كنا متكدسين بالأتوبيس السياحي الفاخر أثناء عودتنا من زيارة لمقابر البر الغربي بالأقصر حين لاحت عن يميننا هضبة ضخمة تعلوها
بيوت صغيرة متناثرة ... قال عنها المرشد السياحي بتعالٍ واضح أنها بيوت أهل الجبل الذين رفضوا عرض الحكومة بتركها والإنتقال لبيوت أكثر تحضرًا ، حتى يتمكن علماء الآثار من التنقيب والكشف عن مقابر جديدة ببطن هذا الجبل ... وهذا التنقيب لا يتسنى بالطبع في وجود السكّان .. ليعقّب أكثرنا على كلامه بهمهمات استياء واضحة وتعجب من موقف أهل الجبل الذين يرفضون التمدن ويفضلون عليه تلك البيوت الصغيرة المتأخرة
***
هذه الرواية تجسد الحالة الإجتماعية للبيئة العمرانية، فهي تتحدث عن التأثير المدمر الذي يمكن أن تحدثه القرارات العمرانية على المجتمع، و تؤكد أن بناء مساكن جديدة للناس لا يعني أبداً أننا سنحقق لهم السعادة. أحداث هذه الرواية تدور حول مقاومة شرسة من قبل سكان الجبل للنزول و سكن القرية النموذجية، فبالنسبة لهم، المساكن الجديدة ستقطع "رزقهم" و ستزيد من صعوبات حياتهم. هذه الرؤية ربما لم يفهمها المعماري و لم يستطع أن يفهمها المسؤولون، لكن الكاتب حاول أن ينقلها على لسان البسطاء الذين يرون في المسكن شيئاً آخر غير الذي يراه المصمم أو المسؤول. ببساطه، لقد كانوا مُصِرِّين على العيش كما يريدون هم، لا كما يُرادُ لهم، و هو الأمر الذي تُعاني منه كل مشاريع إسكان الفقراء، في جميع أنحاء العالم. فتلك المشاريع استُخدِمَت كورقةٍ رابحةٍ للبعض دون أن تُحَسِّن من حالة الفقراء