض الأزهار هنا ذات براعم واخزة". أحتضن يدها: " لن يكون وخزها مؤلما أكثر منك". فتطلعت اليه بأستغراب متسائلة : " ماذا تقول؟". " هل أخطأت التصرف؟". " لا". " هل تعجلت الأمور؟". منتديات ليلاس " لا". " ما الذي حصل بيننا أذن؟ أظن أن من حقي أن أعرف , كان كل شيء يسير على ما يرام في أدليد , هل رفضني بليك؟". " لا تهمني موافقة بليك مطلقا". " لا تخدعي نفسك , بليك هو صاحب التأثير الأكبر في حياتك , لكنك الآن في العشرين من عمرك , ومن حقك أن تختاري طريقك بنفسك , فتعالي معي وتخلصي من سيطرته , ولا تنسي أنه مجرد راعي بقر.......". " ليس بليك مجرد راعي بقر , أنه أنسان جاد في عمله , دعنا نغير الموضوع". " لكنني لا أحب المشاعر التي يثيرها فيك". " أذهب الى الجحيم!".منتديات ليلاس جذبها من ذراعها بعنف آلمها لكنها أعتذرت قائلة: " آسفة يا بيتر , أنا لم أقصد أيلامك". هدأت ثورة غضبه: " ما أجملك , دعيني أضمك الى صدري , أرجوك". ضمها الى صدره بقوة ذكرتها بما حدث لها ليلة عيدها مع بليك , فعذبتها مشاعرها التي أصبحت حجر عثرة في طريق أنسجامها مع بيتر. أبتعدت عنه قائلة: " حاول أن تفهمني يا بيتر , ليس عندي ما يمكن أن أهبه لك ". تأملها بيتر قبل أن يقول: " أنت مثل السراب في الصحراء يا ساري ,جميلة لكنك لا تنتمين للواقع , أنك لا تعرفين حتى معنى الحب". " لا بل أعرفه بكل معانيه!". " توقعت جوابا كهذا". " لا تتدخل فيما لا يعنيك يا بيتر". " كنت مخطئا حين تصورتك ذات قلب خال مستعد للحب , هيا بنا نعود الى البيت". قالت بصوت ناعم: " أنا آسفة حقا , دعنا نتمتع بأوقاتنا كصديقين ". " لك ما تريدين , لكنني ما زلت أعتقد أنه من الأفضل لك ترك مالبارا ". " لا أعتقد ذلك , هيا بنا نعود الى السيارة , هل تعرف أصول القيادة!". " نعم , لكن هذا المكان موحش". " كيف يكون موحشا مع كل هذه العصافير والأزهار؟". " معك حق". تأملت ساري ما حولها بحب : ( مساحات واسعة تغطيها رمال حمراء ناعمة , وتوشيها أزهار مختلفة الأشكال والألوان , بينما العصافير تتراقص في السماء فرحة بدفء الشمس). إضافة رد dalia cool 09:11 AM 05-09-10 اد بيتر السيارة نحو الوادي وهو يقول : " مظاهر القسوة واضحة في المنطقة , هل الثعابين منتشرة فيها ؟". " تأمل الدغل أمامنا ". " لم تجيبي على سؤالي". " نعم , توجد ثعابين ولكنها غير سامة ". " أشكرك على التشجيع". " لم يؤذني ثعبان في هذه المناطق من قبل". " لا يكفي كلامك لتطميني ". " علينا أن نذهب الى الكهوف سيرا على الأقدام أذا كنت تريد رؤيتها". " تذرعت برؤية الكهوف لأبقى معك , لكنني , في الحقيقة , أبن المدينة". " أنك تضيع فرصة ذهبية لرؤية شواهد تاريخية". " شواهد لتاريخ بربري بلا شك". " ما أغباك!". " بدأت أعصابي تتوتر". " لا تخف , ليس هناك أي خطر عليك". " الشمس محرقة". " أحتم بظلال الأشجار المزهرة هناك". " أنها أشجار وارفة الظلال فعلا , حتى السراب رائع هنا". " سأتسلق الصخور لأستكشف منطقة البحيرات , أبق أنت في الظل".