الذهاب إلى الصفحة الرئيسية للموقع
الكاتبة : ماغي كوكس
------------
الملخص
------------
لماذا عادماك إلى حياتها بعد غياب خمس سنوات وماذا يريد منها ؟؟
– ماذا أريد ؟؟ أريد الطلاق يا تارا . . . هذا ما أريد .
– أتعني أنك تريد تتزوج مرة أخرى؟
لم تستطيع أن تفكر في سبب آخر يجعله يأتي إليها ويطلب الأمر الوحيد الذي تجنباه .
– نعم. لقد تعرفت إلى إمرأة.
لم يكن لديها مانع فقد كانت تعلم أنه يفضل عليها المال والنجاح، ومع ذلك كان عليها أن تخبره بما حدث بعد رحيلة. ذهل ماك لإخفاء سرها عنه كل هذا الوقت الطويل، عليه أن يعيد الآن التفكير في الموضوع كله لكن تارا ليست مستعدة لأن تغفر . . فماذا يستطيع ماك أن يفعل؟؟
------------
الفصل الأول : أتحبينني حقا؟
------------
لقد سلب الطفل عقلها. طفل رائع الجمال ذو شعر أشقر باهت
يثرثر وهو جالس أمامها على ركبتي أمه. سحرها بابتسامته العريضة،
وأطاح بكل خططها للاستمتاع بيوم عطلتها هذا لمجرد أن اسمه
غابرييل . وعندما نزلت من القطار في محطة اليفربول ستريت»، كانت
عيناها مغرورقتين بالدموع، فأخذت تبحث في حقيبتها عن قطعة نقود
لتدخل إلى إستراحة السيدات .
أخذت تحدق في صورتها في المرآة، ثم سارعت تصلح من زينة
وجهها وهي تحاول أن تهدىء نفسها بالتنفس بعمق. كان ذلك منذ
خمسة أعوام . . . خمسة أعوام . . . فلماذا لم تنسه بعد؟ من سوء حظها
أن الطفل في القطار يحمل أيضاً اسم طفل آخر رائع الجمال . . .
لم تأخذ إجازة منذ مدة طويلة، لذا ستختار أماكن مغمورة بأشعة
الشمس تذكرها بأنها في الثلاثين من عمرها وأن الحياة ما زالت أمامها
مليئة باللهو والمرح .
أخرجت فرشاة من حقيبة كتفها وأخذت تسرح شعرها الأشقر
المنسدل على كتفيها، ملاحظة أن غرتها بحاجة إلى تقصير. ثم انتصبت
في وقفتها وخرجت من الباب الدوار إلى زحمة محطة اليفربول ستريت)
المألوفة .
وبعد ثلث ساعة، شعرت بالانتعاش بعد أن ارتشفت فنجان قهوة من
بائع جوال، فتوجهت إلى الميترو تحت الأرض لتستقله متابعة رحلتها
إلى حي «ساوث كونزينغتن) .
كان جو المتحف خانقاً إلى حد لا يطاق، لكنها حاولت أن تتناسى
الحرارة، وأن تركز على ما تتأمله، وهو مجموعة من الملابس التاريخية
تمثل أزياء أوروبا على امتداد أربعمئة سنة. لطالما كان هذا هو المكان
المفضل لديها لتبدأ منه زيارتها. توقفت وخلعت سترتها ثم أخذت
تسرح شعرها بأصابعها. وتندت يدها بالعرق المتلألئ على جبينها .
بعدئذ، راحت الغرفة تدور بها .
- يا إلهي . . .
وأراحت رأسها على إحدى خزائن العرض الزجاجية، وهي تطرف
بعينيها . دعت الله أن يخلصها من هذا الإحساس بالدوار. لو أنها
بكرت في النهوض من السرير هذا الصباح لما اضطرت إلى الركض
لتلحق بالقطار . . . كما أنها تركت البيت من دون أن تتناول أي طعام،
كما تملكتها الصدمة وهي تسمع اسماً ما زال يتردد في ذهنها منذ
أعوام .
