الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع
الكاتبة : ماغي كوكس
------------
الملخص
------------
عندما وجد كونال اوبراين صاحب الشركة مورغان ماكنزي نائمة فوق مكتبها شعر بالغضب واقتنع انها فتاة مستهترة تمضي وقتها في اللهو والسهر في الحفلات.
تحملت مورغان الضغوط التي مارسها عليها كونال ولم تخضع .. حتى تجاوزت العلاقة بينهما إطار العمل والصداقة المهنية فرفضت مورغان عرضه لاقامة علاقة عاطفية.
لكن مورغان تحتاج بشدة الى وظيفتها وكونال يرفض المساومة فإلى متى ستقاوم؟
------------------------
الفصل الأول : لن ترعبني
------------------------
بدا الصوت في رأسها كأنه قادم من مكان بعيد، وشعرت بضرورة
الاستماع إلى مصدره . انزعجت مورغان من اضطرارها إلى قطع حلمها ،
وحاولت إبعاد الصوت من ذهنها متلهفة لمتابعة ذلك الحلم من جديد، لكن
دون جدوى. حالما بدأت تستعيد وعيها شعرت بوخز في يديها فقد كانت
تسند رأسها بهما فوق طاولة المكتب .
- «آه، يا إلهي! ) .
رفعت مورغان رأسها وفركت كفيها ببعضهما، ثم حركت أصابعها .
زادت خفقات قلبها بسرعة حين عاد الدم يسير مجدداً بشكل طبيعي في
عروقها، وزادت خفقاته أكثر حين رأت التعابير القاسية كالصخر على وجه
الرجل الذي يقف قبالتها على الجهة الأخرى من الطاولة. ظهرت علامات
السخط على فمه الذي بدا من الواضح أنه نادراً ما يعرف الابتسام .
حاولت مورغان الوقوف على قدميها وهي تقول: «أنا آسفة، أنا
- تقومين بإضاعة وقت الشركة، أليس كذلك؟ حسب معلوماتي لا
تزال هناك ساعة كاملة قبل حلول موعد فرصة الغداء. حتى إنني علمت أن
الموظفين في المكتب يتناولون السندويشات خلف مكاتبهم وهم يعملون كي
لا يضيعوا الوقت، لكن يبدو بوضوح أنك تملكين فكرة مختلفة تماماً عن
كيفية استخدام المكتب أنسة . . . ؟
يا له من رجل بغيض! صارعت مورغان لبضع لحظات كي تتمكن من
السيطرة على أعصابها، بسبب الإذلال الذي تتعرض له ، لكنها أخذت
نفساً عميقاً، وأبعدت شعرها إلى ما وراء أذنيها ، ثم قومت كتفيها،
واستجمعت قواها . كيف يجرؤ على تأكيد افتراءاته بالتلميح إلى أنها تستغرق
في النوم فوق مكتبها بشكل مستمر ودائم؟ من يكون هذا الرجل بحق
السماء؟
- لم يسبق لي أن غرقت بالنوم هكذا من قبل سيد . . . ؟
- أنت أولاً!
مرر الرجل يده بين خصلات شعره الذي بدا لونه أشبه بلون الكراميل
الداكن، وقد عكس تصرفه نفاد صبره. لكن مورغان لم تستطع إلا أن
تلاحظ أن شعره بحاجة إلى القص وذقته بحاجة إلى الحلاقة في وقت عاجل،
بالإضافة إلى أنها رأت في ملامحه ما جعلها تشعر بألم في معدتها . بدا لها أن
ذلك الرجل لم يعان يوماً من المعاملة المهينة ومن تجاهل الآخرين له، ولم
يكن ذلك بسبب مظهره الرائع الذي يدهش كل من يراه .
- ماكنزي. مورغان ماكنزي .
- بغض النظر عن كونك موظفة في هذه الشركة كي لا تقومي بأي عمل
على ما يبدو، أنت تعملين لحساب ديريك هولدن، أليس كذلك؟
ابتلعت مورغان ريقها بصعوبة، وشعرت بحرارة في وجنتيها كادت
تحرقها . قالت : «نعم . أنا مساعدته) .