منتديات ليلاس " لكنني أخاف الثعابين". " يذكرني خوفك برسم لثعبان وقوس قزح ضخم في أحد الكهوف". " يظهر أنك تعرفين كل شيء في هذه المناطق". " أنها أستراليا الحقيقية". " لكنني أبقى أبن المدينة". " سأعطيك أشارة لتتبعني عندما أجد البحيرات ,لن أتأخر". " تركت ساري بيتر مع أفكاره: ( يجب أن أخلص ساري من تأثير السيد ميريديث , صحيح أنها تحب المنطقة بجمالها وسهولها , لكنها ستكون سيدة مجتمع رائعة في المدينة). أنتابه القلق , عندما تأخرت ساري في أعطائه الأشارة المتفق عليها , فناداها , وعندما لم يتلق جوابا أزداد قلقه , فتسلق الصخور ليجدها وجها لوجه أمام حصان متوحش رمادي اللون , أقعده الخوف عن فعل أي شيء فصرخ: " يا ألهي!". وحاول التفكير بطريقة لأنقاذ ساري: ( ماذا أفعل؟ لم أكن في يوم من الأيام خبيرا بمعاملة الجياد البرية , وأي تصرف خاطىء مني سيكون خطرا على ساري , يجب أن أعود الى البيت لطلب النجدة). راقت له الفكرة , فترك ساري تواجه الحصان البري وحدها , ونزل مسرعا الى السيارة , متناسيا خوفه من الثعابين , كان صدى أمل واحد يتردد في حناياه أثناء عودته بمفرده الى المنزل : ( يجب أن أجد بليك , لأنه الوحيد الذي يستطيع التصرف في مثل هذه الحالات). بقيت ساري وحدها هدفا لجواد بري متوحش وقف أمامها بكل قوته وجبروته مستعدا للأنقضاض في أية لحظة , تراقصت صورة بليك في مخيلتها أبان تلك الفترة الحرجة : ( ليس بليك معي ليحميني من الخطر هذه المرة , وأغلب الظن أنني سأكون غدا في عداد الأموات , هل سيحزنه موتي يا ترى ؟ يا ألهي..... أين أنت يا بليك ؟ ليتني أسمع صوتك القوي يرشدني الى ما يجب علي فعله). منتديات ليلاس وبدأت تكلم الجواد بصوتها الرقيق الناعم كما علمها بليك يوما , علها ترسله بذلك الى دنيا الهدوء حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا....... وصل بيتر الى المنزل أخيرا , ودخله دخول عاصفة هوجاء على واد مستكين , صارخا: " بليك". أستجاب بليك للنداء بسرعة متسائلا : " أين ساري؟". أجابه بيتر لاهثا: " تركتها مع حصان بري هاجمها في وادي آبا , وجئت طالبا النجدة". " كيف تتركها وحدها؟". " لم يكن بأستطاعتي مساعدتها , أسرع أرجوك". " يا لك من غبي!". تدخل مايك كونوي مراقب المزارع , لمنع أصطدام الرجلين قائلا: " ساري بحاجة للمساعدة , ولا مجال للأشتباك الآن". " سيطر بليك على براكين غضبه قائلا: " أعطني بندقيتي يا مايك". تساءل بيتر : " ما الذي تنوي فعله؟". " سأقتله طبعا , يا ألهي! لا أستطيع أن أفهم كيف تتركها وحدها". " كنت عاجزا عن فعل أي شيء آخر". قال مايك: " أهدأ يا بليك ". " أين بندقيتي يا مايك؟". ثم خرجوا جميعا الى السيارة , وأتخذ بليك طريقه بسرعة نحو الوادي , سأل بيتر مايك: " هل أخطأت التصرف؟". " أدع الله ألا يكون الأمر كذلك , لأن غضب بليك براكين تحرق بحممها الأخضر واليابس , وخاصة أذا كان الأمر يتعلق بساري". " أعتقد أنه من الأفضل