- هل أنت بخير، يا عزيزتي؟
ووضعت امرأة مسنة بالغة الرقة يدأ مجعدة على كتف تارا ، فتأثرت
للطف هذه السيدة الغريبة وفتحت فمها لتتكلم . . . لتخبر سائلتها القلقة
أنها بخير . . . وأن كل ما عليها أن تفعله هو أن تجلس لدقيقتين فتصبح
على أحسن ما يرام . . . لكن الكلمات لم تخرج من فمها. حاولت
مذعورة أن تستوعب هذا الإحساس المخيف بأنها توشك على السقوط
من ارتفاع شاهق، لكن عالمها بأكمله مال فجأة، وشعرت بنفسها تنزلق
نحو الأرض .
- تارا ، تارا ، استيقظي. هل تسمعينني؟
إنها تعرف هذا الصوت، تعرفه بشكل حميم . صوت ناعم بنعومة
المخمل. وازداد توتر أعصابها. أولا الطفل . . . والآن هذا . . . إنه
صوته الذي لم تسمعه منذ خمس سنوات طويلة . . . لا بد أن السبب في
كل هذا هو إرهاقها نفسها بالعمل . . . نعم ، هذا هو التفسير الوحيد .
تسارعت دقات قلبها وهي تفتح جفنيها . بدا لها السقف العالي بعيداً
أميالاً عديدة. لكن هذا المشهـد لـم يـكـن ما لفت انتباه جسدها
وروحها . . . بل النظرات الحادة لتينك العينين الزرقاوين اللتين تظللهما
أهداب كثيفة شقراء، وهي تنصب عليها، وتلك الغمازة العميقة في فكه
القوي، والوجنتان العاليتان في وجه يمكس رجولة ما تجعل المرء يفكر
في أن يرسمه . . . ليثبت وجود جمال رجولة إلى هذا الحد .
- ماكسن.
...
هي
التجاوب الوحيد الذي رأته على ملامحه لدى سماع اسمه هو إجفال
خفيف في جانب فكه. وتملكتها خيبة أمل، ثم شعرت بجرح في
كرامتها تلاه تشوش مؤقت في الذهن .
- هل تعرف هذه الشابة؟
وكانت المتكلمة
السيدة التي يفوح منها عطر اللافندر، والتي
راحت تحدق في «الشخص الرائع، الأشقر وهو ينحني فوق تارا .
نقال بلهجة متوترة ظهرت فيها لكنة إسكندنافية خفيفة : «نعم .
أعرفها . من مصادفات القدر أنها زوجتي
حسناً، لا أظن أنه من الحكمة أن تتركها تجول في الأنحاء
وحدها . تبدو لي شاحبة للغاية. لماذا لا تساعدها كي تجلس وتعطيها
بعض هذا الماء لتشرب؟
وأخرجت المرأة من حقيبتها زجاجة مياه معدنية صغيرة. فقالت تارا
وهي تجاهد لتجلس : «إنني بخير، صدقني) .
وعجبت لقدرتها على التفكير والتحدث بشكل مترابط بينما قلبها
يكاد ينفجر لشدة خفقانه. لقد أغمي عليها. هذا واضح لكن من أين
جاء ماك وماذا يفعل هنا؟ ولماذا هو بالذات، من بين كل الناس، قدر
له أن يشهد على موقفها الحرج هذا . لماذا؟ لم هو وليس أي شخص
آخر؟ بصرف النظر عن صديقتها المسنة التي تفوح منها رائحة اللافندر؟
سألها وهو يفتح زجاجة ماء ويضع يده خلف رأسها : «هل أكلت؟»
لفظت بعض الماء عندما امتلأ فمها، لكن ما ابتلعته منه جعلها تشعر
بالارتياح على الفور.