- إذاً، أين هو بحق السماء؟ لدي اجتماع معه في قاعة الاجتماعات
عند الساعة العاشرة والنصف . لقد أتيت على متن رحلة مبكرة من
الولايات المتحدة كي أتمكن من الوصول في الموعد المحدد، وأنا لا أزال
أشعر بدوار بسبب السفر . أحتاج إلى أخذ حمام ساخن وإلى تناول بعض
الطعام، ورئيسك لم يظهر بعد. هل بإمكانك أن تخبريني أين هو أنسة
ماكنزي؟
في الوقت الحاضر، تمنت لو أن بإمكانها أن تخبر السيد المتعالي الذي
يقف أمامها ، والذي يظن نفسه أفضل من الأشخاص الذين يتعامل معهم ،
كلاماً خطيراً يصعب قوله ببساطة، لكنها غاضبة من ديريك أيضاً . لماذا لم
يخبرها بشأن اجتماعه عند الساعة العاشرة والنصف مع هذا الرجل؟
تفقدت مورغان دفتر المواعيد بدقة بالأمس قبل أن تخرج من المكتب، كما
تفعل دائماً، ولم يـكـن فـيـه أيـة إشارة إلى اجتماع سيتـم عـقـده في غرفة
الاجتماعات عند العاشرة والنصف . ما خطب ديريك بحق السماء؟
اعتصر قلبها من الألم حين تذكرت تدهور حالة رئيسها يوماً بعد يوم
فبعد أن كان ديريك هولدن مهندساً شاباً صاعداً يعمل بحماس وجهد،
تحول بعد طلاقه إلى شخص حزين، محطم، ومتثاقل، مختلف تماماً عما كان
عليه في السابق . بات يعتمد على المشروبات ليتمكن من تحمل خيبته . لحسن
حظه أنها ذكية وسريعة البديهة، لأنها أنقذته من الوقوع في المآزق مرات
عديدة، ونفذت أعمالاً لم تكن من ضمن مسؤوليتها كمساعدة شخصية .
استنتجت مورغان أن ديريك كان على علم بشأن هذا الاجتماع، لكنه نسي
أن يخبرها عنه . بعد أن تصفحت صفحات دفتر المواعيد، ورأت المساحة
الخالية في خانة مواعيد الساعة العاشرة والنصف، عبست وفتشت بسرعة
في رأسها عن عذر مقبول تقدمه لهذا الرجل . شعرت بانزعاجها يتزايد،
فهذا الرجل الوسيم الذي يقف أمامها سيطلب منها الكثير من الشرح كي
يقتنع . شرحت له بنعومة قائلة: «للأسف، شعر ديريك بتوعك، وهو
مريض الآن، .
أكدت مورغان لنفسها أنها ليست بعيدة جداً عن الواقع، فديريك لا
يظهر عادة قبل الساعة العاشرة في معظم الأيام، وبما أن الساعة أصبحت
الحادية عشرة والربع الآن، افترضت أنه بالتأكيد يشعر بحال أسوأ من
العادة . . ربما لن يظهر طيلة النهار . . . وربما ذلك أفضل له نظراً إلى
وجود هذا الوجه المقطب الذي تراه مورغان الآن.
- أحقاً؟ إذا ، لم لم يخبرني أحد بذلك ، بحق السماء؟
صوته الذي يشبه صوت خوار البقر جعل مورغان على وشك الخروج
جلدها . تابع يقول: «لماذا لم تعلميني بذلك أنسة ماكنزي؟ ألا تقبضين
راتبك الشهري كي تفعلي ذلك؟» .
- إن أخبرتني على الأقل من تكون لربما تمكنت . . .
- كونال أوبراين . يبدو أنك لم تكوني على علم حتى بأنني على موعد مع
رئيسك . أليس كذلك؟ أبإمكانك تفسير السبب لي؟
آلمها رأسها بسبب الأسئلة الكثيرة والمزعجة التي طرحها ، لكن نبضها
كاد يتوقف حين قال لها اسمه . كونال أوبراين! إنه رئيس شركة أوبراين
وسـتـوغـتـون الـرسيم . . . المـهـنـدس الأول في مـكـاتـب لـنـدن وسيدني
ونيويورك. على الرغم من أن مورغان تعمل في مكتب لندن منذ أكثر من
عام إلا أن نظرها لم يقع على هذا الرجل من قبل، مع أن شهرته المخيفة
من المعروف أن كونال أوبراين لا يظهر أي تعاطف حيال الموظفين
الذين يعانون من مشاكل شخصية. إنه يكره التأخير والإهمال، ويتوقع من
الموظفين تقديم مئة وعشرة في المئة من طاقتهم . هو يعمل معظم الوقت في
مكتب نيويورك، ويزور مكتب سيدني من فترة لأخرى، لكن مورغان لم تره
يوماً يزور مكتب لندن، فلطالما أرسل ممثلاً عنه . كيف بحق السماء ينسى
ديريك إعلامها بأمر هام كهذا؟ لا بد أن إهماله هذا سيشكل خطراً على
عمله وعملها معاً .