لي أن أرحل". " لن يساعدك هذا , سأتبع بليك بسيارة أخرى , ولا تقل شيئا لأهل البيت حتى نعود ". ثم تأمله قليلا قبل أن يتابع : " لقد خيبت أمل بليك فيك يا بيتر!". رد بيتر آسفا: " لم أقصد ذلك أبدا , لا بد من رحيلي". " كلا , ستنتظرنا حتى نعود , سيكون هذا بمثابة عقاب لك , وربما سيساعدك على معرفة نفسك أكثر". وأختفى مايك قبل أن يستطيع بيتر التفوه بكلمة. عرف بليك معنى الخوف وهو يراقب ساري تقف في مواجهة الحصان البري بكل جنونه , فحاول تشجيعها: "أستمري في محاولة تهدئته بصوتك يا عزيزتي , لا تخافي , أنا هنا لحمايتك". وأنطلقت رصاصة من بندقيته لتصيب الهدف أصابة مباشرة , شعرت ساري بعدها وكأنها أستيقظت من كابوس مزعج. كادت تنهار لولا أن بليك أحاطها بذراعيه متسائلا : " هل أنت بخير ؟ أخبريني ,ما الذي حدث؟". لكن صوتها كان لا يزال أسير الخوف فبقيت صامتة , وأصغت الى بليك يطمئنها : " لقد أنتهى كل شيء , لا تخافي". " كنت قاب قوسين أو أدنى من الموت , أنا لم أر جوادا متوحشا من قبل". " ولن تريه بعد الآن أبدا".منتديات ليلاس " وماذا حدث لبيتر؟". " أنهار أمام المصاعب , وجاء يطلب النجدة". " يا له من مسكين!". " أنه مسكين فعلا , وأعتقد أنه الآن يجمع حقائبه أستعدادا للرحيل". " هل وصل الأمر الى هذا الحد؟". " كان يجب أن أحطمه لجبنه". حاولت الأبتسام : منتديات ليلاس " أنت عنيف في كل تصرفاتك". " ألجأ الى العنف عندما يتعلق الأمر بك سواء من قريب أو بعيد, كفاك أرتجافا". " ليس بأستطاعتي السيطرة على نفسي". " هيا بنا نعود الى البيت , سأساعدك للوصول الى السيارة شرط أن تقوديها". " كفاك مزاحا يا بليك , لا أعتقد أن بأستطاعتي قيادة السيارة". " كنت ستضطرين لذلك لو أنني جرحت". " أنت مزيج أنساني غريب : أخ , حبيب وطاغية". " أيهم تفضلين؟". لاذت ساري بالصمت فكان صمتها أبلغ من الكلام كله , غاص بليك في بحر عينيها قبل أن يقول: " من الأفضل لنا أن نعود الى المنزل". " وأذا لم نصل بالسلامة؟". " سنصل , أذا أنتبهت للطريق". ساعدها في الصعود الى السيارة , وبقي طوال الطريق يشجعها على الأستمرار في القيادة. أحست العمة ألثيا بالجو المشحون على مائدة العشاء , فحاولت أخفاء قلقها بقولها : " لماذا لا تأكلين يا ساري ؟ أن صحتك في تدهور مستمر". " لا أشعر بحاجة للأكل الليلة يا عمتي". تدخل بليك قائلا: " لا تزعجيها بأصرارك يا عمتي , ستكون أحسن حالا في الصباح". تساءل العم هادو : " ما الذي يحدث حولي الليلة؟". أجابته العمة : " ترفض ساري أن تأكل". تركت ساري المائدة مؤكدة: " أنا بخير , صدقوني". ونهض بليك لمساعدتها قائلا: " لكنك ضعيفة بعض الشيء". " أشعر بالضعف فعلا". حملها بليك بين ذراعيه متخذا طريقه الى غرفتها ,وراقب بيتر وشقيقته ليا ما يحدث بصمت , بينما كانت براثن الغضب والغيرة تعذب ليا وتنهش قلبها. إضافة رد dalia cool 09:19 AM 05-09-10 قال العم هادو لبليك : " هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها