و احترق الغيم


لك مكان في حياتي ، إنما ليس في قلبي ! ، قانون سنّه لحياته برايس هندريكس الكاتب المشهور ، و حاولت أليكسا أن تحترمه ولكن سحر برايس فاق قدرتها فرفعت الراية الحمراء ، راية العواطف
بدأت القصة في سيلان ، حيث تحولت عطلة أليكسا مع أبيها إلى كارثة ، ولكن برايس أنقذها و استضافها في بيته لتكون رفيقته ومساعدته ، ليس أكثر
رفع برايس بينهما حواجز لا يمكن تجاوزها ، ففضلاً عن كيفن الصديق الذي فرضه عليها ، كان هناك هيما الفتاة السيلانية الجميلة القريبة دائماً منه
كان كل هذا كافياً لتفهم أن لا مكان لها في قلبه أو في حياته ، و أن عليها أن ترحل
***
:طريق إلى الهاوية
كان المنظر من شرفة الفندق يخطف الأنفاس ، فهو يُطل على واد أخضر عميق غني بالأشجار الغريبة الاستوائية بالإضافة إلى أشجار نخيل جوز الهند الباسقة التي تتهادى مع النسيم .. كانت بيوت صغيرة بيضاء ذات سقوف من سعف النخيل ، أشبه بنقاط بيضاء على جوانب التلة ، و تتكاثف في الأراضي المنخفضة حيث تتجمع حول المعبد المزخرف الوردي الجدران ، الظاهر جزئيا من بين الأشجار .. أشيد المعبد على جانب بحيرة هادئة خضراء ، بناه ملك قديم لزوجته الملكة ، لكنه كان يحتفظ بالحريم المكون من المحظيات الجميلات في جزيرة تقع في منتصف البحيرة .. و الحريم يتصل بالقصر بممر تحت الأرض .. أطلقت أليكسا ويلموت تنهيدة سعادة طويلة ، كانت عيناها الزرقاوان تنهلان بشغف من هذا المنظر .. تهادت رائحة الزهور نحوها .. هامت للحظة معتقدة أنها وجدت شيئا مألوفا في ذلك العطر ثم تلاشى ، و لكنها رغم محاولتها لم تستطع تذكر ماهيته .. كانت الشمس حارة على ذراعيها ، مع أن الوقت تجاوز الظهر .. تراجعت تحت ظلال السقف المثلث الزوايا القرميدي اللون ، و جلست في كرسي من الخيزران .. كانت متعبة بعد السفر الطويل و لكنها تحمست للمنظر المترامي أمامها إلى درجة لم ترغب معها في الراحة .. و كانت تحس بالانفعال أيضا .. الانفعال بسبب فكرة العودة ، مع أنها لا تكاد تصدق أنها حقا هنا ، في سيلان ، هذه الجزيرة الجميلة ، المتدلاة كقرط من الجواهر ، من أذن الأرض الأم ، الهند .. لقد وُلدت في سيلان قبل عشرين سنة .. لكن الجزيرة يومذاك كانت جزءا من الكومونولت البريطاني ، و لم تكن جمهورية مستقلة .. نعم هي لا تتذكر البلاد كثيرا في طفولتها ، فقد أُعيدت إلى بريطانيا لتقيم في مدرسة داخلية و هي في السابعة ، و أمضت عطلاتها مع خالتها لأنها كانت أصغر من تسافر بمفردها .. و لكن ، ما إن بلغت الحادية عشرة حتى انضمت إلى أمها في إنكلترا ، تاركة والدها في الجزيرة وحده لأنها لم ترجع إلى هناك بعد ذلك .. كانت ذكريات اليكسا عن تلك السنوات مغشاة غير واضحة و قد دفعتها وراء ظهرها كحال المرء عندما يريد تنحية ذكريات مؤلمة غير سعيدة .. لكنها تتذكر ذكرى واحدة بوضوح شديد .. يوم جاء أبوها في عطلة ، و وقع شجار رهيب ، لأن أمها رفضت أن تترك إنكلترا و أن تعود معه .. طالما كان رجلا عنيف الطباع .. يومذاك خرج غاضبا من المنزل .. و مذ ذاك الحين لم تره أية واحدة منهما حتى توفيت والدتها عندما بلغت الخامسة عشرة .. يومذاك عاد ليحضر الجنازة .. في ذلك الوقت ، عاد ليعيش في إنكلترا حيث راح يعمل في مكتب الشركة في لندن ، و قد كره كل دقيقة قضاها في إنكلترا .. لكن وظيفته كمدير لأملاك واسعة من مزارع الشاي الضخمة في سيلان ، ضاعت ، بعد تأميم المزرعة على يد حكومة الجمهورية الجديدة .. هكذا ، مرت السنوات دون أن يتم بينهما أي اتصال ، فباتا كالغريبين .. حاول والدها كثيرا ، و لكن اليكسا كانت تشعر بخسارة حب أمها و دعمها لها ، لذا رفضت بكل برود حب شخص آخر و دعمه .. هكذا ، عاشا مفترقين إلا من تبادل بطاقات المُعايدة ، الواجبة في الأعياد ، اعترافا بنوع ما من العلاقة .. قطع عليها صوت ما من الغُرفة المجاورة أفكارها ، و جعلها تنظر إلى ساعتها .. كانت جالسة على الشرفة تحلُم منذ وقت طويل ، بحيث آن الأوان لتبدل ملابسها للعشاء .. عادت بسرعة إلا غُرفتها حيث خلعت الجينز و القميص اللذين ارتدتهما في لندن .. لقد كانت رحلة طويلة .. أربع عشرة ساعة من الطيران جوا تخلله توقف في زوريخ ثم في دبي ، و مسيرة ساعتين و نصف في السيارة من مطار العاصمة كولومبو إلى الداخل ، نحو التلال ، وصولا إلى هذا الفندق قرب بلدة ( كاندي ) التي ستكون مقرا لهما .. كانت قد قلقت على والدها ، و حاولت إقناعه بالبقاء في كولومبو ليلة ، و لكنه أصر على متابعة السفر ، قائلا إنه يريد الانتهاء من مشاق السفر في أسرع وقت ممكن

تحميـــــل الملــــف مـــن هنــــــا