مورغان هي أم مطلقة، لديها ابنة في السادسة من عمرها، وعليها
الكثير من الديون، وهي لا تتحمل خسارة عملها في الوقت الحاضر . بدأ
يومها بشكل سيء، لأنها أمضت الليل ترعى نيشا المصابة بالرشح، ثم
استغرقت بالنوم فوق مكتبها بسبب الإرهاق . . . تساءلت مورغان إن كان
هناك يوم أسوأ من هذا، وبينما فعلت ذلك حدقت بها ، دون رحمة، عينان
جليديتان بلون المحيط الأطلسي. أدركت أن استعادة صورتها الجيدة أمام
هذا الرجل سوف تستغرق منها وقتاً طويلاً .
- أعلم أن هذا الأمر لا يبدو جيداً ، لكن السيد هولدن كان يعمل بجهد
في الفترة الأخيرة. لقد بدا بحال سيئة جدا بالأمس، لذا لا أستغرب عدم
ظهوره اليوم .
- لا مشكلة بذلك . لكن لماذا لم تكوني على علم بموعدنا معاً اليوم؟
تباً! لقد تم الإعداد لهذا الاجتماع خلال الأسبوع الفائت، وأظن أنك
ورئيسك تتكلمان مع بعضكما باستمرار .
لدهشة مورغان خلع الرجل معطفه ورماه فوق كرسي بجانب النافذة
التي عكست المنظر المؤثر للأبنية المرتفعة في مدينة لندن. ملابسه ذات
النوعية الممتازة تدل على الرفاهية والمال الوفير، وهي عبارة عن بذلة من
اللون الأزرق الداكن ذات خطوط رفيعة يتطابق لونها مع اللون الأزرق
الملكي لقميصه وربطة عنقه الحريرية، أما الرجل نفسه فينضح بالقوة التي لا
يتحلى بها إلا أصحاب الأموال والنفوذ من دون جهد. آضف إلى ثيابه
الأنيقة، تينك العينين اللتين تقولان بوضوح إنهما تملكان قوة لا يستهان
بها ، وكتفيه العريضتين المرعبتين اللتين تدلان بوضوح على أنه رجل لا
يمكن التلاعب به بسهولة .
- بالطبع. ديريك . . . السيد هولدن بالتأكيد أراد إخباري بشأن الموعد
كي أضعه على جدول المواعيد، لكنه على ما يبدو نسي ذلك لسوء الحظ ،
أن ذلك ليس من عاداته سيد أوبراين. لم لا أسكب لك بعض القهوة، أو
أرسل بطلب بعض الطعام لك إن كنت جائعاً؟ في الوقت الحاضر يمكنني
الاتصال بالسيد هولدن لأخبره أنك هنا ، حيث بإمكانه أن يستقل سيارة
أجرة ويصل إلى المكتب خلال عشرين دقيقة .
- أفهم من كلامك هذا أنه ليس على شفير الموت إذا !
شـعـرت مـورغـان أن وجـهـهـا يـكـاد يحترق، إلا أنها حافظت على
تماسكها، وقالت : «أخشى أنني لا أملك أية تفاصيل عن حالته في الوقت
الحاضر.
- إذا ، اذهبي لإحضار القهوة، ثم صليني بهولدن عبر الهاتف . سأتكلم
معه بنفسي. لا تقلقي بشأن الطعام، فلدي موعد على الغداء، لذا سأنتظر
حتى الساعة الواحدة كي آكل .
سحب كونال كرسياً كانت موضوعة قرب الجدار، ووضعها مقابل
مكتب مورغان مباشرة، ثم غطى بجسده الضخم ذلك المقعد ما جعل المقعد
يبدو صغيراً جداً. رغم ذلك كادت مورغان تقسم أنه ليس هناك أية كمية
لحم إضافية في مكان غير مناسب من ذلك الجسد الرياضي الجذاب . لم يفتها
التثاؤب الذي أطلقه ولا النظرات المتعبة التي تظهر إرهاقه، والتي لمحتها
كالوميض السريع في عينيه الزرقاوين .