ساري ضعيفة بهذا الشكل , طمئنا عليها فيما بعد". قالت العمة ألثيا: " لقد أعذر من أنذر , وقد أنذرتك في الماضي , على كل حال , أتمنى أن يكون في الأمر بعض المبالغة". أكدت ساري: " أنا منهكة , هذا كل ما في الأمر". فقال بليك : " تحتاجين لبعض النوم والراحة". مضى بليك بساري الى غرفتها , ونهضت العمة ألثيا تريد اللحاق بهما فمنعها زوجها قائلا: " لا داعي للحاق بهما يا عزيزتي , أجلسي وأكملي عشاءك , يستطيع بليك تدبير الأمور , الصبية مرهقة بعض الشيء , وهذا كل ما في الأمر , وتستطيعين الأطمئنان عنها فيما بعد". " هناك عداء سافر بين شباب هذه الأيام والأكل!". " هذا صحيح". قالها العم هادو وهو يعاود الجلوس الى المائدة محاولا أشغال بيتر وشقيقته ليا بحديث شيق. ساعدت الخادمة ميرا ساري في خلع ملابسها وهي تقول: " لم يحدث لك هذا من قبل يا آنسة". " لقد مررت بتجربة قاسية هذا الصباح ". " هل عرف السيد بليك بذلك؟". منتديات ليلاس " نعم , أريد قميص النوم الأزرق". " لكنه قديم!". " لا بأس به". وأسترخت ساري في فراشها قبل أن تسمع طرقات خفيفة على الباب : " دعي السيد بليك يدخل يا ميرا". دخل بليك قائلا: " بعد أن أطمئن عليك , سأعود الى العشاء". " لماذا لا تبقى معي قليلا؟". " يجب أن تأخذي أكبر قسط من النوم والراحة". " كان يومي متعبا بلا شك". " لا تفكري بذلك الآن , وحاولي أن تنامي ". " لماذا تتعجل الأمور؟ أنت تقسو علي بعض الشيء".منتديات ليلاس " مسكينة أنت يا ساري". وأقترب منها ليعطيها بعض الحبوب المسكنة قائلا : " ستساعدك هذه الحبوب على النوم , وتخلصك من الكوابيس ". " شكرا لك". إضافة رد dalia cool 09:24 AM 05-09-10 خطا نحو الباب وأطفأ ضوء الغرفة فخافت ساري من الظلام , وسرعان ما عاد اليها وضمها الى صدره محاولا تهدئتها : " لا داعي للخوف يا عزيزتي , لم يكن ما مررت به سوى حادث مر بسلام , والحمد لله". " لا ترسل لي أحدا أرجوك , أريد أن أنام". " أطمئني , لن أسمح لأحد أن يزعجك , اللهم ألا العمة ألثيا". " وجود العمة ألثيا لا يزعجني , وأرجو ألا أكون قد أخفتها". " لقد أخفتها فعلا , لكن العم هادو سيتدبر الأمر". " العم هادو أنسان رائع , لا بد أنه كان يشبهك في شبابه ". " ساري ...... ما الذي تريدينه مني بالضبط؟". " لا شيء , أريد أن أشكرك فقك على أنقاذك حياتي وأن أتمنى لك أحلاما سعيدة". " سأطمئن عليك قبل أن أنام". " ضمني الى صدرك يا بليك". " ما زلت أذكر تلك الليلة التي ضممتك بها الى صدري طويلا". " ذكريات تلك الليلة حية في مخيلتي أنا أيضا". " تصبحين على خير يا صغيرتي". " أنا لم أعد صغيرة". " أعرف ذلك". " تعرف ذلك وتصر على التلاعب بي! ضمني ألى صدرك أرجوك". أتجه الى سريرها وضمها الى صدره بقوة قبل أن يسمعها تقول: "أذا تخليت عني يا بليك فسأموت! أنني أحبك وأريد أن أثبت لك حبي". داعب بأصابعه القوية الحانية خصلات شعرها قبل أن يقول: منتديات ليلاس " حتى أثبات الحب له وقته المناسب , فلا تقلقي , والآن يجب علي أن أنزل لتناول العشاء , لقد تأخرت كثيرا". " أنت صاحب القرارات دائما". " وسيبقى الأمر على هذه الحال الى الأبد وحتى معك ". " لكنك لا تمتلكني!".