سألته
أكلت؟
وهي تمسح فمها بيدها : «ماذا تعني بسؤالك إن كنت قد
لم تتوقع أن تبدو بأحسن حالاتها بعد أن أغمي عليها لتوها ، لكن
رؤيتها له مرة أخرى جعلتها تشعر بمرارة حلوة .
- لقد اعتادت أن تنسى أن تأكل، وهذه ليست المرة الأولى التي
تتعرض فيها للإغماء .
فقالت المرأة المسنة وهي تعيد زجاجة الماء إلى حقيبتها :
بحاجة إلى رعاية. لماذا لا تأخذها إلى المقهى لتأكل شطيرة؟»
- شكراً. كنت على وشك أن أفعل هذا .
كانت لهجته ساحرة بشكل خادع وهو يبتسم إحدى "
سعودی
ابتساماته
المدمرة التي تعرف تارا تأثيرها جيداً، قبل أن يعود بنظراته إليها ببطء
متعمد، وقد غصت بريقها فيما أخذ قلبها يخفق بعنف . .
- لا أريد شطيرة .
وجاهدت لكي تقف وقد عاودها استياؤها القديم .
أخذت تنفض تنورتها الطويلة من الغبار وعيناها الخضراوان تلمعان
تمرداً وغضباً ما جعله يفهم أنها لا ترحب بتدخله هذا . . . مهما أبدى
من لطف .
يا لجرأته! هل نسي أنهما لم يريا بعضهما البعض منذ خمس
سنوات؟ هل ظن أن بإمكانه أن يعود إلى حياتها ليكمل المسير من حيث
ترکه؟ هكذا بكل بساطة؟
لا، لم يظن ذلك طبعاً. واعتصر قلبها . إنها غبية وحمقاء، فلو أراد
أن يستأنف حياته معها لاتصل بها منذ وقت طويل، قبل أن تبني حول
قلبها سوراً لا يمكن اختراقه لتجنب الألم وخيبة الأمل .
- حسناً، اهتما ببعضكما البعض .
وتركتهما المرأة المسنة بابتسامة شغوف ولطف بالغ وكأنها تتحدث
إلى حفيدين حبيبين، وابتعدت . بللت تارا شفتيها بلسانها ونظرت إليه
خلسة.
كان يشرف عليها من عليائه، طويلاً، عريض الكتفين، رياضي
الجسم، تنضح منه السيطرة والغطرسة بطريقة جعلتها تشعر بأنها أنثى
ضعيفة، رغم ما أقنعت به نفسها خلاف ذلك . كان شعره أطول قليلاً
مما تتذكره، لكنه ما زال أشقر بسيطاً ومثيراً إلى درجة لا تصدق. بدا
شعره وكأنه يتوسل إليها أن تتخلله بأصابعها . . .
وسالت على ظهرها قطرة من العرق .
- ماذا تفعل هنا؟
كانت تعلم أن صوتها يفتقر إلى قوته المعتادة، ما جعلها تكلمه
بجفاء فتبقى منيعة اتجاهه .
بدت غمازة مغرية عند زاوية فمه، وأجاب وهو يسوي سترته :
اجئت لأراك. وماذا غير ذلك؟» .
أخذ ماك ينظر إليها وهي تأكل شطيرتها رغماً عنها . بدا كأنها تأكلها
مرغمة وليس لأنها بحاجة إليها أو لأنه يظن أن ذلك في مصلحتها. ما
زالت بالعناد نفسه الذي يتذكره . عنيدة و . . . رائعة .
كانت خلابة بشعرها الأشقر المشعث ووجهها الإنكليزي الملامح
والمليء بالصحة والحيوية، وبشرتها البيضاء الناعمة وعينيها
الخضراوين كزمردتين. لقد اشتاق إليها حقاً. وخفق قلبه. وفجأة، لم
يعد واثقاً من صحة ما كان ينويه