شعرت مورغان بالارتياح حين هربت من الغرفة إلى مكتب ديريك كي
تحضر له القهوة، فهنالك دائماً إبريق من القهوة الساخنة . فكرت أن الجو في
مكتب كونال أوبراين لا بد أن يكون غريباً، وتساءلت كيف يتمكن
الموظفون لديه من التعامل معه. حين يقول أوبراين أقفزوا ، هل يقفزون
جميعهم بشكل آلي؟ على الأرجح، نعم . . . فهم إما يفعلون ما يقوله أو
يطردون . . .
انحنت أمام الخزانة حيث تضع أفضل الأواني التي لا تستخدمها إلا
حين يجتمع ديريك إلى أشخاص هامين. أطلقت شتيمة حين اندفعت من
الخزانة بعض الزجاجات الفارغة، وتدحرجت فوق السجادة الرمادية نحو
قدميها . حاولت جمعها بسرعة لتخبئها ، لكن سرعان ما فتح الباب خلفها ،
ووجدت نفسها في وضع مذل وقد ضبطت هناك .
- قلت لي إنه ليس من عادة رئيسك أن ينسى مواعيده . أليس كذلك؟
رشح صوته الجليدي بالأزدراء، فيما ثبت كونال نظراته الاتهامية على
مورغان، وتابع: «أعتقد أنه لو كانت لدي معدة مليئة بهذه المشروبات
لنسيت كل التزاماتي . . . ألا توافقينني الرأي؟» .
نالت اليه خلف
اتسعت عيناها الخضراوان المذهولتان وهي تحدق به، واضطربت
معدتها حين علمت أن مشكلة ديريك المسكين لم تعد سراً بينهما . قالت
مورغان متلعثمة : «إن شئت . . . إن شئت بإمكانك الانتظار في الخارج،
وسأتخلص من هذه الفوضى وأعد لك القهوة .
- اتركيها .
- لا بأس! سيتطلب الأمر بضع دقائق فقط ، ثم
- اتركي هذه الزجاجات مكانها ، بحق السماء أنسة ماكنزي! واتصلي
برئيسك المستهتر فوراً .
أخذت ركبتا مورغان ترتجفان وهي تحاول الوقوف. التفتت بعيداً عن
عيني الرجل الزرقاوين الاتهاميتين، وذهبت لتتصل بديريك من الهاتف
الموجود على طاولة مكتبه .
- انتظري لحظة .
- ماذا ؟
- بعد التفكير ، أظن أنني في الوقت الحاضر أحتاج إلى القهوة بشكل
ملح أكثر من حاجتي لإخبار السيد هولدن أننا استغنينا عن خدماته .
غرق قلب مورغان بالحزن لسماعها كلماته. أعادت سماعة الهاتف إلى
مكانها بيد مرتجفة، وقالت : «أنت لا تقصد ما تقوله . أليس كذلك؟» .
أظهرت شفتاه المنحوتتان بشكل جذاب ابتسامة ملتوية هي أول ابتسامة
تراهـا مـورغان على وجهه. لكنها لم تقع في فخه أبدا. لن يستطيع
استدراجها من خلال أي محاولة لكسب ثقتها بتلك السهولة. راح يقول :
ألا تصدقين أنني بحاجة فعلاً إلى القهوة؟» .
- لا أقصد ذلك . . . أنا فقط . . . . أقصد أنه لا يمكنك طرد ديريك!
إنه رجل طيب حقاً . . . لقد تركته زوجته مؤخراً، وهو لم يتأقلم مع ذلك
بعد. لكني واثقة أنه سيتدبر أموره جيداً إن أعطي فرصة .
- تتكلمين كمساعدة حقيقية ووفية . هل هذا كل ما تفعلينه من أجل
رئيسك ، آنسة ماكنزي؟ أتساعدينه في المكتب فقط؟
بدا تلميحه واضحاً جداً لدرجة أن مورغان صعقت بشدة من كلامه
لبضع لحظات . لكنها بعد ذلك شدت سترتها السوداء بيديها المرتجفتين فوق
قميصها ، بكل ما أوتيت من هيبة ووقار ، ثم رفعت ناظريها كي تنظر مباشرة
إلى عيني السيد أوبراين المتعالي، وقالت : «أنا لا أكترث مطلقاً لتلميحاتك
الفظة سيد أوبراين . لو كنت تعرف ديريك هولدن، لعرفت أنه لم يكن يحب
سوى زوجته، ولو كنت تعرفني أيضاً لعرفت أنني وضعت مبدأ التزم به