منتديات ليلاس ضحك قائلا : " هل أنت واثقة مما تقولين؟". " أنت مغرور!". " أنا لست مغرورا وأنما واثق من نفسي". " حسنا ........حسنا , سأحاول تقبل الأمور كما هي لأنني أشعر بأنك تحبني أيضا". " ستعرفين حقيقة مشاعري في الوقت المناسب". " هل أعتبر ما تقوله لغزا يجب عليّ حله؟". " أنسي كل شيء الآن وأتركي النوم يداعب أجفانك , فأنت بحاجة الى ما لا يقل عن عشر ساعات من الراحة التامة , تصبحين على خير , يا عزيزتي". طارت ساري بأجنحة النوم الى عالم الأحلام الذي يغمره غد سعيد , تشرق فيه شمس الحب على قلبها لتدفئه. الفصل السابع و الأخير
7- الجواب الأخير أطل يوم المزاد الأخير بحفلته الراقصة , وفتحت أبواب قاعة الأحتفالات الرسمية الرسمية الفخمة أمام الموجودين. كانت القاعة واسعة , تركت الفخامة آثارها في كل ركن من أركانها , وقفت جستين بكل فخر تتأمل الحياة وقد سرت في أرجاء القاعة الكبيرة التي شهدت زفافها وزفاف شقيقتها سكوتي وقد تشهد قريبا زفاف ساري. جرت في هذه القاعة المترامية الأطراف أحتفالات كثيرة في زمن جد العائلة الأكبر , ويلسي ميريديث ,الذي كان يحب الحياة ويعرف كيف يتمتع بكل لحظة من لحظاتها , فكانت حفلاته دائما حديث البلاد من أقصاها الى أقصاها. مضت أيام مليئة بالعمل وبرامج التسلية التي كان لساري الفضل الفضل الأول في نجاحها , أما الحضور فقد كانوا من العائلات المعروفة التي أشتركت في المزاد , بالأضافة الى بعض أصحاب النفوذ من أصدقاء جستين وزوجها , كان تنظيم الحفل رائعا , والموسيقى تصدح في أنحاء المكان , فتزيد من روعة المناسبة التي لم تمنع حصول بعض الحوادث المؤسفة. في صباح ذلك اليوم , حاول أحد المغرورين ركوب ثور هائج , ولم يستطع بليك السيطرة عليه ألا بعد أن جرحت ذراعه , مما أضطر الدكتور أيرنشو الى أجراء عملية بسيطة لأيقاف النزيف , وقد تبين فيما بعد أن ليا هي التي تسببت في الحادث بشكل غير مباشر بقصد أخافة ساري التي وصلت الى مكان الحادث متأخرة , وكاد أن يغمى عليها عندما وجدت ذراع بليك غارقة بالدم , لكنه طمأنها أنه جرح بسيط ولا مجال للقلق.منتديات ليلاس كان بليك قوي البنية , قوي الأرادة , يمتلىء بالحيوية والنشاط , مما ترك له مكانة في قلب جستين فأخذت تتأمله بكل جوارحها وهو يراقص صديقتها الذكية الجميلة مادلين ريبون التي تناسبه كزوجة أكثر من تانيا تيت جونز ذات التصرفات غير الموزونة. وأخافها تأثير أصابع لامست كتفها , فأستدارت لتجد سكوتي التي بادرتها بالقول: منتديات ليلاس " جاذبيتك الليلة لا تقاوم , تبدين رائعة يا عزيزتي جستين". " شكرا لك , أعتقد أن كل من في الحفل يمضي وقتا طيبا , حتى بليك , المتهور , المجروح". " هو ليس متهورا , كان لا بد له من السيطرة على الثور". " المهم أنه