حب في الظلام

- صفعة من ورد .
عادت بيسا من رحلتها الاخيرة الى اليونان ولكن ترى حتى متى ؟ ودارت بسيارتها الى داخل الممر قاطعة الياردات القليلة فخرجت الاسرة بأكملها تقريبا لترحب بها . وعانقت امها واخويها الصغيرين وكان اخر من احتضنها ابوها بقامته الطويلة وشعره الشائب وسمة الاسى الدائم التي تعلو وجهه الشاحب وسألها في امل : - هل تعودين الى الوطن نهائيا ؟ - ربما ما اروع ان اركما يا ابي ويا امي وانتما ايها الحبيبان كم كبرتما ! ودخلو البيت فذهبت الام السيدة بلين الى المطبخ لتعد الشاي , وانصرف الغلامان لأتمام واجبهما المدرسي وجلست تيسا وابوها برهة يتحدثان عن عملها واصدقائها في الخارج والاماكن التي شاهدتها ثم تساءلت في تردد : - لوسيندا , اهي .. هل يقيمان على مقربة ؟ وقبل ان يجيبها ابوها اقبلت امها بالشاي وقالت : - تحدثي مع ابيك ريثما اعد راشك لأننا توقعنا ان تصلي غدا . تطلعت الى اها مبتسمة وقالت لنفسها . انها كالعهد بها شاب شعرها في بعض الاماكن ولكنه جذاب التنسيق وعيناها عسليتان رقيقتان ولصوتها سمته الخاصه وتذكرت تيسا ان الطبيب قال مرة وهو يضحك: أصيبت الحبال الصوتيه بعيب ولكنه من افتن العيوب ! كان صوتها صافيا خافتا عذبا كالموسيقى في ليلة ساكنة الهواء واورثت السيدة بلين ابنتها هذا الصوت الجميل واورثت تيسا وحدها شكلها اما ابنتها الاخرى لوسيندا فتشبه جدتها التي كانت في شبابها رائعه الجمال ذات شعر ذهبي شاحب وعينين كالزهور العنبرية الحديثة التفتح . وعادت السيدة بلين تقول : - سأسوي فراشك وستنزلين في غرفتك نفسها مع لوسيندا . وشحب وجه تيسا وغشيتها رجفة مفاجئة وقالت : - لوسيندا ؟ الم يتزوجا بعد ؟ وتبادل والداها نظرة ثم قالت امها متعجلة : - سأترككما لتتناولا الشاي . وما هي الا لحظة حتى كان الباب قد اغلق وراءها بهدوء . - ماذا هناك يا ابي ؟ اما زالت لو سيندا مخطوبة الى .. الى بول ؟ - انها مخطوبة ولكن ليس الى بول , الا تسكبين الشاي يا تيسا ؟ - اخبرني بما حدث , اين بول ؟ وتنهد الاب قائلا : - غبت عامين يافتاتي وطلبت بل حرمت علينا ان نوافيك بأية انباء عن لوسيندا وبول . - انت تعرف السبب , وما كنت احتمل لوسيندا تزوجت .. لوسيندا حامل .. وبول اصبح مزهوا .. الخ . وهزت راسها تأكيدا واضافت : - كلا .. ما اردت ان تكتبا الى عن هذه الامور . - وقد فعلنا ما طلبت يا ابنتي كانا في جولة بالسيارة ووقع حادث بغيض . واتسعت حدقتاها وتساءلت : - حادث ؟ هل .. هل مات ؟ وزفرت في اسى وهو يتفحصها بعينيه وقال : - لم يمت . اما زلت تحبينه ؟ لابد انك تغلبت على هذا يا ابنتي . فاستحثته قائلة : - حدثني عن الحادث . اذا لم يمت فلماذا لم يتزوجا ؟ وكيف اصبحت خطيبه لسواه ؟ - انه اعمى يا اتيسا ! وحملقت عاجزة عن الاستيعاب .. بول الشديد الحيوية والاعتداد المتسامي الواثق ! وهزت رأسها قائلة : - كلا لا يمكن ان يكون هذا . وارتجف صوت السيد بلين وهو يقول : - عمى لا علاج له , بسبب الحادث انصرفت لوسيندا عنه . ونهضت تيسا ثم جلست : - هذا غير حقيقي... كانا مدلهين بحب جنوني . فهز ابوها رأسه وقال : - من جانب واحد كما تبين غضبنا جميعا من لوسيندا واستنكرنا تصرها اذ ذاك ولكنا بعد فتره استسلمنا ولعله كان اكثر مما ينبغي ان نتوقع ان تربط بقية عمرها بأعمى .. انها فتاة جميلة جدا . اجل وكانت تيسا عادية المظهر لهذا لم يعد بول يرى سوى لوسيندا بعد ان التقى بها وعادت تسأل اباها فأجابها : كان هذا منذ عام انقلبت السيارة وكان بول يقودها بسرعه كبيرة . - ما اعتاد بول الاسراع كان شديد الحرص في القياده . - الواضح انه كان مسرعا في هذه المره ومسرعا جدا . وتوقف وتغضنت جبهته واستأنف : - رفضت لوسيندا ان تقول اكثر من هذا ولكنها اصرت على انه كان مسرعا جدا . وفكرت تيسا .. ماكانت لو سيندا لتكذب ومع ذلك .. واستعادت تيسا ذكرى لقائها ببول الليلة التي غيرت حياتها بأسرها , وجلبت في اعقابها تعاسة لا سبيل لوصفها فقد عرض بول ان يقلها الى منزلها .

تحميـــــل الملــــف مـــن هنــــــا