بخير". " بقي من آثار الحادث رضوض لا أكثر , من الجميلة التي ترقص معه؟". " صديقتي مادلين ريبورن ". " يعمل والدها في حقل السياسة , أليس كذلك؟". " نعم , وهو أحد أكبر المتحمسين لكلايف". فكرت سكوتي بجواب ديبلوماسي: " لا يضاهيك في جمالك الليلة ألا كلايف بوسامته". تأملت جستين فستانها الأصفر قبل أن تقول: " يناسبني اللون الأصفر كثيرا , هل أزداد وزنك بعض الشيء في الآونة الأخيرة يا سكوتي؟" يجب عليك الأنتباه لجمال قوامك". أجابتها سكوتي بحماس: " يعود السبب في زيادة وزني الى أنني حامل!". " وكم مضى على حملك؟". " ثلاثة أشهر ". " لماذا لم تخبريني من قبل؟". " أنتظرت حت تغلبت على مصاعب الأشهر الأولى". " ما أحلاها من أخبار! سيحل طفلك ضيفا جديدا على عائلة ميريديث". " أنه أبن شون أيضا , هل فكرت يوما بالأنجاب؟". " الفكرة موجودة , لكن ليس عندي الوقت الكافي لتنفيذها". " كفاك تأجيلا للموضوع". " لا تخافي يا عزيزتي , لقد خططت لكل شيء". " قد يكون أنجابك أفضل حل بالنسبة للأنتخابات". " هل تعتقدين ذلك فعلا يا سكوتي؟". إضافة رد dalia cool 09:36 AM 05-09-10 لم تجب سكوتي على السؤال لأنها كانت تراقب ساري: " أنظري , ها هي ساري قادمة بكل جمالها وأناقتها , يذكرني فستانها بزفاف زفافي رغم أختلافهما الكلي , اللون الأبيض يناسبها دون شك". أكدت جستين : " ذوق ساري في أختيار ملابسها رائع , وهنا أسمح لنفسي أن أسألك : هل هناك مشاكل بين ساري وضيوفها من عائلة شلتون؟ صديقتها ليا تتعمد أيذاءها". " ذلك لأن ليا تحب بليك". " وما دخل الحب في الموضوع ؟ أظن أنها راحلة مع شقيقها بعد أنتهاء الحفل مباشرة". " سألت بليك, فأكد أنهما عائدان الى بيتهما غدا". فرحت جستين : " عظيم , لقد سرني رفض ساري لبيتر لأنها تستحق من هو أفضل". أندفعت سكوتي قائلة : " والأفضل موجود!". " عمن تتكلمين؟". " يريد البعض أن يبقى الموضوع سرا". " هل هناك أسرار بيني وبينك؟". " تصورتك ذكية".منتديات ليلاس " أنا ذكية فعلا , لكنني مرهقة , على كل حال أنا سعيدة جدا بأخبار طفلك القادم ,والآن أعذريني , فكلايف يشير اليّ". " لم أنتبه لأشارته". " أتفقنا على أشارات بسيطة بيننا". ضحكت سكوتي ووقفت تتأمل ما حولها بكل أرتياح الى أن أحست بذراع زوجها تحيط بوسطها وصوته يمس في أذنها: " هل تشاركينني هذه الرقصة؟". منتديات ليلاس " طبعا , أنا على أستعداد لفعل أي شيء لأنني سعيدة جدا اليوم". كانت نظرات زوجها حلوة وهو يقول: " حبي لك يزداد يوما بعد يوم". زادت كلامات الحب الصادقة من سعادتها , وأنستها ما تواجهه من متاعب . كان بيتر في هذه الأثناء يراقص ساري , وشعور بخيبة الأمل يغزو كيانه: ( سأعود مع ليا الى البيت غدا وبجعبة فارغة, لقد فشلت كل خططنا , وسيخيب أمل أمي لأننا لم نستطع تحقيق شيء من أحلامها , أما السبب في ذلك فهو ليا دون شك , كانت تصرفاتها طوال هذه الفترة تصرفات أطفال تنقصهم الخبرة). عاد الى عالم الواقع وسأل ساري: " هل ستأتين لحضور معرض الفنون؟". كانت ساري تفتش عن جواب حين تسلل الى أذنيها صوت تعرفه جيدا: " لقد وعدتني بهذه الرقصة من قبل يا ساري". " لكنك تناسيت ذلك وأنت تراقص الآنسة ريبون". " لكنني الآن على أتم أستعداد لمراقصتك , كيف حالك يا بيتر؟". " على غاية ما يرام". " أنا سعيد لأنك تتمتع بوقتك". تدخلت ساري دون وعي منها قائلة: " طلب بيتر مني أن أنزل في ضيافة العائلة عندما أذهب الى المدينة لحضور معرض الفنون". " هذا مستحيل يا عزيزتي لأننا سنكون في أمريكا أثناء تلك الفترة". تساءل بيتر : " هل ستكونان معا في أمريكا؟". لم تصدق ساري ما تسمعه حين أجاب بليك : " نعم ...... وذلك لنغير لقب ساري من آنسة الى سيدة ". قال بيتر : " ما أسمعه يبعث على الدهشة". أشرقت عينا ساري بشعاع غريب: ( بليك أنسان مغرور , لماذا تخونني الكلمات؟ يجب أن أقول شيئا). لامس بليك بيده كتفها قبل أن يقول: " لماذا أنت صامتة ؟ هل أعلان الموافقة صعب الى هذه الدرجة ؟". قال بيتر : " أسمحا لي أن أهنئكما". طلب منه بليك: " أرجو الأحتفاظ بالنبأ سرا حتى يعلن رسميا قبل نهاية الحفل". أكد بيتر وهو ينسحب الى الداخل جارا أذيال الخيبة : " لك ما تريد". " شكرا لك , أعرف أن بأمكاني الأعتماد عليك". طلبت ساري تفسيرا لما يحدث من بليك , لكنه ظل يتجاهلها بنظراته الى أن قال: " أنا لست أنانيا يا ساري". " هذا ليس الجواب المطلوب". " أنا أتحمل مسؤولياتي". " أعرف هذا". " وأنا متأكد أنني سأجعل منك زوجة رائعة". " أنت مجنون". " جنوني ليس ألا جنون المحبين ". " أنت لست حبيبي". " حسنا , أذن سأسعى لأكون كذلك". " لن أترك لك حق تقرير مصيري , لن يحدث هذا أبدا ". " تستطيعين تقرير مصيرك بكلمة واحدة : نعم أو لا". " لماذا؟ هل نحن في أجتماع رسمي؟". " من صالحك أعطائي جوابا سريعا". منتديات ليلاس " حسنا أذن جوابي هو : لا". وأتخذت طريقها الى القاعة , فلحق بها : " أعطيك دقيقة أخرى لتفكري بعمق أكثر". لم تعد تتحمل سيطرته , لكنه سمرها في مكانها بقوله: " لم يعد هناك مجال لمثل هذه الآلاعيب". قاومته قائلة: " أحب الحرية يا بليك , دعني أتمتع بحريتي"." وتتحولين يعد ذلك الى عانس , أليس كذلك؟ أنت رائعة الليلة". " هذا لا يهم".منتديات ليلاس " لا يهم بالنسبة لك أنت , لكنني , وبعد تفكير طويل , أخبرك بأنني أريدك زوجة". " لا أتصورك جادا فيما تقول". " لا تدّعي الغباء يا ساري". " لا تأمرني أذن , بل أسأنلني, فأنا لم أعد طفلة". " أسكتي أرجوك , فقد مللت من أخفاء مشاعري نحوك وحبي لك , لقد أنتظرت بما فيه الكفاية لأصارحك بمكنونات قلبي". تأملته طويلا قبل أن تعانقه قائلة: " هل تحبني حقا؟". " نعم أحبك , وبحاجة اليك , ولن أستطيع الصبر عل حبي وأحاسيسي بعد الآن ". أزدادت ألتصاقا به وهي تقول: " وأنت الرجل الوحيد الذي أحب....... أحبك". ضمها بليك الى صدره بقوة بينما كانت ساري تخاطب النجوم بنبضات قلبها مؤكدة: " سأكون له , وسأبقى لعبة في يديه أبد الدهر".
النهاية